تعد المثلية الجنسية قديمة قدم التاريخ، بشقيها المثلية الذكرية (اللواط)، والمثلية الأنثوية ( السحاق)، فالسحاق الذي يسمى نسبة إلى جماعة من النساء عشن في جزيرة إفيسوس اليونانية، في القرن السابع قبل الميلاد واشتهرن، بممارسة الجنسية المثلية، وما هذا التأريخ إلا البداية المعلنة فقط. أما اللواط فلا توجد دلائل تاريخية لبدايته، إلا أن آثاره تعكس توغله في عمق التاريخ، وهناك تبـايـن لهـا عـبر عـصـور التـاريخ، والحضارات المتعاقبة، والمجتمعات المختلفة، فقد عرفت وانتشرت في الحضارات القديمة لبلاد وادي الرافدين ومصر والهند والصين، ولا يبدو أن هذه الحضارات، قد أدانت هذه الممارسات، بل إن بعضها، ولا سيما اليونان القديمة، قد حظيت بالكثير من التقدير، كما يتضح ذلك من بعض محاورات أفلاطون، حيـث عشق سقراط للغلام اليسباديس، ويذكر ديوجنيس أن سقراط عنـدمـا كـان غلاما كان معشوقاً لمعلمه، وارسطو كذلك المعلم الأول عند الإغريق، كان أيضـاً يمارس الجنسية المثلية، وكذلك من إشتراك عدد من آلهة الإغريق، مثـل زيوس وبوسيدون وأبوللووهرميس، في العلاقات المثلية، وما ورد عن تفشي المثلية الجنسية الذكورية في إسبارطة، و اشـد المـدن باساً وشجاعة، وهي عن أن التاريخ الحديث، من عصر النهضة، وحتى الآن قد ترك لنا أسماء مرموقة في تاريخ الفنون والآدب والحياة العامة ممـن غـرفـوا بجنسيتهم المثليـة، إما في حياتهم أو بعـد وفاتهم، ومنهم: مايكل أنجلو وليوناردو دافنشي وشايكوفسكي وبيكـون وربما شكسبير واوسكار وايلد.. وعدد من ملوك الانجليز وغيرهم، ممن لم تتناقل أسمائهم لأنهم لم يشتهروا. أما الاتجاه المعاصر، نحو مسألة الجنسية المثلية فهـو اتجاه غير ثابت وغير متساوي في الكثير من البلدان والمجتمعات، فهناك مـن يـدين الممارسة اخلاقيا، وهناك من يفرض عقوبة زجرية وتأديبية شديدة على ممارستها تصل إلى الحبس المؤبد أو القتل كما في البلدان التي تتخذ من الشرع الإسلامي واجهة لها، وهناك من يعتبر المسألة حالة مرضية تقتضي العلاج بالطرق الطبية والنفسية الممكنة. وهناك من يرفض هـذه النظرة، ولا يعتبر الجنسية المثلية مـرض مـن الأمراض ولا يفرض على الممارس لها ضرورة المعالجة بالإجبار. وفي خضم هذه الاتجاهات الاجتماعية والقانونية والدينية المختلفة، يقـوم اتجاه أكثر مرونة ازاء الجنسية المثلية الشاذة، وهـذا الاتجاه معمـول بـه في بعـض البلدان منها بريطانيا والسويد والدنمارك وهولنـدا وفرنسا وبعـض الولايات من الولايات الأميركية، وجميعها أجازت الممارسة قانونياً، بشرط أن تـتـم بـيـن فـردين راشـدين ودون الإخلال بالآداب العامة. ومن الضروري الإشارة هنا، أن نسبة الممارسة في البلدان التي تسامحت قانونياً لم تزد على نسبة الممارسة في المجتمعات التي تعاقب عليها وتكبحها بشدة (قد يجري ذلك على قاعدة كـل ممنوع مرغوب)، حيث تشير دوائر العلاقات الاجتماعيـة المغلقة الا أن هـذه الظاهرة متفشية بين أوساط وزراء ومسئولين وسياسيين ومثقفين وكتاب وحتى في أوساط المعلمين وممارسي الطقوس الدينية، المنتشر منها في البيئات الاجتماعية ذات الطابع الشللي والتي تعاني مـن مظاهر انحراف متعددة كجرائم السرقات والقتل وغيرها. إلا أن عوامل النبـذ الاجتماعي لهذه الظاهرة وصرامة العقاب لا تسمح لنـا بـالوقوف على النسب الحقيقية أو حتى النسبية لانتشارها في حدها الأعلى، ومن الصعب توقع انخفاض هذه الظاهرة في ظل الانغلاق الاجتماعي، وحالة الانكفاء بين الجنسين والتخلف العام، بل يمكن الحد منها مـن خـلال الإصلاح الاجتماعي، ولا سيما معالجة الأسباب، التي تؤدي إلى شيوع مثل تلك الظاهرة المنبوذ، ومن هنا نحن كدارسين للفعل التربوي المتخصص ومقبلين على العمل مع الكائن الإنساني بكل أبعاده وجب علينا التعرض لهذه الظاهرة التي باتت متفشية في جميع المجتمعات حتى المحافظة منها ومن بينها مجتمعنا المغربي، فماهي أنواع المثلية وما النظريات المفسرة لها وماهي أهم العوامل المؤدية لها وكيف يمكن علاجها وماهي معاناة أصحابها في مجتمعاتنا المحافظة؟
تعرف على: أنواع المثلية الجنسية وتصنيفاتها
من إعداد كل من: كوثر فلاحي وهاجر الفاقيري وحسناء المسلوت وفاطمة الزهراء حيلات وسعاد الصبار