-->

جهود المغرب في النهوض بأوضاع الطفولة وحمايتها

تعتبر الطفولة من المراحل الحياتية المهمة ليس للفرد فحسب و إنما للمجتمع ككل، إضافة إلى كونها مرحلة عمرية من مراحل نمو الكائن البشري و الأساس التي تبنى عله شخصيته فإن المجتمع عن طريقها يلبي احتياجاته من العناصر البشرية اللازمة لحمل مسؤولية بنائه و تنميته .[1]

إن حماية حقوق الطفل تعد بمثابة استمرار للجود الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان و إقرارها من طرف الدول بملاءمة تشريعاته للاتفاقيات الدولية و المساهمة في نشر ثقافة حقوق الطفل على المستوى الوطني لأن الطفل يعتبر صاحب حقوق و ليس مجرد موضوعا للحقوق.

جهود المغرب في النهوض بأوضاع الطفولة وحمايتها

الإطار التشريعي المغربي لحماية حقوق الطفل

تواصلت الدينامية الوطنية لإغناء النقاش العمومي حول حقوق الطفل بعد مصادقة المغرب على اتفاقية حقوق الطفل سنة 1993، حيث خصص المؤتمر الوطني الثاني حول حقوق الطفل سنة 1995محورا خاصا بالطفل في التشريع، كما قام المرصد الوطني لحقوق الطفل بإنجاز دراسة لملاءمة النصوص القانونية مع هذه الاتفاقية، وقدم توصيات ساهمت، إلى جانب جهود مختلف الفاعلين من قطاعات وزارية وبرلمان وجمعيات المجتمع المدني، في القفزة النوعية التي عرفها التشريع المغربي في مجال الطفولة مع بداية الألفية الجديدة ، أفضت إلى صياغة قوانين عديدة لحماية المصلحة الفضلى للطفل .

حماية حقوق الطفل على ضوء مدونة الأسرة و مدى ملائمتها مع الاتفاقية الدولية ذات الصلة

اعتنى المغرب منذ فجر التاريخ الإسلامي به ، بالإنسان بصفة عامة وبالأطفال بصفة خاصة، فكانت الشريعة الإسلامية السمحاء هي المطبقة ، واستمرت الى حد الآن باعتبارها المصدر الأساسي لأحكام مدونة الأسرة[2] ، التي شكلت اللبنة الأساسية لتنظيم الأسرة المغربية تنظيما محكما يساير من جهة الشريعة الإسلامية ، مادام أن الدين الإسلامي هو الدين الرسمي للدولة المغربية،وتساير من جهة أخرى الاتفاقيات الدولية التي تهم مجال الأحوال الشخصية بصفة خاصة .

وقد أولت هذه المدونة عناية مميزة للطفل الذي لم يبلغ بعد سن الرشد القانوني، وأكدت في ديباجتها على ضرورة: ” الحفاظ على حقوق الطفل، بإدماج مقتضيات الاتفاقية الدولية التي صادق عليها المغرب في صلب المدونة “. وانطلاقا من هذه الديباجة وما دام المغرب قد صادق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي لها علاقة بالطفولة خاصة اتفاقية حقوق الطفل سنحاول في هذا البحث الوقوف على مدى مسايرة مدونة الأسرة في موادها لما تم تقريره ببعض الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والتي ستتم الإشارة إليها في هوامش هذا البحث عندما نتناول بعض مقتطفاتها. “

خاصة وان دستور المملكة لسنة 2011 نص في تصديره على”جعل الاتفاقيات الدولية كما صادق عليها المغرب وفي نطاق احكام الدستور وقوانين المملكة وهويتها الوطنية الراسخة تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية والعمل على ملاءمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة” وهو توجه صريح من اسمى قاعدة قانونية على سمو الاتفاقيات الدولية المصادق عليها على التشريع الوطني.

و“الأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع والبيئة الطبيعية لنمو ورفاهية جميع أفرادها و بخاصة الأطفال،ينبغي أن تولى الحماية و المساعدة اللازمتين لتتمكن من الاضطلاع  بمسؤوليتها داخل المجتمع” .

و هو ما استجاب له المشرع المغربي من خلال مدونة الاسرة،حينما أفردت لحماية الأطفال عناية خاصةمراعاة بذلك بعض الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.

لعل الغاية العظمى من تشكيل الأسرة بين رجل و امرأة هي الحصول على الخلف الصالح و حتى يتحقق  صلاح هذا الخلف، ينبغي أن يحاط الأبناء بالعناية اللازمة منذ الوهلة الأولى لازديادهم ،بل و قبل ولادتهمعندما يكونوا أجنة في بطون أمهاتهم ، بيد أن العناية و الحماية تكون ملحة بشكل كبير بعد الولادة

و تتجسد هذه الحماية بعد الولادة في الحق في أن يكون للمولود نسبو في ان ينفق عليه ، و في أن يكون محضونا .

أ‌.     حق الطفل في النسب

لقد كانت الشريعة الإسلامية سباقة الى المناداة بحماية حق الطفل في النسب، مصداقا لقوله تعالى ” ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله “.عن طريق محاربتها لكل ما يخالف  الزواج الشرعي، الذي اعتبرته، المنبت الأصيل للأبناء لأنه في حماية النسب حماية للمجتمع و لاطمئنان الابن نفسه، و لتوفير الرعاية والعناية بالطفل على أحسن وجه ممكن.

و قد سايرت الاتفاقيات الدولية هذا المنحى عندما أشارت الى هذا الحق، هكذا نجد المادة 7 من اتفاقية حقوق الطفل تنص “…ويكون له (الطفل) ، قدر الإمكان، الحق في معرفة والديه و تلقي رعايتهما المادة 24 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنص على أنه ” يكون لكل ولد …حق على أسرته… في اتخاذ تدابير الحماية التي يقتضيها كونه قاصرا، والمادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية التي تنص على “….وجوب منح الأسرة…أكبر قدر ممكن من الحماية و خصوصا بتكوين هذه الأسرة، و طوال نهوضها بمسؤولية تعهد الأولاد الذين تعيلهم"

عندما ينعقد الزواج على الوجه الصحيح بسائر أركانه: 

تترتب عنه جميع الآثار القانونية بما في ذلك نسب الأبناء، و بالرجوع الى المادة 150 من (مدونة الاسرة نرمز لها في هذا البحث م اس) نجدها تنص بأن: ”النسب لحمة شرعية بين الأب وولده تنتقل من السلف الى الخلف”.

لقد اعتبرت هذه المادة النسب لحمة شرعية بين الأب و ولده في حالة نشوئها عن زواج صحيحو تكون بالتالي ” البنوة شرعية بالنسبة للأب في حالة سبب من أسباب النسب ”.

وأسباب النسب حسب المادة 152 من مدونة الأسرة هي  الفراش، و الإقرار والشبهة وعليه فمتى ازداد الولد لأقل مدة الحمل من تاريخ عقد الزواج و هي 6 أشهر يثبت نسبه لأبيه.

بهذا يتجلى أن المدونة وفرت حماية قانونية هامة لنسب الأطفال و وضحت حالاتها، لاسيما اذا كان الولد نتيجة زواج صحيح معتبر  شرعا .

حماية حق الطفل في النسب في الزواج غير الصحيح:

قسمت مدونة الأسرة الزواج غير الصحيح الى قسمين زواج باطل وزواج فاسد, حيث يكون الزواج باطلا طبقا للمادة57 من اذا اختل فيه الإيجاب والقبول  أو اذا اعتراه أحد الموانع المؤبدة أو المؤقتة المحددة المنصوص عليها في المادة 39من نفس المدونة. فالزواج الباطل هو الزواج المنعدم الذي يمكن للمحكمة أن تصرح ببطلانه إما تلقائيا لأن البطلان في هذه الحالة هو من النظام العام أو إما بطلب ممن يعينه الأمر طبقا للمادة 58 من م أ س.

و يترتب عن هذا الزواج الباطل عند حسن النية ثبوت النسبأما في حالة سوء النية فلا يمكن الحديث عن ثبوت النسب، و ذلك حتى لا يفتح المجال لمثل هاته العلاقات غير الشرعية و ترتكب عن عمد[3].

 حماية حق الطفل في النسب في الزواج الفاسد:

قسمت المدونة الزواج الفاسد الى قسمين الفاسد لصداقه، و الفاسد لعقده. فالفاسد لصداقه يفسخ قبل البناء و لا صداق فيه و يصح بعد البناء بصداق المثل المادة 60 من م أ س. وأما الفاسد لعقده فيفسخ قبل البناء و بعده حسب نص المادة 61 من م أ س في الحالات التالية :

  1. اذا كان الزواج في المرض المخوف لأحد الزوجين، إلا أن يشفى المريض بعد الزواج.
  2. اذا قصد الزواج تحليل المبثوتة لمن طلقها ثلاثا.
  3. اذا كان الزواج بدون ولي في حالة وجوبه”.

 و تترتب عن الزواج الفاسد سواء لصداقه أو لعقده، اذا وقع فيه البناء جميع أثار الزواج الصحيح بما في ذلك ثبوت نسب الأطفال.[4]

و هكذا يتضح لنا أن مدونة الأسرة كانت صريحة أكثر من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بخصوص حماية نسب الأطفال، وذلك بتشريعها أحكاما مفصلة تبين كيفية ثبوت النسب وكذا الأثار المترتبة عن ثبوته . 

حماية حق الطفل في النسب في حالة انعدام الزواج:

قد يولد الطفل خارج مؤسسة الزواج، فيعتبر غير شرعي-وفق تعبير المادة 142 و148 من م ا س- و قد يعتبر شرعيا حتى خارج مؤسسة الزواج  فعندما تنتج البنوة بالنسبة للأم عن العلاقة غير الشرعية يكون الولد غير شرعي حسب المادة 142م اس- ويلحق نسبه بنسبها.

 و تثبت البنوة بالنسبة للأم اما عن طريق واقعة الولادة ،أو اقرار الأم أو صدور حكم قضائي بها المادة 147 م ا س.[5] 

كما قد ينتج الولد عن علاقة  غير شرعية و مع ذلك، اعتبرت مدونة الأسرة أن الإبن الناتج عن حالة الشبهة أو عن حالة الاغتصاب ابنا شرعيا مرة يلحق بأبيه و مرة يلحق بأمه.

و تعتبر  حالة الشبهة هي الحالة  التي يقع فيها الوطء بشبهة كمن اتصل بامرأة ، ظنها زوجته وظنته زوجها، ففي مثل هذه الحالة يكون النسب شرعيا للمتصل، اذا ظهر بالمرأة المتصل بها حمل أثناء مدة الإستبراء . فهنا و حتى خارج الزواج أثبتت مدونة الأسرة في مادتها 155  النسب للطفل و اعتبرته شرعيا، كما أتت المدونة بجديد في المادة 156، عندما أقرت النسب حتى للخاطب للشبهة عندما تحول ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج و كان قد حصل الإيجاب و القبول بالشروط التالية:

اذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما و وافق ولي الزوجة عليها عند الاقتضاء.

اذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة.

اذا أقر الخاطبان أن الحمل منهما…..اذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه، أمكن اللجوء الى جميع الوسائل الشرعية في اثبات النسب".

أما حالة الاغتصاب: هي عندما تتعرض المرأة للاغتصاب، فالمدونة اعتبرت في هذه الحالة أن الابن يكون نسبه شرعيا للأم، فقط طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 147 من م أ س التي جاء فيها ” تعتبر بنوة الأمومة شرعية في حالة الزوجية و الشبهة و الاغتصاب، و لا ينسب لمرتكب فعل الاغتصاب. فحتى عندما تتعرض المرأة للاغتصاب راعى المشرع المغربي وضعها ووضعيتها النفسية و اعتبر الإبن شرعيا.[6]

ب: حق الطفل في النفقة عليه:

لقد أقرت الاتفاقيات الدولية حق الطفل في النفقة هكذا، نجد المادة 27 في الفقرة الثانية من اتفاقية حقوق الطفل تنص:” يتحمل الوالدان…المسؤولية الأساسية عن القيام في حدود امكانياتهم المالية و قدراتهم ، بتأمين ظروف المعيشة اللازمة لنمو الطفل ” وتضيف نفس المادة في فقرتها الرابعة:” تتخذ الدول الأطراف كل التدابير المناسبة لكفالة تحصيل نفقة الأطفال “.

وقد نصت المادة 11 في فقرتها الأولى  من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية: “تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له و لأسرته ، يوفر ما يفي بحاجاتهم من الغذاء و الكساء والمأوى…”، في حين نصت المادة 6 في فقرتها الأولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية على أن الحق في الحياة حق ملازم لكل انسان، و على القانون أن يحمي هذا الحق”. لأنه اذا ضمن الإنسان أو الطفل النفقة عليه من ثم حقه في الحياة.

بهذا يتضح لنا  أن الاتفاقيات الدولية حثت على الإنفاق على الأطفال ، نظرا لأنهم عاجزون عن الإنفاق على أنفسهم، و بالتالي ينبغي أن يحاطوا بأكبر قدر من الحماية.

واذا رجعنا الى المادة 27 في فقرتها الرابعة من اتفاقية حقوق الطفل المشار اليها اعلاه، تؤكد بأنه يجب على الدول الأطراف أن يتخذوا كل التدابير الملائمة لضمان حصول الأطفال على نفقاتهم .

وجاءت مدونة الأسرة مسايرة للنهج  الإسلامي الذي حث على النفقة  و خصصت القسم الثالث من الكتاب الثالث للنفقة، حيث عرفت المادة 189 من مدونة الأسرة النفقة بالنص على أنه:” تشمل النفقة الغذاء والكسوة و العلاج،وما يعتبر من الضروريات و التعليم للأولاد ..”. وعليه تشمل النفقة:

  1. الغذاء: أو المأكل و هو أساسي لحياة الفرد و نموه، و يجب أن يكون متوازنا وكافيا لسد الرمق.
  2. العلاج: أو التطبيب لأن الطفل أو الإنسان معرض للأمراض و ينبغي معالجته في حالة المرض.
  3. التعليم للأولاد : نظرا لما للتعليم من دور حاسم في نماء الفرد و تطوره ، و عبرت بالأولاد و همالأطفال.
  4. السكن: أو المأوى الذي يقيم به الإنسان و يستقر فيه، و يعتبر من مشمولات النفقة طبقا للمادة 168 من م أ س، ويكون الأب ملزما بأن يهيء لأولاده محلا لسكناهم.

 إن كل ما يعتبر من الضروريات يدخل تحت مفهوم النفقة،حسب مقتضيات مدونة الأسرة بالإضافة إلى أن المادة 201 منها جعلت أجرة الرضاع كذلك على المكلف بنفقته.

تنص المادة 189 في فقرتها الثانية من م أ س:”يراعى في تقدير كل ذلك (النفقة بمشمولاتها)، التوسط و دخل الملزم بالنفقة، وحال مستحقها، ومستوى الأسعار  والأعراف و العادات السائدة في الوسط الذي تفرض فيه النفقة.”

ج: حماية حق الطفل في الحضانة:

أشارت للحضانة  بعض الاتفاقيات الدولية ، و من بينها المادة 27 في فقرتها الأولى من اتفاقية حقوق الطفل التي تنص ” تعترف الدول الأطراف بحق كل طفل في مستوى معيشي ملائم لنموه البدني والعقلي والروحي والمعنوي و الاجتماعي”. و الفقرة 3 من نفس المادة : ” تتخذ الدول الأطراف… و لا سيما فيما يتعلق بالتغذية والكساء والإسكان”.و المادة 10 في فقرتها الأولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصاديةوالاجتماعية والثقافية التي تنص على ” وجوب منح الأسرة…أكبر قدر من الحماية و المساعدة…طوال نهوضها بمسؤولية تعهد و تربية الأولاد…”و الفقرة 3 من ذات المادة تنص على :”وجوب اتخاذ تدابير حماية و مساعدة خاصة لصالح جميع الأطفال…” والمادة 24 في فقرتها الأولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية التي جاء فيها:” يكون ولد دون تمييز…حق على أسرته و على المجتمع و على الدولة في اتخاذ تدابير الحماية التي يقتضيها كونه قاصرا”.

بالرجوع الى مدونة الأسرة  نجدها قد نظمت مقتضيات الحضانة في القسم الثاني من الكتاب الأول في المواد من 163 الى 186 ، فعرفتها في المادة 163 على أنها : ” حفظ الولد مما قد يضره ، و القيام بتربيته و مصالحه”. و هي من  واجبات الزوجين ما دامت العلاقة الزوجية قائمة ( المادة 164). و قد اشترطت في الحاضن عدة شروط أبرزتها في المادة 173:

  1. الرشد القانوني لغير الأبوين: بمعنى أنه عندما يكون الزوجان قاصرين اذا ما تزوجا بإذن القضاء كان لهما حضانة أولادهما .
  2. القدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته دينيا و صحة وخلقا وعلى مراقبة تمدرسه.
  3. عدم زواج طالبة الحضانة،الا اذا كان زوجها قريبا محرما أو نائبا شرعيا للمحضون. أو اذا كان المحضون صغيرا لم يتجاوز 7 سنوات أو يلحقه ضرر من فراقها ، أو اذا كانت بالمحضون علة أو عاهة تجعل حضانته مستعصية على غير الأم.اذا كانت نائبا شرعيا للمحضون. و تستمر الحضانة الى حين بلوغ المحضون سن الرشد القانوني للذكر و الأنثى على حد سواء(المادة 166 )

 وقد أوضحت المدونة في المادة 171 مستحقو الحضانة و ترتيبهم، فجعلتها للأم ثم للأب ثم لأم الأم، و في حالة تعذر ذلك فالمحكمة لها صلاحية تعيين الحاضن الأكثر افادة للمحضون[7].

هكذا اتضح لنا أن مدونة الأسرة أولت اهتماما خاصا بشؤون الطفل المحضون، وحددت شروطا خاصة بالحاضن ، و جعلتها  مستمرة الى حين بلوغ الطفل ثمانية عشر سنة كاملة أي سن الرشد القانوني، مستجيبة بذلك للاتفاقيات الدولية.

حماية حقوق الطفل على ضوء باقي التشريعات الأخرى

قانون الحالة المدنية :مكن قانون الحالة المدنية رقم 37.99 ،الذي صدر سنة 2002 بالجريدة الرسمية رقم 5054 ومرسومه التطبيقي، من إجبارية تسجيل الأطفال بسجلات الحالة المدنية، والسماح بتسجيل الطفل المولود من أبوين مجهولين أو الذي وقع التخلي عنه بعد الوضع، ويمنح له اسم شخصي واسم عائلي وأسماء الأبوين .[8]

قانون الجنسية: مكن تعديل قانون الجنسية رقم 62.06 ،سنة 2007 بشأن منح الجنسية المغربية للطفل، المرأة المغربية المتزوجة من أجنبي من نقل جنسيتها إلى الأطفال، بين المغربي المتزوج من أجنبية للطفل، أينما كان مكان والدته، على غرار المغربي المتزوج من أجنبية. كما مكن هذا التعديل من إسناد الجنسية المغربية كجنسية أصلية بالنسبة للطفل المولود في المغرب من أبوين مجهولين.

قانون كفالة الأطفال المهملين : ينظم قانون كفالة الاطفال المهملين رقم 15.01 ،الذي صدر سنة 2002 ،شروط ومسطرة إسناد ا لكفالة بمقتضى حكم قضائي، حيث يتضمن مجموعة من التدابير الضامنة لحق الطفل المهمل في الاسم والنسب، وحقه في الرعاية والتربية والنفقة، وحدد آليات المراقبة القبلية وتتبع الطفل في مرحلة ما بعد إسناد ا لكفالة.

قانون المسطرة الجنائية: أكد قانون المسطرة الجنائية رقم 22.01 ،الذي صدر سنة 2002 ،أولوية المصلحة الفضلى للطفل في جميع التدابير المتخذة في حق الحدث الجانح حيث نص على أولوية تسليم الحدث إلى أبويه أو الوصي عليه أو المقدم عليه أو كافله أو إلى حاضنه أو إلى شخص جدير بالثقة، وحماية الحدث المعتقل في حالة التلبس، وإحالته على الفحص الطبي في حالة تقديمه لشكاية ومنع بصفة قطعية إيداع بمؤسسة سجنية الحدث الذي لم يبلغ 12 سنة كاملة، ولو بصفة مؤقتة، ومهما كان نوع الجريمة.

مدونة الشغل :منعت مدونة الشغل رقم 65.99 ،التي صدرت سنة 2003 ،منعت تشغيل الأطفال قبل بلوغهم 15 سنة كاملة، سواء لدى المقاولات  أو المشغلين، ونصت على عقوبة الغرامة وعقوبة الحبس والغرامة في حالة العود. كما منعت تشغيل الاطفال بين 15 و18 سنة في الأشغال التي تشكل خطرا على حياتهم أو صحتهم أو أخلاقهم .[9]

القانون الجنائي: عزز القانون الجنائي الذي تم تعديله بمقتضى القانون رقم 24.03 سنة 2004 الحماية الجنائية للطفل، حيث تضمنت مقتضياته: • تجريم حمل طفل دون عذر مشروع إلى إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية. • تجريم استغلال الطفل في ممارسة الأعمال  القسرية. • تجريم الإيذاء العمدي للطفل أو تعمد حرمانه من التغذية أو العناية مع تشديد العقوبة تبعا للنتيجة الإجرامية. • تجريم تعريض الطفل للخطر وتركه. • تجريم تعمد نقل طفل أو إخفاؤه أو تغييبه أو استبداله بطفل آخر أو تقديمه ماديا على أنه ولد المرأة لم تلده. • حماية الطفل المكفول في حالة الحكم على رجل وزوجته بالحبس بضمان كفالته من الغير أو الإيداع بالمؤسسات العامة أو الخاصة.

القانون المتعلق بصندوق التكافل العائلي :جاء القانون المتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي رقم 41.10 ،الذي صدر سنة 2010 ،بمقتضيات تضمن الاستفادة من المخصصات المالية للصندوق لفائدة الأم المعوزة والمطلقة، ومستحقو النفقة من الأطفال بعد انحلال العالقة الزوجية، إذا تأخر تنفيذ المقرر القضائي المحدد للنفقة أو تعذر لعسر المحكوم عليه أو غيابه أو عدم العثور عليه.

قانون مؤسسات الرعاية الاجتماعية: يستهدف القانون المتعلق بمؤسسات الرعاية الاجتماعية رقم 65.15، الذي صدر أبريل 2018 لينسخ القانون رقم 14.05 المتعلق بشروط فتح وتدبير مؤسسات الرعاية الاجتماعية، تجويد وتوسيع الخدمات المقدمة للفئات المستفيدة من خدمات مؤسسات الرعاية الاجتماعية، وفي مقدمته ا الأطفال، وتعزيز آليات حكامة التدبير المالي والإداري لهذه المؤسسات، ضمانا لرعاية أمثل للمستفيدين من جميع الفئات.[10]

بقلم:هاجر بوغابة وأميمة الشرقاوي

المصادر:

[1]عمر بوراس " الجهود الوطنية المؤطرة لحماية الطفولة المتشردة في ضوء مبادئ و قواعد القانون الدولي الإنساني " مقال منشور بالمؤلف الجماعي "حقوق الإنسان في ضوء التقارير الأممية " الطبعة الأولى 2022  , المغرب الصفحة 123

مدونة الأسرة هي موضوع القانون رقم 03 .07 ، صدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 22 .04 1 بتاريخ 12 فبراير من ذي الحجة 1424 ه  ( 3 فبراير 2004) ، منشورة بالجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 05 فبراير 2004 ص 418 و ما يليها[2]

[3]المقتضيات الجديدة لمدونة الأسرة من خلال أجوبة السيد وزير العدل و وزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية عن الأسئلة و الإستفسارات المثارة أثناء مناقشة مشروع المدونة أمام مجلسي البرلمان.منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية، سلسلة الشروح و الدلائل، مطبعة فضالة المحمدية.العدد 4. 2004 ط الأولى.ص 108 و 109.

وفي هذا الصدد جاء في قرار محكمة النقض عدد 224 بتاريخ 8/3/2016 منشور بمجلة نشرة قرارات محكمة النقض غرفة الاحوال الشخصية والميراث عدد 28 “من المقرر ان حجية الامر المقضي من القرائن القانونية التي لا تقبل اي اثبات يخالفها.والمطلوب في النقض لما تقدم شخصيا بطلب تسجيل ولادة الابن بسجل ودفتر الحالة المدنية الخاصين به وهو ما تاتى له بمقتضى قرار استئنافي نهائي بالاضافة الى استصدار الطاعنة في مواجهته لحكمين الاول قضى بافرادها بالسكن والثاني قضى بنفقتها ونفقة ابنهما المذكور فضلا عن تضمينه في طلب الشقاق  كون الطالبة زوجته ولهما ابن.مما يدل ان الرضا بين الطرفين الذي هو ركن الزواج قد تحقق وان تاخر كتابة العقد والتي هي وسيلة لاثباته وليست ركنا في انعقاده والمحكمة اما تجاوزت حجية الاحكام القضائية التي طهرت العقد مما شابه وقضت ببطلان زواج الطرفين فانها لم تجعل لما قضت به اساسا

وذهبت محكمة النقض في قرار اخر تحت عدد 568 بتاريخ 22/7/2014 منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد 78 ص 131″طبقا للفصل 418 من ق ل ع فان الاحكام الاجنبية تكون حجة فيما فصلت فيه وترتب اثارها من تاريخ صدورها وان عدم تذييلها بالصيغة التنفيذية لا ينقص من حجيتها والمحكمة لما قضت بثبوت نسب الابن للطاعن اعتمادا على ان قرار محكمة النقض انصب على العلاقة الزوجية دون النسب باعتبار ان عدم ثبوت الزواج لا يمنع من ثبوت النسب تكون قد طبقت الفصل اعلاه تطبيقا سليما وتقيدت بالنقطة موضوع الاحالة

وجاء في القرار عدد 645 بنفس المجلة اعلاه ص 131″ان اجراءات الحالة المدنية قرينة بسيطة على نسب الابن لوالده باعتبار ان بيانات الحالة المدنية قابلة للتنقيح كلما ثبت انها غير مطابقة للواقع.والمحكمة لما قضت بثبوت النسب استنادا الى تقرير الخبرة الجينية الذي يتعارض مع قرينة التسجيل في الحالة المدنية تكون قد بنت قضاءها على اساس

[4]للمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع انظر: ابراهيم بحماني:”نسب الأبناء في الزواج الفاسد” مقال منشور بمجلة القضاء و القانون العدد 149 السنة 31. ص من 23 الى 59 . و راجع كذلك: “اثبات و نفي النسب بين الطب و العجب”.محمد جوهر. مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون و اقتصاد التنمية العدد 50 – 2004 ص 149 الى 167

[5]دليل عملي لمدونة الأسرة .صادر عن وزارة العدل. من منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية.سلسلة الشروح و الدلائل.العدد 1. 2004 مطبعة فضالة المحمدية ص 96

[6]المقتضيات الجديدة لمدونة الأسرة ص 159 و 160

[7]ادريس الفاخوري” بعض مظاهر قيم حقوق الإنسان في مدونة الأسرة الجديدة”مقال منشور بالأيام الدراسية حول مدونة الأسرة.صادر عن المعهد العالي للقضاء.سلسلة الندوات و اللقاءات و الأيام الدراسية.مكتبة دار السلام الرباط.شتنبر 2004ص 160..

[8]جاء في نص المادة 16 :إذا تعلق الأمر بمولود من أبوين مجهولين، أو بمولود وقع التخلي عنه بعد الوضع يصرح بوالدته وكيل الملك بصفة  تلقائية أو بناء على الطلب من السلطة المحلية، أو من كل من يعنيه الأمر، معززا تصريحه بمحضر منجز في هذا الشأن، وبشهادة طبية تحدد عمر المولود على وجه  التقريب، ويختار له اسم شخصي اسم عائلي، وأسماء أبوين أو اسم أب إذا كان معروف الأم، ويشير ضابط الحالة المدنية بطرة رسم ولادته إلى أن أسماء الأبوين أو الأب، حسب الحالة، قد اختيرت لها طبقا لأحكام هذا القانون.

[9]دونة الشغل نصت في فصلها 143 على أنه ال يمكن تشغيل الأحداث وال قبولهم في المقاولات أو لدى المشغلين قبل بلوغهم سن خمسة عشر سنة كاملة وتعتبر هده السن قاعدة أساسية ال يمكن للمشغل أن يعمد إلى قبول أي حدث لم يبلغ هده السن كما أكدت المادة 145 من نفس القانون انه يمنع تشغيل أي حدث دون الثامنة عشر ممثلا أو مشخصا في العروض العمومية المقدمة من قبل المقاولات بل إن المشرع المغربي دهب بعيدا عندما منع تشغيل الأحداث دون السادسة عشر في أي شغل ليلا المادة 172

[10]30سنة من اعتماد اتفاقية حقوق الطفل، مرجع سابق ص 17

إرسال تعليق

شاركنا رأيك في الموضوع

أحدث أقدم