-->

المثلية الجنسية عواملها والنظريات المفسرة لها

 

المثلية الجنسية عواملها والنظريات المفسرة لها

العوامل المؤدية للمثلية:

المثلية الجنسية بين السيكولوجی والاجتماعي والبيولوجي:

إن الجذور العلمية لتكون المثلية الجنسية إن صح القول عند المثلي نفسه، تختلف النظريات والأطروحات التي بحثت في جدور المثلية الجنسية والأسباب التي تجعل شخص مثلي وله سلوك جنسي اتجاه شخص من نفس الجنس، حيث يمكن اعتماد ثلاث توجهات علمية كبرى أفاضت في حديثها عن المثلية الجنسية واستطاعت أن تحدد مجموعة من الأسباب الرئيسة في جعل الشخص مثلي، وهي السيكولوجيا والسوسيولوجيا والبيولوجيا باعتبار أن هذه التخصصات تعانق المثلية الجنسية باستمرار بحكم أن لهذه التخصصات فروع اجتماعية تعانق الشارع الشيء الذي يجعل المثلي من بين اهتماماتها. ولعل العلوم الاجتماعية كانت سباقة لمقاربة المثلية الجنسية لا من حيث اعتبارها شذوذا أو سلوك جنسي عادي فكان لعلم النفس وعلم الاجتماع حصة الأسد من حيث التي خوضها في جينالوجيا المثليين والأسباب التي جعلتهم كذلك.[1]

المثلية وعلم النفس:

تتباين الرؤى والمواقف عند أهل السيكولوجيا حول أسباب المثلية الجنسية، فكل يدلي بدلوه معتمدا على من محدد يحاول من خلاله ربط الجانب النفسي في تكون المثلية الجنسية عند الشخص، فالبعض يرى أن المثلية هي اضطراب ومرض نفسي في حين أن هناك من يرى أن المثلية ليست سوى سلوك جنسي عادي لا علاقة له بالتوازن السيكولوجي للشخص المثلي.

وبالعودة إلى فرويد رائد مدرسة التحليل النفسي نجده يقول أنه من المؤكد بأن المثلية ليست ميزة، لكنها ليست بحالة تدعو إلى الخجل أو تتسم بالرزيلة، ولا يمكن تصنيفها ضمن الأمراض، ونحن نعتبرها اختلاف في الوظيفة الجنسية تحدث من جراء كبح النمو الجنسي. وان الكثير من العظماء في العصر القديم والعصر الحديث كانوا مثليين جنسيا من ضمنهم افلاطون، مايكل انجلو، ليوناردو دافنشي وغيرهم).2

وعليه إذا اعتبرنا أن المثلية ليست بمرض نفسي بل هي مجرد سلوك جنسي لا يمثل إلا عن رغبة الشخص في تقبل الشخص من نفس الجنس في كل مستوياته حتى ما هو جنسي، لكن هل للطفولة دور في تكوين هذا السلوك خصوصا إذا اعتبرنا أن الطفولة هي المرحلة الأساسية التي تبني وتقوض كل الادراكات والمعارف وكذا قناعات الشخص طول مراحل

فالطفل هو أب الرجل كما يقول فرويد. فتجاهل الطفل وعدم منحه الحنان الكافي قد يجعل عنده رغبة في البحث عن هذا الحنان خارج الأسرة وذلك من خلال طرق متعددة إما عبر المجال الذي يعيش فيه أو عبر العالم الافتراضي الذي يعطي إمكانية التواصل مع جميع الشرائح العمرية، وبالطبع الباحثون عن إظماء كبتهم الجنسي يملئون جنبات مواقع  التواصل الجنسي، فهم بارعون في اصطياد فرائسهم من أطفال ومراهقون يحتاجون من يسمع ويدغدغ مشاعرهم ويمنحهم قليل من الطمأنينة المفترضة، فتنشؤ العلاقات الافتراضية إلى أن تصبح واقعية وبالطبع يكون الجنس حاضر فيها بأشكاله المختلفة.

كما أن الاعتداء الجنسي على الأطفال وتجاهله من طرف الآباء وأولياء الأمور قد تؤدي إلى الانطواء لدى الطفل أو التوحد مع الشخص المعتدي وينجذب إلى معاشرته. وتؤكد دراسات أخرى ارتباط الميول الجنسية بالتجربة الأولى.

ويمكن أن نضيف أيضا التربية الجنسية عند الطفل وعدم إدراكه للسلوكيات الجنسية الطبيعية الشيء الذي يخلق عنده مجموعة من التساؤلات حول وظائف الأجهزة التناسلية وكيف يمكن جعلها مكان لتفريغ الشهوة، وغالبا ما تكون العادة السرية - الإستمناء اليدوي. هو أول ما يلجأ إليه الطفل إلى أنه بمجرد احتكاكه بالآخر كان ذكرا أو أنثي تنموا عنده الرغبة في تجربة الأمر، وبالطبع في المجتمعات الأبيسية التي تطغوا عليها سلطة الأب بالمفهوم الأرطدوکسي وعدم إمكانية وقوع الاختلاط السلس بين الذكر والأنثى يجعل إمكانية ممارسة الجنس مع شخص من نفس الجنس تكون واردة وبقوة مما يؤدي إلى شهوة مرغوبة تستمر مع الشخص حتى تصبح المثلية الجنسية عنده أمر مكتسب يستمر معه على طول مراحل حياته.

كما تختلف الآراء والتفسيرات حول المثلية الجنسية وطبيعتها، وكثيرا ما تتداخل وتتضارب تلك التفسيرات طبقا للاتجاهات والمنطلقات النظرية للباحثين الذين يتناولونها، ونتيجة اختلاف الدوافع الخاصة للمثليين والظروف التي تتأثر بها الحالات المختلفة للمثلية الجنسية ودرجاتها. تستند بعض التفسيرات على افتراضات فسيولوجية وحصول التغييرات في الهورمونات، والبعض الاخر تنطلق في تفسيره من منطلق سيكولوجي أو اجتماعي كما سبقت الاشارة اليها.

عدت المثلية الجنسية في السابق من الاضطرابات النفسية من قبل جمعية النفس الامريكية APA، ولكن الجمعية ومنذ عام 1973 أخرجت المثلية الجنسية من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية, ودعت مؤخرا الممارسين النفسيين إلى عدم القيام بتقديم العلاج النفسي إلى المثليين الذين يرغبون في تغيير اتجاهاتهم الجنسية وذلك لعدم وجود أية جدوى في ذلك.[2]

المثلية والبيولوجيا:

 لا يمكن الحديث عن المثلية الجنسية دون مقاربتها مقاربة بيولوجية محضة، مبنية على أساس علمي دقيق، من خلال النبش في الجدور البيولوجية لمثلي جنس، خصوصا وأن المثلية الجنسية كانت حاضرة في كل العصور التاريخية، الشيء الذي يعطي احتمالية انتقالها من جيل لأخر عن طريق الوراثة. فكيف انتقلت المثلية الجنسية من جيل لآخر؟ ولماذا لم تختفي ولم يمحوها الانتخاب الطبيعي[3] كمجموعة من الظواهر الأخرى؟ وعليه فهل يمكن اعتبار أن للمثلي خلل بيولوجي يولد معه ويقوم بتوريثه كتركة لمن بعده؟

قبل الخوض في الإجابة عن هذه الأسئلة دعونا نحاول فهم الكيفية التي ظهرت فيها المثلية أول مرة في العالم، أو بالأحرى ما السبب الذي جعل شخص أو جماعة معينة تفكر في ممارسة الجنس مع شخص من نفس جنسها.

من غير الممكن أن نقول أنه يمكن معرفة أول مثلي ظهر على وجه الأرض، لكن دعونا نعطي فرضيات نحاول من خلالها خلق سلسلة كرونولوجية نربطها بما أرخ له في كتب التاريخ لنتعرف أكثر على دور البيولوجيا في خلق هذا الانتقال السلس للمثلية من جيل الأخر، رغم كل الظروف الاجتماعية التي قد تكون في بعض الأحيان ضد المثلية كممارسة، إلا أن المثلية لم تنقرض وظلت راسخة إلى أن وصلت للحال التي هي عليه.

لا يمكن الجزم بأن المثلية الجنسية بدأت مع ظهور البشرية كسلوك جنسي عادي، خصوصا وأن الأصل في العلاقات الجنسية بيولوجيا هو دخول الذكر والأنثى في طقس جنسي يكون الهدف الأسمى منه هو المحافظة على النسل، فكيف انتقل الجنس من هذه الوظيفة التي تعتبر سامية في كل الطقوس الدينية إلى عدة ممارسات قد يعتبرها البعض شاذة لخروجها على المألوف، هنا لن نجد إلا بعض الكتابات الأنتربولجية التي تحدث عن علاقة الذكر والأنثى في زمن الإغريق والثورة التي قام بها الرجال على الاضطهاد الذي كانت تمارسه المرأة على الرجل بحكم امتلاكها بيولوجيا لمجموعة من مظاهر الشهوة عند الرجل، فكان لزاما على الرجل أن يبحث عن مكان جديدة يفرغ فيها شهوته الجنسية، فاختار أن يفكر في نفسه فجعل من جسده هو المكان الأمثل لتفريغ شهوته، فإذا كان المثلي الموجب يتحتم عليه وجود الطرف الأخر لحصوله على جنسية مكتملة فإن المثلي السالب يمكن أن يكتفي فقط بممارسة الجنس على نفسه من خلال الإستمناء هنا يمكن أن نفهم كيف أن للبيولوجيا دور مهم في استمرارية المثلية الجنسية عند الشخص، خصوصا عند المثلي السالب الذي يتحول مكان خروج فضلات الجسم إلى مكان لتفريغ الشهوة. وعليه فلا بد أن يدخل أهل البيولوجيا بكل ما يمتلكون من عتاد علي لإزالة هذا الوهم العلمي حول علاقة المثلية بالعلوم الطبيعية.[4]

  • على مدار عقدين من الزمان، تمكن الباحثون من اكتشاف أدلة كثيرة على أن المثلية الجنسية ليست اختيارًا، إنما هي مزروعة في عمق بيولوجيا الفرد، وتُحدد بواسطة الجينات؛ ولكن، ما تزال مواقع «الجينات المثلية» -كما تُسمى- أمرًا محيرًا..
قد تساعدنا دراسة جديدة على فهم هذا الأمر. أجريت هذه الدراسة على توأمين ذكرين، وعُرضت في الاجتماع السنوي للمجتمع الأمريكي للجينات البشرية American .Society of Human Genetics ASHG في بالتيمور في ماريلاند
لقد وجدت هذه الدراسة
 أن بعض التغييرات المتعلقة بالعلامات التخلّقيةepigenetics- وهي تغيرات كيميائية في الجينوم البشري تحوّل طبيعة نشاط الجين دون تغيير تتابعاته الكيميائية- قد تؤثر في التوجه الجنسي. 
كان الباحثون يظنون أنهم قد اقتربوا بشدة من «جينات المثلية الجنسي» في عام 1993 حين نشر فريق يقوده دين هامرDean Hamerمقالةً علميةً عن وجود جين للمثلية الجنسية.  
أصبح هذا الاكتشاف العنوان الرئيسي في الكثير من الصحف العالمية، لكنّ بعض المجموعات العلمية المراجِعة عجزت عن الحصول على نفس نتائج تلك الدراسة، ولم تتمكن من إيجاد الجينات التي نُشِرت في دراسة هامر، وحتى أحد الفرق العلمية التي أقرت بما وجده هامر في دراسته، حاول في السنة التالية للدراسة البحث عن «جين هامر» في عيّنة أكبر من البشر يزيد عدد أفرادها عن عشرة أضعاف مجموعة دين هامر، لكنه لم يحصل على نفس النتائج. إضافة إلى ذلك، أشارت دراسات التوائم إلى أنه من غير المحتمل أن نعزو السبب الكامل في المثلية إلى التتابعات الجينية.
إذ إنه في توأمين متماثلين من الذكور، إذا كان أحد التوأمين مثليًا، فإن احتمال كون الآخر مثليًا يتراوح بين 20% و 50% فقط، رغم امتلاكهما نفس الجينوم، وفي حالة التوأمين المتغايرين فالاحتمال هو 13%. تبين هذه الدراسات وجود تأثير جيني في التوجه الجنسي، ولكن ليس لدرجة تسوّغ النظر إليه على أنه ظاهرة جينية بحتة، لذلك ظهر اقتراح يفيد بأن التغيرات في التخلّق من أسباب المثلية الجنسية، سواء أكان ذلك يجعلها السبب الوحيد في المثلية، أم يجعلها سببًا إضافيًا فيها. 
فخلال تطور الإنسان، تتعرض كروموسوماته لتغيرات كيميائية لا تؤثر في تتابع نيوكليوتيداته، ولكنها تشغّل الجينات وتوقفها.
في ورقة بحثية في عام 2012، اقترح ويليام رايس«William Rice» أن هذه العلامات الفوقية المُورّثة قد تكون السبب في المثلية الجنسية حين تمر من الأب إلى الابنة، أو من الأم إلى الابن.. 
حيث جادل العلماء أن العلامات الموروثة قد تقوم بالتأثير على حساسية الجنين لهرمون التستوستيرون، مما قد يقوم بـ”تذكير” أدمغة الإناث (جعلها أكثر ذكورية) أو “تأنيث” أدمغة الذكور (جعلها أكثر أنوثة)، مما يؤدي إلى الانجذاب لنفس الجنس. (5)

المثلية والسوسيولوجيا:

إذا كان علم النفس استطاع أن يقطع مع كل التأويلات القائلة أن المثلية الجنسية هي مرض نفسي، مؤكدا على أن المثلية هي مجرد سلوك جنسي قد يكتسبه الفرد من خلال مجموعة من المتغيرات الخارجية التي قد يساهم المجتمع في صناعتها.

نجد لعلم الاجتماع دور مهم في تحديد أهم الأسباب التي قد تجعل الشخص مثليا انطلاقا من المجتمع وعبر مجموعة من مراحل التنشئة الاجتماعية التي يمر منها، فإذا كانت وظيفة المجتمع في تحويل الذكر إلى رجل يتمتع بكل مقومات الرجولة بدء بالفحولة الجنسية إلى تحمل أعباء المسؤولية، فإن البيئة الاجتماعية التي ينتمي إليها الفرد قد تلعب أدوار مهمة في تغيير سلوكياته وميولاته من خلال العلاقات التي يربطها مع الأخر باعتباره ذات مأثرة ومتأثرة في نفس الوقت. الشيء الذي قد يغير مجموعة من الملكات التي تلد مع الشخص، حيث أن للانتماء الطبقي الدور الأهم في تحديد التوجهات الاجتماعية للشخص، فغالبا ما تكون للمشاكل الاجتماعية كالفقر والهشاشة حصة الأسد في أسباب صناعة محترفي مهنة المثلية الجنسية، فيكون تسويق الجسد الحل الوحيد في رأيه للرقي في سلم الطبقات الاجتماعية والحصول على ما يكفل له حياة كريمة ولو على کاهل كرامته ومعتقداته الدينية.

وللعودة إلى جذور صناعة المثلي اجتماعيا سأتوقف عند من المقابلات التي أجريتها مع أحد المثليين (30 سنة) كانت للظروف الاجتماعية دور مهم في جعله مثلي جنس.

"أنا ابن قرية صغيرة قرب مدينة فاس، استفادت عائلتي من تعويض نزع أرض كانت الدولة قد نزعتها منها لتشيد سد بالقرية، انتقلنا إلى مدينة فاس، اشترى والدي منزل بحي قريب من المدينة العتيقة، ليلاقي ربه بعض أشهر قليلة من انتقالنا إلى فاس، أصبحنا نعيش بدون دخل مادي قار لا أرض فلاحية نقتات من غلتها، ولا عمل قار لي أعين به أمي المريضة، الشيء الذي فرض علي عمل أي شيء من أجل الحصول على المال لتوفير لقمة العيش للمنزل، مارست جميع أنواع الانحراف، سرقت بعت مخدرات وأنا في سن متأخر، إلى أن التقيت ذات يوم بشاب طلب مني أن أشتغل "جيكولو" أي أن أمارس الجنس مع الأجنبيات مقابل المال، دخلت لهذا المجال كل مرة كنت أصطاد امرأة كبيرة في السن تدفع المال مقابل رغبتها الجنسية، حتى تعرفت على أجنبي تجاوز الخمسين عرض علي ان امارس معه الجنس مقابل 2000 درهم، لبيت طلبه بدون تفكير، لتكون تلك الخطوة الأولى لي في مجال المثلية الجنسية الذي أقتات منه  قوت يومي رغم أنني كبرت في السن والزبناء قلائل"[6]

معاناة المثليين:

نأخذ بعض المقتطفات من المقابلات التي أنجزت مع مثليين بالمغرب.

نجد أن بعض المثليين يعانون من نظرة المجتمع فيفضلون أن ينظر لهم على أساس بعض الأفكار المتخلفة التي تجدرت في المجتمع بدلا من الاعتراف بالميول الذي يوجد لديهم وما يمكن أن يكون لهذه الخطوة من أثر لتصالح مع الذات والانتقال لتصحيح هذه الميولات فنجد ماجاء على لسان مثلي "اللهم يقول عليا "متقف"[7] ولا يقولي عليا شاذ جنسي".

وإذا كان العجز الجنسي يسبب مشکلا كبيرا لغالب الرجال, فإن عند المثليين لا يهم من يمتلك هذه الفحولة من دونها، وقد يكون اللجوء إلى المثلية الجنسية هو المنفذ الوحيد لمجموعة من الأشخاص الذي لا يملكون شهوة جنسية مع النساء، وذلك يرجع لمجموعة من العوامل يكون أولها انعدام التربية الجنسية في صفوف المراهقين.

تضح من خلال عدة مقابلات التي أجراها الباحث في بحثه الميداني أن الهوية الجنسية للشخص تبني عبر مجموعة من التراكمات، تكون للأسرة الدور الفاعل فيها، فغياب الأب كعنصر فاعل داخل الأسرة يمثل رمز الرجولة والفحولة فيها، يكون له انعكاس سلبي على تكوين بنية الأطفال، فالطفل يستقي سلوكياته الجنسية من خلال والديه فغياب أحدهما وعدم تعويضه يمكن أن يشكل نقص سلوكيا للطفل خصوصا على المستوى الجنسي، فالطفل يهتم باللعب التخيلي القائم على ثنائية (الأم /كأنثى) فالطفل يقلد دور الأنثى مع غياب تام للأب /الذكر، فتبزغ الجنسية المثلية السلبية ممارسة دور المفعول به لدى الرجال والنساء، كما أن الغياب التام للأب/كذكر) فالطفل يقلد الذكر مع غياب تام للأم /الأنثى، وبهذا تبزغ الجنسية المثلية الإيجابية, ممارسة دور الفاعل لدى الرجال والنساء.

من خلال نتائج البحث الميداني الذي قان به الباحث في كتاب سوسيولوجيا المثلية الجنسية تبين أن غالبية المثليين يفضلون علاقة الحب, وبحكم أن المثليين كما تبين من خلال كل أطوار البحث أن غالب المثليين يعانون من نقص روحي عاطفي خصوصا على مستوى العلاقات الاجتماعية، فغالب المبحوثين أكدوا لي أن لهم القابلية أن يتزوجوا مثلي من جنسهم، شرط أن يكون هذا الزواج قائما على الحب والعطف المتبادل الذي يدوم مدى الحياة, وقد ترسخ هذا عندهم من خلال مجموعة من التراكمات الثقافية التي لعب الإعلام فيها دورا كبيرا. فغالب الأفلام التي تستهدف المشاهدين في القنوات التلفزيونية هي أفلام تقوم على علاقات غرامية بين شخصين تكون هذه العلاقة هي السبب في تحقيق حياة سعيدة لهما، كما أن هناك مجموعة من الأفلام خصوصا الأمريكية التي تتحدث عن العلاقات الغرامية القائمة بين المثليين والتي تعطي صورة إيجابية عن إمكانية ربط علاقات حب مع أشخاص من نفس الجنس.

وبالإضافة إلا المعاناة التي يشعرون بها بسبب نظرة المجتمع فهناك الإحساس بالذنب كما هو مبين في تصريح هذا المثلي: جاء في تصريح لمثلي من فاس 19 سنة: 

"أنا كل نهار كنموت جوج ديال المرات، عارف هاد شي حرام، ولكن الله غالب معندي مندير، أنا مكنحس الوا من جيهت البنات، كنشوف دري زوین کنبقى نشوف فيه اعجاب، معرفش واش الله غادي يعقبني حيت أنا تودت هاکا، الله يكون معايا وصافي....".

النظريات المفسرة للمثلية:

النظرية الوراثية والفيزيولوجية:

التفسير البيولوجي يضع المؤثرات الوراثية والفيسيولوجية كأساس للتوجه الجنسي في مرحلة مبكرة من الحياة، وهو موجود الآن كأساس وجوهر للبحوث الجارية على التوجه الجنسي، ويفترض ليفاي(1991 ) تفسيرا بيولوجيا للتوجه نحو الجنس المقابل النساء، ولم يستطع ليفاي الحصول على نسيج عصبي من امرأة ذات جنسية مثلية، و كانت تلك المنطقة في المخ، والمرتبطة بالسلوك الجنسي لدى الذكور صغيرة لدى الرجال المخنثين، عندما تمت مقارنتها بنفس المنطقة الموجودة لدى النساء، ويعتقد الباحثون أن البناء العصبي محل الاهتمام، وهو منطقة المهاد التحتي أو الهيبوتالموس، و تؤدي دورا مهما في تضبيط السلوك الجنسي الأصلي لدى الذكور، وهناك 4 مجموعات من الخلايا في المنطقة الداخلية للهيبوتالموس وتسمى خاليا نواة الأنسجة البينية للهيبوتالموس الداخلي، ولم توجد فروق بين المجموعات عندما قام الباحثون بفحص وقياس حجم هذه الأنسجة في المجموعات 1 و2 و4، أما في المجموعة رقم 3 ،فقد كانت أكبر حجما مرتين لدى الرجال من ذوي الميل نحو الجنس المقابل بالمقارنة بهؤلاء من ذوي الجنسية المثلية أو النساء.

نظرية التحليل النفسي:

كانت آراء سيغموند فرويد حول المثلية الجنسية معقدة، وفي محاولاته لفهم أسباب وتطور المثلية الجنسية، فسر فرويد في البداية ازدواجية الميول الجنسية على أنها "منحة شهوة أصلية"، وقد عنى فرويد بذلك أن جميع البشر يولدون كازدواجي ميول. كما اعتقد أن للشهوة الجنسية جزءان الأول مثلي والآخر مغاير، وخلال مسيرة نمو الإنسان ينتصر أحد الجزءان على الآخر. كما اعتقد بتفسير بيولوجي أساسي لازدواجية الميول الجنسية الطبيعية والتي تقوم على أن جميع البشر لهم القدرة الحيوية على أن يُثاروا جنسياً من قبل كلا الجنسين. لهذا السبب فقد وصف فرويد المثلية الجنسية على أنها واحدة من عدة خيارات جنسية متاحة للأشخاص. اقترح فرويد أن ازدواجية الميول المتأصلة في البشر "تقود الأفراد في نهاية الأمر لاختيار التعبير الأكثر إرضاءً من الناحية الجنسية، ولكن وبسبب المحرمات الثقافية فإن المثلية يتم كبتها في كثير من الناس. وفقاً لفرويد إذا لم يكن هناك وجود للمحرمات سيختار الناس الخيار الأكثر إرضاءً بالنسبة لهم بغض النظر عن ماهية هذا الخيار -ويمكن لهذا الخيار أن يبقى متغيراً عبر حياة الفرد- ففي بعض الأحيان سيكون الشخص مثلياً وفي أحيان أخرى سيكون مغايرا.

يفسر فرويد الجنسية المثلية بالرجوع إلى خوف الذكر من فقدان عضوه التناسليcastration، أما في اإلناث فيرجعها إلى وجود شعور وهمي أن األنثى كانت تمتلك يوما ما عضو تذكير ثم فقدته. فالطفل يلجأ إلى حل الموقف األوديبي حال خاطئا عن طريق التوحد مع شخصية الأم ويرى أباه كشخص له جاذبية جنسية، وذلك بدال من حل الموقف الأوديبي عن طريق التوحد مع شخصية الأب، والرغبة في أن يصبح رجال كاملا.  وهنا يلوم فرويد الأمهات على التوجهات الجنسية المثلية الموجودة لدى أبنائهن، وهو يعتقد أن الأم عندما تكون مرتبطة إلى حد كبير بالأبناء، أو تكون قوية ومتسلطة بدرجة كبيرة، وهذا الدور يجب أن يكون لألب، ويصبح الطفل بذلك أقرب إلى الجنسية المثلية وبالإضافة لذلك ينسب فرويد حدوث الجنسية المثلية للأبناء إذا كان الآباء بعيدين عاطفيا عن الأطفال.

إقرأ أيضاً: أنواع المثلية الجنسية وتصنيفاتها

ومن هنا: المثلية الجنسية والفعل التربوي المتخصص


[1] أمين مزيوق "سوسيولوجيا المثلية الجنسية"الطبعة 2017

[2] أمين مزيوق "سوسيولوجيا المثلية الجنسية"الطبعة 2017

[3] " الانتخاب الطبيعي: الانتخاب الطبيعي عند بعض علماء الطبيعة والأحياء هو عملية تحدث في الكون وبواسطتها تبقى الكائنات الأكثر تكيفا مع بيئاتها على قيد الحياة. وقد أطلق على هذه العملية البقاء للأصلح.

[4] [4] أمين مزيوق "سوسيولوجيا المثلية الجنسية"الطبعة 2017

[5] موقع الكتروني, أنا أصدق العلم, مقال بعنوان "الأسباب العلمية وراء المثلية الجنسية" نشر بتاريخ10 أكتوبر 2015

[6] [6] أمين مزيوق "سوسيولوجيا المثلية الجنسية"الطبعة 2017

[7] مثقف: هو الشخص الذي أصابته أعمال سحرية ففقد القدرة الجنسية  بشكلها الطبيعي

إرسال تعليق

شاركنا رأيك في الموضوع

أحدث أقدم