تعد الخدمة الاجتماعية لرعاية لأطفال الجانحين من الأدوات الفعالة والجاري بها العمل، لتهذيب سلوك الحدث الجانح ولإعادة إدماجه داخل المجتمع. فهي عبارة عن جهود مهنية يقدمها أخصائيون متخصصون في مجال الأحداث مستخدمين في ذلك مجموعة من برامج الوقائية والإنشائية والعلاجية داخل المؤسسة وخارجها بهدف إحداث التغيير المقصود في اتجاه النمو الاجتماعي السليم وذلك بناء على أسس علمية نظرية...إلخ.
وقد اتضح في المقاربة الميدانية لهذا البحث أن الخدمة الاجتماعية الموجهة لهذه الفئة من الأطفال هي في الحقيقة، خدمة اجتماعية ناقصة وليست متخصصة أو خاصة لرعاية الأطفال في نزاع مع القانون ولا تراعي لخصوصياتهم. فكما جاء في هذه المقاربة الميدانية وتحديداً في محورها الثاني، بمجموعة من المشاكل التي يعاني منها هؤلاء الأطفال على جميع المستويات سواء على مستوى المؤسسات المهتمة بهم (لا توجد مؤسسات مخصصة بالاهتمام بالأطفال في نزاع مع القانون فقط) وكذلك على مستوى التشريعات القانونية، يتبين أنه يعتريها قصور كبير كما أنها لا تلائم المواثيق والاتفاقيات والعهود الدولية المصادق عليها. أما على مستوى البرامج أو السياسات فهي تتسم بشموليتها على الأطفال بصفة عامة. وبخصوص مراكز إيداع هؤلاء الأطفال فهي تعيش أوضاع مزرية كما سبق وأن رأيناه ولا تملائم قواعد ومعايير اتفاقية حقوق الطفل.
ولهذا كان من اللازم البحث عن خدمة اجتماعية من نوع آخر، خدمة اجتماعية شاملة تراعي لخصوصيات هذه الفئة. .
1. على مستوى السياسات العمومية:
وضع سياسة وطنية مندمجة لحماية الأطفال ترتكز على تنفيذ المبادئ العامة لاتفاقية حقوق الطفل ومقتضياتها. ولابد أن تشمل هذه السياسة:
- عدالة ملائمة للأطفال في نزاع مع القانون.
- برامج للتكفل الشامل وللتتبع سهلة الولوج من لدن الأطفال في نزاع مع القانون.
- التدابير البديلة للحرمان من الحرية وللإيداع في المؤسسات.
- الوقاية. (توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان (تقرير 2013طفولة في خطر) والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (تقرير2016 فعلية حقوق الطفل، مسؤولية الجميع)
كما يتعين أن يتم تمكين هذه السياسات العمومية من الموارد البشرية والمادية اللازمة، وإخضاعها للآيات التتبع والتقييم والمساءلة.
- التعيين الواضح للهيئة المناط بها تنسيق إعمال وتتبع السياسة الوطنية المندمجة لحماية الأطفال.
- توضيح أدوار ومسؤوليات أهم الوزارات والقطاعات المعنية ولاسيما وزارة العدل والحريات، وزارة الثقافة والشباب والرياضة، وزارة التضامن والأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية.
- تنظيم مناظرة وطنية حول مراكز حماية الطفولة تشارك فيها جميع الأطراف المنخرطة في مجال حماية حقوق الطفل، من أجل وضع سياسة عمومية شاملة ومندمجة.
2. على مستوى القضاء:
- عدم اللجوء للإيداع في المؤسسات والحرمان من الحرية إلا كملاذ أخير.
- تفضيل عملية التكفل بالأطفال في وضعية صعبة في الوسط الطبيعي على الإيداع في مؤسسة.
- إعمال الوسائل المادية والموارد البشرية الضرورية لتأمين التطبيق الفعلي للقوانين والإجراءات القضائية لضمان حق الأطفال في الاستماع إليهم وإخبارهم، والحق في المساعدة القانونية المناسبة، والحق في الحماية وفي تكفل ملائم ذي جودة.
- ضمان تتبع وتقييم ممنهج لمدى تطبيق القوانين.
3. على مستوى مراكز الإيداع:
- مراجعة شاملة للإطار القانوني والإداري لمراكز حماية الطفولة بشكل يضمن المصلحة الفضلى للطفل، وتمكين موظفي هذه المراكز من القيام بعملهم في أحسن الظروف.
- وضع معايير منظمة لبنيات الاستقبال مطابقة لتلك المعمول بها فيما يتعلق بحقوق الطفل.
- تحديد ووضع آليات وصيغ للمراقبة والإشراف على هذه المؤسسات، بهدف تقييم تطابقها مع المعايير المُعتمدة، خاصة الكرامة، المشاركة، الحماية والنمو وكذا كل المعايير التي تساهم في ضمان المصلحة الفضلى للطفل.
- وضع نظام معلومات مركزي موثوق، من أجل تتبع تطور أوضاع وأعداد الأطفال المودعين في المركز.
- تقييم الوضع الصحي للأطفال وتمكينهم من العلاجات اللازمة.
- القيام، بالأبحاث العائلية المعلقة قصد تقييم الأوضاع والروابط العائلية، بهدف تمكين القضاة من إعادة النظر في التدابير المتخذة في حق الأطفال، وإعادة إدماجهم في أسرهم كلما أمكن ذلك، وبما يراعي المصلحة الفضلى للطفل.
4. على مستوى التكوين وتقوية القدرات:
وضع إستراتيجية للتكوين (الأساسي والمستمر) لفائدة العاملين المتدخلين لدى الأطفال في نزاع مع القانون: ضباط الشرطة والدرك، القضاة، والنيابة العامة وقضاة التحقيق والطاقم التربوي ومديرو المراكز والمساعدات الاجتماعيات/ الباحثات الاجتماعيات والمحامون.
5. على مستوى آلية التظلم:
وأخيرا، وبهدف حماية الأطفال ضد جميع أ شكال العنف وسوء المعاملة والتعسف والاستغلال، فإنه من اللازم وضع وإعمال آلية مستقلة للتظلم لفائدة الأطفال، سهلة الولوج، وميسرة لجميع الأطفال بدون أي تمييز، ضامنة لحماية الأطفال ومصلحتهم الفضلى.
وبتطبيق هذه التوصيات سنكون قد وفرنا خدمة اجتماعية كافية وملائمة تراعي حاجيات ومتطلبات هؤلاء الأطفال اللذين شاءت الظروف والأقدار أن يكونوا في انحراف عن سكة المجتمع.