1- التنمر في الإعلام:
يلعب الإعلام بكافة وسائله دورا مهما في التأثير العميق والواسع على المتلقين، خاصة المراهقين والذين يشكلون نسبة مهمة من استخدام هذه الوسائل، بنسبة تبلغ 72% مقارنة بالفئات العمرية الأخرى في بحث ل pew research center.[1]
إن
الاعتقاد بانحصار وظائف الإعلام في نقل الأخبار والترفيه فقط هو أمر مغلوط تماما،
بل تتعدد وظائفه وتذهب إلى ما هو أبعد وأخطر من ذلك، خاصة عندما يصبح الإعلام منصة
أو طريق بالأحرى لنقل الأفكار وتبادلها بكل سهولة ودون قيود، فقد أصبح للإعلام دور
كبير في توجيه الرأي العام وتشكيل وعي الناس وسلوكهم من خلال الأفلام والمسلسلات
المعروضة بدون رقابة، ووسائل التواصل الاجتماعي، هذه الأخيرة أصبحت المنصة
الإخبارية الأكثر شعبية واستخداما بين الأشخاص، حيث أن أكثر من نصف سكان العالم
يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي ( 4.62 مليار شخص بنسبة 58.4%).[2]
أما
بالنسبة للمغرب فلا يخلو أي موقع للتواصل الاجتماعي من التنمر، لدرجة أن هناك
حسابات مشهورة تصل إلى أكثر من نصف مليون متابع خاصة بالتنمر فقط:
منصة الفيسبوك:
- Moroccan mix- memes & videos 550الف متابع[3]
- Tssawer Momatilin 600 ألف متابع[4]
- جروب بلا هدف 326 ألف متابع[5]
من خلال العدد
الهائل لمتابعي هذه الصفحات المتخصصة فقط في التنمر الالكتروني، نخلص الى ارتفاع
هذا النوع من التنمر في المغرب، والذي يبقى بدون مراقبة، بل الأسوأ أنه أصبح عاديا،
حيث يتم استعماله كنوع من الترفيه، فقد كشفت دراسات أجراها فريق "ابتسامة
رضا" أن أكثر من 62% من الشباب المغاربة تعرضوا للتنمر والمضايقة عبر الإنترنت[6]، والأخطر من هذا أن التنمر بكل أنواعه حتى الإلكتروني لا يعتبر
جريمة في القانون المغربي، لذا يكون المتنمر ذو سلطة وحرية، يتوفر على فضاء شاسع
يمكنه التنمر فيه على أي كان وبأي طريقة كانت، دون أن التعرض لمشكلة أو لعقاب.
لكن في
السنة الفارطة قامت وزارة التربية والتعليم الأولي والرياضة بإطلاق مشروع تجريبي
يهدف إلى تكوين 22 أستاذا للتعامل مع وضعيات التنمر في الوسط المدرسي، وفق
"طريقة الاهتمام المشترك"، ويندرج هذا المشروع التجريبي الأول من نوعه
في إطار الحملة الوطنية للاستعمال الآمن للإنترنت ويهم في مرحلته الأولى ثلاث
مؤسسات تعليمية فقط في العاصمة الرباط دون المدن الأخرى[7].
يبقى هذا
البرنامج ضعيفا، نظرا لتكوين أساتذة في أربع حصص تكوينية فقط، بينما تخصص الدول
الأخرى سواء الغربية أو العربية مساعدين اجتماعيين متخصصين/
School concelor حاصلين على ماجيستير في المساعدة الاجتماعية
أو الخدمات الاجتماعية، أو خدمات الطفولة مع تكوين مستمر لسنتين للتعامل مع حالات
التنمر التي تؤدي أحيانا لمتعرضيه للانتحار أو الأزمات النفسية الحادة.
للأسف
توجد تخصصات في المغرب في الجامعات العمومية أو المعاهد العليا تدرس العلوم
الاجتماعية والإنسانية والخدمات الاجتماعية وحماية الطفولة ومساندة الأسرة، التي
يتلقى فيها الطلاب تكوينات خاصة للتعامل مع الأطفال والبالغين الذين يتعرضون للعنف
النفسي والرمزي، التهديد، التنمر، وحتى للأزمات النفسية.. غير أن وزارة التعليم
المغربية تقصي خريجي هذه الشعب من المناصب لتخصصها لأساتذة تلقوا تكوينا في أحد
المواد الأدبية أو العلمية.
2- التنمر في الثقافات السائدة:
عندما نتحدث عن التنمر، فإننا لا نتحدث عن تقبل الاخر للآخر، ولا نتحدث عن عالم مثالي يخلو من الظلم والاستبداد، بل انه حديث عن جل المعاملات المسيئة اتجاه الاخرين، وعندما نتحدث عن التنمر في الثقافات السائدة فإننا نتحدث عن منظور سكان كل بقعة
مختلفة في العالم حول هذه الظاهرة، فسكان مدينة الصويرة وأقاليمها مثلا لا يرون
التنمر من نفس وجهة نظر سكان الرباط، فسكان الأولى أو بالأحرى مراهقوها يعانون من
التنمر اللفظي أكثر من باقي أنواعه، عكس مدينة الرباط حيث ينتشر التنمر الجسدي.
يرجى هذا الاختلاف في اختلاف أنواع التنمر المنتشرة بين
المراهقين إلى الثقافات السائدة في هذه المدن، بحيث أن الصويرة مدينة صغيرة تتجلى
فيها الطبقية بكل أنواعها، وتكون أغلب مشاكل المراهقين متجلية في اخر أنواع اللباس
والهواتف، وباقي الكماليات...إلخ ، لتواجد الطبقة الفقيرة والهشة، باعتبار إقليم الصويرة
من أفقر الأقاليم بالمملكة المغربية، الأمر الذي يترك نزاع طبقي بين المراهقين،
يتنمر فيه الأغنياء منهملفظيا علىالفقراء، لكن الأخطر من ذلك هو كون الأمر عاديا،
وتقبل الوالدين للأمر كونهم لا يقدرون على مواجهة اباء الأطفال المتنمرين.
فبالتغلغل داخل الأسر من هذه المناطق، نجد أن التنمر
يحدث وسط العائلات، مع الاباء ضد الأبناء، حيث يعتبر الاباء التنمر على أطفالهم
وسيلة تربوية لتقوية شخصيتهم، يرون أنه مهما كانوا صعاب المعاملة كلما كان الطفل
قويا، فأن يتنمر الأب على رقة طفله الذكر هو أمر جائز، وأن تتنمر الأم على شكل
ابنتها هو أمر عادي، بل يظنون أن التنمر سيحسن من سلوكيات أطفالهم، تلعب في هذه
الأمور مجموعة من العوامل كالذكورية، التخلف الرجعي للآباء في تلك المناطق، قلة
التطور التكنولوجي .... إلخ.
بينما في مدينة الرباط، لا نجد أبا أو أما يتنمرون على
شكل أطفالهم أو سلوكياتهم، هذا الأمر راجع إلى كون أغلب الاباء في هذه المدينة
متمدرسون ومتعلمون، يهتمون ويربون أولادهم بطريقة عصرية، غير أن الانشغال المفرط
للوالدين بالعمل، يولد لدى الأطفال شعورا بالفراغ العاطفي يفرغونه بالضرب والأذى
الجسدي لغيرهم (التنمر الجسدي).
أما بالنسبة للدول الأجنبية فتعتبر اليابان أكثر الدول التي يتعرض مراهقوها للتنمر (ايجيمي/ Ijime)، خاصة التنمر اللفظي (التنابز بالألقاب والإغاظة)، خاصة وأن هذه الدولة تجبر الناس على أن يكونوا "اليين" أي اتباعهم نفس عادات وقواعد الأشخاص الاخرين، وكل من يتصرف بشكل اخر فيعتبر هدفا سهلا للمتنمرين، خاصة وضعها معايير عالية لتحديد مستوى انتقاء الشخص في الجامعات، ومعايير الجمال...إلخ، الأمر الذي يجعل اليابان تشهد أعلى حالات انتحار المراهقين في العالم[8].
بقلم: شادية الهلالي
[1] Pewresearch.org/internet/2021/04/07/social-media-use-in-2021/
Article – social media use in2021 – date : April7,2021
[2] Global social media statistics research summary 2022
[3] https://www.facebook.com/groups/moroccanmix4/?ref=share
[4] https://www.facebook.com/groups/564825177489084/?ref=share
[5] https://www.facebook.com/groups/475538550736264/?ref=share
[6] www.aljazira.net/amp/news /women/2021/12/30
مقال لسناء القويطي بتاريخ 30/12/2021 أخذ يوم 03/05/2022-03.02
[7]مقتطف من جريدة مغرب الأصوات "المغرب.. خطة حكومية للتصدي للتنمر في الوسط المدرسي 12يناير"
[8]https://www.nippon.com/ar/currents/d00054/