-->

تعريف الاستغلال الجنسي للأطفال


إن الاستغلال الجنسي للأطفال يعتبر من المواضيع التي لازالت هويته لم تتحدد بعد لدى الباحثين. لكن ليس باعتباره موضوعا لم يتحدد موقعه بين المواضيع، ولكن باعتباره ظاهرة لم تتحدد طبيعتها ما إذا كانت اجتماعية أم اقتصادية، أم ذات طبيعة خاصة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يرجع الغموض الذي يكتنف تعريف الاستغلال الجنسي للأطفال إلى تعدد مسمياته، فهناك من يستعمل الاعتداءات الجنسية على الأطفال، وهناك من يستعمل العنف الجنسي على الأطفال، وأخيرا هناك من يورد الإساءة الجنسية للأطفال. ولذلك فمن أجل الإحاطة بكيان هذا الموضوع يستلزم البحث في مختلف التعريفات الصادرة بشأنه.
وانطلاقا من هذه الاعتبارات، فإن الاستغلال الجنسي للأطفال في إطار التعارض الأول يعرفه البعض  [1] بأنه: "كل شكل من الأشكال التي يستخدم فيها الأطفال من قبل الكبار، بهدف إشباع رغبات جنسية لدى الكبار". في حين عرف البعض الآخر، [2] سوء معاملة الطفل جنسيا بأنها: "إقناع أو إجبار الطفل على الدخول في سلوكات جنسية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لوحده او مع شخص آخر، من جنسه، او من جنس آخر"، كما عرفت بعض القوانين [3]  الإساءة الجنسية للطفل بأنها: "آي فعل من جانب الوالدين، أو من مقدم الرعاية يترتب عنه إيذاء جسمي او عاطفي، او استغلال جنسي للطفل نتيجة انغماس هذا الأخير في سلوكات جنسية مع راشد". [4] ولمناقشة هذه التعاريف وما تضمنته من قيمة علمية، لابد من إبداء الملاحظات الآتية:
الملاحظة الأولى: أن هذه التعاريف لم تكن موفقة في تحديد مفهوم الاستغلال الجنسي للأطفال، لكونها جاءت غامضة، ويكتنفها التكرار، بحيث استعمل مصطلح "الكبار" في التعريف الأول مرتين.
الملاحظة الثانية: أن كل هذه التعاريف لم تلتزم بتعريف مصطلح "الاستغلال الجنسي للأطفال"، بل ذكرت فقط تعريفا للصور المتعددة لهذا الاستغلال البشع، مثل الإساءة الجنسية، وسوء معاملة الطفل جنسيا، الاعتداء الجنسي، [5]وأعطت تعريفا لكل صورة على حدة.
الملاحظة الثالثة: إن هذه الآراء جاءت قاصرة في تعريفها، لأن الاستغلال الجنسي للأطفال ذو مفهوم واسع، بل إن من التعاريف من قصر هذا الاستغلال على الوالدين أو مقدم الرعاية، مثل تعريف القانون الأمريكي، وبذلك يكون هذا التعريف قد أغفل الاستغلال الذي يكون من جانب الأشخاص الأجانب، سواء  كانوا طبيعيين أو معنويين، إلى جانب ذلك أغفلت هذه التعاريف كذلك نطاق أو أشكال، أو مظاهر الاستغلال الجنسي للأطفال، إذ هناك الاستغلال التجاري، وغير التجاري، كما سبق الذكر.
إن تحديد مفهوم الاستغلال الجنسي للأطفال، ينبغي ان يتناول صور هذا تصرف بعد في نظر القانون مجرما، يهدف من خلاله شخص او مجموعة أشخاص، إلى إشباع الاستغلال، وأشكاله، والأشخاص الذين يرتكبونه. وعليه يمكن تعريفه بأنه: "كل عمل أو الرغبة الجنسية، إما بالممارسة الحقيقية أو بالمحاكاة، أو من أجل الاتجار بهم لأغراض جنسية، كتوظيفهم في الدعارة، والبغاء، والمواد الإباحية، كيفما كان هذا الشخص، سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، وسواء كان الشخص الطبيعي اجنبيا، أو مقربا من الطفل المستغل.[6]
[1]  تعريف منظمة الصحة العالمية.
[2] تعريف مؤتمر خبراء الأمم المتحدة.
[3] القانون الأمريكي الخاص بحماية الأطفال الصادر سنة 1996. اما المشرع المغربي فلم يعط أي تعريف لاستغلال الأطفال جنسيا، و انما قام فقط بتعداد الأفعال الاجرامية التي يمكن ان يقع الأطفال ضحايا لها، وهي حسب القانون
[4] كما مباركي: " الحماية القانونية للطفل ضحية الاستغلال الجنسي". رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون لخاص، جامعة سيدي محمد بن عبدالله فاس، السنة الجامعية 2005-2006، ص6
[5] انظر المادة 34 من الإتفاقيةالأممية لحقوق الطفل، والتي تعتبر الوثيقة الأولى التي استعملت عبارة "الاستغلال الجنسي".
[6] حسب تقرير اليونيسف حول وضعية الأطفال في العالم لسنة 2003-2004، يتمحور الاستغلال الجنسي للأطفال حول ثلاث مرتكزات لا انفصام بينها وهي:
1-الاعتداء الجنسي: وهو كل فعل يستخدم فيه الطفل لأغراض جنسية، وعادة ما يرتكب الاعتداء من طرف شخص يحظى بثقة الطفل، بمن في ذلك أحد الأصول، أو أي شخص اخر في موقع سلطة أو نفوذ على الطفل.
2-العنف الجنسي: ويشمل كل العلاقات الجنسية المفروضة على الطفل بالقوة او الاكراه او التهديد او المباغتة والخداع.
3- الاستغلال الجنسي التجاري: وينطوي على أداء مبالغ نقدية أو عينية كمقابل عن ممارسة الجنس، ويمكن تصنيف هذا الاستغلال الى الاشكال التالية: البغاء، السياحة الجنسية، الاتجار بالأطفال وانتاج المواد الإباحية. أنظر كمال مباركي: مرحع سابق ص 7.
بقلم: فاطمة الزهراء حيلات


إرسال تعليق

شاركنا رأيك في الموضوع

أحدث أقدم