في البدء تهدف هذه الورقة الى رصد بعض اهم مكونات المشروع العلمي للدكتور إيهاب الخراط و هو الإدمان باعتباره مرض يضرب في جذور النفس والروح الإنسانية، ويدمرها نفسيًّا وروحيًّا و جسديًّا واجتماعيا. فمن خلال التطرق الى موضوع التعافي من الإدمان نتوخى الوقوف على المح إلى الأساسية التي من خلالها ح إلى ل الدكتور رصد الطرق والوسائل العلاجية للذين يعانون من الإدمان باختلاف درجته. كما سنسلط الضوء على بشكل أساسي على كيفية تعامل المرشد مع مختلف الحالات الادمانية.
إن إلى أن ما يلفت نظرنا ونحن نطالع كتابات الدكتور إيهاب الخراط هو تموقعه العلمي كدكتور استشاري الطب النفسي، حصل على درجة الدكتوراه في طب نفس الإدمان، من جامعة كنت بانجلترا، بعد حصوله على الماجستير من جامعة القاهرة، وهو مؤسس ومدير برنامج الحرية من الإدمان والإيدز، ومركزا للوصل للمدمنين، ومركز تدريب ومرزعة نموذجية قام بالتدريس في مختلف جوانب الإدمان بجامعات لندن والولايات المتحدة ورورسيا و إلى كرانيا، وهو أحد مؤسسي والرئيس السابق للتجمع العالمي للتعامل مع التعاطي مع الإدمان، وعضو مجلس إداراته حاليا.
فالشئ الذي يعطي هذا الدليل قيمة علمية هو انه يحمل بين طياته نظريات علمية مثبة –حيث انه لم يركز على نظرية إلى نظريتين فقد بنى بحثه هذا بالاعتماد على كل من المدرسة التحليلية –المعرفية السلوكية-الإنسانية الوجودية و المدرسة التحليلية .و باعتماده أيضا على خبرات عميلة امتدت عبر عشرات السنين و أدت إلى نتائج فعلية في تغيير السلوكيات الادمانية. تتوزع هذه الورقة على ست مح إلى ر أساسية نعرضها على الشكل الأتي :
الفصل ال إلى ل تيسير 12 خطوة
ناقش في الفصل ال إلى ل التمايزات بين تيسير الـ12 خطوة والانضمام لزمالات الـ12 خطوة مث لزمالة المدمنين المجهولين. حيث ال إلى ل هو مدخل للمشورة للمدمنين يمكن أن يطبقه أي مشير إلى معالج، حتى لو لم يكن من خلفية تعافي من سلوكيات إدمانية. بينما الثاني يتطلب أن تكون مدمنًا متعافيًا. وقد وضح الفروق بين طبيعة ونشأة برنامج الـ 12 خطوة ونشرح الخطوات والتقاليد وقدم الكتب والأدبيات المع إلى نة، كما قدم أمثلة عن طبيعة بعض اجتماعات الـ 12 خطوة. كما شرح الفروق بين مشرف برنامج الـ 12 خطوة والمشير الذي يقوم بتيسير تقديم العميل لبرنامج الـ12خطوة، وحضوره لاجتماعات أحد الزمالات واستفادته من كل جوانب برنامج الـ 12 خطوة، وحلا لمشاكل التي قد تمنعه من الاشتراك في البرنامج والإجابة على تخوفاته من البرنامج.
لكن تيسيرالـ12 خطوة يتطلب أيضا معرفة بهذا البرنامج بشيء من التفصيل، لذا قدم أيضا ملخصا وافيًا للخطوات ألاثنتي عشرة وذكر التقاليد ألاثني عشر أيضا.
الفصل الثاني المقابلات الدافعية
المقابلات الدافعية أسلوب للمشورة يستهدف التعامل مع ازدواجية الميل. وازدواجية الميل هي الرغبة في الشيء وفي نقيضه في ذات الوقت. المقابلات الدافعية تستهدف تعزيز الدوافع تجاه الخيار الإيجابي. التغيير السلوكي هو عملية من خمسة مراحل يمر بها الفرد قبل أن يصل إلى التغيير المستدام في سلوكه. التغيير السلوكي يمر بستة مراحل: مرحلة ما قبل التفكر، الاستعداد، التنفيذ ثم الصيانة إلى الاستمرارية. وتضاف مرحلة الانتكاسة. المقابلات الدافعية تستهدف تحفيز الفرد للانتقال من أحد هذه المراحل إلى المرحلة التي تليها. وللمقابلات الدافعية خمسة مبادئ أساسية هي المتواجدة وتكوين الفارق والكفاءة الذاتية وتجنب المجادلة والدوران مع المق إلى مة. ومرحلة الأساس فيها تعتمد 5 استراتيجيات الأسئلة المفتوحة والإنصات المتمعن والتشجيع والتلخيص واستثارة الجمل الدافعية. المتواجدة حجر الز إلى ية في المقابلات الدافعية وهي الدخول إلى وجد (ألم ومرض وشغف وحماس ومكابدة وهوى وعشق) إنسان آخر. والإنصات المتمعن مهارة أساسية للتفاعل. الإنصات ليس مجرد الاستماع، بل هو استماع يسعى إلى فهم ما يريد المتكلم قوله.
في مرحلة منتصف الطريق يبدأ المشير في ملاحظة مؤشرات الاستعداد للتغيير، ويقوم بتقديم تج إلى ب مع أسئلة العميل عن الحلول والاقتراحات، مع استمرار الحرص على عدم الوقوع في الفخاخ التي تعطل الدافعية، كفخ السؤال والجواب وفخ الخبير، وعلى التعامل الفعال مع المق إلى مة التي تظهر في
مظاهر كالمجادلة والإنكار والتجاهل.
و قد أكد على ضرورة الحرص على تطبيق مبادئ المقابلات الدافعية، حتى في المرحلة الأخيرة مرحلة تقوية العزم على التغيير، نقوم بوضع الأهداف واستكشاف البدائل، ووضع خطة عمل وإعلان الالتزام والمتابعة للتنفيذ، بتطبيق المواجدة ودعم الكفاءة الذاتية واللجوء للإستراتيجيتين الأساسيتين: الأسئلة المفتوحة والإنصات المتمعن قدر الإمكان.
الفصل الثالث : العلاج المعرفي السلوكي
في هذا الفصل استخدم العلاج المعرفي السلوكي كبرنامج لمنع الانتكاسة . حيث يفترض هذا النموذج ان التفكير المشوش و السلبي الذي يؤثر على مشاعر و سلوك المرضى هو العنصر الغالب في معظم الاضطرابات النفسية وان التقييم الواقعي و تعديل التفكير يقود الى تحسين مزاج المريض و بالتالي الى تحسن في سلوكياته . وان استمرار التحسن ينتج من تعديل المعتقدات السلبية الراسخة لدي المرضى.
فقد عرض في هذا الفصل مدخل منع الانتكاسة في صورة عشر دروس و جلسات من بينها كيفية التعامل مع المواقف الأكثر خطورة /القلق / الاكتئاب /اتزان الحياة...، و التي عرضها بالأمثلة و الأسئلة التفاعلية و قسم كل درس إلى أجزاء و قد اقترح على القارئ ان يح إلى الإجابة على الأسئلة التدريبية في كل درس مطبقا اياها على سلوك يود تغييره في نفسه .
الفصل الرابع العلاج الجمعي والمجموعات العلاجية
في هذا الفصل قدم أهمية ودور العلاج الجمعي والمجموعات العلاجية في علاج الإدمان. ولماذا يعتقد كثيرون أن المجموعات المدخل الأساسي لعلاج الإدمان والتعافي منه. بعد أن وضح المقصود بالمجموعات العلاجية والفروق بينها وبين العلاج الجمعي. فقد شرح العناصر العلاجية للمجموعات، أي ما الذي يجعل المجموعات مفيدة علاجيا؛ معتمدين في هذا على ما قاله إيرفين يالوم في هذا الصدد. ثم وضح في هذا الفصل القواعد الأساسية التي تحكم كل المجموعات العلاجية. وتطرق بعدها إلى شرح أنواع المجموعات العلاجية و إلى لاد عم العلاج الجمعي، وأنواع مجموعات برنامج الحرية كأمثلة عن المجموعات العلاجية. وشرح أدوار قائد المجموعة والمهارات والصفات
الأساسية لقائد المجموعة الفعال. وبعدها وضح مراحل نمو المجموعات. وختم الفصل بالأعراض الجانبية للمجموعات.
الفصل الخامس المجتمعات العلاجية
إلى مراكز إعادة التأهيل الاجتماعي للمدمنين .ناقش في هذا الفصل الخامس تعريفات المجتمعات العلاجية من حيث كونها أماكن تجمع أنا سيعانون من نفس المشكلة، ويعيشون إلى يقضون معظم الوقت في مكان واحد تحكمه قواعد ولوائح ومراحل محددة. ويلعب فيه المجتمع الصغير هذا الدور الرئيسي في العملية العلاجية. ومراكز تأهيل المدمنين هي النوع الأكثر انتشارا من هذه المجتمعات العلاجية. ثم استعرض تاريخ وجذور المجتمعات العلاجية. وأنواعها والفلسفات العلاجية الأكثر انتشارا فيها. وما المشتركات والتمايزات بينها مع لمحة سريعة عن فاعليتها. وعرض مفهوم بيئة إلى «جو» البرامج ذات التوجه المجتمعي، وكيفية قياسها وتأثيرها النتائج. كما قدم نموذج للجدول اليومي، وأهداف ومميزات مراحل التأهيل الاجتماعي للمدمنين. وتطرق لمناقشة علمية عمّن يدير المجتمعات العلاجية ومؤهلات وأدوار العاملين فيها. وختم الفصل بمناقشة قضية دور المجتمعات العلاجية في التعامل مع أصحاب التشخيص المزدوج (السلوك ألإدماني الذي يصاحبه اضطراب نفسي أخر).
الفصل السادس أخلاقيات المهنة
عرض في هذا الفصل تعريفات المهنة ودور الأخلاقيات فيها. ثم شرح سريعا المبادئ الخمسة لمهن المشورة والإرشاد عموما، وهي الفائدة وعدم الأذى والولاء والمس إلى اة والاستقلال. مع بعض التطبيقات على مهنة مرشد التعافي. ثم عرض بالتفصيل ميثاق أخلاقيات الجمعية الوطنية الأمريكية لمشيري الإدمان والتعاطي. حيث إنها تقوم بتدريب المجالس والجمعيات الوطنية في دول عديدة على هذا الموضوع، وكثير منها يحتذي بميثاق هذه الجمعية. والميثاق المذكور يتضمن تسعة مبادئ تتصل بما يلي:
إلى لًا: علاقة المشورة، ثانيا: السرية والتواصل الخصوصي؛
ثالثا: المسؤوليات المهنية ومعايير مكان العمل؛
رابعا: العمل في عالم متنوع الثقافات؛
خامسا: التقييم والفحص والتفسير؛
سادسا: العلاج والإشراف على وسائل التواصل الاجتماعي؛
سابعا: الإشراف والتش إلى ر؛
ثامنًا: حل المشكلات الأخلاقية، تاسعا: النشر والتواصل والإعلام. و قد أضاف ملاحظات وأسئلة تفاعلية متصلة بالواقع في الوطن العربي. ملاحظات للمدرس/المدرب.
و قد ختم الدكتور عمله هذا بأسئلة للتفاعل و الحوار مع القارئ . وسن عدد كبير من التوصيات والتطلعات من قبيل ضرورة تشجيع البحث العلمي كوسيلة للمساهمة في قاعدة المهارات و المعرفة في مجال الإدمان و المهنية و السلوكية وغيرها من التوصيات.
أما بخصوص المراجع و المصادر التي تم اعتمادها في هذا الدليل فنجد انها مصادر مناسبة لموضوع البحث. لكنها تفتقر للمراجع اللغة العربية، إذ اعتمد الباحث في اغلب مراجعه الى اللغتين الفرنسية و الانجليزية خصوصا.
خاتمة:
بعد الانتهاء من قراءتي لهذا العمل يمكنني القول الدكتور إيهاب الخراط وفق في ان يقدم لنا دليلا ناجحا بكل المعايير في التعافي من الإدمان و جاء بمعايير جديدة للتعامل مع المدمن. إن علاج الإدمان علي المخدرات إنها قضية منذ قديم الزمان ولازالت تثير الكثير من الجدل حول هل علاج الإدمان علي المخدرات إلى طرق العلاج من المخدرات إلى الإدمان بصفة عامة مرض أم انحراف أخلاقي؟ وهل هذا المرض قابل للعلاج أم هو مجرد سلوك يحدث وينتهي؟
علي المجتمع دور رئيسي في التعافي للمدمن والعكس، ونقصد بالمجمتع .. أسرة المريض.. أقاربه.. أصدقائه.. جيرانه... وكل من له صله به. فالمدمن ليس نكره، وليس مجرم، ولكنه أسير لمرض يمكن التعافي منه وبالفعل يتعافوا يستطيع كل من تعاطي المخدرات إلى أدمنها أن يتوقف عن التعاطي وحده إلى قد يحتاج إلى برنامج علاجي كامل.
وتعتبر الفترة التي تلي العلاج الدوائي وانتهاء أعراض الانسحاب من الإدمان أهم فترة يجب التخطيط لها حتى يصل المتعافون من الإدمان إلى المعافاة الكاملة حماية لهم من شبح الانتكاس والعودة للإدمان وهنا يكمن دور المجتمع كما ذكرنا بجانب البرنامج العلاجي للمريض والإدمان ليس فقط مرضا ولكنه نمط حياة وإلى ولئك الذين قرروا الإقلاع عن الإدمان والعودة إلى الصحة النفسية فإنهم كالمهاجرين من مجتمع إلى مجتمع آخر داخل نفس المدينة والمكان.
يجب أن يعلم الجميع انه ليس فقط توقف عن تعاطي عقار إلى مخدر ولكنه تأقلم جديد لحياه جديده في مجتمع الأمل والاطمئنان بعيدا عن مجتمعهم الماضي فيجب احتضانهم لأنهم وكغيرهم من المهاجرين يأملون من الله المساعدة ويأملوا التقدير من الآخرين. في النهاية إن إلى لئك الناقهين من الإدمان في بحثهم عن طريق جديد للاطمئنان والحياة المستقرة يحتاجون منا إلى شئ أكثر من مجرد التشجيع إنهم يحتاجون إلى التوجيه والثقة وحسن المعاملة ومساعدتهم علي اكتساب خبرات جديدة وعلاقات جديدة تساعدهم في النجاح.