-->

خطورة وتأثير الإعلام على الأسرة: "دراسة تحليلية لتحديات العصر الرقمي"

خطر الاعلام على الأسرة

لقد ظهرت العولمة لتجعل من العالم قرية صغيرة يسود فيها طرف واحد قوي يفرض سياساته على الطرف الضعيف، وانصاعت فيها عادات وتقاليد وقيم و ثقافات المجتمعات الضعيفة للتغيير الجبري، لذا كان لزلما أن يدرك الطرف الأضعف في هذه المعركة مدى خطورة العولمة وما تملكه من وسائل و اليات تؤثر بهاعلى مختلف الأنساق الاجتماعية. ومن أهم هذه الاليات، تكنولوجيا الاعلام والاتصال التي عرفت انتشارا واسعا داخل المجتمعات الإنسانية، هذه الأخيرة عملت على نقل أنماط وقيم وسلوكات جديدة للأسرة، مما خلق نوعا من التخوف والقلق من هذه المضامين وأثرها على القيم الأصيلة التي تتميز بها الأسرة العربية.

"خطورة وتأثير الإعلام على الأسرة: دراسة تحليلية لتحديات العصر الرقمي"

وبما أن الأسرة هي اللبنة الأساسية في بناء أي مجتمع، فالتخوف الأكبر من العولمة هو تهديدها للبناء الاجتماعي للأسرة العربية، نظرا لما تتميز به من خصوصية ثقافية ودينية.

وتأسيسا لما سبق، تظهر ضرورة التعاطي مع هذا الموضوع انطلاقا من التساؤلات التالية:

هل تشكل وسائل الاعلام تهديدا حقيقيا لنظام الأسرة؟ و ما هي مظاهر تأثير وسائل الاعلام على العلاقات الأسرية؟

أثر الإعلام وسائل الإعلام الجديدة في خلق تباعد عاطفي داخل الاسرة:

تشير العديد من الدراسات والبحوث ان الحياه اليوميةللأسرةالعربية قد اصبحت فريسه لوسائل الاعلام وتأثيراتهاالمختلفة وهو ما يؤكده وجود اكثر من جهاز في البيت الواحد من الأجهزة التي تدعم تطبيقات الاعلامالجديدة. وفي أماكن مختلفة غير الاماكن التي اعتادت الأسرة وضعها فيها كالمطبخ وغرف النوم.

وتجدر الإشارة الى ان استخدام وسائل الاعلام الجديدة وإن كان يعبر عن صيحة تكنولوجية لافته ساهمت بشكل كبير في ربط العديد من العلاقات بعد الغائها لجميع المسافات إلا انه يحيلنا أيضا الى الدور الخطير الذي تقوم به وسائل الاعلام الجديد في عزل الافراد اجتماعيا وتفكيك العلاقات بينهم في المجتمع والذي قد يؤدي الى تأثيرات سلبية في منظومة العلاقات الاجتماعية بمستوياتها المختلفة كالأسرة وجماعة الاصدقاء وعلاقات الدراسة والجورة.

ويشير علماء الاجتماع الى الاعلام الجديد على أنه قد اثر سلبا على العلاقات الأسرية حيث اتسعت دائرة التباعد وغاب الحوار ونشأت فجوة في الافكار بين الاباء والابناء مما اضعف الصلة والتقارب ودفء العلاقات في الأسرة والمجتمع العربي ويرى علماء الاجتماع ان الاستخدام وسائل الاعلام الجديد وتحديدا شبكات التواصل الاجتماعي يحدث تغيرات جذريه في علاقات الناس، بحيث تحولها من علاقات تمتاز بالدفء والحميمية الى علاقات تؤدي الى تبلد الاحساس والاحباط والشعور بالعزلة الاجتماعية.

ضعف العلاقات الأسرية والعزلة النسبية داخل الأسرة وخارجها:

اثبتت نتائج العديد من الدراسات أن استخدام أفراد الأسرة للتطبيقات المختلف لوسائل الاعلام الجديد يؤدي الى العزلةوالفردية والانسحاب من دائرة العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة وهو ما يسهم في انهيار البناء الاجتماعي لها وتفككها كما يؤدي الى زيادةالجريمة والعنف والانحراف بين أفرادها وليس ادل على تلك التأثيراتالسلبية، ظاهره الانتحار الجماعي في فتره من الفترات وذلك من خلال المنتديات الحواريةالسلبية التي تروج لفكره الانتحار وعبثيه الحياة.

ومن الملاحظ ان الأسرة العربية تشهد اليوم ضعفا في العلاقات داخلها حيث ساد الطابع الفردي بين افرادها وانخفض التفاعل الاجتماعي بين اعضائها الى أدني حد وتأثرت العلاقات الأسرية سواء بينالزوجين او بين الابناء وبين والاقارب وذلك بسبب وسائل الاعلام الجديد كالجلوس لساعات طويلة أمام التلفزيون والعاب الكمبيوتر والالعاب الفيديو فضلا عن الانترنت والدخول الى مواقع المحادثات ومواقع البيع والشراء الخ...

أضف الى ذلك انحصار علاقات الجورة والتضامن والترابط الاجتماعي حيث كانت علاقات الجورة تشغل حيزا مهما في حياه الأسرةالعربية لما كانت تؤديه من وظائف في حياةالأسرة كفض النازعات وممارسات الضبط الاجتماعي والمشاركةالوجدانية وتبادل المساعدات واكتساب الخبرات. ولقد انحصرت هذه العلاقات التي كانت تعزز قيم المودةوالمحبة وانتشرت بدلا منها القيم الماديةوالنفعية واعلاء المصلحة الفردية للحد الذي وصل بالأسرة في بعض المناطق الى الجهل بأسماء جيرانهم.

التحولات التي أفرزتها وسائل الاعلام على الحياة الأسرية:

  1. أصبح من المستحيل على أي أسرة الانغلاق على نفسها تماما والبعد عن تأثيراتوسائل الاعلام سواء إيجابية أو سلبية
  2. تغير المقوم البنائي للأسرة وازدياد الاتجاه نحو الأسرةالنووية بدلا من الأسرةالممتدة
  3. اختلاط منظومة الأدوار وزيادةتبادلها بين أفراد الأسرةالواحدة فلم يعد هناك أدوار محددة تستطيع أن تقتصر على الرجل او المرأة او الأبناء فقط
  4. تغير الإطار المرجعي لجميع أعضاء الأسرة سواء من ناحية قواعد السلوك والتصرفات أو كافة أنشطة الحياة بعد أن كانت الأسرة هي الإطارالمرجعيالأول
  5. تغير الوظائف التي تضطلع بها الأسرة فبعد أن كانت الأسرة المصدر الاول للتنشئةالاجتماعيةوالمسؤولة عن الوظائف المتنوعةالاجتماعيةوالنفسيةوالدينية دخلت معها عوامل اخرى ساهمتوسائل الاعلام في تدعيمها وظهورها
  6. اختلال منظومة القيم والعادات والتقاليد الأسرية حيث فرضت وسائل الاعلامفيها عادات وتقاليد لم تكن موجودة بالنسق القيمي الاسري من قبل
  7. تسارع واحتكاك بالغ الحده بين الأنماط أسرية ما بين التفكك الأسري والمشكلات الأسرية وظهور عوامل التحلل الاسري وبين التكامل والتماسك الأسري ومواكبه التغيرات التكنولوجية
  8. ساهمت التكنولوجيا والتطور في وسائل الاتصال والتواصل في خلق عزلة نسبية لأفرادالأسرة وظهور الفرديةوالخصوصية
  9. بروز مشكلات نفسية واجتماعيةلأفرادالأسرة حيث توصلت العديد من الدراسات الى حدوث اغتراب لدى الافراد نتيجة لعدم التكافؤ بين التطلعات والمفاهيم والقيم وبين الفرص المتاحةلإنجاز الأهداف
  10. دخول تعديلات جديده على سلطة الاب والأم
  11. منجهة الابناء يلاحظ انهم لا يخضعون لسلطة الوالدين من خلال قوة العلاقات الأسرية وانما يخضعون لتلك السلطة بسبب عجزهم المؤقت عن الاستقلال والاعتماد عن النفس

لقد صاغت وسائل الاتصالالجديدة أساليب استخدام تنحو نحو الفردية فلم يعد الهاتفوالحاسوب أسريا بل شخصيا وشديدالخصوصية، كما أن زيادة فرص المتابعة لقنوات الإعلام و الاتصالوزيادة مدة البث التي تصل في كثير منها إلى ما يقرب اليوم كاملا، لم يبق أمام الأسرة أية فرصة للحوار والتواصل والتشاور وتبادل الآراء، ومع أن الوسائل وجدت لتسهيل وتعميق التواصل لكن تطبيقاتهاالمنظورة لا تلبي الأهداف من تعميمها، نعم يتصل أفراد الأسرةكثيرا ولكنهم لايتصلون مع بعضهم البعض، و يجلس أفراد الاسرة طويلا أمام شاشات الحاسوب و التلفاز متابعين ما يبث و ينشر فجعلت أفراد الاسرة يتواصلون مع البعيد على حساب القريب.

لقيد أحدثت وسائل الإعلامالجديدةبمختلف وسائطها تأثيرات على مختلف المستويات ولعل أهمها فيالجانبالاجتماعي وفي مؤسسة التنشئة الاجتماعيةالأولى، والأسر العربية بطبيعة الحال ليست بمنأى عن تلك التأثيرات التيأحدثتها هذه الوسائل.

هشاشة العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة وضعف العلاقة بين الزوجين:بحيث أصبحت المقولة القائلة أن الإنسان اجتماعي بطبعه تتراجع وبدأت في الاضمحلال فلا بأس أن نقول اليوم أن الإنسان تكنولوجي بطبعه، إذ أصبح ينبهر وينجذب أل أحدث وأذكى وسائل التوصل و افتقارها إلى تبادل الأفكار و المشاعر، فأصبح الاتصال يقتصر على الجمل القصيرة بين أفراد الأسرة التي تفتضيها الضرورة، فعوض أن يتحاور المراهق مع أمه أو أبيه على رغباته أو مشكلاتها لدراسية والعاطفية، فإنه يفضل التوجه والانخراط في عالم افتراضي لساعات طويلة.

الاثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات الأسرية الزوجية:

أضحت مواقع التواصل الاجتماعي من أهم اسباب الطلاق وانفصال الازواج ويتمثل ذلك في:

  • طول مدة التعامل مع هذه المواقع يزيد الشكوك عند الزوجين.
  • التأثير السلبي للتعليقات و الاعجابات والمنشورات على الزوجين.
  •  الادمان على استخدامه.
  • ارتفاع امكانية التعارف على اشخاص جدد قد يؤديلزيادة امكانيةالخيانةالزوجية.
  • التواصل مع الاشخاص الخاطئين.
  • اضاعه الوقت في أمور تافهة وإهمال الطرف الاخر.
  • مع مرور الوقت يزداد الاهتمام بهذه المواقع اكثر من الاهتمام بالطرف الاخر والحرمان من الألفةوالسكينة.
بقلم: أميمة الشرقاوي


إرسال تعليق

شاركنا رأيك في الموضوع

أحدث أقدم