-->

المرصد الوطني لحقوق الطفل


ان السياسة العامة هي تلك السياسة التي تقوم الأجهزة الحكومية ببلورتها وتطويرها من خلال المسؤوليات المنوطة بها، علما أن بعض القوى غير الحكومية أو غير الرسمية قد تساهم أو تؤثر في رسم وتطوير بعض من هذه السياسات العامة، وتبعاً لكون الدولة كرست مشروع المقاربة التشاركية في صنع السياسات العمومية وتقيمها، تم التنصيص في الفصل 13 من الدستور أن السلطات العمومية تعمل على إحداث هيئات للتشاور قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها ثم تنفيذها وتقييمها فيما بعد.

ولعل من بين أبرز الفاعلين والهيئات غير الرسمية العاملة في مجال الطفولة والأسرة التي تعنى بتنزيل وتتبع السياسات العمومية نجد المرصد الوطني لحقوق الطفل، فما مكانة هذه الهيئة في دعم وتفعيل السياسة العمومية الموجهة للطفولة؟

لمحاولة الإجابة على هذا السؤال، فإننا عمدنا إلى اعتماد خطة بحث علمية بمقاربة تحليلية ، من خلال المحاور الأتية:

المطلب الأول: مدخل لحماية الطفولة في السياسات العمومية

الفقرة 1: المفاهيم الاجرائية:

الفقرة 2: الهيئات العاملة في مجال الطفولة والاسرة في تفعيل السياسات العمومية

المطلب الثاني:  دور المرصد الوطني لحقوق الطفل في تفعيل السياسات العمومية

الفقرة 1: حول المرصد الوطني لحقوق الطفل

الفقرة 2: دور المرصد الوطني لحقوق الطفل

خاتمة

المطلب الأول: مدخل لحماية الطفولة في السياسات العمومية

إن حماية الطفولة جزء من الحماية الاجتماعية، وهذه الأخيرة جزء من السياسة العمومية في المجال الاجتماعي للدولة، باعتبار هذه الأخيرة آلية لبناء مجتمع تسود فيه العدالة والاستقرار. كذلك آلية تدمج مبادئ المساواة الاجتماعية وحقوق الانسان لتحسين الرخاء العام لجميع المواطنين بمختلف فئاتهم. وتقوم هذه الحماية الاجتماعية على مجموعه من المبادئ التي تدعو الى بناء مجتمع ديمقراطي يتمتع بالعدل والمساواة والتضامن والانصاف.[1]

الفقرة الأولى: المفاهيم الاجرائية:

1.   الطفل: حسب القانون الدولي وما نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه.

2.   حقوق الطفل: هي الحقوق التي تنطبق على كل إنسان لم يتجاوز 18 من عمره، وذلك من خلال توفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال بكيفية متساوية بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية.

3.   السياسات العمومية: يعرف المعهد العالي للدراسات العمومية في فرنسا السياسة العمومية على أنها هي مجموع القرارات والأعمال والتدخلات المتخذة من قبل الفاعلين المؤسساتيين والاجتماعيين لأجل إيجاد الحلول المشكل جماعي ما . ويمكن تلخيص السياسة العمومية لبرنامج عمل حكومي في قطاع ما أو مجال جغرافي له أهداف معينة وملموسة.

الفقرة الثانية: الهيئات العاملة في مجال الطفولة والاسرة في تفعيل السياسات العمومية

سارع المغرب إلى وضع خطة العمل الوطنية في مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان، حيث ركز على حماية الحقوق الفئوية والنهوض بها، خاصة الفئات الاجتماعية في وضعية هشاشة، والتي تعاني من التهميش والإقصاء مثل النساء المعنفات والأطفال والأشخاص في وضعية إعاقة والأشخاص المسنين أو المهاجرين، أولوية استراتيجية في الخطة[2]. وقد اعتمدت محاور التدخل والتدابير والأنشطة المتضمنة في هذا الخطة، على عدة اجراءات  ذات طبيعة تشريعية أو مؤسساتية أو ارتبطت ببرامج تهدف تحسين ظروف عيش هذه الفئات.

ومن هذا المنطلق فقد عبئت جهود كل الهيئات الحكومية وغير الحكومية على تنزيل مقتضيات هذه الخطة، ومن بينها المرصد الوطني لحقوق الطفل قصد؛ تكريس الحقوق الفئوية في القوانين والمؤسسات، والنهوض بدور المؤسسات من أجل ضمان الحقوق الفئوية, إلى جانب. ثم العمل بتدابير التمييز الإيجابي للنهوض بالحقوق الفئوية. مع العمل على إعمال ثقافة المساواة ونبذ التمييز، والتعصب والكراهية[3].

الفاعلون المعنيون: اللجنة الوزارية المعنية بشؤون الطفولة ؛ القطاعات الحكومية المختلفة (المكلفة بالتنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن ؛ والصحة ؛ والتربية ؛ والداخلية ؛ والعدل، والتشغيل والتكوين المهني؛ القضاء؛ الجماعات المحلية ؛ الدرك الملكي) ؛ المرصد الوطني لحقوق الطفل.

المطلب الثاني:  مكانة المرصد الوطني لحقوق الطفل في السياسات العمومية

بعد أن تعرفنا في المطلب الأول خاصة الفقرة الثانية منه عن دور الهيئات غير الحكومية في تنزيل برامج ومشاريع السياسات العمومية، في النموذج الذي عرضناه سلفاً. يمكننا الآن البحث عن مكانة المرصد الوطني لحقوق الطفل ضمن سلسلة هذه المساهمات، وما موقعه في السياسات العمومية.

الفقرة الأولى: حول المرصد الوطني لحقوق الطفل

المرصد الوطني لحقوق الطفل  هو عبارة عن مؤسسة وطنية مستقلة يتمتع بصفة المنفعة العامة، يوجد مقره بالرباط، تم إحداثه سنة 1994، يحظى برئاسة الأميرة الجليلة لالة مريم، يعمل على الدفاع عن حقوق الطفل في سائر المجالات الصحية والتربوية والتشريعية والثقافية، وبمتابعة تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وذلك بتعاون مع مختلف فعاليات المجتمع المدني المغربي وبدعم من الوكالات المتخصصة لهيئة الأمم في مجال حقوق الطفل (الطفل الجانح). ومن المهام الأساسية المنوطة به السهر على تتبع تنفيذ وتطبيق بنود اتفاقية هيئة الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الأطفال الجانحين

الفقرة الثانية: دور المرصد الوطني لحقوق الطفل في تفعيل السياسات العمومية

المرصد الوطني لحقوق الطفل يلعب دور هيئة استشارية، مهمتها إبداء الآراء حول كل السياسات العمومية، والقضايا الوطنية التي تهم حقوق الطفل، وكذا حول أهداف المرافق العمومية المكلفة بقضايا الطفولة وسيرها. كما يساهم في تقييم السياسات والبرامج العمومية في هذا المجال. وقد عمل منذ تأسيسه على المساهمة في محاربة الظواهر التي تمس الأطفال والمجتمع ككل، وكذا وضع مخططات ميدانية قائمة الذات تهدف إلى تحقيق الجيل الثالث من حقوق الأطفال. إلى جانب حماية أطفال المملكة من كابوس العنف والاستغلال الجنسي بكل تجلياته. وتأسيساً على هذه الأهداف والرؤى تم إنجاز بعض الأوراش الموجهة للطفولة، مثل: "الرباط مدينة حامية لأطفالها، ثم وضع خطة عمل لحماية الأطفال من التحرش".

وتماشياً مع مبدأ تفعيل السياسة العمومية الموجهة للطفولة، عمل المرصد على تنظيم البرنامج الوطني للإشعار والتبليغ حول حالات العنف والاستغلال، وذلك من خلال خلق شبكة المحامي الذي تحضر في جميع المحاكم للدفاع على قضايا الطفولة باسم المرصد، ثم خلق شبكة الأطباء التي تواكب الفحص الطبي والنفسي لهؤلاء الأطفال. علاوة على خلق مركز للاستماع والإشعار والدفاع عن الأطفال ضحايا العنف، كآلية تكسر حاجز الصمت حول الاعتداءات على الطفولة. ولعل الاهتمام الذي يحظى به هذا المرصد من طرف جلالة الملك الذي يتجلى في دعمه الدائم له[4]، لدليل على عظيم الأدوار التي يقوم بها في مسعى حماية الطفولة.

خاتمة

يقتضي تنزيل السياسة العمومية عامة والخاصة بالطفولة والأسرة على وجه الخصوص على المستويات الترابية تنسيق التدخلات من طرف السلطات اللامركزية (الولاة، العمال، المجالس الجهوية، والإقليمية والجماعية،) حسب الميثاق الجماعي والدستور (الفصل  (137ويجب في هذا الإطار وضع آليات للتشاور مع المصالح اللامركزية للدولة، ولجن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبرامج التنمية المحلية، والجمعيات وكل الهيئات المعنية قصد ضمان إحداث الأجهزة الترابية المندمجة لحماية الطفولة.


[1] الحماية الاجتماعية بين النص والواقع في المغرب، موقع الكتروني، www.mohamah.net 20.03.2022. 19:00.

[2] خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، 2016 – 2011، ص 62.

[3] المرجع السابق، ص 63.

[4] من الرسالة السامية التي وجهها الملك محمد السادس حفظه الله إلى المشاركين في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان المنعقدة بمراكش دجنبر 2014.

إرسال تعليق

شاركنا رأيك في الموضوع

أحدث أقدم