الإعلام اليوم أداة بارزة تقاس بها نبض المجتمعات، ومستوى الوعي والحرية الذي يعيشه المجتمع، كما يشكل قاطرة حقيقية لترسيخ المبادئ وقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الطفل. واذا كانت مختلف التشريعات الدولية نصت على حق الطفل في الإستفادة مما توفره وسائل الإعلام من كم هائل من المعلومات الا أن ذلك مقرون بضمان سلامة وحماية الطفل من أي مواد أو انتهاك لحرمته.حق الطفل في الإعلام في الاتفاقيات العالمية لحقوق الطفل
الصكوك الدولية العامة لحقوق الإنسان:
لا تقتصر حماية حقوق الطفل على الاتفاقيات والإعلانات الخاصة بالطفل فحسب فالطفل بصفته إنسانا ينتفع بالحقوق المعترف بها في الصكوك العامة المتعلقة بحقوق الإنسان فضلا على أن هذه الصكوك تضمن نصوصا وأحكاما قانونية تشير صراحة إلى حقوق الأطفال.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 10 ديسمبر 1948:
يتضمن هذا الإعلان قائمة لحقوق الإنسان تنطبق لصالح البشر جميعهم دون تمييز بينهم لأي سبب كان حتى ولو كان السن، ومن جهة أخرى يشمل الإعلان مادتين تشيران صراحة إلى الأطفال، وهما المادة 25 بشأن حق الأطفال في رعاية ومساعدة خاصتين، والمادة 26 المتعلقة بالحق في التعليم. كما يؤكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حق الطفل في الرعاية ويتم ذلك بالفعل مباشرة عن طريق حماية حقوق الطفل، وبشكل غير مباشر من خلال حماية الأمومة.
أما المادة ( 26 ) من الإعلان المتعلقة بالحق في التعليم، فهي تتناول حقوق الطفل من خلال معالجتها لإمكانية الحصول على التعليم و لأهدافه وغاياته. كما حرم العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: يتمتع الأطفال بحق الانتفاع والتمتع بالحقوق المدنية كافة الواردة في هذا العهد بالإضافة إلى الحقوق والأحكام الخاصة بالطفل المدرجة في الإعلان، حيث تلزم المادة (4/14) الدول الأطراف في العهد أن تراعي في حالة الأحداث، إجراءات المحاكمة المناسبة لسنهم والمواتية لضرورة العمل على إعادة تأهيلهم. العهد في المادة (5/6) منه الحكم بعقوبة الإعدام على جرائم ارتكبها أشخاص دون الثامنة عشر من العمر و اعترف العهد من جهة أخرى بالأسرة كأساس للمجتمع، و بأنها" الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية"، وأن لها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة على السواء.
العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
يشير هذا العهد في أكثر من موضع إلى حقوق الطفل إشارة صريحة، ففي المادة العاشرة منه، يعترف العهد بأن الأسرة تشكل الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع، كما أقر لها بأكبر قدر ممكن من الحماية والرعاية حيث أن الفقرة الثالثة من المادة ذاتها نصت على: " وجوب اتخاذ تدابير حماية مساعدة خاصة و لصالح جميع الأطفال والمراهقين، دون أي تمييز بسبب النسب أو غيره من الظروف، ومن الواجب حماية الأطفال والمراهقين من الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي كما يجب جعل القانون يعاقب على استخدامهم في أي عمل من شأنه إفساد أخلاقهم أو الإضرار بصحتهم أو تهديد حياتهم بالخطر أو إلحاق الأذى نموهم الطبيعي، وعلى الدول أن تفرض حدودا دنيا للسن ويحظر القانون استخدام الصغار الذين لم يبلغوها في عمل مأجور و يعاقب عليه.
الصكوك الدولية الخاصة بحقوق الطفل:
أتت حقوق الطفل مواد منصوصا عليها في المواثيق والاتفاقيات الدولية،حيث كرست اهتمامها بهذه الشريحة وذلك من أجل حماية الطفل من مختلف أشكال العنف والتعسف،ونجد ذلك من خلال:
إعلان جنيف لحقوق الطفل 1924:
كونه الإعلان الدولي الأول لحقوق الطفل، وهو الذي نص على حماية الطفل نتيجة للمآسي و للآلام التي خلفتها الحرب العالمية الأولى. كما يعتبر هذا الإعلان أول صك دولي إعلاني تعتمده منظمة حكومية في مجال حقوق الإنسان ، كما أنه سبق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأكثر من عشرين عاما، حيث دعا الإعلان إلى أن يقدم الإنسان أفضل ما لديه للطفل وكانت غاية هذا الإعلان هي توفير المعاملة الحسنة و الرفاه للطفل.
إعلان الأمم المتحدة لحقوق الطفل 1959:
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20 نوفمبر 1959 إعلانا لحقوق الطفل بالإجماع، وقد استند في ديباجته على المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان التي أوردها ميثاق منظمة الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي صلب هذا الإعلان يؤكد النص أن الطفل هو ضعيف جسديا وغير مكتمل الإدراك وهو يحتاج بالتالي إلى الحماية والرعاية ومنها الرعاية القانونية، كما أضاف مفهوما جديدا إلى حقوق الطفل هو مبدأ الحماية بكل أنواعها الجسدية والفكرية والأخلاقية، إن الحماية التي عززها إعلان 1959 هي أن البشرية تدين للطفل بأفضل ما لديها وهذا ما يحقق طبعا مصلحة الطفل، وقد جاء الإعلان مكونا من ديباجة وعشرة مواد حيث أشارت ديباجة الإعلان إلى الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، و قد كانت الإشارة إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الديباجة للتأكيد على أن الطفل يتمتع بالحقوق المعلنة في هذا الإعلان، فالطفل ترتبط حقوقه ارتباطا عضويا بحقوق الإنسان وتعد جزءا لا يتجزأ منها.
الاتفاقيات الإقليمية لحقوق الإنسان:
إلى جانب الصكوك العالمية الخاصة بحقوق الطفل، هناك عدد من الصكوك الإقليمية المتعلقة بحقوق الطفل جرى اعتمادها في إطار جامعة الدول العربية، ومجلس أوروبا، والإتحاد الإفريقي، منظمة الوحدة الإفريقية سابقا.
میثاق حقوق الطفل العربي 1983:
لقد كانت جامعة الدول العربية السباقة في مجال حقوق الطفل، فقد اعتمد مجلس الجامعة ميثاق حقوق الطفل العربي في عام 1983، حيث كان أول صك إقليمي يتناول حقوق الطفل على وجه التحديد و قد أكد هذا الميثاق على عدد من المبادئ الأساسية أهمها أن تنمية الطفولة هي جوهر التنمية الشاملة، كما تعتبر الأسرة نواة المجتمع وأساسه وينبغي لذلك على الدول حماية الأسرة، أما بالنسبة للحقوق التي اعترف بها الميثاق، فهي متعددة ومن بينها حق الطفل في إشباع حاجاته البيولوجية والروحية والاجتماعية، وحق الطفل في اسم وجنسية، وحقه في التعليم و اللهو، وكذا حقه في الانفتاح على العالم من حوله وأن ينشأ على حب الخير للإنسانية جمعاء.
الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته 1990:
أكد الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته على أنه ينطلق من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل،والإعلان الخاص بحقوق ورفاهية الطفل الإفريقي الصادر عام 1979، كما ينطلق الميثاق كذلك من " الخلفية التاريخية، وقيم الحضارة الإفريقية ". أخذ الميثاق بمبدأ المصالح المثلى للطفل، واعترف بعدد من الحقوق من بينها الحق في البقاء والنمو والحق في الاسم و الجنسية، وكذا الحق في الاستماع للطفل في الإجراءات القضائية والإدارية التي تخصه، وحرية التعبير والتجمع السلمي، كما أقر الميثاق كذلك للطفل الحق في حرية الضمير والحق في التعليم واللهو والحق في الصحة. وفضلا عن ذلك أشار الميثاق إلى وجوب حماية الطفل المعاق عقليا أو بدنيا وحماية الطفل عموما من مظاهر الاستغلال الاقتصادي كافة ومن إساءة معاملته وتعذيبه، كما ألزم الميثاق الدول الأطراف احترام وضمان احترام قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان وتطبيقه في النزاعات المسلحة التي تؤثر على الطفل.
لم يقتصر الميثاق على تنظيم الجوانب الموضوعية، فقد أنشأ لجنة للرقابة والإشراف على تنفيذه وهي اللجنة الخاصة بحقوق ورفاهية الطفل، والتي تعمل بأسلوب التقارير حيث يجوز لها أن تتلقى اتصالات تتعلق بأي مسألة يغطيها الميثاق.
الاتفاقية الأوروبية بشأن ممارسة حقوق الأطفال 1996:
تهدف هذه الاتفاقية التي دخلت حيز النفاذ بعد إقرارها من جانب مجلس أوروبا في عام 1996 بتاريخ 07 جانفي 2000 إلى تعزيز وتدعيم وتحقيق الحقوق المعترف بها في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل ووضعها موضع التطبيق، وهي أضيق نطاقا لجهة أحكامها الموضوعية والإجرائية من الميثاق الإفريقي لحقوق ورفاهية الطفل.
اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل 1989:
تعتبر حقوق الطفل جزءا أساسيا من حقوق الإنسان، كما حددتها نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 والتي أقرها الإعلان العالمي لحقوق الطفل عام 1959، وكذا بعض النصوص في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية إضافة إلى أكثر من ثمانين اتفاقية دولية تعنى بوضع الأطفال وحقوقهم ومركزهم في المجتمع حيث نجد أن تناوله لحقوق الطفولة يكشف عن حداثة الاهتمام بتخصيص وثيقة دولية ملزمة تعنى بحقوق الطفل وضرورة حمايتها.
بقلم: شادي بوطيب