مفهوم الأسرة:
التعريف
اللغوي: تطلق كلمة الأسرة على الجماعة التي يربطها رابط مشترك، يقال أسره أسرا أي
قيده وأخـذه أسيرا ،ويحمل معنى الأسر في اللغة على التماسك و القوة ،وأسرة الرجل، عشيرته
ورهطه الأدنون ،لأنه يتقوى بهم.
في الاصـطلاح: جـاء في معجـم علم الاجتمـاع أن "الأسـرة هي عبـارة عن جماعـة من الأفراد يرتبطون معـا بروابط الزواج والـدم والتبنـي، ويتفاعلـون معا، وقد يتم هذا التفاعـل بيـن الزوج والزوجـة، وبين الأم والأب، وبين الأم والأب والأبناء، ويتكـون منهم جميـعا وحدة اجتماعية تتميز بخصائص معينة ؛إذن فالأسرة حسب المعجم الاجتماعي تقوم على التفاعل بين مجموعة من الأفراد سواء الأب والأم وبين الزوج والزوجة، وبين الوالدين والأبناء، يربط بينهم الدم والتبني، مشكلين وحدة اجتماعية ذات خصائص محددة.[1]
الأسرة في القانون:
من
الناحية القانونية وبالتحديد في قانون الأسرة الجزائري، المادة الثانية جاء فيها
أن الأسرة هي: "الخلية الأساسية للمجتمع تتكون من أشخاص تجمع بينهم صلة
الزوجية وصلة القرابة"، وجاء في المادة الثالثة: تعتمد الأسرة في حياتها على
الترابط والتكافل وحسن المعاشرة، والتربية الحسنة، وحسن الخلق، ونبذ الآفات
الاجتماعية.[2]
ويلخص
الميثاق العربي لحقوق الإنسان لسنة 2004 في المادة (33) منه، مفهوم الأسرة العربية
عموما، ويعرفها في الفقرة الأولى على أنها الوحدة الطبيعية والأساسية للمجتمع،
والزواج بين الرجل والمرأة أساس تكوينها وللرجل والمرأة تأسيس أسرة وفق شروط
وأركان الزواج على أن ينظم التشريع النافد الحقوق والواجبات لهما، وتكفل الدولة
والمجتمع حماية الأسرة وتقوية أواصرها وحماية أفرادها وتحظر أشكال العنف وإساءة
المعاملة بين أعضائها وبخاصة المرأة والطفل.
وقد أخذت
بعض الدول العربية مثل مصر والمغرب بتبني فكرة المحاكم الأسرية للنظر في قضايا
الأسرة وهي تشتمل على مكاتب لتسوية النزاعات الأسرية لها دور توفيقي إصلاحي ذات
اختصاص جامع مانع في جميع مسائل الأحوال الشخصية تطبيقا» لمبدأ التخصص في القضاء
ويعاون القضاة خبراء اجتماعيين ونفسيين ويراعي النوع الاجتماعي.[3]
الأسرة في علم الاجتماع:
تشير
كلمة "أسرة" من المنظور السوسيولوجي
إلى معيشة الرجل والمرأة معا على أساس الدخول في علاقات جنسية يقرها
المجتمع، وما يترتب على ذلك من حقوق وواجبات كرعاية الأطفال وتربيتهم فأساس قيام
الأسرة هو الزواج، فيشكل بذلك الرجل والمرأة.[4]
جزءان متكاملان أساس العلاقة
بينهما المودة والرحمة والسكينة، وهذا لقوله تعالى: "يأيها الناس اتقوا ربكم
الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساء".( سورة
النساء الآية 1)
كما يعرفها القامـوس
الاجتماعي على أنها "تلك العلاقة التي تربط بين رجل وامرأة أو أكثر معا
بروابط القرابة أو علاقات وثيقة أخرى، بحيث يشعر الأفراد البالغين فيها بمسؤوليتهم
نحو الأطفال، سواء كان هؤلاء الأطفال أبنائهم الطبيعيين أم أبنائهم بالتبني.
ويعرف
"أوجيست كونت" الأسرة
على أنها: "منظومة علاقات وروابط بين الأعمار والأجناس"، هنا نجد أن هذا
التعريف واسع يشمل على مجموعة من العلاقات التي تربط بين الطفل الصغير والرجل وبين
الذكر والأنثى دون تحديد ماهية وأسس وأطر العلاقة التي تجمع بينهم، مما جعل هذا
التعريف يقلل من دقة التحديد لمصطلح الأسرة، فهم واسع وشامل.[5]
في
حين نجد في كتاب الأسرة ومشكلاتها للباحث "محمد حسن" تعريفا للأسرة جاء
فيه أن "الأسرة جماعة من الأفراد يتفاعلون مع بعضهم البعض، وهي تعتبر الهيئة
الأساسية التي تقوم بعملية التطبيع الاجتماعي للجيل الجديد، أي أنها تنقل إلى
الطفل خلال نموه جوهر الثقافة لمجتمع معين، إذ يقوم الأبوان بغرس العادات
والتقاليد أو المهارات الفنية والقيم الأخلاقية في نفس الطفل، وكلها ضرورية
لمساعدة العضو الجديد للقيام بدوره الاجتماعي والمساهمة في حياة المجتمع"[6].
ويرى
"جورج ميردوك" أن "الأسرة هي جماعة اجتماعية يقيم أفرادها جميعا في
مسكن مشترك، ويتعاونون اقتصاديا".[7]
أما
"إميل دوركايم" فيعرف الأسرة
على أنها: "ليست ذلك التجمع الطبيعي للأبوين وما ينجبانه من أولاد على ما
يسود الاعتقاد، بل أنها مؤسسة اجتماعية تكونت لأسباب اجتماعية، وتربط هؤلاء علاقات
قوية متماسكة تعتمد على أواصر الدم، والمصاهرة، والتبني، والمصير المشترك".
هنا دوركايم يؤكد أن الأسرة ليست فقط تجمع لأفراد بل هي مؤسسة اجتماعية أوجدها
المجتمع لهدف معين، تربط أفرادها علاقات متينة.[8]
أما
عالم الاجتماع الفرنسي "هنري موندر" يرى: "أن للأسرة معنى
واضح في اللغة الفرنسية، حيث يشير هذا المصطلح إلى الأشخاص (الابن، الأم والأبناء)
المرتبطين معا بروابط الدم، فإننا نعني بكلمة أسرة الأشخاص الذين يعيشون معا في
منزل واحد".
أنواع الأسرة:
حسب
بعض علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا فالأسرة تصنف إلى أشكال مختلفة. فلقد جاء في
معجم العلوم الاجتماعية لفرديريك معتوق[9]، أن الأسرة اهتم بها علماء الاجتماع أكثر بكثير من زملائهم
الأنثربولوجين الذين تعمقوا من جهتهم بدراسة القرابة وأناسقها وأنماط الزواج
(خارجي، لحمي)، هناك عدة أصناف من الأسرة سنعرض أهمها :
- الأسرة النواتية: وتتألف من الأب والأم والأولاد، يعيش هؤلاء جميعا تحت سقف واحد أو لا، إلا أن هذا الشكل هو النواة الأساسية للأسر كافة .
- الأسرة الممتدة: وهو مجموعة تتألف من عدة أسر نواتية تربط بينهم علاقة أعمام وأبناء عم، ويكون القاسم المشترك للأسرة الممتدة المسكن الواحد.
- الأسرة المجموعة: وهي أسرة ممتدة تربط بين أعضائها علاقة مسكن، ولكن أيضا علاقة نشاط اقتصادي مشترك أو أيضا نشاط تربوي واحد.
أما
الباحث غريب سيد أحمد فيقسم الأسرة إلى شكلين هما:
- أسرة التوجيه: وهي الأسرة التي ولد فيها الإنسان وتربى في أحضانها وتلقى عنها القيم والمعايير وشكلت اتجاهاته وشخصيته.
- أسرة الإنجاب: وهي الأسرة التي يكونها الفرد عندما يكبر ويتزوج ويستقل بحياته الشخصية عن أسرة التوجيه، كما أنه لا ينكر التقسيم الآخر للعلماء والباحثين للأسرة إلى أسرة نواة، وأسرة ممتدة[10].
بقلم: نعمان حمداوي
[1] عاطف غيث، علم اجتماع النظم، ج 2، بيروت، دار
المعارف، 1967، ص. 6.
[2] وزارة العدل: قانون الأسرة، ديوان المطبوعات الجامعية، 2001، ص. 1.
[3] مفهوم الأسرة وفقا للمعايير الدولية
والتشريعات الوطنية - صحيفة الرأي الإلكترونية، تاريخ زيارة الموقع: 27/05/2021:
22:02 .
[4] سيـد رمضـان: إسهامـات الخدمـة الاجتماعية في مجال الأسرة والسكان ،
دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1999، ص. 25.
[5] براهيم مذكور: معجم العلوم الاجتماعية، الهيئة المصرية العامة للكتاب،
القاهرة، 1975، ص. 38.
[6] المرجع السابق، ص. 38.
[7] جابر عوض حسن: الاتجاهات المعاصرة في دراسة الأسرة والطفولة، الإسكندرية،
2000 ،ص.ص7 -8.
[8] فرج محمد سعيد: البناء الاجتماعي والشخصية، الهيئة العامة للكتاب،
الإسكندرية، 1980 ، ص246.
[9] Frederic Maatouk:
Dictionary of sociology, English Arabic, Edited and Revised by Mohamed
Debs, Bierut (Lebanon),
2001, P156.
[10] غريـب سيـد أحمد: دراسات في علم الاجتماع العـائلي ، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية (مـصر)، 1995، ص. 22.