-->

دور الوساطة في حل النزاعات الدولية

دور الوساطة في حل النزاعات الدولية

المنازعات الدولية هي تلك المنازعات التي يكون أطرافها الدول أو أشخاص القانون الدولي من غير الدول. وهذه المنازعات متعددة بتعدد أسبابها، فقد يكون النزاع سياسيا إذا كانت المصالح المتنازع عليها سياسية، أو يكون اقتصاديا إذا كان سببه يرجع إلى تضارب في المصالح الاقتصادية، وقد يكون النزاع قانونيا إذا نشأ نتيجة اختلاف حول تفسير معاهدة أو قاعدة دولية.

تلجأ الدول في حل هذه النزاعات الناشئة إلى الطرق السلمية بدلا من اللجوء إلى السلاح، و يعتبر مبدأ التسوية السلمية لفض المنازعات الدولية من المبادئ الأساسية في القانون الدولي العام، وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بمبدأ تحریم استعمال القوة في العلاقات الدولية. وأكد میثاق الأمم المتحدة على هذا المبدأ حيث نصت المادة الثانية الفقرة الثالثة منه على ما يلي: "يفض جميع أعضاء المنظمة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن و العدل الدولي عرضة للخطر".

وتتعدد هذه الوسائل، فمنها ما يكون من الوسائل القضائية التي تتم باللجوء إلى التحكيم الدولي أو القضاء الدولي، ومنها ما يتم دون اللجوء إلى القضاء وبطرق دبلوماسية ترمي إلى تسوية المنازعات عن طريق حلول تؤدي إلى التسوية دون رفع موضوع النزاع إلى المحاكم والتي تتمثل أساسا في المفاوضات، التوفيق، المساعي الحميدة، الوساطة وغيرها من الوسائل الأخرى.

وتبقى الوساطة كبديل لحل النزاعات الدولية بدلا من اللجوء إلى استخدام القوة أو إلى القضاء وذلك نظرا إلى التحولات الدولية والتوترات التي تطبع العلاقات الدولية في الوقت الراهن. وتتم تسوية النزاعات عن طريق الوساطة بوجود طرف ثالث يسوي النزاع بين الطرفين المتنازعين، حيث يمكن أن يكون هذا الطرف دولة أو منظمة دولية أو شخصية بارزة، وهذا الطرف يلعب دورا ايجابي للتخفيف من حدة التوتر القائم بين الأطراف المتنازعة، وهي طريقة اختيارية في الأصل ذات عمق تاريخي يمتد إلى آلاف السنين.

نظرا لفعالية الوساطة في حل النزاعات، نجد أنها قد حظيت باهتمام كبير من طرف أغلب الدول والمنظمات، كما حظيت بمكانة رفيعة في القانون الدولي، فقد أكدت عدة اتفاقيات دولية على أهميتها كطريقة لتسوية المنازعات الدولية أهمها، ميثاق الأمم المتحدة، والمواثيق الإقليمية كميثاق الإتحاد الإفريقي، وميثاق جامعة الدول العربية. ونصت هذه المواثيق بشكل صريح واعتبرت الوساطة وسيلة تتميز بتسهيل إجراء الحوار والتخفيف من حدة الصراع بين المتنازعين والتوفيق بين مطالبهم ومساعدتهم على إيجاد الحلول الودية والعادلة لمنازعاتهم، حيث أن الحاجة إلى الوساطة تبرز عندما تتأزم الأوضاع بين الأطراف المتنازعة.

ويمكن القول أن الوساطة هي الأساس الذي يقوم عليه نظام الوسائل البديلة. فهي المحرك والسبيل الأول لإيجاد حل توافقي بين المتنازعين، وهي الوسيلة الأكثر شيوعا في حسم النزاعات الدولية لأنها وسيلة للتفاعل بهدف الوصول إلى اتفاق. وبدأت تأخذ حيزا واسعا في مختلف أنواع النزاعات، وأصبحت تبدو الوجه أو الصورة الأنسب للقضاء والعدالة الحديثة الفعالة. لذا نتساءل عن دور الوساطة في حل النزاعات الدولية؟

المبحث الأول: ماهية الوساطة

المطلب الأول: التطور القانوني للوساطة

كان القضاء منذ القدم ولا يزال الوسيلة الأساسية لحل النزاعات الدولية كانت أم وطنية، لكن مع مرور الزمن أخذت تنشأ إلى جانب القضاء وسائل أخرى لحسم النزاعات منها الوساطة، وهذا الشكل من العدالة قديم جدا وهو أقدم من عدالة الدولة، وإن كانت الوساطة تتم في السابق بشكل بسيط قائم على إصلاح ذات البين ونابعة من العادات والتقاليد السائدة في المجتمع.

وكانت اتفاقية لاهاي المؤرخة في 1907/10/18 الخاصة بتسوية المنازعات بالطرق السلمية قد وضعت القواعد المتعلقة بالوساطة وألزمت الدول المتعاقدة اللجوء إلى وساطة الدول الصديقة كما نصت عليها أيضا العديد من المواثيق الدولية.

وسنتطرق لكل من تطور نظام الوساطة في الاتفاقيات الدولية العالمية، في فرع أول. وتطور نظام الوساطة في محض الاتفاقيات الإقليمية، في فرع ثاني.

الفرع الأول: تطور نظام الوساطة في الاتفاقيات الدولية

لقد ازداد الاهتمام بالوسائل السلمية لحل النزاعات الدولية وتكاثف اللجوء إليها، مما استدعى إبرام العديد من المعاهدات الدولية ذات البعد الجهوي والعالمي المنظمة لإجراءات الوسائل السلمية عامة والوساطة خاصة.

حيث كان لمعاهدات لاهاي الأثر البليغ في تنظيم هذا الإجراء من إجراءات التسوية، فتأثر بالحذر الشديد الذي أبدته الدول الصغيرة اتجاهه. ذكرت معاهدة لاهاي المؤرخة في 1907/10/18  في موادها من (2 الى 8) أن الوساطة تتميز خصوصا بطابعها الاستشاري وليس لها أبدا ولن تكون لها قوة إلزامية.

ومن جانب آخر ولأجل تطوير الوساطة، تضمنت المادة الثامنة من معاهدة لاهاي السنة 1907 المشروع الأمريكي للوساطة الخاصة أو الوساطة عن طريق البعثة، والتي بموجبها وبغض النظر عن ثنائية النزاع، ما يؤدي الى توقيف العلاقات بينهما، هذا الأخير الذي يعتبر قد انتقل وحول بصفة خاصة واستثنائية إلى السلطة الوسيطة التي تتفاوض باسم الأطراف المتنازعة.

وإذا ألقينا نظرة عبر تاريخ الوساطة الدولية، فان الأمثلة عنها قليلة ونادرة ومنها نذكر قضية (جزر الكارولين) سنة 1885 بين ألمانيا واسبانيا التي توسط فيها القديس ليون فاعتمادا على أسبقية الاحتلال للجزر، أعطت الوساطة الحق لاسبانيا مع الأخذ بعين الاعتبار الحقوق المكتسبة لألمانيا التي أثارت نظرية أو قاعدة الاحتلال الفعلي لهذه الجزر، على هذا الأساس صادقت الدولتان على اتفاق تم بموجبه قیام اسبانيا ببيع الجزر لألمانيا سنة 1899.

وفي عهد عصبة الأمم عرفت الوساطة انتعاشا كبيرا واهتماما من قبل المجتمع الدولي. لقد استحدث عهد عصبة الأمم قواعد جديدة تكمل القواعد الموجودة في معاهدات لاهاي ويمكننا القول بأن الوساطة عرفت منعرجا تاريخيا بإحداث عصبة الأمم.

والوساطة حسب عهد عصبة الأمم خاصة المادة 13 منه هي عبارة عن تسوية النزاعات ذات طابع سياسي. اذ أن النزاعات ذات الصبغة القضائية كانت تحل عن طريق التحكيم أو القضاء. والملاحظ أن عهد عصبة الأمم وضع قواعد معقدة بحسب سير الإجراءات في الحالة التي تنظر فيها الدولة العضوة في النزاع على أنه يتعلق بمسألة هي من اختصاصها المباشر، أو بحسب تأثير الوساطة وفاعليتها في حالة الحرب أو النزاع المسلح بين الأطراف.

ومن المؤكد أيضا أن هيئة الأمم المتحدة كمنظمة دولية عالمية قامت من أجل حفظ السلم والأمن الدولي في المقام الأول، ثم منع الحروب بعد ذلك. ولقد تأكد هذا من خلال ديباجة ميثاقها والتي جاء فيها: " نحن شعوب الأمم المتحدة وقد ألينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف" وجاء أيضا في مادته الأولى أن من مقاصد الأمم المتحدة حفظ السلم والأمن الدوليين،  ولإزالة السلم تقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم وتتذرع بالوسائل السلمية وفقا لمبادئ العدل والقانون الدولي وجل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم لتسويتها. ولقد تم التنصيص على هذه الوسائل في الفصل السادس من الميثاق، وعلى الأخص في المادة 1/33 منه والتي حددت هذه الوسائل.

كما تنص الفقرة الثالثة من المادة الثانية من الميثاق على مبدأ الحل السلمي للنزاعات حيث ألزمت دول الأعضاء في الجماعة الدولية وليست دول الأعضاء في المنظمة الدولية بأن يسووا ما بينهم من منازعات بالوسائل السلمية، شريطة أن لا يتعارض هذا مع الميثاق أو أن يضر بالسلم والأمن الدولي أو أن يعرضه للخطر. نفس الحكم نصت عليه المادة 1/33 من الميثاق والتي أوجبت على جميع الدول في جميع المنازعات التي من شأنها أن تعرض السلم والأمن الدولي للخطر، أن يبادروا إلى حله بطريقة سلمية بالوساطة كانت أو بالمفاوضات والتحقيق...الخ، وإذا فشل الأطراف في تسوية النزاع عن طريق إحدى هذه الوسائل، وجب عليهم عرض هذا النزاع على مجلس الأمن، بل أن من واجب مجلس الأمن من تلقاء نفسه حتى ولو لم يعرض عليه النزاع أن يجري تحقيقا بشأنه، أو يوصي بطرق التسوية التي يراها مناسبة أو الحل الذي يراه مناسبا.

 ومن خلال ما ورد في ميثاق الأمم المتحدة والذي جاء من أجل تحقيق ما لم تتمكن عصبة الأمم من تحقيقه، وهو المحافظة على السلم والأمن الدولي وهذا يبدوا جليا من خلال میثاقها فهي جمعت من خلاله بين المحافظة على السلم والمحافظة على الأمن وذلك لإيمانها بأنهما أمران مرتبطان فوجود أحدهما ضروري لوجود الأخر، فالسلم الدولي يعني نهاية الحروب أو على الأقل محاولة منعها، والأمن الدولي يعني توفير الأسباب والطرق لمنع وقوع النزاعات بين الدول حتى تتمكن كل شعوب العالم من العيش في راحة واطمئنان.

ولم تكتفي هيئة الأمم المتحدة بهذا القدر من الاهتمام بالتسوية السلمية للنزاعات الدولية، بل قامت أيضا بإصدار الإعلان الخاص بمبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية بين الدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة عن طريق جمعيتها العامة بموجب القرار رقم 25 26  الصادر بتاريخ 1970/10/24، حيث تضمن هذا الإعلان سبع مبادئ من بينها مبدأ تسوية النزاعات الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يعرض السلم والأمن الدولي للخطر، وهو ثاني مبدأ منصوص عليه في هذا الإعلان بعد مبدأ حظر استعمال القوة أو التهديد بها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة.

الفرع الثاني: تطور نظام الوساطة في المواثيق الإقليمية.


من المهام الرئيسية لأي منظمة دولية تسوية ما قد ينشأ من منازعات بين الدول الأعضاء فيها بالطرق السلمية، لأن تلك المنازعات تهدد الوحدة المنشودة بين الدول الأعضاء كما تهدد في نفس الوقت الأمن والسلم كما أنها إذا تحولت إلى صراع مسلح فلربما أفضت إلى تفكك المنظمة والى تقسيمها.

أولاً: الوساطة في إطار ميثاق الاتحاد الإفريقي

الاتحاد الإفريقي هو منظمة دولية تتألف من 52 دولة افريقية، تأسس الاتحاد في
2002/07/09 متشكلا خلفا لمنظمة الوحدة الإفريقية، تتخذ أهم قرارات الاتحاد في اجتماع
نصف سنوي لرؤساء الدول وممثلي حكومات الدول الأعضاء من خلال ما يسمى بالجمعية
العامة للاتحاد الإفريقي.

وتعتبر قضية السلم و الأمن من القضايا المهمة في إفريقيا، ويؤدي غيابها إلى غيابا لعديد من القضايا المرتبطة بالسلم والأمن مثل قضايا الاستقرار السياسي والنزاعات العرقية والأهلية، وتعتبر التسوية السلمية للنزاعات من أهم مبادئ القانون الدولي بجانب أن ميثاق الأمم المتحدة يشجع على الحل السلمي للنزاعات عن طريق المنظمات الدولية قبل عرضه على مجلس الأمن الدولي. وإيمانا بذلك الدور تم إنشاء مجلس السلم والأمن الإفريقي كهيئة تعمل على تسوية النزاعات في ظل الاتحاد الإفريقي.

ليصبح بذلك الآلية المنوط بها صنع القرار فيما يتعلق بمنع وإدارة وتسوية النزاعات وحفظ السلم والأمن في إفريقيا.

ثانياً: الوساطة في إطار میثاق جامعة الدول العربية

أنشأت جامعة الدول العربية في عام 1945، وبالرجوع إلى ميثاقها نجد أنه اعتمد بالأساس على تسوية المنازعات بالطرق السلمية وهذا استنادا إلى المادتين الخامسة والسادسة من الميثاق، والجدير بالذكر أن المادة الخامسة من المادة أشارت أيضا إلى أن تسوية المنازعات في إطار جامعة الدول العربية تقتضي عدم جزاء اللجوء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين أو أكثر من دول الجامعة.

وتضع تحت تصرف الأعضاء بعض الوسائل السلمية لفض منازعاتهم فيما بينهم وأهمها الوساطة. ولكن رغم وجود هذه الآليات التسوية فان ذلك لم يمنع الدول العربية من اللجوء إلى القوة لحل خلافاتهم، وأسباب ذلك عديدة ومن بينها غياب الإرادة السياسية لدى الدول العربية من أجل تعديل ميثاق جامعة الدول العربية، وجعله يتماشى مع التطورات الهيكلية التي عرفها المجتمع الدولي.

  فجامعة الدول العربية هي بمثابة إحدى المنظمات الدولية الإقليمية التي أكدت في ميثاقها على استخدام القوة لفض المنازعات بين دولتين أو أكثر من دول الجامعة ، وقد تقرر هذا التوجه أيضا في معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي التي صادق عليه مجلس الجامعة في أبريل سنة 1950، ودخلت حيز التنفيذ سنة 1952، حيث نصت في مادتها الأولى على أن الدول المتعاقدة تؤكد من منطلق حرصها على دوام الأمن والسلام والاستقرار وعزمها على فض جميع منازعاتها الدولية بالطرق السلمية، سواء في علاقاتها المتبادلة فيما بينها أو في علاقاتها مع الدول الأخرى.

وبمأن من أهداف جامعة الدول العربية حفظ الأمن والسلم في المنطقة، كان من الطبيعي أن يكون مبدأ فض المنازعات أحد المبادئ التي تقوم عليها الجامعة وتلتزم به .وفي اطار التسوية السلمية للنزاعات نص ميثاق جامعة الدول العربية على سبيل الحصر على وسيلتين ويتعلق الأمر بالوساطة والتحكيم، فاقتصر على ذلك وسيلة سياسية ودبلوماسية واحدة تتيح تدخل مجلس الجامعة في فض المنازعات بطريقة سلمية متمثلة في الوساطة. مع ملاحظة أن ميثاق جامعة الدول العربية قد ربط مسألة إجراء الوساطة بالخلافات التي يمكن أن تتطور وتؤدي إلى نزاع مسلح أو يستشف منها إمكانية أن تؤدي إلى نشوب حرب بين الأطراف المتنازعة. ونستنتج من هذا أن أية وساطة في أي نزاع عربي تقع من خارج المجلس لا تعتبر من قبيل الوساطة التي تقوم بها الجامعة وإنما هي وساطة عربية. ومن خلال استقراء الفقرة الثالثة من المادة الخامسة من ميثاق جامعة الدول العربية، نجد أن هذا الأخير اشترط أن تكون الوساطة التي تقوم بها الجامعة العربية مقتصرة على الخلافات التي يخشى منها وقوع حرب بين دولتين عربيتين، وهذا شيء يمكن أن يعاب على واضعي الميثاق، إذ أنه من المفترض أن تكون وظيفة المنظمة الدولية وظيفة وقائية تحول دون كل ما من شأنه أن يؤدي إلى أي خلاف مهما كانت درجته.  

فالوساطة تضل في النهاية مبادرة ودية يقوم بها المجلس بغية الوصول إلى حلول مرضية للأطراف المتنازعة، وفي أمور لا تخص مسألة استقلال الدول و سلامة أراضيها أو سيادتها، وهذا بدوره يثير نقطة هامة حول الوضع الذي تعيد فيه الأطراف المتنازعة اللجوء إلى مجلس الجامعة العربية في مسائل يحق للمجلس بموجبها اتخاذ قرار ملزم، ولم يطبق أحد الأطراف نتائج الوساطة خاصة في ظل غياب نص صريح يعالج مثل هذه المسائل. إن ذلك ولا شك يساهم في إضفاء فعالية التسوية السلمية للمنازعات التي تقوم بها جامعة الدول العربية.

ومن النزاعات التي قامت جامعة الدول العربية بتسويتها وديا عبر أسلوب الوساطة أزمة الضفة الغربية لسنة 1950، والنزاع بين لبنان والأردن من جهة والجمهورية العربية المتحدة من جهة ثانية عامي 1961 و1962، كذلك الحرب بين المغرب والجزائر عام1963، والحرب الأهلية اليمنية في سنة 1963.

وعموما يمكن القول أن الوساطة كوسيلة دبلوماسية وسياسية يتوقف نجاحها على العديد من الاعتبارات أهمها: موقف الأطراف المتنازعة، رغبتها في تدخل مجلس الجامعة، طبيعة النزاع ودرجة خطورته، التأثيرات الخارجية وغيرها.

إن التطور الهائل في العلاقات الدولية، و كثرة النزاعات الناشئة بين هذه الدول أدى إلى ظهور الوسائل الدبلوماسية وإتباعها في حل النزاعات لتجنب اللجوء إلى الحرب، و ظهور الوساطة كوسيلة ناجعة و طريق بديل للقضاء  على كل النزاعات التي قد تنشا بين هذه الدول نتيجة لما تحمله من مزايا وامتيازات تحققها من تبسيط في إجراءات الفصل في النزاع و الابتعاد عن الشكليات المعقدة بغية الفصل في النزاع بأقصى سرعة و دون تكاليف باهظة، و هذا يستجيب لرغبة الأطراف المتنازعة. فقد أثبتت الوساطة وجودها و قدرتها لحل النزاعات الدولية و تم تبني هذه الوسيلة على المستوى الدولي كنظام مستقل عن القضاء، حيث أن الأطراف المتنازعة لها الخيار في اللجوء للوساطة باختيار شخص وسيط، فنجد كثرة الإقبال عليه من طرف الأطراف المتنازعة أي من طرف أغلبية الدول لأنها تناسب كل الدول خاصة إذا كان الوسيط المختار على قدر كبير من الخبرة والكفاءة.

فيمكن القول أنها تلعب دور ايجابي و لازالت كذلك في تاريخ العلاقات الدولية، حتى أنها لمتفقد أهميتها رغم ظهور وتطور طرق جديدة لتسوية المنازعات، لأنها تبقى الوسيلة القادرة التي من شأنها التخفيف من حدة التوتر بين الأطراف المتنازعة و لا تلزم الحلول التي يتقدم بها الوسيط في أطراف النزاع، حيث يجري استخدام الوساطة إما لمنع نشوب حرب أو لإيقاف حرب قائمة، و هذه الوسيلة ذات طابع أخلاقي كونها لا تحتوي على عنصر الإلزام.

لكن رغم هذه الايجابيات و المميزات إلا أنها تحتوي على بعض السلبيات لأنه يمكن أن لا يتوصل الأطراف إلى الحل الذي يرضيهما ما يجعلهم لا يقبلان حل الوسيط، فهنا يتم اللجوء إلى وسيلة أخرى غير الوساطة و تدعيمها بصفة اكبر لتكون هذه الوسيلة أكثر نجاحا و أكثر فعالية.

من إعداد كل من:

حمزة شعيب

احسان لعجيلي

فاطمة الزهراء حيلات

تعرف على الوساطة الأسرية، من هنا.

إرسال تعليق

شاركنا رأيك في الموضوع

أحدث أقدم