المنظمات غير الحكومية ( NGOs - Non Gouvernemental Organizations) تسمية أطلقت أول مرة عند تأسيس الأمم المتحدة عام 1945، ومفهومها لم يستقر على تعريف موحد، فتعددت وتنوعت بحسب الجهة أو الهيئة التي عرفته، حيث عرفتها الأمم المتحدة بأنها مجموعة طوعية لا تستهدف الربح ينظمها مواطنون على اساس وطني أو اقليمي أو دولي، ويتمحور عملها حول قضية معينة، ويقودها أشخاص ذوو اهتمامات مشتركة، وهي تؤدي طائفة من الخدمات والوظائف الإنسانية، حيث تطلع الحكومات على إنشغالات المواطنين، وترصد السياسات وتشجع على المشاركة السياسية على المستوى المجتمعي، كما إنها توفر التحليلات والخبرات، فضلاً عن مساعدتها من خـلال رصد وتنفيذ الاتفاقيات الدولية. [1]
في حين عرفها البنك الدولي بأنها منظمات خاصة
مستقلة جزئياً أو كلياً عن الحكومات، وتتسم بصورة رئيسة بأن لها أهداف إنسانية أو
تعاونية أو أكثر من كونها أهداف تجارية، وتسعى بصورة عامة الى تخفيف المعاناة،
وتعزيز مصالح الفقراء، وحماية البيئة، وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية،
والاضطلاع بتنمية المجتمعات.[2]
أما اتحاد الجمعيات الدولي فيعرفها بأنها جمعية
مشكلة من ممثلين ينتمون لدول مختلفة، وهي دولية بوظائفها وتشكيلتها وإدارتها
ومـوارد تمـويلها، ولـيـس لهـا هدف مالي، وتتمتع بنظام استشاري لدى منظمة حكومية[3]. وعرفها المنتدى المدني الأورو- متوسطي
من خلال ما تتميز به من خصائص فعرفها بأنها تلك الحركات التي تعمل بصورة مستقلة عن
السلطات الرسمية، وتنأى بنفسها عن مناصرة المصالح التجارية والأحزاب السياسية
مستندة على القيم العالمية لحقوق الانسان والقيم الديمقراطية واحترام القانون الدولي دون أن
تهدف إلى تحقيق الربح.[4]
كما ميز المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم
المتحدة في قراره المرقم 288 لعام 1950 بين المنظمات الدولية الحكومية والمنظمات
الدولية غير الحكومية معتبراً أن المنظمات غير الحكومية هي كل منظمة لا يتم
تأليفها نتيجة إتفاق بين الحكومات.
وأضيفت فقرة جديدة على هذا التعريف عام 1988
تتضمن العبارة: بما فيها المنظمات التي تقبل أعضاء يتم اختيارهم من قبل سلطات
حكومية. أما بخصوص منظمات حقوق الإنسان غير
الحكومية فتعرف على أنها: روابط خاصة لأشخاص معنيين بتطوير وحماية أو تطبيق حق أو
أكثر من حقوق الانسان المعترف بها دولياً.[5]
ما يمكن ملاحظته من خلال التعاريف السابقة، أن
المنظمات غير الحكومية، وإن كانت تتباين في توجهاتها إلا أنها تختص بصفات ومميزات
موحدة يمكن إجمالها بالآتي:
أولاً: أن يكون للمنظمة غير الحكومية شكل مؤسسي أو
تنظيم هيكلي يميزها عن مجرد تجمع مؤقت لمجموعة من الأفراد، بمعنى انها تشكل بناء
مؤسساتياً وجهازاً إدارياً وبشرياً قائماً على أسس وقواعد لا تجعله يختلف عن باقي
المنظمات والهيئات الدولية، حيث تتكون من جهاز عام وآخر تنفيذي، وتتوزع إعمالها
على مختلف اعضائها بشكل منظم، لها مقر رئيس في بلد محدد وقد يكون لها فروع في
بلدان أخرى.
ثانياً: الاستقلالية وهي شرط جوهري لقيام ما يسمى
بالمنظمة غير الحكومية، لأنها توفر لها الجو المناسب لممارسة دورها الحيوي، وتسمح
لها بتحقيق اهدافها وعدم خضوعها لغيرها من المؤسسات أو الجماعات أو الافراد أو حتى
الحكومات [6].
علماً إن هذا الإستقلال يجب أن يشمل ثلاثة جوانب
أساسية هي:
الاستقلال من حيث النشأة: بمعنى أن تنشأ المنظمة غير الحكومية بمبادرة
أفراد أوهيئات خاصة من دون تدخل الجانب الحكومي في نشأتها واعلان تشكيلها.
الاستقلال الاداري: الذي يشير الى مدى ما تتمتع به المنظمة من
استقلالية في تسيير شؤونها الداخلية بعيداً عن تدخل الدول في هذه الشؤون.
الاستقلال المالي: ويتحدد من خلال تحديد مصادر تمويل المنظمة، وهل
تتلقى جزءاً من تمويلها من جانب الدول أم انها تمول نفسها بنفسها.
ثالثاً: التطوعية وعدم الربحية، إذ لا تستهدف المنظمات
غير الحكومية في عملها تحقيق الربح، فهي تقوم على مبدأ اللاربحية، وهي الفلسفة
التي تقـوم عليها هـذه المنظمات، والتي نعـتها بعضهم بحـركـات اجـتـمـاعـيـة عـلى
اسـاس انهـا قـامـت في أول الأمـر عـلى دعـائـم العـمـل الجماعي التطوعي الناشئ
أصلاً من الرغبة في التعاون والمساعدة والتضامن.
بالمقابل فإن هذه الخاصية لا تنفي وجود بعض
المنظمات غير الحكومية التي تقوم ببيع ونشر الكتب والمنشورات التي تسمح لها بدعم
ميزانيتها من أجل الاستمرار، وهي بهذا لا تكتفي بالهبات والإشتراكات.[7]
رابعاً: عدم تمتع المنظمات غير الحكومية بالشخصية
القانونية الدولية ولا تخضع لقواعد القانون الدولي، وإنما تخضع لقوانين دولة المقر
أو قوانين محلية خاصة تصدر لتسيير إعمالها وتمكنها من مباشرة مهامها.[8]
خامساً: إن نشاطها دولي أو عالمي، بوصفها كيانات لا
تنتمي لجنسية محددة ولها نشاطات عابرة للحدود الوطنية، ولا ينحصر عملها في خدمة
شعب معين بل تسعى الى تحقيق اهداف انسانية عالمية كسرعة الاستجابة للكوارث
الانسانية حول العالم، ومن الأمثلة على ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي
تمارس نشاطها خارج البلد الذي أسست فيه وذلك وفقاً لما تتطلبه الاحتياجات
الانسانية أثناء النزاعات المسلحة في شتى أنحاء العالم.[9]
[1] علي يوسف
شكري،" المنظمات الدولية والإقليمية والمتخصصة"، البتراك للنشر،
مصر ،2002، ص286.
[2] "عمر سعد الله، "المنظمات الدولية غير الحكومية في
القانون الدولي بين النظرية و التطور" ، دار هومك للطباعة والنشر ،
الجزائر 2009 ،ص19. بتصرف
[3] صالح حمليل، "المنظمات
غير الحكومية و حقوق الانسان"، مجلة الحقيقة، العدد، جامعة إدرار،الجزائر
، 2005 ،ص373 .بتصرف
[4] صالح حمليل،نفس
المصدر السابق،ص374 .
[5] سعيد عبد المسيح شحانة، "دور
المنظمات غير الحكومية على الصعيد الدولي"، مجلة السياسة الدولية، العدد
119، القاهرة،1995، ص220.
[6] صالح حمليل، مصدر
سبق ذكره، ص375 .
[7] عيادة مليكة،"
دور و مكانة المنظمات غير الحكومية في العلاقات الدولية"، رسالة ماجستير
غير منشورة،كلية العلوم السياسية و الاعلام، جامعة الجزائر 2002-2003،ص54.
[8] حسن نافعة
ومحمد شوقي عبد العلل،"التنظيم الدولي"، مكتبة الشروق الدولية،
القاهرة،2002، ص284.
[9]- بشار صالح
النعيمي، "مدخل الى المنظمات غير الحكومية"، دار الجنان للنشر
والتوزيع ص 94.