إن حقوق الطفل جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان والعناية وحماية هذه الحقوق لا يمكن التصرف فيه وخلق تمايز سلبي بينهما، على اعتبار أن الطفل مهما صغر يعد إنسان، ولكن لابد من إيلاء الطفل العناية الكبرى والقدر الكافي من التتبع وتقييم أوضاعه ومدى تمتعه بكل حقوقه الإنسانية والقانونية. وعلى هذا الأساس سارعت العديد من الهيئات الدولية إلى وضع ترسانة قانونية تحمي من خلالها حقوق هذه الفئة، وتضمن لهم التمتع الكامل بكل الحقوق والامتيارات، ومن هذه الصكوك والاتفاقيات اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل وميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي الذي نص في المادة 24 على أنه في كافة الأفعال التي تتعلق بالأطفال سواء اتخذتها السلطات العامة أو المؤسسات الخاصة، يجب أن تؤخذ مصالح الطفل في الاعتبار الأول، ثم نجد من هذه الالتزامات الدولية اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب سنة 1982.
كل هذه الاتفاقيات وأخرى مست جوانب متعددة ودققت في تفاصيل الحقوق والحريات المتعلقة بالطفل، لكن تنزيلها وتفعيل مقتضياتها يبقى رهين بالسياسات الوطنية، ومدى فعالية دور مؤسسات المجتمع المدني التي تعد شريكاً أساسياً ورئيسياً في وضع مقاربات تتقاطع وتسهل عملية تفعيل مقتضياتها. على اعتبار أن المجتمع المدني أفراد وهيئات غير رسمية عنصر فعال وهام في معظم المجالات الثقافية والتربوية والصحية والخيرية... وقد عرفها Wait Jordan بأنها "مملكة توسطية تقع بين الدولة والأسرة، وتقطنها منظمات منفصلة عن الدولة، وتتشكل طوعاً من أفراد يهدفون إلى حماية مصالح أو قيم معينة ". لقد ساهم المجتمع المدني المغربي في تشكيل السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة، وذلك بحصر المداخيل الأساسية لتعزيز حماية الأطفال ضد جميع أشكال العنف والاعتداء والاستغلال والإهمال، سواء من خلال إدماج أهداف حماية الطفولة في السياسات والبرامج العمومية، أو من خلال تعزيز فعالية الإطار القانوني لحماية الطفل، وتحسين جودة الخدمات وتقريبها من الأطفال، والنهوض بالقيم الاجتماعية التي من شأنها أن تساهم في حماية الطفل، وتقوية التتبع والتقييم.
يمكن إذن للمجتمع المدني أن يعبر ويشارك في بلورة أفكار تتصل بموضوع حماية الطفولة بكل حرية ووفق ما يخول له من مهام، وبالتالي جعل المجتمع المدني القناة المفتوحة للتعبير والتي تربط واقع الطفولة بسدة القرار. كما وتلعب منظمات المجتمع المدني دوراً مهماً في محاربة بعض الظواهر المتصلة بالأطفال بشكل مباشر أو غير مباشر، كالفقر والمرض والجهل من خلال إنشاء بعض المشروعات والبرامج التي تهتم بتوفير خدمات صحية واجتماعية وتعليمية. إلى جانب دورها في حل بعض المشكلات والقضايا التي تعاني منها الفئات المختلفة في المجتمع. مثل الأطفال ذوي الإعاقة أو الأيتام أو الأطفال في وضعية الشارع أو الأطفال العاملين أو الأمهات العازبات). ولا تستطيع أن نغفل دور منظمات المجتمع المدني في القيام بالأعمال البحثية والاستقصائية وتعزيز الجهات الرسمية بالتقارير التي تصف وترصد واقع الطفولة مع التوصيات المرافقة لها الرامية لحل الإشكاليات الواردة في تقاريرها.