-->

تطور مصطلح الإعاقة في الإسلام والقانون

عرفت فئة ذوي الإعاقة عدة من المسميات قبل أن تصل إلى هذا الأخير، فقد كان وحتى منتصف القرن العشرين يطلق عليها لفظ المقعدون، ثم أطلق عليهم تسمية ذوو العاهات، على اعتبار أن كلمة الإقعاد تطلق على مبتوري الأطراف أو المصابين بالشلل أو الكساح، أما ذوو العاهة فهي أكثر شمولا للإصابات المستديمة.

بعد ذلك ظهر مصطلح العاجزين، على أساس أن العجز يكون جزئي وليس كليا، بمعنى أن الشخص المعاق فقد قدرة أو عضوا أو خاصية أو وظيفة ولم يفقد باقي القدرات أو الأعضاء أو الحواس أو الوظائف، ثم جاء اصطلاح المعوقين الذي سرعان ما تغير إلى المعاقين، لأن هذا الأخير يعني ضمنيا أنهم ليسوا المسؤولين عن إعاقاتهم، وأن المشكلة ليست في الشخص المعاق بقدر ما هي في المجتمع الذي عجز عن استيعابهم والاستفادة منهم رغم ما لديهم من قدرات ومواهب ومميزات.

وحاليا ظهر مصطلح الفئات الخاصة أو ذوي الاحتياجات الخاصة حيث أضاف الإعاقة الاجتماعية لفئات مثل المجرمين الكبار والمسجونين، المشردين والجانحين والمدمنين...، مع الإعاقات الأخرى كما أشار إلى المسنين وأصحاب القدرات الخاصة مثل المتفوقين دراسيا والمبدعين والمبتكرين.

بعدها درج استعمال مصطلح ذوي الإعاقة في مختلف المراجع سواء على الصعيد الدولي أو المحلي، لما فيه من تأكيد على أن هذه الفئة تواجه حواجز تحول دون المشاركة الكاملة والفعالة في المجتمع.

ويعتبر مصطلح الحالات أو الفئات الخاصة أوسع من المصطلحات السابقة حيث لا يقتصر على الذين ينخفض أداؤهم عن أداء الآخرين وإنما يشمل الذين يكون أداؤهم أحسن من أداء الآخرين، ويتفوقون عليهم، ويعني ذلك أن ذوي الاحتياجات الخاصة هم الأفراد الذين يمكن تقسيمهم إلى فئتين رئيسيتين: الأولى ذوو الاحتياجات الخاصة الإيجابية وتشمل الموهوبين والمتفوقين عقليا، والثانية ذوو الاحتياجات الخاصة السلبية وتشمل مختلف أنواع الإعاقات المعروفة بما فيها الإعاقة الاجتماعية.

الإعاقة في الإسلام: كانت مسمياتهم عند المسلمين عبارات أرحب وأوسع وأكثر تفتحًا من السابقة، وهي تسميتهم أهل البلاء، وذكرهم القرآن بتسمية أدق وعبارة شاملة لمعاناتهم ولحقوقهم وواجباتهم ومحافظة على كرامتهم وإنسانيتهم أولوا الضرر وأهل الزمانة، الضعفاء، كما سماهم بـ "المعذرون" بكسر الذال وفتح العين"، فيقوله عز وجل: "وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله، سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم".

كما اعتبر الإسلام أن العمى الحقيقي ليس فقد البصر وإنما هو فقد البصيرة، فالذي يعمل فكره متدبرا في آيات الله، متبعا لأوامره مجتنبا لنواهيه هو شخص سليم معافى، ولو كان في جسده أكثر من  إعاقة حسية أو حركية أو عقلية كما جاء في قوله تعالى: "أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلونبها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور"[1].

تعريف الإعاقة قانونا:

على الصعيد الدولي:عرفت منظمة الصحة العالمية الإعاقة على أنها: "حالة من القصور أو الخلل في القدرات الجسدية أو الذهنية ترجع إلى عوامل وراثية أو بيئية تعوق الفرد عن تعلم بعض الأنشطة التي يقوم بها الفرد السليم المشابه في السن".

أما ميثاق الثمانينات 1980-1990 لرعاية المعاقين الصادر عن المؤتمر العالمي الرابع عشر للتأهيل الدولي في كندا عرف الإعاقة بأنها حالة تحد من مقدرة الفرد على القيام بوظيفة واحدة أو أكثر من الوظائف التي تعتبر العناصر الأساسية لحياتنا اليومية ومن بينها العناية بالذات أو ممارسة العلاقات الاجتماعية أو النشاطات الاقتصادية وذلك ضمن حدود تعتبر طبيعية.

في حين عرفت منظمة العمل الدولية المعاق بأنه:" فرد نقصت إمكاناته للحصول على عمل مناسب والاستقرار فيه نقصا فعليا نتيجة لعاهة جسمية أو عقلية". يقصد بكلمة "المعوق" وفق الإعلان الخاص بحقوق المعوقين لعام 1975: "أي شخص عاجز على أن يؤمن بنفسه بصورة كلية أو جزئية، ضرورات حياته الفردية والاجتماعية العادية بسبب قصور خلقي أوغير خلقي في قدراته الجسمانية أو العقلية.

نصت ديباجة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2006 التي دخلت حيز التنفيذ سنة 2008، على أن الإعاقة تشكل مفهوما لا يزال قيد التطور...، ولا يمكن أن يكون مفهوم الإعاقة مفهوما جامدا، بل أنه يتوقف على البيئة السائدة التي تختلف من مجتمع إلى آخر...، فهي تؤيد بوضوح فهم الإعاقة باعتبارها مفهوما منشأه المجتمع لأنها تصرح بأن الإعاقة تحدث بسبب التفاعل بين الأشخاص المصابين بعاهة والحواجز في المواقف والبيئات المحيطة التي تحول دون مشاركتهم مشاركة كاملة وفعالة في مجتمعهم على قدم المساواة مع الآخرين.

أما الفقرة 02 من المادة الأولى من الاتفاقية فقامت بإعطاء تعريف لمصطلح الأشخاص ذوي الإعاقة حيث نصت: "كل من يعانون من عاهات طويلة الأجل بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسية، قد تمنعهم لدى التعامل مع مختلف الحواجز من المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين". حاول المشرع الدولي أن يراعي مشاعر الأشخاص ذوي الإعاقة قدر مستطاعه بقوله (يشمل مصطلح الأشخاص ذوي الإعاقة كل من يعانون) ولم يقل (الأشخاص ذوي الإعاقة هم..) كما يؤكد اعتماد تسمية الشخص ذي الإعاقة مدى احترام المشرع الدولي له فهو قد ترفع عن وصمه بالمعوق أو المعاق، وإنما وصفه بالشخص ذي الإعاقة، فهو في نظره شخص كامل الإنسانية والحقوق وإنما الإعاقة الحقيقية له هي من وضع المحيط الخارجي له في حياته.[2]

بقلم: حسناء المسلوت

 [1]عبد الباسط عباس محمد، دور منظمات المجتمع المدني في مساندة ورعاية المعاقين ذهنيا، المؤتمر العربي الثاني، الإعاقة الذهنية بين التجنب والرعاية، ص111.

[2]شرايطة لاميية, بن قيراط أمال, الحماية القانونية للأطفال ذوي الإعاقة في التشريع الجزائري 2020,  من ص 32 الى 38.



إرسال تعليق

شاركنا رأيك في الموضوع

أحدث أقدم