إن الأفعال الإجرامية والانحراف ظاهرة معقدة ومركبة تتداخل فيها مجموعة من الأسباب والعوامل، ولذلك فإن التدخلات الوقائية أو الزجرية لابد وأن تكون ذات طابع شمولي تترابط فيه وتتكامل جهود مختلف المؤسسات والمصالح الحكومية والمدنية.
وبناءً على ذلك يمكن
الاستعانة بالخدمة الاجتماعية لمواكبة جهود الدولة والمجتمع في مواجهة الظاهرة،
على اعتبار أن الخدمة الاجتماعية أحد مجالات العمل المهني المنظم للأخصائي
الاجتماعي الذي يهدف إلى تحسين الحياة الاجتماعية والنفسية للأفراد الذين هم في
حاجة إلى تدخلاته وخدماته الإنسانية. كما وأن تدعيم قدرات الأفراد وتوجيههم بخطط
علمية عملية لتغلب على المشكلات والصعوبات التي تواجههم في حياتهم اليومية من بين
الوظائف الأساسية التي يقوم بها الأخصائي الاجتماعي.
وقد حدد الباحثون
إسهام ودور الخدمة الاجتماعية في مواجهة الأفعال الإجرامية في ثلاث مستويات:
المستوى الأول الوقائي:
1. أنها تلك
الجهود التي تستهدف منع الظروف المسببة للمشكلات الاجتماعية من الظهور.
2.الجهود التي
تستهدف الحد من خطورة المشكلة بالاكتشاف المبكر لها وعزل تأثيراتها عن الآخرين إلى حد أدنى ممكن.
3. الجهود
التأهيلية التي تستهدف مساعدة الأفراد الذين وقعوا في المشكلة لعلاج تأثيراتهم
وتنمية قدرتهم بما يحول دون عودتهم إلى العمل الانحرافي مرة أخرى.[1]
المستوى العلاجي للخدمة الاجتماعية:
تقوم الخدمة
الاجتماعية بدورها المهني بعلاج الفاعل المنحرف، أو التخفيف من شدة الانحراف على
الأقل ويتحدد هذا الدور بشكل أساس في:
- الدراسة
الواسعة للتعرف على العوامل الأساسية والثانوية التي أدت إلى انحراف الفاعل.
- تشخيص
المظهر والسلوك الانحرافي وتحديد عوامله ودوافعه ومسبباته.
- وضع خطة
التدخل المهني المناسبة التي تتضمن برنامجاً محدداً لعلاج السلوك الانحرافي.[2]
الدور التتبعي للخدمة الاجتماعية:
وتقوم الخدمة
الاجتماعية بهذا الدور بعد دورها العلاجي لتتبع الفرد المنحرف، ضماناً لعدم تكرار
السلوك والفعل المنحرف لدى الفاعل، وبذلك تكشف عن مدى تأثير الأدوار المهنية أثناء
مواجهة انحراف الفرد. ويتضح هذا الدور بصورة جلية في الرعاية اللاحقة للأحداث،
وكذا برامج الرعاية الموجهة للموجهة للمفرج عنهم وأسرهم بعد الإفراج عنهم.[3]
خلاصة البحث:
بناء على الأفكار والآراء المستخلصة من هذه
الدراسة، يتضح جلياً بأن الجريمة كفعل شاد
قد يمارسه فرد أو جماعة على الغير تتعدد أسبابه وغاياته، وتتجدد مع
الدينامية الدائمة للمجتمع، ولكن يبقى دور الأسرة في الوقاية من هذه الأفعال
ثابتاً وأساسياً لا يمكن الاستغناء عنه.
وأنه مهما اتسع نطاق
البحث في الجريمة والجنوح لابد من العودة إلى الخلية الأسرية لتفحصها ومعرفة مدى
تأثيرها على سلوك الفاعل وما طبيعة التأثير الذي مارسته عليه.
كما وأن الكثير من
الدراسات تؤكد على أن الارتفاع المهول للجرائم نتاج للاختلالات والتناقضات التي
يعيشها البناء الاجتماعي، إلى جانب عدم الاستقرار الذي بات يميز المجتمع. وعلى هذا
الأساس فإن هذه الدراسة حاولت تتبع وتحديد الأسباب التي تقف وراء المجتمع، ووقفت
بالإساس عند الأسرة وعلاقتها بالجريمة.
إننا قد نجد في عدد
من الدراسات والأبحاث التي اهتمت بموضوع الجريمة كظاهرة عالمية موجودة أينما وجد
الإنسان وفي أي مجتمع، عدد كبيراً من الأسباب التي يرد إليها الفعل الإجرامي، هذه الأسباب
التي تكون أحياناً مرتبطة بالشخص وذاته، وفي أحيان أخرى ترد لعوامل خارجية لها ارتباط
بمحيط الشخص وبيئته. ولكن في المقابل تبقى قدرة الأسرة على تجنيب الفرد والمجتمع
ويلات الفعل الإجرامي قوية، ما دامت حريصة على تربية الناشئة على ما يصلح المجتمع
ويتوافق مع أهداف كل واحد منهما. ليخدم الفرد المجتمع، ويحضن المجتمع الفرد في
تعاون وانسجام تامين.
ولكي تضطلع الأسرة
بكامل هذه الأدوار الأساسية لابد من مساندتها وتدعيمها في ظل الصعوبات الكثيرة
التي تواجهها، سواء تعلق الأمر بصعوباتها الداخلية، أو بالصعوبات التي تواجهها
جراء موجات التغير المجتمعي والضغط الذي تمارسه الثقافات الغربية الدخيلة. هذا مع
وجوب تحقيق التعاون والتكامل بين جميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية من مدرسة ومسجد
وشارع لتجديد الخطاب التربوي وتوحيده.
[1] ماهر أبو المعاطي
وآخرون ، الممارسة العامة للخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الشباب، القاهرة ؛ مركز
نور الإيمان للطباعة، (2000م)، ص:
207 208.
[2] د. محمد عبد الصمد،
ظواهر الانحراف الاجتماعي في المجتمع الإسلامي ومعالجتها، دراسات الجامعة الإسلامية
العالمية شيتاغونغ، المجلد الربع، 2007م ص.161.
[3] المرجع السابق.