-->

الميثاق الوطني للتربية والتكوين بالمغرب

 تجدر الإشارة إلى أن هذا الميثاق هو الذي ما زال يعتبر المرجع الأساسي لإصلاح التعليم بالمغرب وله مجموعة من الأهداف كما يرتكز على أسس محددة.

ما هو الميثاق الوطني للتربية والتكوين؟ يقصد بهذا الميثاق الوثيقة الرسمية التي وضعتها وزارة التربية الوطنية المغربية كدستور من اجل إصلاح وإيجاد حلول ملائمة للمشاكل التي يعاني منها قطاع التعليم بالمغرب.

الميثاق الوطني للتربية والتكوين بالمغرب

يهتم الميثاق الوطني للتربية والتكوين بمد المنظومة التعليمية بالأساليب والطرق الحديثة وإدخال التعديلات الفعالة واللازمة عليها. كما أنه يكتسي اهمية كبرى في استشراف مستقبل التعليم بالبلاد بالتالي مستقبل الأجيال القادمة، ويعتمد في تنزيله على الاستراتيجيات البيداغوجية الناجعة لعل أهمها بيداغوجيا المقاربة بالكفايات والتي ابانت عن دورها في تطور التعليم وتحقيق الأهداف المنصوص عليها.

يرتكز هذا الميثاق على استخدام بيداغوجيا الكفايات او بالمقاربة بالكفايات والتي تجعل من المتعلم أو التلميذ او الطالب المركز والمحور الأساس في العملية التعليمية ككل ومن أهم عناصر بناء المعرفة وتحقيق أهداف الحصص الدراسة. وقد تم تنزيل مقتضيات الميثاق وتطبيق ما جاء به في سنة 2000.

تم الإعلان عن الميثاق بتاريخ 8 أكتوبر من سنة 1999، ويعد من أول الخطوات التي قام بها المغرب من اجل اصلاح التعليم والنظام التعليمي ككل، ويعتبر مرجعا أساسيا لمختلف الإصلاحات التي تتخذ في هذا الخصوص لحد الأن.

جاء الميثاق الوطني للتربية والتكوين بمبادئ أساسية وهي: المرتكزات السابقة، الغايات الكبرى، حقوق وواجبات الأفراد والجماعات، التعبئة الوطنية لتجديد المدرسة. وخصت مجالات التجديد مجال نشر التعليم وربطه بالمحيط الاقتصادي، التنظيم البيداغوجي، الرفع من جودة التربية والتكوين، الموارد البشرية، الشراكة والتمويل، ثم التسيير والتدبير. وينقسم الميثاق إلى قسمين أساسيين وهما: 

القسم الأول:

ويحتوي هذا القسم على المبادئ الأساسية لنظام التربية والتكوين فيتطرق فيه الميثاق لـ 4 عناصر مهمة هي:

المبادئ والمرتكزات الثابتة لنظام التربية والتكوين: يتضمن المبادئ والقيم الإسلامية لديننا الإسلامي الحنيف، الثوابت والمقدسات الوطنية، الإرث الحضاري والتاريخي للمملكة المغربية، التشبث والحفاظ على الأصالة المغربية والطموح للمعاصرة، التركيز على التربية والتكوين من أجل تحقيق التطور والتقدم المنشود في المجتمع المغربي اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا.

الأهداف المنشودة من الإصلاحات: التركيز على المتعلم وجعله محور العملية التعليمية، عمل نظام التربية والتكوين بمهامه ليمد المجتمع المغربي بالكفاءات المطلوبة، الوصول لمدرسة مغربية مفعمة بالحياة ومنفتحة على محيطها وطنية وفاعلة، جعل الجامعات المغربية مركز التنمية والتطور.

واجبات وحقوق الفاعلين أفرادا كانوا أو جماعات: تعميم التمدرس على جميع الفئات في المدن والقرى، تحفيز الإبداع والابتكار، تكريس مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، العمل على احترام الحقوق المنصوص عليها في نظام التربية والتكوين.

التعبئة الوطنية الشاملة والمتكاملة من أجل فعالية الإصلاح: تم اعتبار الفترة ما بين سنتي 2000 و2009 فترة التعليم بامتياز يجب القيام بمجموعة من الإصلاحات والتعديلات من أجل تحقيق التقدم والتطور المنشود في المنظومة التعليمية المغربية.

القسم الثاني: 

يتضمن هذا القسم مجالات التجديد الستة والتي تم تفريقها وتوزيعها على شكل 19 دعامة مرتكزة من أجل التغيير.

المجال الأول: نشر التعليم وربطه بالمحيط الاقتصادي​ ويحتوي على 3 دعامات وهي: دعامة تعميم تعليم جيد في مدرسة متعددة الأساليب، التربية غير النظامية، ومحاربة الأمية، ثم السعي إلى تلاؤم أكبر بين النظام التربوي والمحيط الاقتصادي.

المجال الثاني: التنظيم البيداغوجي ويضم ثلاث دعامات كذلك وهي: إعادة الهيكلة وتنظيم أطوار التربية والتكوين، التقويم والامتحانات، والتوجيه التربوي والمهني.

المجال الثالث: الرفع من جودة التربية والتكوين ويضم هذا المحور 6 دعامات أساسية وهي: مراجعة البرامج والمناهج والكتب المدرسية والوسائط التعليمية، استعمالات الزمن والإيقاعات المدرسية والبيداغوجية، تحسين تدريس اللغة العربية واستعمالها واتقان اللغات الأجنبية والتفتح على الأمازيغية، استعمال التكنولوجيا الجديدة للإعلام والتواصل، تشجيع التفوق والتجديد والبحث العلمي، إنعاش الأنشطة الرياضية والتربية البدنية المدرسية والجامعية والأنشطة الموازية.

المجال الرابع: الموارد البشرية ويتضمن دعامتين وهي: حفز الموارد البشرية وإتقان تكوينها وتحسين ظروف عملها ومراجعة مقاييس التوظيف والتقويم والترقية، تحسين الظروف المادية والاجتماعية للمتعلمين والعناية بالأشخاص ذوي الحاجات الخاصة.

المجال الخامس: ​التسيير والتدبير ويضم 3 دعامات أساسية وهي: إقرار اللامركزية واللامركزي في قطاع التربية والتكوين، تحسين التدبير العام لنظام التربية والتكوين وتقويمه المستمر، وتنويع أنماط البنايات والتجهيزات ومعاييرها وملاءمتها لمحيطها وترشيد استغلالها وحسن تسييرها.

المجال السادس: الشراكة والتمويل ويرتكز على دعامتين: حفز قطاع التعليم الخاص، وضبط معاييره وتسييره ومنح الاعتماد لذوي الاستحقاق، وتعبئة موارد التمويل وترشيد تدبيرها.[1]

يشمل نظام التربية والتكوين التعليم ما قبل المدرسي والتعليم الابتدائي والتعليم الإعدادي والتعليم الثانوي والتعليم العالي والتعليم الأصيل. ويقصد بتعميم التعليم، تعميم تربية جيدة على ناشئة المغرب التعليم ما قبل المدرسي من سن 4 إلى 6 سنوات وبالابتدائي والإعدادي من سن 6 إلى 15 سنة.

خلال العشرية الوطنية للتربية والتكوين، المعلنة بمقتضى هذا الميثاق، سيحظى التعليم ما قبل المدرسي والابتدائي والإعدادي بالأولوية القصوى، وستسهر سلطات التربية والتكوين، بتعاون وثيق مع جميع الفعاليات التربوية والشركاء في إدارات الدولة والجماعات المحلية والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، على رفع تحدي التعميم السريع للتعليم ما قبل المدرسي والابتدائي والإعدادي في جميع أرجاء المملكة، بتحسين جودته وملاءمته لحاجات الأفراد وواقع الحياة ومتطلباتها، مع إيلاء الفتاة في العالم القروي عناية خاصة.

ويندرج في تحسين جودة التعليم، بموازاة تعميمه، مراعاة التوجهات الواردة في دعامات هذا الميثاق، وبلورتها في الواقع الملموس، وعلى الخصوص إعادة هيكلة أسلاك التعليم ما قبل المدرسي والابتدائي والإعدادي، والإدماج التدريجي للتعليم ما قبل المدرسي، وتحسين البرامج والمناهج البيداغوجية والتقويم والتوجيه، وتجديد المدرسة، ودعم تعليم اللغات وتحسينه.

يصبح التعليم إلزاميا ابتداء مــن تمام السنة السادسة من العمر إلى تمـــام الخامسة عشرة منه، تبعا لتقدم إرساء الهياكل والشروط التربوية الكفيلة بإعطاء هذه الإلزامية محتواها العملي. ويستند تنفيذ الإلزامية، في كل مكان توافرت فيه هذه الشروط، على الجذب والحفز المعنوي للتلاميذ وأوليائهم، دون الاقتصار على الوسائل القسرية المشروعة وحدها.

تبذل كل الجهود لاستقطاب جميع المتمدرسين، وضمان تدرجهم الدراسي على نحو متواصل، مواظب ومكلل بالنجاح على أوسع نطاق، للقضاء تدريجيا على الانقطاع والفشل الدراسي، والمتابعة المتقطعة أو الصورية للدراسة. ويدخل في عوامل استقطاب التلاميذ وحفزهم ومساعدتهم على النجاح، تقريب المدرسة من المستفيدين منها وفق مقتضيات المادة 160 والعناية بها، وتحقيق مختـــلف الشـــروط المنصوص عليـــها في المواد 139 إلى 143 من هذا الميثاق، وكذا المقتضيات المتعلقة بحفز المدرسين.

تحدد الجدولة الزمنية لتعميم التعليم كما يلي:

أ-  ابتداء من الدخول المدرسي في شتنبر سنة 2002, ينبغي أن يجد كل طفل مغربي بالغ من العمر ست سنوات، مقعدا في السنة الأولى من المدرسة الابتدائية القريبة من مكان إقامة أسرته، مع مراعاة تكييف المدرسة مع الظروف الخاصة بالعالم القروي وفقا لما تنص عليه المادة 29 من هذا الميثاق؛

ب- تعميم التسجيل بالسنة الأولى من التعليم ما قبل المدرسي في أفق 2004، وتركز الدولة دعمها المالي في هذا الميدان على مناطق قروية وشبه حضرية، وبصفة عامة، على المناطق السكانية غير المحظوظة؛

ج-  وفي الآفاق الآتية يصل التلاميذ المسجلون بالسنة الأولى من التعليم الابتدائي في 1999-2000 إلى:

  • نـهاية المدرسة الابتدائية بنسبة 90 في المائة، عام 2005؛
  • نهاية المدرسة الإعدادية بنسبة 80 في المائة، عام 2008؛
  • نهـاية التعليم الثانوي (بمــا فيه التكوين التقني والمهني والتــــمرس والتكوين بالتناوب) بنسبة 60 في المائة،عام 2011؛
  • نيل البكالوريا بنسبة 40 في المائة عام 2011 .

د -  لا ينبغي تحقيق هذه الأهداف الكمية على حساب جودة التعليم.

تيسيرا لتعميم تعليم جيد، وسعيا لتقريب المدرسة من روادها وإدماجها في محيطها المباشر، خصوصا في الأوساط القروية وشبه الحضرية، ينبغي القيام بما يلي:

أ -  إنجاز شراكة مع الجماعات المحلية، كلما أمكن، لتخصيص أمكنة ملائمة للتدريس والقيام بصيانتها، على أن تضطلع الدولة بتوفير التأطير والمعدات الضرورية؛

ب - اللجوء عند الحاجة للاستئجار أو اقتناء المحلات الجاهزة أو القابلة للإصلاح والملائمة لحاجات التدريس، في قلب المداشر والدواوير والأحياء، دون انتظار إنجاز بنايات جديدة في آجال وبتكاليف من شأنها تأخير التمدرس؛

ج -حفز المنعشين العقاريين في إطار الشراكة على أن يدرجوا في مشاريعهم وبطريقة تلقائية بناء مدارس في المراكز الحضرية الصغيرة المندمجة في الوسط القروي وكذا في المناطق المحيطة بالمدن؛

د - الاعتماد على المنظمات غير الحكومية ذات الخبرة التربوية، للإسهام في تعميم التعليم، على أساس دفاتر تحملات دقيقة؛

هـ - بذل مجهود خاص لتشجيع تمدرس الفتيات في البوادي، وذلك بالتغلب على العقبات التي مازالت تحول دون ذلك. ويتعين في هذا الإطار دعم خطة التعميم ببرامج محلية إجرائية لصالح الفتيات، مع تعبئة الشركاء كافة، وخاصة المدرسين والمدرسات والأسر والفاعلين المحليين؛

و - إعطاء المدرسةهامش المرونة والتكيف باعتبارها مؤسسة عمومية، مع صلاحية اعتماد صيغ بديلة كلما كانت الظروف الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية للموقع والســـكان عائـــقا أمام المدرسة الابتدائية العادية؛

ز - تمكين المدرسة الجماعية منترجمة تعدديتها في مختلف العناصر المكونة للتعليم من استعمالات الزمن والبرامج والمناهج البيداغوجية والوسائل الديداكتيكية، وحفز الآباء والأطفال والمربين، شريطة التمسك بالأهداف المتوخاة لإصلاح التعليم.[2]

تعليق:

جاء الميثاق الوطني للتربية والتكوين بمجموعة من الإجراءات لإصلاح المنظومة التربوية والتعليمية ببلادنا، إلا أنه رغم كل ما جاء به هذا الميثاق من مجهودات وقراءاتفإن هذه المنظومة لا زالت تعرف نواقص متنوعة على المستويات البيداغوجية والتدبيرية والمالية. كما أن على مستوى إنزال وأجرأة هذا الميثاق على أرض الواقع اصدم بعدة عراقيل وإكراهات، من بين هذه المشاكل المستوى الثقافي، الاجتماعي، والاقتصادي، حيث عند وضع هذا الميثاق، لم يتم الأخذ بكل هذه المتغيرات التي تتحكم بشكل مباشر في المنظومة التربوية بالمغرب. وبسبب الفشل الذي طال هذا الميثاق تم التفكير في وضع مخطط استعجالي للنهوض بهذه المنظومة.

 بقلم: شيماء بن تواحيت
المصادر:

[1] الميثاق الوطني للتربية والتكوين.

[2] https://www.men.gov.male 15/04/2022

إرسال تعليق

شاركنا رأيك في الموضوع

أحدث أقدم