حدد المشرع من خلال القانون 15.01 المساطر التي يجب اتباعها وعدم الخروج عن مسارها، والتي تعتبر مؤطرة لعملية الكفالة، حيث انقسمت هذه المساطر الى مسطرتين، مسطرة التصريح بالإهمال بدءا بالإيداع المؤقت للطفل وإجراءات البحث، لننتقل بعدها لتسجيل الطفل بالحالة المدنية وتقديم طلب التصريح بالإهمال. وكذا مسطرة الكفالة التي خصص لها المشرع المغربي الفصل الثاني من الباب الثاني " الوضعية القانونية للطفل المهمل"، من القانون 15.01، والذي وضع له عنوان المسطرة المتبعة لكفالة طفل مهمل، حيث تضمن هذا الفصل المواد 14، 15، 16، 17 والمادة 18.
مسطرة الإهمال:
بناء على المادة 4 من القانون 15.01 التي نصت على ما يلي: "يقوم
وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الواقع بدائرة نفوذها مقر إقامة الطفل، أو مكان
العثور عليه، بإيداع الطفل مؤقتا بإحدى المؤسسات أو المراكز المذكورة في المادة 8
أدناه، إما تلقائيا أو بناء على إشعار من طرف الغير ويقوم وكيل الملك بإجراء بحث
في شأن الطفل.
حيث يقدم وكيل الملك على الفور طلب التصريح بأن الطفل مهمل، إلى
المحكمة الابتدائية الواقع بدائرة نفوذها مقر إقامة الطفل أو مكان العثور عليه أو مقر
المركز الاجتماعي المودع به."، والتي من خلالها يتبين لنا الدور الهام الذي
أنيطت به النيابة العامة من خلال قيامها بالمساطر الإجرائية المتعلقة بالتصريح
بالهمال.
الإيداع المؤقت للطفل واجراء البحث:
من الإجراءات التي تقوم بها النيابة العامة
قبل تقديمها طلب التصريح بالإهمال أمام المحكمة الابتدائية والتي تدخل في حماية
الطفل ومراءاة مصالحه، تجد إيداع الطفل مؤقتا بإحدى المؤسسات الايوائية، وإجراء
بحث في شأنه.
الإيداع المؤقت للطفل المهمل:
تنص الفقرة الأولى من المادة الرابعة من
قانون كفالة الأطفال المهملين على ما يلي: " يقوم وكيل الملك لدى المحكمة
الابتدائية الواقع بدائرة نفوذها مقر إقامة الطفل أو مكان العثور عليه بإيداع
الطفل مؤقت بإحدى المؤسسات أو المراكزالمذكورة
في المادة 8 أدناه، إما تلقائيا أو بناء على إشعار من طرف الغير ويقوم وكيل الملك
بإجراء بحث في شأن الطفل.
فمن الناحية العملية فانه عندما يصل إلى علم
النيابة العامة حالة من حالات الاهمال إما عن طريق الضابطة القضائية أو عن طريق
الطلبات المباشرة بالتخلي تتدخل وأول إجراء تقوم به هو إيداع الطفل مؤقتا بإحدى
المؤسسات أو مراكز الرعاية الاجتماعية المهتمة بالطفولة، أو لدى أسرة أو امرأة
ترغب في كفالته أو رعايته إلى أن يصدر الأمر بشأن الكفالة. حيث تقوم النيابة
العامة بهذا الإجراء باعتبارها طرفا رئيسيا وليس هناك جهة أخرى تملك حق القيام
بالإجراء المذكور.
إجراء البحث:
يجري هذا البحث عن طريق النيابة العامة التي
تكلف الضابطة القضائية بإجراء أبحاث في هذا الإطار على طريقة الأبحاث التمهيدية،
وذلك بوجوب الاستماع إلى كل ما يفيد في إظهار وضعية الطفل وتضمين أوصافه ومكان
العثور عليه تسهيلا لتتبع حالته وللتعريف به، وتتجلى فائدة هذا البحث في أنه يهدف لحماية
مصلحة الطفل الذي قد يكون ضاع من والديه أو اختطف منهما أو على الأقل معرفة هوية
الطفل.
وقد أسند المشرع المغربي للنيابة العامة
بمقتضى المادة الرابعة من قانون كفالة الأطفال المهملين المشار اليها أعلاه،
صلاحية القيام بإجراء البحث، فمن الناحية العملية يتم انجاز البحث المذكور من طرف
الضابطة القضائية بناء على أوامر السيد وكيل الملك، وبمساعدة أيضا المساعدة
الاجتماعية التابعة لوزارة الصحة التي لها دور مهم وفعال خلال هذه المرحلة، وذلك
حتى يتم التأكد بشكل دقيق من توفر شروط وضعية الإهمال على ضوء المادة الأولى من
قانون كفالة الأطفال المهملين والتأكد أيضا من سنهم إن كان يفوق أو يقل عن الثامنة
عشر سنة، من خلال الاستعانة بالخبرة الطبية اذا كان الطفل حديث الولادة لتحديد عمر
الطفل من خلال معاينته مثلا.
تسجيل الطفل بالحالة المدنية وتقديم طلب التصريح بالإهمال:
يقوم السيد وكيل الملك بعد انتهاءه من
إجراءات البحث باتخاذ كل ما يلزم من أجل تسجيل الطفل المودع بالحالة المدنية عند
الاقتضاء، وذلك قبل تقديم طلب إلى المحكمة الابتدائية للتصريح بكون الطفل مهمل.
تسجيل الطفل المودع بالحالة المدنية:
تنص المادة 7 من اتفاقية حقوق الطفل على أنه: يسجل الطفل بعد ولادته
فورا، ويكون له الحق منذ ولادته في اسم ... " وتنص المادة 5 من القانون 15.01
المتعلق بالأطفال المهملين على أنه: "يقوم وكيل الملك عند الاقتضاء بكل
الإجراءات الرامية إلى تسجيل الطفل بالحالة المدنية قبل تقديمه طلب التصريح
بالإهمال، ومن بينها إقامة الدعاوى وكل ذلك مع مراعاة أحكام القانون المتعلق
بالحالة المدنية".
وقد أوجب قانون الحالة المدنية رقم 99-37 التصريح بالولادة لدى ضابط
الحالة المدنية لمحل وقوعها من طرف أقرباء المولود، ويعاقب بغرامة مالية كل من وجب
عليه التصريح بولادة ولم يقم بهذا الإجراء داخل الأجل القانوني.
وبالرجوع للمادة 5 من قانون كفالة الأطفال المهملين، يلاحظ أن المشرع
استعمل عبارة عند الاقتضاء أي أن إجراءات التسجيل لا تشمل كل حالات الإهمال، بل إن
هناك فئة من الأطفال مستهدفة من هذه المقتضيات، وهم الأطفال المزدادون من أبوين
مجهولين، وهو ما أشارت إليه المادة 11 من قانون الحالة المدنية التي جاء فيها
"إذا تعلق الأمر بمولود من أبوين مجهولين أو مولود وقع التخلي عنه بعد الوضع،
يصرح بولادته وكيل الملك ..."، على أساس أن الطفل المزداد من أب مجهول وأم
معلومة، تتولى التصريح بازدياده أمه أو من يقوم مقامها.
أما بالنسبة للاسم، فإنه يبقى الطفل المهمل حاملا لاسمه الشخصي وكذلك
لاسمه العائلي الذي يرثه عن أبيه إذا كان معلوم النسب وكان أبوه مسجلا بسجلات
الحالة المدنية، أما إذا كان مجهول النسب فإنه يقوم وكيل الملك بكل الإجراءات
الرامية إلى تسجيل الطفل بالحالة المدنية إذ يختار له اسم شخصي واسم عائلي خاص به،
وأسماء أبوين أو اسم أب إذا كان معروف الأم، ويشير ضابط الحالة المدنية بطرة رسم
ولادته إلى أن أسماء الأبوين أو الأب حسب الحالة، قد اختيرت له طبقا لأحكام
القانون رقم 99-37 المتعلق بالحالة المدنية.
ومن بين النقط الهامة التي يتعين التطرق إليها هي مسألة الأجل، فالطفل
المهمل "مجهول الأبوين" تطبق بشأنه كذلك القواعد العامة التي يخضع لها
تسجيل جميع الأطفال سواء كانوا معروفي الآباء أو مجهوليهم، وعليه يتعين التصريح
بميلاده داخل أجل شهر من يوم حدوث واقعة الولادة، وإذا لم يقع التصريح بالولادة
داخل هذا الأجل القانوني، فلا يمكن تسجيل الرسم الخاص بالواقعة إلا بناء على حكم
تصريحي بالولادة تصدره المحكمة الابتدائية المختصة ويقدم الطلب بذلك من طرف
النيابة العامة، وهذا ما أشارت إليه المادة 5 من قانون 13 يونيو 2002.
تقديم طلب تصريح بالإهمال:
يعتبر تقديم طلب التصريح بالإهمال آخر إجراء
تقوم به النيابة العامة بعد إيداع الطفل مؤقتا بإحدى الجهات المنصوص عليها في
المادة الثامنة من قانون كفالة الأطفال المهملين، حيث يقوم السيد وكيل الملك حسب
مقتضيات المادة الرابعة من نفس القانون بتقديم طلب التصريح بأن الطفل مهمل على
الفور على المحكمة الابتدائية الواقع بدائرة نفوذها مقر إقامة الطفل أو مكان
العثور عليه أو المركز الاجتماعي المودع به.
فمن الناحية العملية فإنه عندما يقدم طلب
التصريح بأن الطفل مهمل يكون مرفقا بمحضر الضابطة القضائية المنجز في حق الطفل -
إذا كان مجهول الأبوين - أو في حق أمه - إذا كان مجهول الأب ومعلوم الأم - كما
يرفق الطلب أيضا بنسخة من رسم ولادة الطفل وعناصر البحث التي قامت بها النيابة
العامة وسهرت عليه من أجل الوصول إلى حقيقة الطفل وإثبات كونه مهملا بالفعل، كما
يتم الإشارة أيضا في نفس الطلب إلى مقتضيات قانون كفالة الأطفال المهملين التي
تحكم وضعية الطفل وكذا المواد 6 و 8 و 9 من قانون المسطرة المدنية، ويشار في
المنطوق إلى ملتمس النيابة العامة الرامي بتصريح كون الطفل مهمل.