إن بداية ظهور السياسات العمومية من الناحية التاريخية ارتبط بالأشكال الأولى للسلطة السياسية الممأسسة التي عرفتها المجتمعات القديمة؛ أي أن نشوء السياسات العمومية رافق نشوء الدولة وبخاصة الدولة الحديثة. فالإنسان أثناء انخراطه في الحياة الاجتماعية والسياسية عمل على تدبير مجموعة من القطاعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في هيكل تنظيمي محكم ومدروس. ولعل من مظاهر هذا التدبير خلق وفرض نظام ضريبي وتنظيم إداري يتغيا إيجاد القدرة الدفاعية والتزويد بالسلع وبناء المدن والموانئ ومراقبة الأمن العام للمجتمع.
غير
أن ظهور سياسات العمومية بالمعنى الحديث جاء على مرحلتين أساسيتين: المرحلة الأولى
تبدأ انطلاقاً من القرن السادس عشر إلى حدود القرن التاسع عشر؛ المرحلة التي عرفت ظهور
شكل تنظيم جديد وهو "الدولة". وفي منتصف القرن التاسع عشر ومع تطور الشكل
التنظيمي الجديد؛ أي الدولة كجماعة سياسية محكمة التركيب والتنظيم، عرفت هذه الأخيرة
ولادة السياسات العمومية كتنظيم يعبر عن الشكل الجديد لحكم المجتمعات المعقدة.
تشير
مجموعة من الدراسات إلى أن السياسات العمومية مرت بتطورها على محطتين:
- المحطة الأولى: عرفت احتكار مجموعة من السلطات لصالح الملك، خاصة في ما يتعلق بالضرائب والنقود والأمن والحرب.. وهي العناصر والسلطات التي ستشكل القاعدة الأساسية للدولة الحديثة.
- المحطة الثانية: عرفت تغيراً هاماً على مستوى طبيعة العلاقة القائمة بين السلطة والمجتمع، وإعادة النظر في كيفية تدبير وإدارة مفاصل الدولة.
<><>
إن
عدداً مهماً من الدراسات أوضحت أن السياسات العمومية ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية
في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية، وذلك بادٍ من خلال التساؤل الذي طرحه "هارولد
لاسويل" سنة 1936 في كتابه "السياسة: من يحصل على ماذا؟ متى وكيف؟"
فهذا يحيل على منظور جديد في ما يتعلق بسير الشؤون العمومية؛ حيث تم النظر إليه من
زأوية مسار صنع سياسات معينة في ظل سياق عقلية الدولة السياسية الحديثة.
عموماً،
يتعدد تعريف السياسات العمومية ويختلف باختلاف التوجهات الفكرية وزوايا النظر لهذا
المفهوم، وعلى الرغم من اختلاف هذه التعاريف فإننا نجد خيطاً ناظماً يجمع بينه وتتضمنه؛
أننا نعني هنا مفاهيم [الفاعلين والأنشطة والبرامج ثم المشاكل والحلول] باعتبار
هذه العناصر أساسيه في تحديد ماهية السياسات العمومية.
فإذا
ما نظرنا في بعض التعاريف فإننا نجد "Tomas R. Dye" يعتبرها "كل ما تختار
الحكومة القيام به أو عدم القيام به". ويذهب "RA
SHARKANSKY" إلى القول
بأن السياسات العمومية هي "كل الأنشطة التي تقوم بها الحكومة". في حين يركز "جيمس أندرسون" في تعريفه
لهذا المفهوم على جانبه المرتبط بحل المشاكل فيقول: "إنها برنامج عمل هادف يعقبه
أداء فردي أو جماعي في التصدي لمشكلة أو قضية ما أو موضوع ما".
كما
ونجد "لويس ما لو" الذي يعرفها بأنها "تشتمل على قرارات سياسية لتنفيذ
برامج عامة بغرض تحقيق أهداف اجتماعية". وبالتالي فهو يتخطى حدود كون السياسات
العمومية نشاط وبرامج تقوم بها الدولة أو تمتنع عن القيام بها إلى البعد الغائي من
هذه السياسة أي أنه يربط السياسات العمومية بشرط الهدف والغاية منها.
يمكننا
الإشارة كذلك في هذا السياق إلى تعريف عام جامع لكل هذه الاتجاهات والرؤى، وهو الذي
جاءت به الباحثة "فدوى تزيت" والتي اعتبرت السياسات العمومية "سلسلة
من القرارات أو الأنشطة المتناسقة والمنسجمة، تتباين مواردها وإمكانياتها وتتكامل
علاقتها المؤسساتية وتختلف المصالح المتوخاة منها، والتي تهدف لتقديم حل لأمر
تعتبره الطبقة السياسية مشكلا وتؤدي هذه السلسلة من القرارات والأنشطة والتي تتميز
بطبيعتها الملزمة التي تغيير سلوك الفئات الاجتماعية، كل ذلك في إطار المصلحة
العامة للفئات الاجتماعية."
يتضح
إذن مما سبق أن السياسات العمومية في مجملها توحي بمجموع المهام والأعمال والاستراتيجيات
التي تنهجها الدولة والقوى الحية النشيطة داخلها أو خارج حدودها من أجل حلحلة المشاكل
والصعوبات التي تعرقل التنمية الوطنية في مختلف جوانبها، وإننا -هنا- سنعمل على دراسة
مختلف الفاعلين المتدخلين في عملية صناعات السياسات العمومية في مختلف مستوياتها وأبعادها؛
سواء تعلق الأمر بالفاعلين الرسميين أو غير الرسميين، بحيث تكون الغاية
من الورق العلمية -هذه- البحث في أنواع وفروع الفاعلين المتدخلين في بلورة وهيكلة السياسات
العمومية على وجه العموم، ولهذا الغرض سنتتبع خطة بحث علمية قائمة على مطلبين أساسيين:
المطلب لأول:
بالفاعلين الرسميين المتدخلين في صناعة السياسة العمومية؛
المطلب الثاني:
الفاعلون غير الرسميين المتدخلين في صناعة السياسات العمومية.
المطلب لأول: بالفاعلين الرسميين المتدخلين في صناعة السياسة العمومية؛
الفقرة: الأولى: الفاعل التشريعي:
الفاعلون
الرسميون في عملية تصنيع السياسات العمومية أولا الفاعل التشريعي البرلمان يعتبر البرلمان
السلطة المكلفة بصياغة التشريع وهو أبرز مؤسسة وطنية تجسد سيادة آلامه فقد جاء في الفصل
70 من الباب الثاني من الدستور المغربي على أن البرلمان يصوت على القوانين ويراقب عمل
الحكومة ويقيم السياسات العمومية أن البرلمان المؤسسة تمارس داخلها الديمقراطية التي
ليست حكم الأغلبية فقط بل تسمح كذلك بوجود قانوني ومؤسساتي للمعارضة لدى فإن صياغة
السياسات العمومية على مستوى البرلماني تخضع للنقاش المفيد كثيرا في عملية تدبير الاختلاف
الذي يفرضه منطق التعددية.[1]
وبهدف دعم
صلاحيات البرلمان وتعزيز المنظومة الديمقراطية ببلادنا وسعه الوثيقة الدستورية لسنة
2011 من مجال القانون حيث أصبح البرلمان مكلفا بتشريع في مجالات أكبر من السابق وهو
ما يعني تعزيز إمكانية تأثيره القانوني على دائرة أكبر من السياسات العمومية. كما عملت
على تقوية مهمته الرقابية عبر تثمين وظيفة المعارضة وتيسير إمكانية اللجوء إلى الآليات
الرقابية الأكثر قوة (اللجان النيابة لتقصي الحقائق...).
كما اعتبرت
بعض الدراسات السلطة التشريعية الجهة التي تقوم بمهمة سن التشريعات وإقرار الميزانية
السنوية اللازمة لتنفيذ السياسات العمومية ومراقبة ومتابعة تنفيذ السياسات العمومية
ومراقبة ومتابعة تنفيذ الحكومة وتوفير البيانات للمشرعين وزيادة قدرتهم النقاشية مع
ضمان البعد الاقتصادي والثقافي والاجتماعي في أي سياسة يتم إقرارها.[2]
مما يفيد
أن البرلمان كسلطة تشريعية يوفر ويهيئ الأرضية اللازمة لتبني أي سياسات عمومية تجدر
الإشارة إلى أن البرلمان فضلا عن مهمتي التشريع والمراقبة أصبح مكلفا بمهمة تقييم السياسات
العمومية بحيث أصبح يستأثر باليات مختلفة تتجه نحو حصوله على معلومات تسلط الضوء على
العمل الحكومي ومراقبته وتقييمه؛ حيث نجد الفصل 101 من الدستور ينص على أنه "يقدم
رئيس الحكومة أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة أما بمبادرة منه أو بطلب
من ثلث أعضاء مجلس النواب أو من اغلبيه أعضاء مجلس المستشارين تخصص جلسه سنويا من قبل
البرلمان لمناقشه السياسات العمومية وتقييمها."[3]
والمسألة
التي توضح العلاقة بين السلطة التشريعية والسياسات العمومية هي كون هذه السلطة تمتلك
مهمة وضع التشريعات والقوانين والخطط في رسم سياسة معينه أو موجهة مشكلة ما، بحيث تمارس
المجالس التشريعية الدور المركزي لتشريع القوانين وصنع السياسات في النظام السياسي
وهذه السمة تضفي على سلطه تشريعيه ليس لكونها مخوله بذلك دستوريا فحسب وإنما يستلزم
الأمر الممارسة الفعلية لذلك.[4]
<><>
الفقرة: الثانية: الفاعل التنفيذي:
تمارس السلطة
التنفيذية في المغرب بموجب الفصل 89 من الدستور من طرف الحكومة والتي تتكون من رئيس
الحكومة والوزراء ويمكن أن ينضم كتاب الدولة.[5]
تمثل الحكومة
محور السياسات العمومية التي تقوم بتنفيذ القوانين وأداره المرافق العامة (السياسات
العامة)،[6] وبفضل
التعديلات الدستورية لسنه 2011 التي أعادت النظر في مؤسسة رئيس الحكومة ومؤسسة الحكومة
ذاتها أعيده لهذه الأخيرة المكان اللائقة بها، وأصبحت الجهاز الفعلي المسؤول بشكل مباشر
عن القطاع العام والسياسات العامة.[7]
وبخصوص قضايا
السياسات العمومية التي تبث فيها الحكومة بشكل حصري فهي:[8] السياسات العمومية والسياسات القطاعية، وطلب الثقة
من مجلس النواب قصد مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، والقضايا الراهنة المرتبطة بحقوق
الإنسان والنظام العام ومشاريع القوانين،[9] ومراسم القوانين ومشاريع المراسيم التنظيمية ومشاريع
المراسم المشار إليها في الفصول (65)(66)(70) من الدستور،[10]
فالسلطة التنفيذية إذن هي الجهة التي يقع
على تعيقها مهمة تنفيذ القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية واتخاذ الإجراءات اللازمة
لحفظ الأمن وأداره مختلف المؤسسات والمصالح العامة في الدولة.
لا يخفى دور
سلطه التنفيذية في رسم السياسات العمومية بأي حال من الأحوال تعيش فيها الشعوب تحت
تأثير السلطة التنفيذية بسبب الاعتماد بشكل كبير على القيادة التنفيذية في رسم وإعداد
السياسات العامة يمكن تتبع دور السلطة التنفيذية في صنع وإعداد السياسات العمومية في
المجالات التالية:
- الشؤون الخارجية: تعمل السلطة التنفيذية على رسم السياسة الخارجية وعقد الاتفاقيات الدولية بهدف أداره العلاقات مع الدول التي تتطلب إلى جانب لذلك أقامه سفارات وإرسال بعثات إلى الخارج
- تؤثر السلطة التنفيذية: على وسائل الإعلام والثقافة والصحافة وأجهزه الرأي العام
الأخرى بما يمكنها من توظيف هذه الإمكانات الإعلامية للتوعية وتحقيق التهيئة النفسية
وحتى تشكيل الرأي العام وفقا لما تطرحه من سياسات عمومية.[11]
فالحديث
عن الحكومة ونطاق تدخلها في سيرورة السياسات العمومية لا يستقيم دون التعريج على
صلاحيات المؤسسة الملكية الموسعة دستورا وقانونا باعتبارها الفاعل المركزي في دورة
إنتاج السلطة وممارستها ،وتجب الإشارة هنا ابتداء إلى انه جلي وواضح الدور الريادي
الذي تضطلع به المؤسسة الملكية في مقابل تضييق صلاحيات السلطة التنفيذية الأصلية،
كذلك مسألة التحكيم الملكي باعتبار الملك حامي حمى وطن ودين الشعب المغربي، وصاحب الحل
والعقد في كل الخلافات المستعصية بين المؤسسات الدستورية ومن هنا فتقويض سلطات
الجهاز الحكومي ليس بمعزل عن هذا التوصيف، والفصل 42 من دستور 2011 واضح في هذا
الباب.[12]
<><>
الفقرة: الثانية: الفاعل القضائي:
يتدخل القضاء
في صنع السياسات العامة من خلال الأدوار التالية دور الرقابة على دستورية القوانين
تحال على المحكمة الدستورية القوانين التنظيمية بموجب الفصل 132 قبل إصدار الأمر بتنفيذها
والأنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين قبل الشروع في تطبيقها لتبد
في مطابقة للدستور.
كما تبث المحكمة
في مطابقة القوانين والاتفاقيات الدولية للدستور إذا تمت إحالتها عليها من طرف الملك
أو رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين أو خمسة أعضاء من مجلس
النواب أو أربعين عضوا من أعضاء مجلس المستشارين.[13]
ويضاف إلى
هذا إمكانية الدفع بدستورية قانون أثير أثناء النظر في قضية وذلك إذا دفع احد الأطراف
بأن القانون الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور.[14] وبناء
على هذه الاحاله يمكن إحداث تعديلات على مضمون السياسات العمومية (القوانين الاتفاقيات...)
أو إلغائها حسب طبيعة هذه الاستشارة.
إن السلطة
القضائية بهذا المعنى تعتبر بمثابة رقيب قضائي على السياسات العمومية من خلال قيامها
بالمراجعة الدائمة والمنتظمة للقوانين المعبرة عنها لضمان شرعيتها فقد اكتسبت إذن المحاكم
دورها في عملية صنع السياسات العمومية من خلال سلطتها القضائية كونها من الأجهزة والمؤسسات
القضائية ولامتلاكها اختصاص مراجعه القضائية التي تقرر هذه المحاكم من خلال دستورية
وشرعية القوانين وعدم تعرضها مع المصلحة العامة.
<><>
الفقرة الرابعة: الفاعل الإداري
الفاعل الإداري تمثله الأجهزة الإدارية ويقصد بها تلك الأجهزة الإدارية والمؤسسات العمومية والإدارات الحكومية التي تضم أعدادا من الموظفين العموميون الذين يمتلكون بها مهارات وخبرات مرتبطة بتأدية مهام الخدمات المدنية والمصلحة العامة في المجتمع.[15] بالإضافة إلى الجماعات الترابية. ويرجع الدور البارز للجهاز الإداري في صنع السياسات العمومية إلى:
- كونه الجهة التي تملك المعلومات عن قضايا السياسات والجوانب التقنية المتعلقة بتنفيذ تلك السياسات.[16]
- نقص الخبرة التقنية لأفراد المؤسسة وكذا الهيئات التنظيمية التشريعية الذين غالبا ما يفوضون الأجهزة الإدارية صلاحيات واسعة تمكنها من إعمال سياسات واتخاذ قرارات إجرائية مهمة لها مفعول من حيث التأثير والأهمية مثل: القضايا المتعلقة بالدفاع؛ والتلوث؛ والطرق؛ السريعة؛ والسكك الحديدية؛ وغيرها.[17]
بالإضافة
إلى الدور المباشر في صنع السياسات العمومية خاصة تنفيذية منها تمثل الأجهزة الإدارية
مصدرا أساسيا لمقترحات التشريعات في الأنظمة السياسية مثل الولايات المتحدة الأمريكية
وبريطانيا وكثير من الدول النامية التي تعتمد على خبراء الإدارة بدرجة كبيرة.[18]
يمتلك الجهاز
الإداري معلومات كثيرة عن مختلف القضايا والسياسات والجوانب المتعلقة بها الأمر الذي
أكسبه حق المشاركة في صنع السياسة العمومية.
المطلب الثاني دور الفاعلين الغير الرسميون في صنع السياسات العمومية
أولا: الأحزاب السياسية:
دور الأحزاب في رسم وتخطيط السياسة العامة:
تُعد الأحزاب السياسية من أهم التنظيمات السياسية التي تؤثر بشكل مباشر على سير وحركة النظام السياسي وضمان استمراره واستقراره، فهي تؤدي دوراً مهماً في تنشيط الحياة السياسية وصارت تُشكل ركناً أساسياً من أركان النظم الديمقراطية، فأداء الأحزاب ينعكس سلباً أو إيجاباً على نوعية الحياة السياسية وعلى مستوى التطور الديمقراطي والتحديث السياسي وفاعلية النظام السياسي الذي يُعدّ انعكاساً للنظام الحزبي السائد في الدولة، وتُعد الأحزاب إحدى قنوات المشاركة السياسية للمواطن، وكذا إحدى قنوات الاتصال السياسي المنظم في المجتمع، فهي تقوم بالتعبير عن اهتمامات الأفراد وحاجاتهم العامة والعمل على تحقيقها من قِبَل الحكومة، بفضل الضغط الذي تمارسه الأحزاب على صنَّاع السياسة العامة الرسميين، وكذلك نقل رغبات وسياسات الحكومة إلى المواطنين والعمل على تعبئة الجهود والمواقف المتباينة إزاءها، إما دعماً وإما ورفضاً. [19]
وتتميز الأحزاب السياسية بمجموعة من الخصائص أو العناصر
تميزها عن غيرهارمن التجمعات والمنظمات المدنية والسياسية، ولعل أهمها:
- الحزب السياسي تنظيم مستقر نسبياً، يعمل على تعبئة الراغبين في المشاركةالسياسية وممارسة السلطة على الصعيدين المحلي والمركزي.
- يسعى الحزب دائماً للوصول إلى السلطة أو المشاركة فيها.
- يعد الحزب السياسي وسيلة لتدريب القيادات وتسهيل تغلغل الحكومة إلىمختلف مناطق وسكان البلاد، فهو نافذة الحكومة على الشعب.
- الحزب السياسي تنظيم محلي دائم الحضور وإن كان ذلك ظاهرياً، يقومبالبحث الدائم عن الدعم الشعبي بمختلف الطرق.
وتتنوع الأنظمة الحزبية في الدول المعاصرة، والتقسيم
الأكثر قبولاً للأنظمة الحزبية هو التقسيم القائم على أساس عدد الأحزاب السياسية،
ويمكن من خلاله تقسيم هذه الأنظمة على:
نظام الحزب الواحد، وفي هذا النظام يوجد حزب رسمي واحد
يحتكر بمفرده النشاط السياسي وممارسة السلطة وهو نظام متبع في الدول الشمولية.
ولايؤمن النظام السياسي هذا بشرعية أو قانونية وجود أي حزب سياسي آخر،لذلك فهو
يسيطر على الحكومة والبرلمان.
نظام الحزبين، يقوم هذا النظام على أساس وجود حزبين كبيرين في الدولة يتنافسان فيما بينهما من أجل الوصول إلى السلطة، وتكون حالة مناوبة بينهما ففي الحال الذي يصل فيه احدهما إلى السلطة يعني ذلك أن الثاني سيكون في موقع المعارضة، وبالرغم من افتراض هذا النظام بوجود حزبين كبيرين متنافسين فإن ذلك لا يعني عدم وجود أحزاب أخرى في الدولة ولكن هذه الأحزاب تكون في العادة ضعيفة التأثير في اتجاهات الرأي العام وبالتالي تكون قليلة الأهمية بالنسبة إلى الحزبين الكبيرين، وأهم الدول التي تعمل بهذا النظام هي الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وبريطانيا. نظام متعدد الأحزاب، يقوم هذا النظام على أساس وجود ثلاثة أحزاب أو أكثر.[20]
دور الأحزاب في تنفيذ السياسة العمومية:
وفي هذا الإطار فإن الحكومة تتولى السلطة في الدول الديمقراطية بناءً على انتخابات حرة يفوز بها الحزب أو الأحزاب الحائزة على الأغلبية البرلمانية، حيث تقوم الحكومة خلال فترة ولايتها بتنفيذ سياستها العامة المعلنة في البرنامج الانتخابي الذي انتخبت بناءً عليه، فصارت موكلة من الشعب بتنفيذه، كما تقوم الحكومة في إطار تنفيذ سياستها العمومية في الحفاظ على الحقوق والحريات العامة للأفراد والجماعات وحمايتها، وهنا تسهر الأحزاب من خلال الحكومة على ضمان هذه الحريات واستمرارها بكل الطرق والوسائل الممكنة التي هي في حوزتها لكسب التأييد الجماهيري، وإلا ستنهار شعبيتها، كما تسعى النظم الديمقراطية إلى تحقيق المساواة بين الأفراد والطبقات الاجتماعية، حيث تعمل الأحزاب المكونة للحكومة جاهدة لتحقيق ذلك، كما تسعى الحكومة أيضاً نحو تحسين مستويات الحياة لمجتمعاتها، بما يلبي حاجاتهم وحاجات أبنائهم، مما يتطلب ذلك وجود الدعم الاقتصادي الكافي والحرص من قبل الحكومة لتأمين وضمان الحياة الأفضل لمجتمعاته. [21]
للأحزاب دور مهم وفعال في تقييم هذه السياسة من خلال التعرف على الانعكاسات الإيجابية والسلبية الناجمة والمترتبة عن تلك السياسة بعد تنفيذها، وأيضاً عن أثر مخرجاتها ومدى فعاليتها وكفاءتها في تحقيق الأهداف المرجوة والمقصودة، فالسياسة العامة لا تحقق مقاصدها وأهدافها بشكل تام وفعلي ما لم تصاحبها عملية هامة وهي “عملية التقييم” التي تقوم على معرفة عملية وحقيقية وموضوعية بالانعكاسات السلبية أو الإيجابية المترتبة عن السياسة العامة وعن تنفيذها، وعن أثر مخرجاتها ومدى فاعليتها أو كفاءتها في تحقيق تلك الأهداف، لأن التقييم الفعَّال والموضوعي والحقيقي للسياسة العامة يُعد أساس نجاحها في تحقيق أهدافها ومقاصدها.
وعليه تعد الأحزاب السياسية أحد الجهات الأساسية التي تتولى عملية تقييم السياسة العمومية ، وذلك من خلال وجودها في الحكم أو وجودها في المعارضة، فمشاركة الحزب خارج نطاق السلطة تتجسد في قيامه بدور المعارضة، والأحزاب إذا لم تحكم أو لم تشارك في الحكم، فإنها تعارض من يحكم، والمعارضة كصورة للمشاركة الحزبية تتجلى في نقدها لنظام الحزب الحاكم وكشف أخطائه وتحديد مسؤولياته، ومع أن الهدف الأساسي للأحزاب هو الوصول إلى السلطة، إلا أنها تقدم فائدة كبيرة للمواطنين بما تضعه بين أيديهم من معلومات عن نشاطات السلطة الحاكمة في البلاد، يتعذر عليهم الوصول إليها بوسائلهم الشخصية.[22]
وعند ممارسة الحزب السياسي للرقابة في موقع المعارضة، فإنه يمثل ضغطًا على السلطة التنفيذية وبالتالي يكون مؤثرًا في تشكيل السياسات العمومية، وإجراء التعديلات لما يظهر من أخطاء أثناء التنفي.[23]
<><>
ثانيا: جماعات المصالح أو الضغط:
<><>
الأول؛ طبيعة النظام السياسي؛ ديمقراطياً كان أم سلطوياً. حيث تكون الخيارات المتاحة أكبر في المجتمعات الديمقراطية لوجود عدد أقل من القيود عليها، وتكون الاستراتيجيات والتكتيكات المتبعة فيها أكثر رسمية وانفتاحًا من تلك التي تنشأ في المجتمعات الاستبدادية، التي تتسم بالمحدودية والتخصيص، كما تكون أقل وضوحًا للعامة. لذا تبرز علاقة وثيقة بين الجماعة الضاغطة والليبرالية الديمقراطية. حيث تستفيد جماعات الضغط من مناخ الحريات السياسية والمدنية القائمة في هذه الأنظمة، ويمكن إلى حدٍّ ما اعتبار الجماعة الضاغطة أحد مظاهر الديمقراطية الحديثة.
العامل الثاني؛ هو هيكل عملية السياسة. حيث تسهم جماعات الضغط في رسم السياسة العامة عبر أساليب تؤثر في صناع القرار الرسميين وغير الرسميين، حيث تستهدف السلطة المعنية باتخاذ القرار وفقاً للنظام السياسي التي تمارس دورها فيه، وذلك يعتمد على توزيع الصلاحيات وطبيعة العلاقة بين هذه السلطات. على سبيل المثال، تمتلك السلطة التنفيذية سلطة أكبر من التشريعية في صنع السياسة في الأنظمة البرلمانية الديمقراطية، حيث يتم اختيار السلطة التنفيذية من الحزب السياسي الرئيسي أو ائتلاف الأحزاب في البرلمان (مثل فنلندا والهند وجمهورية أيرلندا)، وفي هذا الحال تكون السلطة التشريعية ذات سلطات أقل من رئيس الوزراء ومجلس الوزراء. وهنا قد تلجأ جماعات المصالح لممارسة نفوذها على اللجان البرلمانية التي كثيرا ما يؤكد مجلس الوزراء اقتراحاتها بشأن تعديلات مشروع القانون. على النقيض من ذلك، تعد الولايات المتحدة واحدة من الدول القليلة التي يمثل فيها الضغط التشريعي استراتيجية رئيسية لمجموعات المصالح؛ نظرًا للصلاحيات التي يتمتع بها كل من الكونغرس والولايات المتحدة والهيئات التشريعية للولاية. وبالرغم من محدودية الدور الذي تلعبه المحاكم في معظم النظم البرلمانية في صنع السياسات، إلا أنها قد تلعب دوراً رئيسيًا في إبطال التشريع في نظم أخرى، كما في الولايات المتحدة، حيث وفر نظام فصل السلطات للمحاكم دورًا أكبر في صنع السياسات، ونتيجةً لذلك تتبنى مجموعات المصالح استراتيجيات التقاضي بشكل كبير في الولايات المتحدة.
العامل الثالث؛ هو الثقافة السياسية المرتبطة بالنشاط الجماعي والضغط. تستخدم جماعات الضغط وسائل الإعلام والصحافة عبر تمويل الحملات الإعلامية أو توفير إعلانات مدفوعة الأجر لنشر مقترحاتها التي تعارض أو تدعم سياسة معينة وإيصالها إلى الأجهزة الحكومية، عن طريق نشر البحوث والدراسات التي تؤيد مزاعمها. كما تقوم بتنظيم المظاهرات العامة، والتأثير في الرأي العام، فمثلاً ينتسب أكثر من نصف الشعب الأمريكي رسمياً إلى إحدى هذه الجماعات، التي أصبحت منبراً معبراً عن الرأي العام الأمريكي، وتنشط بشكل ملحوظ في فترة الانتخابات.
<><>
ثالثا:الرأي العام:
الرأى العام هو تعبير
عن رأى غالبية الجماعة تجاه قضية ما ، ولا يشترط أن يكون هذا الرأى معبر عن
الجماعة كلها، ويتم التوصل لهذا الرأى من خلال المناقشات وتبادل الحجج المقنعة
بين أفراد الجماعة .وبتعبير اخر ن الرأي
العام هو نتاج تفاعل بين مجموعة من العوامل والمتغيرات، التي لا يمكن عزل أثر تغير
أي منها .
إن الرأى العام أصبح مؤثرا فى السياسة ااعمومية وذلك من خلال تأثيره على صانع
القرار ، فالرأى العام أصبح قوة لايستهان بها على الساحة الدولية، فالرأي العام
هو واحد من العوامل الهامة التي تؤثر علي السياسة العمومية ،فأصبح يؤثر على الدولة فى الإتجاهات التى
تتبناها فى علاقاتها مع الدول ، وأصبح له دورمهم فى ترتيب الأولويات التى تتبناها
الدولة فى الداخل والخارج
.
ومفهوم الرأي لم يعرف
إلا فى أوخر القرن 18 ، والرأي العام عن الجماعو أو الغالبية الموجودة فى الجماعة
، ورأى هذه الجماعة إزاء قضية أو مشكلة تمس مصالح هذه الأغلبية ،وهو تجميع
لاستجابات الأفراد تجاه قضية ما
.
وهناك الكثير من
الإقترابات التى تدرس العلاقة بين الرأى العام والسياسة العمومية منها :
- اقتراب الحدود : حيث أن الرأى العام يؤثر على السياسة الخارجية ،
ولكن هذا التأثير هو تأثير غير مباشر ، حيث أن الرأى العام لايشارك فى صياغة
السياسة العمومية بصورة مباشرة ، وإنما هو ضوابط لبدائل تلك السياسة التى لايستطيع
صناع القرار تجاوزها خوفا من سخط وغضب الرأى العام
.
- اقتراب الرابطة السلبية : حيث أن الرأى العام لا يمارس إلا تأثيرا
سلبيا ضئيلا على الرأى العام وذلك لسلبية الجماهير وعدم اهتمامها بالسياسة
العمومية .
- اقتراب الاتصال : حيث أن الرأى العام يلعب دورا هاما فى مراحل
عملية الإتصال من ” الإبطاء أو المدخلات أو المعلومات التى تم إستقبالها ،
والتغذية العكسية ، حيث يتأكد صانع القرار من نجاح أو فشل القرارات من خلال رد فعل
الجماهير “
- اقتراب الإدراك : أن الرأى العام يؤثر على السياسة الخارجية، وهذا
التأثير يأخذ شكل عملية تفاعل وتغذية عكسية من خلال إدراك صناع القرار .
فكيف يتكون الرأي العام وكيف يؤثر في صنع القرار.إن الرأى العام يتكون من خلال أربع مراحل وهى :
- مرحلة نشوء القضية .
- مرحلة تعريف الصراع .
- المرحلة العامة للصراع .
- وصول قضية الرأى العام الى دوائر صنع القرار .
تختلف العلاقة بين
الراي العام و صنع القرار فهي علاقة متبادلة و لكنها تختلف باختلاف النظام القائم
في الدولة ففي النظم الديمقراطية يزثر فيها الراي العام بقدر ما يتاثر و لكن في
النظم غير الديمقراطية تسمح للتاثير من طرف واحد مما يؤدي الى سخط و عدم الرضا بين
الجماهير .[26]
<><>
رابعا: الإعلام:
ويعتبر
الإعلام فاعلا غير رسمي يساهم في رسم السياسات العمومية، اي أنه جهاز لا يمتلك
مهاما قانونية تمنحه سلطة الحق في صنع القرار، وإنما يلعب دور المؤثر في عملية
إيصال قضية عمومية إلى أجندة الحكومة، ويتحقق هذا التأثير من خلال الدور الذي
يؤديه على مستوى رسم السياسات العمومية في مرحلة ما قبل القرار وأثناء صنعه وبعد
خروج القرار لحيز التنفيذ.
يؤدي الإعلام أدوارا عديدة داخل المجتمع، منها ما هو اجتماعي
كالتعليم و التثقيف والتوعية، بالإضافة إلى دوره السياسي بحيث يدفع من خلال انشطته
المتنوعة (تغطيات اخبارية، حوارات، تحقيقات، روبورطاجات...) صانع القرار نحو إصدار
سياسات عامة في مجال معين ومن الواضح أن للإعلام دور بارز في التأثير على أجندة
صانع القرار، باعتباره قد أجبر في مناسبات مختلفة الدول والحكومات على الاهتمام
بقضايا ومشكلات ظلت إلى وقت قريب بعيدة عن دائرة اهتمامها، كقضايا حقوق الإنسان و
مشاكل الاقليات و المرأة... وعمل على جعل العالم يهتم بالبيئة الداخلية للدول وهو
عامل يؤثر بشكل او باخر على السياسات الداخلية وعلى صانعي السياسة.
وتوصلت احدى الدراسات التي اجراها مجموعة من الباحثين، حول دور وسائل الاتصال في
وضع أولويات واهتمامات صانعي السياسة، إلى:
- وجود تأثير قوي للإعلام
على إدراك صانعي السياسية لأهمية القضايا على المستوى الحكومي.
- يرى صانعو القرار أن
ثمة تأثير كبير للتغطية الإعلامية بشأن القضايا المطروحة على الجماهير.
- اقتناع صانع القرار
بضرورة واهمية تصحيح الأوضاع المتعلقة بالقضايا المثارة عن طريق اتخاذ قرارات
علاجية.
ولوسائل
الإعلام دور اخر، يتمثل في تغذية عملية صنع القرار بالمعلومات التي تمثل المدخلات
الأساسية للعملية وذلك عن طريق توجيه الاهتمام بشكل انتقائي، وقيام الإعلام بهذه
الوظيفة لا يدخل فقط كفاعل يعرض المطالب على صناع القرار، وإنما يقدم العناصر التي
تؤثر في عملية رسم السياسة العمومية، كما أنه –الاعلام- يضع صناع القرار أمام
القضايا التي تكتسي طابع الاولوية وذلك وفق درجة الاهمية التي تحظى بها.
لوسائل
الإعلام دور خاص تلعبه في إخضاع السياسات العمومية للمساءلة و للتقييم ما إن حققت
نتائجها كاملة أو بشكل جزئي او أنها فشلت، وذلك من خلال تأثيرها في حياة الأفراد
والمجتمعات و في مراكز صنع القرار السياسي، فهي تسلط الأضواء حول المؤثرات السلبية
التي تعوق هذه السياسات ويناط بها أخذ زمام المبادرة في طرح البدائل واثارتها.
وأثر
ظهور الإعلام الجديد، ووسائل التواصل الاجتماعي، وتزايد عدد مستخدمي الانترنت و
انتشاره، وصعود صحفيين مستقلين، على ممارسة الرقابة على عمل الحكومات ومساءلتها و
تقييم سياساتها وكذا ارغامها على تعديل قرارتها أو إلغائها نهائيا.[27]
<><>
خامسا: المجتمع المدني:
يعرف
المجتمع المدني على أنه:« مجموعة التنظيمات الطوعية المستقلة عن الدولة ، التي
تملأ المحال العام بينالأسرة و الدولة، التي تنشأ لتحقيق مصالح أعضائها ، كالجمعيات
الأهلية و الحركات الإجتماعية،والمنظمات غير الحكومية ...الخ، كما تنشأ لتقديم
خدمات أو مساعدات أو خدمات اجتماعية للمواطنينأو لممارسة أنشطة إنسانية متنوعة،
وهي تلزم وجودها و نشاطها بقيم و معايير الاحترام و التراضيو التسامح و المشاركة و
الإدارة السلمية للتنوع و الاختلاف».[28]
إن
الحديث عن دور المجتمع المدني في عملية صنع السياسة بأبعاده وحدوده وتقييم مدى
فاعليته، مرهون بطبيعة العلاقة
بين الدولة والمجتمع المدني، هل هي علاقة متبلورة تقوم على الثقة وإعتماد
المتبادل بينرالطرفين؟ أم علاقة ما
زالت في طور التشكل، وتتجاذبها توجهات متناقضة ما بين إيجابية وسلبية؟رفكل نمط من أنماط هذه
العلاقة من المتوقع أن يفرز أدواراً مختلفة للمجتمع المدني في صنع السياسة، اذارغالباًكانت علاقة
المجتمع المدني بالدولة علاقة شراكة فعالة فان المجتمع المدني يشارك في صياغة
السياساتالعامة وتنفيذها أي الحالة الأولى (حالة الاعتماد المتبادل)، لكن في
الحالة الثانية أي علاقة توترينحصر دور المجتمع المدني في القيام بمشروعات صغيرة
هنا وهناك لمساعدة الفقراء والمهمشين، أو ما يطلقعليه ملء الفراغ الذي تركته
الدولة بعد إنسحابها دون أن يمارس دوراً حقيقياً في صنع السياسة من حيثصياغتها
وتنفيذها وأيضاً تقويمها. وفي الغالب – وهذا وضع كثير من دول العالم الثالث – يكون
وراءإفساح بعض المجال للمجتمع المدني الأزمة الإقتصادية التي تعاني منها هذه
البلدان، بالإضافة إلى الضغوط التيتتعرض لها من المؤسسات الدولية وغيرها من أجل
الإعتراف بوجود هذا المجتمع المدني والإقرار بإستقلاله[29].
<><>
سادسا: مراكز الدراسات و البحوث:
يقصد
بمراكز الدراسات أو مراكز الفكر بأنها: "منظمات بحثية هدفها الاساس هوتوفير دراسات وابحاث
تتعلق بالقضايا والسياسات العمومية للدولة أو المجتمع، وتحاولان تكون مشاركا
بفعالية ومؤثرة في قضايا ونقاشات القضايا العمومية أو السياساتالعمومية".
ويمكن ان تعرف بأنها: "مؤسسات تقوم بالدراسات والبحوث الموجهة لصانعيالقرار،
التي قد تتضمن توجهات أو توصيات معينة حول القضايا المحلية والدولية،بهدف تمكين
صانعي القرار والمواطنين من صياغة سياسات حول قضايا السياسةالعمومية". وهذه
المراكز قد تكون حكومية أو خاصة، وقد تكون مرتبطة بأحزابسياسية، جماعات مصالح،
شركات، أو قد تكون غير حكومية ومستقلة. [30]
واحتلت مسألة وضع
السياسة العمومية مجالاً للتخصص حيزاً مهماً في الحاضر،حينما قامت به الدول
المتقدمة وعدد من الدول النامية بإنشاء مراكز أبحاثمتخصصة بدراسة السياسات العامة،
وهو ما يشار اليه بمؤسسات التفكير بحيث تتميز تلك الدول بإيجاد هياكل وأطر متخصصة
بالتفكير المنهجي فيالقضايا الاجتماعية، ومن خلال القيام بالدراسات وعمل المسوحات
أساساً لوضعالسياسات العامة. وهذا التوجه قد تبلور بشكل واضح بعد الحرب العالمية
الثانية،وكانت بدايته في مجال السياسات العسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية
بشكلخاص، وقد تخصصت فيه بشكل رئيس مؤسسة راند.
وتشكل
هذه المراكز والمؤسسات العلمية إحدى المرتكزات البنيوية الهامة في قطاعالمعلومات،
بخاصة في الدول المتقدمة التي تقدس مكانة العلم والبحث العلمي، ولهادور مهم في
تحديد مشكلات السياسة العامة لما تقدمه من دراسات حول أهم القضاياالتي تواجه صناع
القرار والضغوط البيئية، وبنوع من الموضوعية والحياد السياسي،وتتم دراسة السياسات
العمومية بطريقة شخصية من خلال باحثين يعملون في إطارمراكز بحثية معينة أو جامعات
أو في اطار دراسات واستشارات خاصة لدى الأطرافالمانحة أو المعاهد المتخصصة، فعدد
كبير من الباحثين والعلماء ومؤسسات البحثيتعاملون بطريقة غير مباشرة مع السياسات
العمومية من خلال التقييم لقطاع معين،سواء في إطار استشارة أو عقد بحثي إذ يقومون
بإصدار دراسات غنية بالمعلومات،لاسيما وأن الدراسات أصبحت تذهب أبعد من الوصف
باستعمال الاساليب والمناهجالعلمية الكمية والكيفية الملائمة والادوات التحليلية
والتجريبية الموائمة.
<><>
سابعا: الظروف و الأوضاع الخارجية:
أدت متغيرات القرن الحادي والعشرين المتمثلة بالثورة التكنلوجية
التي جعلتالعالم اشبه بالقرية الصغيرة، والعولمة، والاعتماد المتبادل، إلى
حدوث تغير في مفہومالسيادة، وصار من المحال ان تعيش دولة ما بمعزل عن الدول الاخرى
أو بمنأى عنتأثيرات الاحداث الخارجية، والمعطيات الدولية، لأنها تتأثر سلباً
وايجاباً بمجرياتوتيارات عوامل القوة السياسية والاقتصادية والتكنولوجية وحتى
الثقافية السائدة فيالبيئة الدولية. كل ذلك منح القوى الدولية الفرصة للتأثير في
رسم السياسة العامةللدولة فالمناخ العام للشؤون الدولية يعد بمثابة الوسط الذي يقع
فيه فعل الدولةوتدار فيه سياساتها العامة، أي إنه مصدر تأثير كبير وواسع لما يطلق
عليه معطيات أومسلمات السياسة العامة
وبذلك
تتسع دائرة الفواعل المؤثرة في صنع السياسات العامة من دون ان تقتصرعلى الفواعل
الداخلية (الرسمية، وغير الرسمية)، لتشمل أطرافاً خارجية، مثلالمنظمات الدولية،
كالأمم المتحدة، ومجلس الامن، والبنك الدولي للتنمية والاعمار،ومنظمة البلدان
المصدرة للنفط (أوبك)، ومنظمة الطاقة الذرية، والشركات متعددةالجنسية، وغيرها،
وكذلك الاتحادات الدولية، كالاتحاد الاوروبي، والجامعة العربية،واحياناً يكون
الطرف الخارجي المؤثر دولة واحدة ذات قوة عسكرية واقتصادية متفوقة كالولايات
المتحدة الأمريكية. ولعل اهم الامثلة على تأثير هذه الجهات يتضحسياسة الاصلاحات
التي تبنتها الحكومة التركية جزءاً من شروط الانضمام إلىالاتحاد الاوروبي،
والتغيير الذي أحدثته الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها فيافغانستان والعراق
بالقوة العسكرية، وتحديد السياسات المتعلقة بإنتاج النفطواسعاره بالنسبة للدول
المنتجة للنفط الأعضاء في منظمة (اوبك). وكذلك تأثيرصندوق النقدالدولي عندما يفرض
شروطه بتغيير عدد من السياسات في الدول التيتحصل على قروض منه.
بقلم: ساعد الصبار ونعمان حمداوي
المصادر:
[1] دليل تحليل السياسات العامة، المنجز من طرف مركز
جامعة والية نيويورك للتنمية الدولية، المتعاقد مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية
إدارة مشروع دعم أعمال البرلمان، سنة 2007، ص، 42
.
[2] مثنى فائق مرعي العبيدي، مقاربات نظرية في السياسات
العامة، المنظمة العربية للتنمية الإدارية،
جامعة الدول العربية 2019، ص 72.
[3] فدوى تزيت
الفاعلون الرسميون في صنع السياسات العمومية بالمغرب.
[4] مثنى
فائق مرعي العبيدي، مقاربات نظرية في السياسات العامة، المنظمة العربية للتنمية
الإدارية، جامعة الدول العربية 2019، ص 73.
[5] الفصل 87 من دستور فاتح
يوليوز 2011 .
[6] أحمد مصطفى الحسين، مدخل إلى تحليل السياسات العامة، سلسلة الكتاب
العلمي التدريسي في العلوم السياسية )1 ،)المركز العربي للدراسة السياسية، مطبعة
الجامعة األردنية، الطبعة األولى 2002 ،ص: 43
.
[7] موالي هشام المراني، الفاعلون الرسميون في صنع
السياسات العمومية بالمغرب مجلة الدراسات الإفريقية وحوض النيل المجلد الرابع
العدد الثامن ماي 2020 صفحة 276.
[8] الفصل 92
من الدستور المغربي.
[9]ما عدا مشاريع القوانين
التي يفرض الفصل 49 ضرورة التداول بشأنها في إطار المجلس الوزاري ويتعلق األمر بـ:
مشاريع مراجعة الدستور، ومشاريع القوانين التنظيمية، والتوجهات العامة لمشروع قانون
المالية، ومشاريع القوانين اإلطار، ومشروع قانون العفو الملكي العام، ومشاريع النصوص
المتعلقة بالمجال العسكري
[10]يتعلق الأمر بمراسيم:
ختم الدورة البرلمانية) الفصل 65) وجمع البرلمان في دورة استثنائية،
ثم ختم هذه الدورة )الفصل 66 (واتخاذ، في ظرف محدود من الزمن ولغاية معينة، تدابير يختص القانون عادة
باتخاذها )الفصل 70( .
[11] مثنى
فائق مرعي العبيدي، مقاربات نظرية في السياسات العامة، المنظمة العربية للتنمية
الإدارية، جامعة الدول العربية 2019، ص 81.
[12] فدوى تزيت الفاعلون الرسميون في صنع السياسات العمومية بالمغرب.
[13] الفقرة الثالثة
من الفصل 132 من الدستور.
[14]الفصل 133 من الدستور
المغربي.
[15] فهمي خليفة الفهداوي، السياسة العامة منظور كلي
في البنية والتحليل، عمان، دار المسيرة ل لنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى
2001، ص: 217
[16]أحمد مصطفى
الحسين، مدخل إلى تحليل السياسات العامة، سلسلة الكتاب العلمي التدريسي في العلوم
السياسية (1) المركز العربي للدراسة السياسية، مطبعة الجامعة الأردنية، الطبعة الأولى
2002، ص: 235.
[17] جيمس أندرسون، صنع السياسات العامة، ترجمة د.
عامر الكبيسي، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، عمان، الطبعة الأولى 1999، ص: 60.
[18] أحمد مصطفى الحسين، مدخل إلى تحليل السياسات
العامة، سلسلة الكتاب العلمي التدريسي في العلوم السياسية (1) المركز العربي
للدراسة السياسية، مطبعة الجامعة الأردنية، الطبعة الأولى 2002، ص: 237.
[19]المركز الديموقراطي العربي للدراسات الاقتصادية و الاستراتيجية و السياسية
[20] مثنى فائق مرعي العبيدي، مقاربات نظرية في السياسات العامة،
المنظمة العربية للتنمية الإدارية، جامعة
الدول العربية 2019، ص90
[21]سعد محمد محي، دور الدولة في ظل العولمة، مركز الاسكندرية للكتاب، الإسكندرية، 40-41.
[22]الغويل، سليمان صالح، ديمقراطية
الأحزاب السياسية والجماعات الضاغطة، بنغازي، ص79-82
[23]زاير الهام، دور الأحزاب
السياسية في التأثير على صنع السياسة العامة في الجزائر، المجلة الأكاديمية للبحوث
القانونية والسياسية- جامعة بكر بلقايد تلمسان، المجلد الثالث، ع 2، الجزائر،
2019، ص310
[24]روبرت دال: التحليل
السياسي الحديث، ترجمة د. علا أبو زيد، القاهرة، الأهرام،1993
[25]هديل
القطامين نشر في: 2019-10-25 الموسوعة السياسيىة
[26]المركز الديمقراطى العربى المركز الديمقراطى العربى.
ورقة بحثية : الرأى العام والسياسة الخارجية. تامر عبدالحميد محمد مرتضى
[27]علي كواجي. أي دور لوسائل الإعلام في التأثير على أجندة
السياسات العمومية وفي تقييم عمل الحكومات. https://m.nadorcity.com
[28] عبد
الغفار شكر .اختراق المجتمع المدني في العالم العربي .الدولة الوطنية و تحديات
العولمة في الوكن العربي .القاهرة .مكتبة عدبولي 2004ص77
[29] مثنى فائق مرعي العبيدي.مقاربات
نظرية في السياسات العامة .ص89
[30]سامي الخوندار و طارق الاسعد.دور مراكز الفكر و الدراسات في البحث العلمي و
السياسة العامة .مجلة دفاتر السياسة والقانون .العدد 6ص3.4