-->

حقوق الطفل في الديانات السماوية: مقارنة بين الإسلام واليهودية والمسيحية

حماية الطفل في الديانة اليهودية:

لا تنتقل التركة في الميراث إلى الفروع من الإناث في حاله وجود فروع من الذكور وفروعهم وهكذا تتميز شريعة اليهود بتمييز الذكور على الإناث الأبناء الذكور يحجبون أخواتهم البنات فهؤلاء لا يرثن إلا في حاله انعدام الفرع الوارث من الذكور.[1]

ولا فرق بين المولود بنكاح صحيح أو غير صحيح من الأولاد في الميراث فيعطى لكل منهم نصيبه بغض النظر من النكاح الذي ولد منه. ثم إن البنات ضمن اللواتي لم تبلغ منهن الثانية عشرة فلها النفقة والتربية حتى تبلغ هذا السنة تماما وليس لها شيء بعد ذلك.[2]  إذا لم يكن للميت ابن ذكر انتقل الميراث لابن ابنه وإذا لم يكن انتقل إلى البنت فأولادها وهكذا...

حقوق الطفل في الديانات السماوية: مقارنة بين الإسلام واليهودية والمسيحية

السن المفروض لصحة التزوج هو 13 سنه للرجل الذكر و 12 سنه للمرأة ولكن يجوز نكاح من بانت عليه علامات بلوغ الحلم قبل هذا السن ومن بلغ العشرين ولم يتزوج فقد استحق اللعنة.[3] يقول بابا بترا ما أسعد من رزقه الله ذكورا وما أسوء حظ من لم يرزق بغير الأنثى.[4]

حماية الطفل في الديانة المسيحية:

الطفل في الكتاب المقدس وخاصة في الإنجيل:

دعوا الأطفال لا تمنعوهم أن يأتوا إلى فإن لأمثالي هؤلاء ملكوت السماوات. (متى 45/19 ويقابلها مرقس 14/10 15 ولوقا 16/18). ومن قبل طفلا مثله إكراما لاسمي فإياي تقبل (متى 15/18 يقابلها مرقس 36:9-37 ولوقا 47:9-48).

إياكم أن تحتقروا أحدا من هؤلاء الصغار أقول لكم إن ملائكيتهم في السماوات يشاهدون أبدا وجه أبي الذي في السماوات (متى 18.10)[5] وأنتم أيها الآباء لا تغيظوا أبنائكم بل ربهم بتأديب الرب ونصحه ( أفي 4.14).

يؤكد بولوس الرسول موقفه هذا في رسالته إلى أهل قولي يقول فيها أيها الآباء لا تغيظوا أبنائكم لئلا تضعف عزيمتهم ( قولي 4.6).

الطفل في تعاليم الكنائس المسيحية في ضوء الكتاب المقدس:

إن أولاد الفئة الأكثر أهمية في الزواج ويساهمون كثيرا في خير الأهل أنفسهم.[6] كان سبق للمطران فوربان جانسون Johnson Forbin أسقف مدينة نانسي في فرنسا ومؤسس جمعية الطفولة الرسولية هناك في العام 1843 أن قال: "إن الطفل إذا كان ضعيفا يجب مساعدته فهو أيضا ابن الله غني بالإيمان والمحبة وقادر أن يشارك على طريقته في رسالة الكنيسة..".[7]

العالم الذي يطمح اليه المسيحيون في راي المطران هو عالم يرى اهميه الطفوله ويؤمن لها نموها الخلقي..[8]

حقوق الطفل في الكتاب المقدس والوثائق والقوانين والمنشورات الكناسية:

يختلف مفهوم الطفل من كنيسة مسيحية إلى أخرى ويصعب تحديد مفهوم موحد يجمع آراء مختلف الكنائس نظرا لأن بعضها لم تحدد تعريفا له ولم تعالج تلك النقطة بالذات في وثائقها وقوانينها من ضمن الكنائس التي تناولت هذا الموضوع في قوانينها الكنائس الشرقية الكاثوليكية، إذ تؤكد هذه الأخيرة في قوانينها وتحديدا في الباب التاسع عشر الذي بعنوان "في الأشخاص والأفعال القانونية" تحدد مفهوم الطفل والراشد والقاصر من الوجه القانونية على الشكل التالي: "يكون راشدا الشخص الذي أتم السنة الثامنة عشرة من عمره ومن دون هذا السن يكون قاصرا".[9]

ويحدد هذا القانون الطفل بشكل غير مباشر انطلاقا من تحديد من هو القاصر فيقول: "إن الطفلة هو من كان دون السابع من عمره؛ "يعد القاصر قبل تمام السن السابعة طفلا غير مميز وإذا أتم السابعة عده مميزا".[10]

الأساس الأول الذي تقوم عليه حقوق الإنسان للطفل هو قبل كل شيء كرامته وقيمته كإنسان حيث خلقه الله تعالى صورته ومثاله وقال الله: "لنصنع الإنسان على صورتنا كمثالنا". (تكوين 26:1) فحفظ كرامة الإنسان الطفل حفظ لله ونفيها نفي لكرامة الله الإنسان الأول يصعد في قيمه الإنسان وطبيعتها.

 الأساس الثاني الذي تقوم عليه حقوق الإنسان في نظر الكنائس المسيحية هو السيد المسيح الإله الإنسان. إن السيد المسيح بوصفه صوره الله غير المنظور هو الإنسان الكامل الذي أعاد إلى ذرية آدم الشهباء الإلهي غير المشوه.

الأساس الثاني لحقوق الإنسان هو الأخوة الإنسانية إذ إن  كل البشر أخوه وفي الوقت نفسه هم أبناء الله أبو الجميع أن الإيمان بكرامة الإنسان والحرية والمساواة التي نادت بها المسيحية كان له الدور الأكبر في نشوء فكره حقوق الإنسان.

لكن هذه البذور لفكره حقوق الإنسان كان لا بد لها أن تنتظر مناخا ملائما لها.

الحق في الحياة: رفض الإجهاض: أن حق الطفل في الحياة هو تجديد لكرامة الإنسان بحد ذاتها بغض النظر عن الجنس والسلامة والدين والوضع الاجتماعي والثقافي والقناعات السياسية لذلك فإن قتل الطفل بشكل متعمد يشكل إحدى الإشارات المؤلمة لفقدان كل احترام للحياة الإنسانية.[11]

ومن مسؤولي الكنائس رفضوا الإجهاض نذكر موقف الانباسرابيون أسقف لوس أنجلوس الأقباط الأرثوذكس من الإجهاض إذ يعتبر في كتابه "الكنيسة وقضايا معاصره" "أنه قرار خطير له أبعاده الدينية لأنه يتعلق بحياة كائن حي هو الجنين مهما كان عمره من أيام أو أسابيع فالجنين منذ لحظه تكونه يعتبر كائنا حيا له حياته وحقوقه وكرامته فكيف توافق الأم أو الطبيب أو أي فرد أخر أو يسهلون او يقومون بعمليه اجهاض في انهاء حياه هذا الكائن الحي وهو امر لا يمكن قبوله من الناحيه الدينيه..".[12]

الإجهاض قتل متعمد ومباشر ويقول المجمع الفاتيكاني الثاني بأنه هو وقتل الجنين جريمتان منكرتان. "قبل أن أصورك في البطن عرفتك وقبل أن تخرج من الرحم قدستك.". (النبي ارميا 1/5)

حق الطفل في الصحة: يقول البطريق الماروني أنطونيوس كريش في رسالته عن حقوق الطفل من حق الطفل أن يكون ذا بنيه سليمة وأن تؤمن له الرعاية اللازمة التي تسمح له أن يعيش حياته سليما معافا وأن ينمو بعيدا عن الأمراض وإدمان المخدرات والكحول لذلك حضرت الكنائس المسيحية أبناءها دائما على تقديم ما يجب للأطفال من رعاية واهتمام خاصة للملتحقين والمرضى والمعاقين.
حق الطفل في العائلة: للطفل الحق في أن يكون له والداني ويعيش إلى جانب أخوه لا هو وأخوات يشاركهم بهجة الطفولة وفرحها ويساعدونه على اكتشاف ما حوله من أناس وحيوانات وأشياء ويسهمون في تزويده بالمعرفة والمهارات التي تصقل شخصيته وتحذره ليصبح مواطن الغد.
 حق الطفل في تربية صحيحة: أن كل طفل إلى أي جنس أو دين أو مذهب أو عرق دون أي تمييز على أي أساس كان يتمتع بكرامة الشخص البشري وبالتالي له حق ثابت بتربية تتجاوب مع دعوته أو رسالته الخاصة في الحياة والأب والأم باتحادهما بالجسد من خلال الزواج يصبحان والدين ويسهمان مع الله الخالق في إعطاء الحياة لكائن بشري جديد يخلق على صوره الله ومثاله "وتربيه الأطفال من الأهداف الرئيسية للعائلة والزواج بحد ذاته يهدف إلى خير الزوجين وإنجاب البنين وتنشئتهم".[13] "والحقوق الأولية للإنسان في التربية لاسيما تلك التي للأولاد والآباء إنما هي حقوق معترف بها وتذكرها المستندات الرسمية..".[14]

يقول البابا يحنا بوليس الثاني قبل كل شيء عطاء إنساني حر يقوم به الوالدان أنهما ينقلان معا إنسانيتهما البالغة إلى المولود الجديد.[15] وحق الأطفال في التربية هو حق لا ينقص في التربية تتجاوب مع دعوتهم الخاصة وتوافق طبعهم واختلاف أجناسهم وثقافتهم وتقاليدهم العرقية.[16]

حق الطفل في المشاركة في الثقافة: من حق الطفل ككائن الإنساني آخر أن تتاح له فرصة المشاركة في الثقافة ويجب بالتالي توفير الكمية الكافية للطفل من الخيول الثقافية لكل واحد خاصة تلك الثقافة التي تعتبر أساسيه حتى لا يحرم العديد الكبير من المساهمة بطريقه إنسانيه حقه في الخير العام.[17]
حق الطفل في الحماية من الآفات الاجتماعية والأعمال الإجرامية: من حق الأطفال ألا يكونوا عرضة للاستغلال المادي والجسدي من قبل الراشدين وألا يكرهوا على تعاطي العقاقير المضرة والكحول والاتجار بالمخدرات والجنس ومن حقي الأطفال على المجتمع والدولة قيام مؤسسات وتشريعات مواتيه لتأمين هذه الحماية أو الأمن الاجتماعي لهم.[18]
حق الطفل في اسم وجنسية: للطفل منذ ولادته وعلى أساس واجب اعتراف والديه به وتسجيله في الدوائر الرسمية كإنسان له كامل حقوقه الأساسية... الحق في اسم جنسية ولذلك دعا مجلس كنائس الشرق الأوسط الأمم المتحدة لتبني وسائل قانونية تضمن حصول كل طفل على اسم وجنسية.[19]
حق الطفل في اللعب والتسلية: من حق الطفل أن يعطى فرصه للتسلية واللعب فهو يحب اللعب ويجد فيه وقيمته والمفروض أن نوفر للطفل مجال للعب وأنواع اللعب التي تسليه.[20]

حماية الطفل في الدين الإسلامي:

حق الحياة: للطفل حقه في الحياة التي منحه ربه إياها فلا يجوز سلبه هذا الحق وحرمانه منه مهما كانت الدواعي والأسباب، وقد كان العرب في جاهليتهم يقتلون أولادهم خشية الفقر ويقتلون بناتهم خوفا من العار الذي تجلبه لهم بناتهم – كما يزعمون – فأنكر الله عز وجل عليهم هذا الصنيع وسفه فعلهم فقال سبحانه (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم) ، وقال (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون).

وأخبر سبحانه أن الذين يقتلون أولادهم سيسألون بين يدي ربهم يوم الحشر فقال: (وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت). ومن قتل الأولاد إجهاض الوليد من بطن أمه وهو في طور التكوين فهذا يعتبر في الإسلام قتلا للنفس إذا تم بفعل فاعل وكان الجنين قد مضى عليه أكثر من أربعين يوما فتجب الدية حينئذ على من كان سببا في إسقاطه. وشدد الإسلام في التحذير من قتل الأولاد إذ أمر الله نبيه أن يبايع من أراد الدخول في الإسلام من النساء على جملة من الشروط من بينها أن لا يقتلن أولادهن - كما جاء في سورة الممتحنة –

حق النسب: وثاني الحقوق حق النسب فمن حق الطفل أن يكون له أصل ينتمي إليه ونسب يعرف به ويدعى إليه، و قد حرم الإسلام على الإنسان أن يتنكر لحسبه، وينتمي لغير أصله، يقول عز وجل: (وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام" (رواه الشيخان) يعني أن ينتسب الابن إلى غير أبيه وهو يعلم أنه ليس بأبيه فذلك كذب وزور وتنكر للنسب الصحيح.
حق الإكرام والاحترام: وثالث الحقوق حق الإكرام والاحترام، فللطفل حقه في احترام لائق بشخصيته وإكرام ملائم لوضعيته وصغر سنه، وقد شرع الإسلام في هذا الصدد عدة تشريعات ترمي كلها إلى اعتبار وجود الطفل والاحتفاء به ومراعاة إحساسه ونزعاته. ومن ذلك أمر النبي صلى الله عليه و سلم بتحسين تسمية المولود، و كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم الأطفال ويوليهم من الاهتمام والاعتبار ما لا يولي مثله للكبار من رجال ونساء، وذلك مراعاة لصغر سنهم وإرضاء وتطييبا لنفوسهم. قال صلى الله عليه وسلم:  إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فحسّنوا أسماءكم) رواه أحمد وأبو داود.

 بقلم: نعمان حمداوي

المصادر:

[1] الشيخ محمد زكرياء البرديسي، الميراث، دار النهضة العربية، طبعة 1989، صفحة  4.

[2] أحمد شلبي، مقارنة الأديان اليهودية، مكتبة النهضة المصرية، صفحة 298.

[3] أحمد شلبي، المرجع السابق نفسه، صفحة 298.

[4] أحمد شلبي، المرجع السابق نفسه، الصفحة 300.

[5]  سليم الضاهر و محمد طي، حماية الطفل في المسيحية والإسلام بالمقارنة مع اتفاقية الأمم المتحدة، صفحة 46.

[6] البابا يوحنا بولس في رسالة إلى الأسر، 1994، عدد 50.

[7] Migration Forbin- Janson (Nancy) - France) Citée dans La brochure. "Enfance, Missionaries, Précitée.

[8] Middle East Council of churches, Children of war: where to? Limassol, Cypprus, 1995, P17.

[9] مجموعة قوانين الكنائس الشرقية قانون 909 بند 1

[10]  المرجع السابق نفسه، بند 2.

[11] Le Pape Jean Paul 2, "Message pour la célébration de la journée Mondial de la Paix (1 janvier 1996).

[12] الانباسرابيون الكنيسة وقضايا معاصره المركز القبطي للدراسات الاجتماعية بطريركية الأقباط الأرثوذكس الكنيسة والمجتمع القاهرة 1996 الصفحة 49.

[13] مجموعه قوانين الكنائس الشرقية الكاثوليكية قانون 776 بند 1.

[14] المجمع الفاتيكاني الثاني بيان التربية المسيحية المقدمة.

[15] البابا يحنا بوليس الثاني رسالة إلى الأسر صفحة 67 و 68.

[16] المجمع الفاتيكان الثاني بيان في التربية المسيحية.

[17] القديس توما الأكويني يشدد على أهمية الثقافة بقوله يعيش الإنسان حياه الإنسانية حقيقية بفضل الثقافة. المؤتمر العام لليونسكو في باريس في 2 حزيران 1980.

[18] البابا يوحنا الثاني في وظائف العائلة المسيحية اليوم الصفحة 38.

[19] Middle East Council of churches, "Children of war: Where to?  P.13.

[20] البابا تنسودة الثالث كيف نعامل الطفل الصفحة 16.

إرسال تعليق

شاركنا رأيك في الموضوع

أحدث أقدم