النظرية الإنسانية:
تعتبر المقاربة الإنسانية أو النهج الإنساني أو النظرية الإنسانية أو علم النفس الإنساني كلها مصطلحات في علكم النفس تتعلق بمقاربة تدرس الشخص بأكمله وتفرد كل فرد بخصائصه.
لقد وسع علم النفس الإنساني نفوذه من خلال السبعينات والثمانينات و يمكن فهم تأثيره من حيث ثلاثة مجالات رئيسة:
- قدم مجموعة جديدة من القيم لمقاربة فهم الطبيعة البشرية وحالة الإنسان.
- قدم أفقا موسعا لأساليب البحث في دراسة السلوك البشري.
- قدم مجموعة واسعة من الاساليب الأكثر فعالية في الممارسة المهنية للعلاج النفسي.
لقد بدأ علم النفس الإنساني بالافتراض الوجودي بأن الناس لديهم إرادة حرة هذه الإرادة تشير إلى الخيارات التي نتخذها في الحياة و المسارات التي نسير فيها و عواقبها.
كما تؤكد النظرية الإنسانية على أن الناس في الأساس جيدون ولديهم حاجة فطرية لتحسين أنفسهم و العالم حيث يِكد النهج الإنساني على القيمة الشخصية للفرد و مركزية القيم الإنسانية و الطبيعة الإبداعية النشيطة للبشر كما أن النهج الإنساني متفائل و يركز على القدرة البشرية النبيلة للتغلب على المشقة و الالم واليأس.
انطلاقا من النظرية الإنسانية يتم تحفيز الناس لتحقيق الذات لأنه يتعلق أساس بالنمو النفسي و الوفاء و الرضا في الحياة.
يجد العلماء الإنسانيون بأن التجارب الذاتية و الواعية للفرد هي الأكثر أهمية و بأن الواقع الموضوعي أقل أهمية من الإدراك الذاتي للشخص و فهمه للعالم و في بعض الأحيان يسمى النهج الإنساني الفينومينولوجي و هذا يعني أن الشخصية تدرس من وجهة نظر التجربة الذاتية للفرد.
ترفض النظرية الإنسانية المنهجية العلمية حيث أعطى روجرز ماسلو القليل من الأهمية لعلم النفس العلمي و خاصة استخدام مختبر علم النفس للتحقيق في سلوك الإنسان و الحيوان كما ترفض التجارب التي تستخدم للبحث النوعي على سبيل المثال، حسابات اليوميات /استبيانات العضوية /المقابلات غير المنظمة والملاحظات. ولطريقة الحقة حسب هذه النظرية لفهم الاخرين هي الجلوس والتحدث معهم ومشاركة تجاربهم و الانفتاح على مشاعرهم.
انطلاقا مما سبق يمكن جرد أهم خصائص النظرية الإنسانية في:
- أصالة الظواهر الانسانية
- علم الظواهر الانسانية
- تحقيق الذات
- مفهوم الذات
- التسلسل الهرمي للاحتياجات.
تتجلى مجالات تطبيق هذه النظرية في:
- العلاج المتمركز حول الشخص
- التحفيز
- التعليم
- القيمة الذاتية
تكمن نقاط قوة هذه النظرية حول:
- تركيز السلوك إلى الفرد بالكامل بدلا من العقل اللاوعي و الجينات.
- تطبيقات الحياة الواقعية مثل العلاج
- يرضي علم النفس الإنساني فكرة معظم الناس عما يعنيه الإنسان لأنه يقدر المثل الشخصية و تحقيق الذات.
- تعطي البيانات النوعية رؤية حقيقة و معلومات أكثر شمولية عن السلوك.
- يسلط الضوء على قيمة المزيد من الأساليب الفردية والشخصية للدراسة.
نظرية التحليل النفسي:
تعتبر نظرية التحليل النفسي من أقدم النظريات وأبرزها التي فسحت المجال للكثير من علماء النفس للدراسات النظرية والتجريبية.
ويعتبر فرويد أول المؤسسين لنظرية التحليل النفسي عام 1881، فقد رأى أن التحليل النفسي عبارة عن عملية يتم من خلالها استكشاف ماضي (خبرات) اللاشعور، وأحداث وذكريات مؤلمة، فضلاً عن الصراعات والدوافع والانفعالات الشديدة التي تؤدي في النهاية إلى الاضطراب النفسي، وأن التحليل النفسي هو عملية استدراج هذه الخبرات المؤلمة من منطقة اللاشعور وذلك عن طريق التعبير الحر التلقائي (التداعي الحر free association) والتنفيس الانفعالي Catharsis ومساعدة المريض في حل مشاكله.
التحليل النفسي نظرية سيكولوجية عن ديناميات الطبيعة الإنسانية وعن بناء الشخصية، وهو منهج بحث لدراسة السلوك الإنساني. وهو أيضاً طريقة علاج فعالة يتم فيها كشف المواد المكبوتة في اللاشعور من أحداث وخبرات وذكريات مؤلمة، وانفعالات شديدة وصراعات عنيفة سببت المرض أو الاضطراب النفسي، واستدراجها من أعماق اللاشعور إلى مجال الشعور بهدف إحداث تغيير أساسي في بناء الشخصية.
وهكذا يعتبر التحليل النفسي على المستوى العلمي مجموعة مترابطة من النظرية والممارسة. ولما كان العلاج النفسي يشكل معالجة تتركز على علاقة شخصية ذات طرفين هما: المعالج والمريض، فالتحليل النفسي يُعتبر علاجاً نفسياً دينامياً عميقاً.
والتحليل النفسي هو أحد فروع العلاج النفسي وليس هو كل العلاج النفسي، وليس العلاج النفسي مرادفاً للتحليل النفسي.
وهكذا يمكن تعريف التحليل النفسي بأنه عملية علاجية يتم فيها اكتشاف المواد المكبوتة في اللاشعور، وهي في جملتها خبرات مؤلمة، ودوافع متصارعة، وصراعات قوية، ويتم تحويلها من اللاشعور إلى الشعور عن طريق التعبير اللفظي والتداعي الحر وتحليل الأحلام.
المفاهيم الخاصة بالتحليل النفسي:
صدمة الميلاد: وهي الصدمة التي يعيشها الفرد في طفولته نتيجة انفصاله عن رحم أمه وخروجه منه إلى معاناة في مراحل النمو المتتالية.
عقدة النقص: ويقصد بها وجود قصور عضوي أو اجتماعي أو اقتصادي يؤثر على الفرد نفسياً ويجعله يشعر بعدم الأمن والدونية.
أسلوب الحياة: وهو الاسلوب الذي ينمو مع الفرد تدريجياً والذي يدور حول التفوق وتحقيق الذات. ولكل فرد أسلوب خاص به في أي منحى من مناحي الحياة سواء العملية أو الاجتماعية.
الغائية: وهي الهدف الأسمى والأساسي في حياة الفرد.
الإرادة: وهي القوة المتكاملة للشخصية وقدرة الفرد على اتخاذ القرارات.
اللاشعور: تنقسم الحياة النفسية عند فرويد إلى ما هو شعوري (يعيه الفرد) وما هو لا شعوري (لا يعيه الفرد). وتوجد درجتان من اللاشعور هما: ما قبل الشعور ويتضمن ما هو كامن ولا شعوري ولكنه متاح للحصول عليه بالطريقة العادية، ومن السهل استدعاؤه مثل الذكريات الشخصية للفرد. أما اللاشعور (العميق) فيتضمن الأمور أو الخبرات المكبوتة التي يتطلب إخراجها إلى الشعور جهداً تحليلياً خاصاً لما يحتويه من خبرات غير مرغوبة أو مؤلمة، ويظهر أحياناً في الأحلام.
الغرائز: حدد فرويد غريزتين رئيسيتين هما غريزة الحياة وغريزة الموت. وركز تركيزاً خاصة على الغريزة الجنسية إذ اعتبرها مصدراً رئيسياً من مصادر الأمراض النفسية في حالة عدم إشباعها. وقد عدّل فرويد مصطلح الغريزة الجنسية إلى لفظ الليبيدو Libido أي الطاقة الجنسية. وتمر هذه الغريزة في نموها بحسب مراحل النمو عند فرويد وهي: المرحلة الفمية، المرحلة الشرجية، المرحلة القضيبية، مرحلة الكمون، والمرحلة التناسلية.
اتجاهات التحليل النفسي:
وهناك اتجاهان رئيسيان في التحليل النفسي:
- التحليل النفسي الكلاسيكي: ورائده سيجموند فرويد Freud الذي ابتكر التحليل النفسي كطريقة في العلاج أولا ثم كنظرية في الشخصية ثانيا وقد تجلى تبني فرويد لمفهوم الطاقة النفسية لتأثره بالفلسفة الوضعية .
- التحليل النفسي الحديث: وله أكثر من رائد وهم الفرويديون الجدد new Freudians . أمثال كارل يونج Jung، آنا فرويد Anna Freud، ألفريد آدلر Adler، كارين هورني Horney، أوتو رانك Rank، إيريك فروم Fromm، هاري سناك سوليفان Sulivan.
وعلى الرغم من التكامل بين اتجاه التحليل النفسي الكلاسيكي والتحليل النفسي الحديث، فإن بينهما اختلافات تظهر عند مقارنة آراء سيجموند فرويد رائد التحليل النفسي الكلاسيكي، ورواد التحليل النفسي الحديث، غير أن المسلمات الأساسية لمدرسة التحليل النفسي:
- التأكيد على الحتمية البيولوجية وإهمال العوامل الثقافية والاجتماعية.
- أهمية الخبرات اللاشعورية .
- أهمية الخبرات المبكرة في الطفولة.
- أهمية عملية الكبت والتي يتم عن طريقها تحويل خبرات الطفولة المؤلمة إلى خبرات لا شعورية.
- تقسيم العقل إلى الشعور وما قبل الشعور واللاشعور، وأن الحياة اللاشعورية قد تكون السبب في نشأة المرض النفسي.
- التأكيد على غريزة الجنس ودورها في نمو الشخصية.
وتقوم نظرية فرويد على مبدأين أساسيين هما مبدأ اللذة ومبدأ الألم ومنه فان السلوك الإنساني تحكمه غريزتان هما غريزة الحياة وتشبع عن طريق الجنس وغريزة الموت وتشبع عن طريق العدوان، وحسب فرويد فإن السلوك الانساني يحدث ضمن اللاوعي، واعتبر أن الاحلام تلعب وظيفة ديناميكية في التنفيس الانفعالي وخفض درجة القلق الناتجة عن الصراعات اللاشعورية ، ويرى أن الرغبات التي لا تتحقق تكبت في ساحة اللاشعور خاصة الخبرات الجنسية المؤلمة في الطفولة.
مكونات الجهاز النفسي:
الهو: يولد الطفل مزود به ويرتبط بالغرائز الاساسية وأهمها الجنس والعدوان ويسير وفق مبدأ اللذة.
الانا: ينمو في مرحلة الطفولة وينفصل عن الهو كنتيجة للضغوط التي يفرضها الواقع على الفرد ، فيكون الانا كوسيط للموازنة بين رغبات الهو والأنا الأعلى بطرق مشروعة اجتماعيا.
الأنا الأعلى: يتم امتصاص القيم الوالدية حول ما هو مقبول أو غي مقبول كقوة ضاغطة على الهو وعلى الأنا عندما يتساهل مع الهو.
أراء "كارل يونج" إطلع أكثر في هذا المورد.
النظرية المعرفية، الوجدانية:
تعتبر المقاربة المعرفية أو بتعبير آخر علم النفس المعرفي علما فتيا إذا ما أرخ لبداياته بستينيات القرن الماضي .
فقد ظهر أول كتاب متخصص في هذا المجال سنة 1967 للعالم أولريك نيسر U.Neisser بعنوان "علم النفس المعرفي"، الذي يعتبره البعض البداية الفعلية لهذا العلم.
وقد عرف “نيسر” علم النفس المعرفي بأنه العلم الذي يهتم بدراسة جميع العمليات التي تدخل من خلالها المعلومات الحسية ويتم تحويلها واختصارها وتوضيحها وتخزينها واستعادتها واستعمالها.
غير أن هذا لم يكن التعريف الوحيد لهذا العلم، فقد تعددت التعريفات واختلفت بتعدد واختلاف اهتمامات العلماء وموضوعات دراساتهم.
وتعتبر المعرفة هي ثمرة التقابل بين ذات مدركة و موضوع مدرك بحيث تتميز عن باقي معطيات الشعور حيث أنها تقوم في ان واحد على التقابل والاتحاد الوثيق بين هذين الطرفين فالمعرفة بهذا الشكل هي التي تحصل للذات العارفة بعد اتصالها بالموضوع كما تطلق نظرية المعرفة على البحث في إمكان المعرفة البشرية و في مصادرها.
أما الوجدان فيمثل شحنة انفعالية من الإحساسات و المشاعر التي تم ربطها بشكل خاص بالإنسان من حيث أنها تؤسس لأشكال التضامن والتعاطف والحب أو حتى الكراهية بين الناس.
الشيء الذي يجعلنا نقارب بعدين أساسيين من أبعاد الشخصية في تقابل واضح بين الظاهر و الخفي فالمنحى المعرفي يحيل لعلاقات الذات الظاهرة بين مواضيع العالم بينما يثير البعد الوجداني جانبه الخفي.
حديثنا عن البعد الوجداني للفرد الإنساني يشترط المرور السلس بمراحل النمو أي القدرة على تحقيق نوع من التوازن النفسي و يبدو بأن وضعية العجز لا تشير إلى نمط محدد من الشخصية فأن يكون هناك قصور جسمي أو عقلي أو حتى حسي فإنه يرتبط بالتأكيد بصورة الذات و تقديرها اللذان يتطوران جنبا إلى جنب وبهما يستطيع الطفل الذي سيصبح راشدا أن يؤسس لنفسه مساحة للتميز والإبداع.
كما ذكرنا سابقا فإن المعرفة هي محاولة اكتشاف تقوم بها الذات العارفة موضوع ما ، لكن هذه الذات الإنسانية تتفاعل مع الموضوع وفق قدراتها وإمكانياتها التي تتطور بتطور مراحب النمو التي تجتازها .
النظرية السوسيوثقافية:
تنطلق المقاربة السوسيوثقافية ل فيجوتسكيمن منطلق " أن الطفل يوجد، منذ والدته، في إطارشبكة من العلاقات الاجتماعية، هذه الشبكة التي تمثل المرجعيةالرئيسية التي سيستقي منها وسيتعلم منه ومن خلاله معارفهولغته وقيمه، وبشكل عام، ثقافته.
كما يعتبر منظوروا هذا التوجه أن الطفل لا يتعامل مع الواقع بشكل مباشر، بل يتعامل معه من خلال ما يتعلمه من الآخرين، ولذلك يمكن القول بأن المعرفة -حسب فيجوتسكي- تبنى بواسطة المجتمع؛ فهي نتاج لعلاقات متعددة يلعب فيها المجتمع دور الوسيط و ذلك خلافا لكل التصورات الآخرى.
يكرس فيجوتسكي مبدأ يقضي بأسبقية التعلم على النمو، عكس ما يقول به "بياجي"، لما أمكنه التأكيد على الدور الايجابي للتفاعل الاجتماعي في التعلم باعتباره:
من جهة، الوضعية الامثل التي يبني فيها الطفل معارفه ووظائفه الذهنية العليا، عن طريق المحاكاة.
ومن جهة أخرى، يمثل الوضعية التعليمية التي تمكن الطفل من تحقيق ما يفيده في الانتقال من مرحلة إلى أخرى أكثر نضجا.
لذلك يتضح هذا الامر جليا من خلال تأكيده على أن التعلم الذي يتحقق لدى الطفل في إطار وضعية التفاعل الاجتماعي، يؤدي إلى تشكيل ما يسميه ب “المنطقة القريبة للنمو أو المنطقة المستقبلية للنمو " zone proximale de développement "، والتي تعني ذلك الفرق بين مستوى ما ينجزه الطفل لوحده وما ينجزه تحت إشراف وتوجيه الراشد.
رغم تأكيد فيجوتسكي على أنه في "وضعية العمل المشترك يكون الطفل أكثر قوة وذكاء منه في الوضعية التي يعمل فيها لوحده"، يعود ليوضح محدودية التفوق الذي يحققه الطفل في وضعية المشاركة هاته والتي تتحكم فيها "حالة الطفل النمائية وإمكاناته العقلية". وهذا يعني أن الدور الذي يلعبه التفاعل الاجتماعي له حدود ال يمكن تجاوزها.
فإذا كان التفاعل الاجتماعي يعتبر وضعية تعلم ينهل خلالها الطفل معارفه، فإن هذه الوضعية لا تعني أن الطفل يعد سلبيا، بل يعتبر طرفا نشيطا في وضعية التعلم هاته، وذلك حسب ما تسمح به إمكاناته الذهنية.
وفي الاخير يمكن أن نخلص إلى نتيجة مفادها أن فيجوتسكي عمل على التأكيد على الاصل الاجتماعي لسلوكيات الطفل ولوظائفه النفسية الأولية والعليا وخاصة اللغة.
كما عمل على تبيان العالقة الجدلية التي تربط التعلم والنمو ، ولعل هذا ما دفع "فيجوتسكي" إلى القول بأنه ال يمكن حصر العلاقة الموجودة بين التعلم والنمو "في قاعدة نظرية اصطناعية أو قاعدة قبلية معطاة بشكل نهائي".
يقول فيجوتسكي: “التعلم يسمح بالنمو بالارتكاز على المنطقة القريبة أو (المجاورة) من النمو؛ حينما يخطو الطفل خطوة في التعلم يتقدم خطوتين في النمو”.
كينونة الفرد الإنساني ككائن حيوي داخل النسق النفسي:
بعد التعرض لمدارس ونظريات علم النفس المختلفة والمتنوعة في دراسة السلوك الانساني لمحاولة كشف اللثام عن دواخله النفسية ،ومايعصف بها من صدمات قد تنتج اضطرابات نفسية ومرضية تحول بين الفرد وذاته وبالتالي تنهش في كينونته من حيث البنية الداخلية التي تتعرض للكسور و الجروح والرضوض، فيصبح من اللازم حماية نفسية الفرد الانساني من تبعات خطورة الفقدان كفقد عزيز بالموت أو غيره، أو ماقد يصيب الانسان من انتهاكات أو اعتداءات سواء كانت جسدية كالتحرش أو الاغتصاب أو معنوية كالتنمر أو السخرية أو الاحتقار..
إن المواكبة النفسية ليست حكراً على الفئة التي تعرضت للصدمات النفسية ولكنها ضرورة وحاجة إنسانية تبدأ من تلقيح النطفة في المرحلة الجنينية إلى الولادة إلى نهاية مسيرة الحياة، لبناء مجتمع سليم يكونه أفراد قد تلقوا الرعاية والحماية اللازمين في ظل الكرامة الوجودية، وللحفاظ على الموروث البشري والحضاري الاهتمام بالنفس الانسانية و الرقي بها نحو المعالي والقيم وتقدير الذات وتحقيقها للوصول إلى مقاصد التحرر النابع من الفكر السليم الذي يتملك سائر سبل الارتقاء بالكينونة الانسانية، وكذلك الآليات المناسبة للعلاج والتدخل السريع لمواجهة الاضطرابات النفسية والعصبية بشتى أنواعها العصابية والدهانية و الحدية التي تهدم البناء النفسي للفرد الإنساني وتحول بينه وبين كينونته الحيوية داخل كل الأنساق المغذية لها.
الخاتمة:
من خلال ما تم التطرق إليه سابقا يتبين أن الإنسان له بنية متناهية التعقيد تتحكم فيها مختلف الأبعاد السيكولوجية والسوسيولوجية والاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها ….غير أن علم النفس من خلال الدراسة والتحليل والتجارب العلمية المتعددة استطاع رصد مجموعة من الانفعلات والتفاعلات النفسية التي تتمظهر في السلوكات الانسانية .وقد عمل علم النفس بشتى مجالاته بتطوير الأداء السلوكي والمعرفي للفرد الإنساني والسير نحو المواكبة والعلاج لكل اضطراب نفسي يمكن أن يعيق كينونته الحيوية، مع مراعاة الفروق الفردية و اختلاف سمات الشخصية و باقي الفوارق الاجتماعية والاقتصادية…إلخ. وعليه فأن النسق النفسي مجال خصب وواسع للبحث والدراسة يترك الباب مفتوحا مادام الإنسان متشبثاً بكينونته الحيوية داخل الوجود.