ظهر مفهوم "جنوح الأحداث" في بادئ الأمر للإشارة إلى سلوكات الأحداث المهمشين الذين ينتمون إلى الطبقة الشعبية، ثم جمعت تحت عبارة جنوح مختلف أنواع السلوكات المحكوم عليها من قبل الراشدين على أنها لا تلاءم الأحداث (كالعلاقات الجنسية، استعمال الكحول والمخدرات، عصيان الوالدين السلطة) إلى حد الجنح التي يعرفها القانون الإجرامي بتدقيق (كالاغتيال والقتل والاقتحام والسرقة باستعمال السلاح، سرقة السيارات السرقة باستعمال الكسر والتحطيم) مرورا بالسلوكات الممنوعة من طرف النظام والقانون الصادر عن مرسوم خاص بالإحداث (كسياقة السيارات، التواجد في الخمارات، واضطرابات سلوكية خطيرة اخرى).
فجنوح الأحداث، مجموع المخالفات التي يرتكبها الحدث في حق المجتمع الذي ينتمي إليه حيث يعتبر "lagache" انه يوجد قطيعة في بنية العلاقات بين الفرد والوسط الذي ينتمي إليه، فالجنوح عبارة عن نفاية الميولات العدوانية التي تتواجد بشكل عادي عند كل فرد ابتداء من الطفولة، تبنى Heuyer عام 1969 نفس التعريف ويضيف أن الجنوح يغطي مجموع تصرفات مختلفة ومتعددة، كما قسمه إلى مفهموم نظامي، تفهمي، سلوكي، غير أن MaillouxوLemay يعتبرون أن الجنوح ليس ظاهرة ذاتية ، ولكن ظاهرة سطحية لاضطراب متواجد في الشخصية يتوجب الكشف عنه، وهو المنحى الذي اتبعه المختصين النفسانيين والعقليين، ذلك أن المشكل الحقيقي متواجد في الشخصية الجانحة.
يعتبره المحللون النفسانيون مرورا إلى الفعل من نوع معادي للمجتمع، أو عدواني موجه نحو الآخر، فهذا التعريف مضبوط لكنه يستدعي عدة تدقيقات.
1. المرور إلى الفعل يرمي إلى علاقة مع الآخر، يستطيع عرض وجهة عدوانية وأخرى اكتئابية بالتعاقب والتماثل، علاقة الفاعل بالآخر تبقى محل شك في الغالب مهددة بهلاك الشريكين.
2. يعرف الجنوح بسلوك، بتفعيل( acting out) ،لابد من الاعتراف انه غالبا ما يكشف ي خلفيته عن طريقة كينونة وتفكير، والتي تكون أصل النشاط الجانح. هذه الطريقة والكينونة والتفكير تكون مسبقا مرضية في الذات، كما أنها أكثر براعة للفهم بما أنها لا تتحدد دائما في " مرور إلى الأفعال"
3. الجنوح كطريقة كينونة، تفكير وتصرف، دليل لفشل أساسي في سيرورة التنشئة الاجتماعية، فشل يجد أصوله في وسط اسري أو اجتماعي مرضي، فهو غالبا مايكون نتاج للعلاقات اجتماعية فاسدة أو مشوهة للفاعل، استطاع تطويرها مع والديه في زمن الطفولة وحتى المراهقة.
4. المرور إلى الفعل، كظاهرة متطرفة من خلال السلوك، يسمح للفاعل بعدم مواجهة الفراغ الداخلي، وبالتحديد تجنب أسلوب الحياة بدون افق، بدون فائدة، أي يتواجد النموذج الأصلي بانتظام في الوسط الأصلي من جهة ومن جهة أخرى أسلوب الحياة الاجتماعي المتمركز حول احترام الآخر والاستقلالية والمسؤولية "كمواطنين متوسطين مستقيمين.
من خلال هده المصطلحات يتضح لنا أن سلوك الجنوح ناتج عن شخصية تلقت تنشئة اجتماعية خاطئة جعلت من الفرد الجانح غير قادر على مواجهة القلق الداخلي والخارجي بشكل متوازن وبالتالي ترجم عن طريق سلك طريق منحرف ومستوى لطرد ذلك القلق الداخلي والخارجي.
بقلم: خديجة العبيدي