-->

حوادث الشغل والأمراض المهنية والضمان الاجتماعي

لقد عرف العالم خلال القرون الماضية ثورة صناعية كان من نتائجها استعمال مكثف للآلة على جانب الإنسان في العمل، ولأن هذه الآلات كانت بدائية ولا تتوفر على وسائل السلامة، كما أن العمال المحتكين بها لم يستشعروا حجم المخاطر التي قد تنجم عنها ونظرا للظروف القاسية للشغل كانوا عرضة للعديد من حوادث الشغل القاتلة.

حوادث الشغل والأمراض المهنية والضمان الاجتماعي

وتعتبر حوادث الشغل والأمراض المهنية من المشكلات الرئيسية والخطيرة التي تواجه دول العالم وذلك بسبب ما يشهده هذا الاخير من نهضة صناعية كبيرة وبسبب دخول الالة الى جانب الإنسان في العمل وبسبب استخدام مواد مختلفة، سواء في الصناعة أو الفلاحة والتي يترتب عليها كثرة الحوادث والأمراض المهنية، فالأجير بطبيعة عمله معرض للإصابات الجسيمة كالسقوط من مكان مرتفع، أو انهيار شيء ما عليه، أو إصابته نتيجة حريق أو انفجار داخل أماكن العمل، أو غيرها من الأسباب وقد زاد هذا الخطر منذ انتشار الصناعات الكبيرة.

ومن منظور تاريخي نجد أن حوادث الشغل والأمراض المهنية كانت قليلة وأقل خطورة ،ذلك قبل القرن التاسع عشر بسبب عدم استعمال الالة والمواد الخطيرة بدرجة كبيرة، لهذا لم تكن الحماية الاجتماعية متطورة ،ولكن مع نهاية القرن التاسع عشر ارتفعت وتيرة حوادث الشغل وتفاقمت خطورتها نتيجة لاستعمال الالة ومعالجة المواد الخطيرة الأمر الذي استدعى حماية قانونية لمواجهة هاته المخاطر.

فعلى المستوى الدولي نجد أن المشرع الألماني كان سباقا لتقرير الحماية الاجتماعية للأجراء لما قد يتعرضون له من أمراض مهنية وحوادث الشغل، وفي هذا الإطار عرض” بيسمارك” على البرلمان الألماني مشروع قانون التأمين الاجتماعي الإلزامي عن المرض الذي تم التصويت عليه بتاريخ 15 .1883 يونيو.

وكان للتشريع الألماني دور أساسي في التأثير على التوجهات الدولية فيما يخص الحماية الاجتماعية  حيث تم تأسيس اللجنة الدولية الدائمة للتأمين الاجتماعي بباريس سنة 1889، اضافة الى تأسيس منظمة الشغل الدولية التي اسند اليها مهام تتعلق بالتأمين الاجتماعي وحوادث الشغل والأمراض المهنية.

أما على المستوى الوطني وقبل فترة الحماية لم يكن هناك أي نص خاص بالمخاطر الناتجة عن العمل، حيث كانت عادات التعاون والتآزر والتضامن التي تربى عليها المغاربة هي التي تستهدف استرجاع عافيته.

وبدخول الحماية الفرنسية إلى المغرب بدأت النصوص الحمائية الحديثة بالظهور على عدة مراحل، ففي المرحلة الاولى نجد مقتضيات قانون الالتزامات والعقود هي المطبقة في هذا المجال، حيث كانت مسؤولية المشغل لا تقوم إلا اذا استطاع الأجير اثبات الخطأ وهو أمر كان عسير المنال.

وبمجيء الالة وازدياد مخاطرها صدر ظهير 25 يونيو 1927  بشأن التعويض عن حوادث الشغل الذي يعتبر المشغل مسؤول عن الضرر الناجم عن حادثة الشغل دون حاجة إثبات الخطأ من طرف الأجير، ثم تلاه ظهير 31 ماي  1943 المتعلق بالأمراض المهنية، وبتاريخ 06 فبراير 1963 صدر الظهير الذي غير بمقتضاه ظهير 25/06/ 1927 المتعلق بحوادث الشغل والذي تم تمديده إلى الأمراض المهنية والذي غير بدوره بالقانون رقم18.01 ، الذي رفع من قيمة التعويضات اليومية ومن الايراد وأقر إجبارية التأمين بالنسب لحوادث الشغل والأمراض المهنية ثم جاء القانون رقم 06.03 الذي تم بموجبه التراجع عن التعديلات التي أقرها التعديل الذي سبقه فتقرر خفض قيمة الإيراد والتراجع عن إجبارية التأمين بالنسبة للأمراض المهنية للتتوج الصيرورة التاريخية لتطور قواعد التعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية بالمغرب بصدور القانون رقم 12.18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، بحيث انه وفي نطاق مسؤولية المشغل بقي وفيا للمبادئ التي كان المعمول بها بظهير 06 فبراير 1963 باستبعاد الخطأ من نطاق مسؤولية المشغل عن حوادث الشغل والأمراض المهنية إلا في حالة صدور هذا الخطأ بشكل عمدي من الأجير بحيث ان مسؤولية المشغل في إطار حوادث الشغل والأمراض المهنية مسؤولية بدون خطا فهي لا تعرف لا الخطأ المفترض لا الخطأ الواجب الإثبات فالأجير المصاب او ذوي حقوقه لم يعد مطالبين بإثبات أي خطا في جانب المشغل كما تقتضي القواعد العامة، فالمشغل يسال عن الاضرار التي تصيب الاجير دون الحاجة الى اثبات خطا في جانبه ،كما ان مسؤولية المشغل مسؤولية جزافية لا تقوم على عنصر الخطأ بل تقوم على عنصر الضرر ومن ثم يكون التعويض عن هاته الحوادث او الامراض المهنية جزافيا لا يغطي جميع الاضرار التي لحقت الاجير المصاب فهو تعويض تحدده المحكمة معتمدة على الاجرة السنوية للأجير وسنه وصفته

أهمية الموضوع:

تبرز أهمية هذا الموضوع على المستوى النظري من خلال التعرف على الإطار القانوني المنظم للحوادث التي قد يتعرض لها الأجراء أثناء تأدية عملهم سواء تعلق الأمر بحادثة شغل حدثت اثناء العمل او حادثة الطريق كانت بسببه أو مرض مهني أصاب الاجير طوال فترة اشتغاله لدى مشغل او عدة مشغلين، أما على المستوى العملي فأهمية الموضوع تبرز من خلال إعمال أحكام التعويضات المقررة في القوانين على ضوء العمل  و الاجتهادات القضائية

إشكالية الموضوع:

من خلال ما سبق يطرح الإشكال التالي: حول ﻣدى ﻗدرة اﻟﻣﺷرع المغربي ﻋﻠﻰ  ﺗوﻓﯾر اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ والاجتماعية ﻟﻸﺟﯾر اﻟﻣﺻﺎب  ﺑﺣﺎدﺛﺔ ﺷﻐل او مرض مهني ؟

هذا الإشكال الجوهري تتفرع عنه جملة من الأسئلة الفرعية :

  • ما هو نطاق تطبيق القانون 18.12؟
  • ما هي المسطرة المتبعة للاستفادة من التعويضات؟ 
  • ماهي التعويضات المستحقة لضحايا حوادث الشغل والأمراض المهنية ؟
  • ما هي القضائية المتبعة في هذا الصدد؟ و لمن يعود الاختصاص؟ 
  • كيف ساهم الاجتهاد القضائي في تعزيز التغطية الاجتماعية للعمال عن حوادث الشغل والأمراض المهنية ؟

خطة البحث:

سنحاول دراسة هذا الموضوع من خلال مبحثين: 

  1. المبحث الأول: الإطار العام لحوادث الشغل والأمراض الأمراض المهنية ونظام الحماية الاجتماعية 
  2. المبحث الثاني:  أحكام التعويضات عن حوادث الشغل والأمراض المهنية في ضوء العمل القضائي

المبحث الأول: الإطار العام لحوادث الشغل والأمراض الأمراض المهنية ونظام الحماية الاجتماعية

صدر بالجريدة الرسمية عدد 6328 الصادر بتاريخ 22/01/2015 القانون رقم 12/18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية ليحل محل ظهير 6 فبراير 1963 الذي تم نسخه بمقتضى المادة 194 من نفس القانون ,وقد جاء هذا القانون بمجموعة من المستجدات وهذا نتيجة للتطور الذي تعرفه البلاد ولإتمام سلسلة من الإصلاحات التي همت ميدان الحماية الاجتماعية واستقرار علاقة الشغل ,والذي بدأ بإقرار مدونة الشغل سنة 2005 تم القانون 06/34 المتعلق بالعمال المنزليين والقانون 03/14 المتعلق بالتعويض عن فقدان الشغل.

وعموما نقصد بالأمراض المهنية  أنه في بعض أنواع  الأعمال قد ينتج عنها بحسب البيئة التي تمارس فيها أو المواد المستعملة فيها عجزا عن العمل وقد تخلف وفاة الأجير في بعض الأحيان

أما حادثة الشغل فيقصد بها مساس مادي بسلامة الجسم الإنساني تؤثر في القدرات الطبيعية للمصاب وتؤثر على النشاط والحركة أو هي كل ضرر لاحق بالجسم سواء كان ظاهرا أم لا, داخليا أم خارجيا لأن المهم هو أن يكون بفعل خارجي ومفاجئ وانطلاقا من هذا التعريف يتبين شروط حادثة الشغل وبواسطة هذه الشروط نميزها عن الأمراض المهنية بحيث يشترط أن يكون الفعل قد يؤدي إلى المساس بجسم الإنسان ,أن يحدث هذا الفعل ضررا للعامل ,أن توجد علاقة بين الفعل والضرر .[1]

المطلب الأول:  نطاق تطبيق القانون المتعلق بحوادث الشغل والأمراض المهنية

من المعلوم أن الاستفادة من مقتضيات الحماية الاجتماعية لا بد أن يكون من يستفيد من هذه المقتضيات في اطار علاقة شغليه تربطه بمشغله والخاضع بدوره لمقتضيات التشريع الخاص بحوادث الشغل والأمراض المهنية.

وعليه سنعمل في إطار ﺗﺣدﯾدﻧﺎ ﻟﻧطﺎق ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺣوادث اﻟﺷﻐل واﻷﻣراض اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ، إﻟﻰ اﻟﺣدﯾث ﻋﻠﻰ ﻧطﺎق اﻟﺗطﺑﯾق ﻣن ﺣﯾث اﻷﺷﺧﺎص (الفرع الأول) وﻣن ﺣﯾث اﻟوﻗﺎﺋﻊ ( الفرع الثاني)

الفرع الأول:  نطاق التطبيق من حيث الاشخاص

إن ﺗﺣدﯾد ﻧطﺎق ﺗطﺑﯾق ﻗﺎﻧون . 12.18. ﻣن ﺣﯾث اﻷﺷﺧﺎص، ﯾﺳﺗﻠزم ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺷﻐﻠﯾن اﻟﺧﺎﺿﻌﯾن ﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون (الفقرة الأولى )، وﻛذا اﻷﺟراء اﻟﻣﺳﺗﻔﯾدﯾن ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون (الفقرة التانية) 

الفقرة الأولى:  المشغلين الملزمون

ﯾﺧﺗﻠف اﻟﻣﺷﻐﻠون اﻟﻣﺷﻣوﻟون ﺑﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺧﺎص ﺑﺣوادث اﻟﺷﻐل واﻷﻣراض اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﻐﻠوﻧﻬﺎ، ﺣﯾث إﻧﻬم ﻻ ﯾﻘﺗﺻرون ﻋﻠﻰ رؤﺳﺎء اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺄﺟراﺋﻬم ﺑواﺳطﺔ ﻋﻘود ﺷﻐل ﻓﻘط، ﺑل ﺗﺷﻣل ﻓﺋﺗﻬم ﻛذﻟك أﺷﺧﺎﺻﺎ آﺧرﯾن طﺑﯾﻌﯾﯾن أو ﻣﻌﻧوﯾﯾن، ﯾﺳﺗﻔﯾدون ﻣن ﺧدﻣﺎت اﻟﻐﯾر دون أن ﺗﻛون ﻟﻬم ﺻﻔﺔ رﺋﯾس ﻣؤﺳﺳﺔ، أو دون أن ﯾﻛوﻧوا ﻣرﺗﺑطﯾن ﺑﻌﻘود ﺷﻐل ﻣﻊ ﻣن ﯾﻘوم ﺑﻌﻣل ﻟﻔﺎﺋدﺗﻬم. بحيث تسري أحكام القانون 12.18 على الأشخاص خاصة المتدربين وكذا المأجورين العاملين في مقاولات الصناعة العصرية والتقليدية والمقاولات التجارية ومقاولات الصيد البحري وتريبة الأحياء المائية و الاستغلاليات الفلاحية و الغابوية  وملحقاتها، والأشخاص المشتغلين مع جمعية او رابطة او منظمة او شركة مدنية كيفما كانت طريقة أداء أجورهم وشكل عقد عملهم او نوعه

والمستجد هنا هو تمديد أحكام القانون الخاص بالتعويض عن حوادث الشغل ليشمل اجراء مقاولات الصناعة التقليدية ،وهو مستجد يبدي الغاية الحمائية التي أقرها المشرع المغربي من حيث أنه مدد مقتضيات القانون المتعلق بحوادث الشغل لأجراء لم يكونوا مشمولين بالحماية ضمن مقتضيات ظهير 1963،  بل إن هذا المستجد يبدو أكثر تقدما حتى من مدونة الشغل التي استثنت في مادتها الرابعة اجراء قطاع الصناعة التقليدية الصرف من الخضوع لأحكامه

وتأكيدا على البعد الحمائي للقانون الجديد رقم 12.18 فهو يطبق بغض النظر عن طريقة الاجر سواء كان بالساعة او باليوم او بالشهر او بالقطعة، وعن شكل عقد الشغل سواء كان كتابيا أو شفويا، او حتى الكترونيا ، إذ يمكن تصور تطبيقه على الأجير الذي ارتبط مع مشغل بعقد شغل باطل لسبب من الأسباب

كما من بين المستجدات التي اتى بها هذا القانون هو نسخ الفقرة الثانية من المادة الأولى من مدونة الشغل وتضمينها بالفقرة الثانية من المادة 5 من القانون رقم 12.18 ،وذلك خلال تمديد أحكامه كقاعدة عامة على كل أجير يرتبط بعقد شغل مع مشغل غير منصوص عليه ضمن المقاولات التي سبقت الاشارة اليها اعلاه ، وهذا ما كان ينتقده الفقه سابقا بحيث عدم اشتمال ظهير 1963 على نص عام يقضي بتطبيقه على كل من أبرم عقد شغل ومن يشتغل لحسابه

الفقرة الثانية:  الأجراء المستفيدون

تميزت مستجدات قانون رقم 12.18 بتوسيع نطاق الاستفادة لتشمل فئات من الاجراء لم تكن تستفيد من الحماية الاجتماعية التي كانت في اطار ظهير 1963 ،وهكذا تم توسيع نطاق الاستفادة من القانون المتعلق بحوادث الشغل ليشمل : 

الأشخاص الذين يضعون أنفسهم في مقاولة ما رهن إشارة الزبناء لكي يقدموا إليهم مختلف الخدمات سواء بتكليف من رئيس المقاولة او برضاه ، والجديد في هذا المقتضى أنه لم يشترط علاقة تبعية بين الاجير ومشغله ، بل اشترط فقط ان يكون ذلك بمجرد تكليف او حتى برضى المشغل.

الأشخاص الذي عهدت إليهم مقاولة واحدة مباشرة مختلف البيوعات وبتلقي الطلبات إذا كان هؤلاء الأشخاص يمارسون مهنتهم في محل سلمته لهم المقاولة، ويتقيدون بالشروط و الأثمنة التي تفرضها تلك المقاولة.

البوابون في البنايات المعدة للسكن، وما يستحسن في القانون الجديد انه ازال الاستثناء الذي كان يحرم فئة البوابين الخاصين بالملاك من الاستفادة من ظهير 1963.

العمال المنزليون، وبذلك يكون قانون رقم 12.18 قد اقر لهذه الفئة من الاجراء الاستفادة من القانون المتعلق بحوادث الشغل والامراض المهنية.

اﻟﺻﺣﻔﯾون واﻟﻔﻧﺎﻧون اﻟﻣﻬﻧﯾون، واﻷﺷﺧﺎص اﻟذﯾن ﯾﻣﺎرﺳون ﻋﻣﻼ ﻓﻲ إطﺎر اﻹﻧﻌﺎش اﻟوطﻧﻲ، وأﺟراء اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟطﻠﺑﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾون واﻟداﺧﻠﯾون واﻟﻣﻘﯾﻣون ﺑﺎﻟﻣراﻛز اﻻﺳﺗﺷﻔﺎﺋﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﻣوظﻔﯾن، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﺟراء اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ.

كما تم التنصيص صراحة على استفادة مستخدمي وأجراء المؤسسات العمومية غير الخاضعين للنظام المطبق على موظفي الدولة المتمرنين منهم والرسمين من أحكام التعويض عن حوادث الشغل، وبمعنى اخر ان القانون رقم 12.18 يطبق على اجراء المؤسسات العمومية متى كان لهذه المؤسسات نظام أساسي خاص بموظفيها ، وذلك كالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ، اما اذا كان موظفو هذه المؤسسات خاضعين للنظام الأساسي للوظيفة العمومية فلا يخضعون للقانون رقم 12.18.

وفي نفس الإطار تم التنصيص بشكل صريح على استفادة مستخدمي الجماعات المحلية المؤقتين والعرضين والمياومين من احكام القانون 12.18، بخلاف الموظفون الرسميون لدى الجماعات المحلية الذي يسري عليهم مقتضيات الفصل 45 من الظهير الشريف رقم 1.58.008 بشان النظام الاساسي العام للوظيفة العمومية ،والفصل 25 من القانون رقم 011.71 المحدث لنظام المعاشات المدنية.

وبالنسبة للأجراء المشتغلين بمنازلهم فقد ابقى عليهم القانون 12.18 ضمن الفئات المستفيدة من احكام التعويض عن حوادث الشغل، غير ان المستجد في هذا القانون أنه حذف بعض المقتضيات التي تشير إلى استفادة أبناء هؤلاء الأجراء من أحكام القانون المتعلق بحوادث الشغل ،بحيث تضمنت أحكام تخالف النظام العام المغربي والأخلاق الحميدة، بحيث كان ظهير1963 يمدد الاستفادة من أحكام التعويض بالنسبة لأبناء الإجراء سواء كانوا شرعيين او طبيعيين معترفا بهم وكذلك المتبنين.

وبخصوص بعض الفئات التي كان تستفيد من الحماية في ظل ظهير 1963 فان القانون 12.18 استثنى من احكامه الأشخاص خاصة الذين يشاركون عن طواعية وبدون اجرة في انجاز اعمال لحساب جماعات عمومية والعاطلين الذين يؤدون أعمال لمحاربة ظاهرة البطالة

وفي نفس السياق استثنى القانون رقم 12.18 الأجراء الأحداث الذين تقل سنهم عن السن القانونى للشغل من الاستفادة من أحكامه وبذلك يكون كل أجير يقل عمره عن 15 سنة وهي السن القانونية للشغل تعرض لحادثة الشغل غير معني بتطبيق أحكام هذا القانون.

وقد حافظ المشرع المغربي أثناء سنه لقانون رقم 12.18 بالسماح ﻟﻠﻣﺷﻐﻠﯾن أن ﯾﺟﻌﻠوا أﻧﻔﺳﻬم أو أﻓراد ﻋﺎﺋﻼﺗﻬم ﯾﺳﺗﻔﯾدون ﻣن ﻧظﺎم ﺣوادث اﻟﺷﻐل واﻷﻣراض اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ، ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﺣوادث واﻷﻣراض اﻟﺗﻲ ﻗد ﯾﺻﺎﺑون ﺑﻬﺎ ﻣن ﺟراء أو ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻌﻣل وا ٕن ﻛﺎن ﻫذا ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ وﻛﻣﺎ ﻻﺣظ ذﻟك اﻟﺑﻌض ﯾﻌﺗﺑر ﺗﺄﻣﯾﻧﺎ ﻋن اﻷﺷﺧﺎص وﻟﯾس ﺗﺄﻣﯾﻧﺎ ﻋن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ[2]

وﻧﺷﯾر ﻓﻲ اﻟﺧﺗﺎم إﻟﻰ أن السمة الغالبة على المستجدات التي أتى بها قانون رقم 12.18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل هي توسيع بما أمكن الفئة المستفيدة من مقتضيات القانون المذكور سواء من حيث الاشخاص او من حيث الوقائع كما سنتطرق إلى ذلك في المطلب الثاني.

الفرع الثاني:  نطاق التطبيق من حيث الوقائع

إن اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺗﻲ ﯾطﺑق ﻋﻠﯾﻬﺎ الإطار القانوني المنظم لحوادث الشغل والأمراض المهنية  ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻛل ﻣن ﺣوادث اﻟﺷﻐل (الفقرة الاولى)، ﺣﺎدﺛﺔ اﻟطرﯾق (الفقرة الثانية) واﻷﻣراض اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ(الفقرة الثالثة)

الفقرة الأولى: حادثة الشغل

ﻟم ﺗﻌﻣد ﺟل اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ إﻟﻰ إﻋطﺎء ﺗﻌرﯾف دﻗﯾق وﺟﺎﻣﻊ ﻟﺣﺎدﺛﺔ اﻟﺷﻐل وإنما اﻛﺗﻔت ﺑوﺿﻊ ﻣﻌﺎﯾﯾر ﻣﺳﺎﻋدة ﻟﺗوﺿﯾﺢ ﻧطﺎﻗﻬﺎ وأﺳﺑﺎب ﺣدوﺛﻬﺎ وﻫو ﻧﻔس اﻟﺗﺣدﯾد اﻟذي أﻋطﺎﻩ اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث ﻣن اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 12.18، وﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻧﺟدﻩ ﻗد ﺻﺎر ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺗوﺟﻪ ﻣن  أﺣﻛﺎﻣﻪ و ﻗراراﺗﻪ اﻟﻣﺗواﺗرة واﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﯾﺷﺗرط ﻓﯾﻬﺎ ﻟﻘﯾﺎم ﺣﺎدﺛﺔ اﻟﺷﻐل وﺗﺣﻘﻘﻬﺎ ﺗواﻓر ﺛﻼﺛﺔ ﺷروط أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻣﺟﺗﻣﻌﺔ ﻫﻲ اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر اﻟذي ﯾﺻﯾب ﺟﺳم اﻷﺟﯾر ﺑﺷﻛل ﻣﻔﺎﺟﺊ وﻋﻧﯾف وﺑﺳﺑب ﺧﺎرﺟﻲ إﻻ أن ﻣﺎ ﯾﻼﺣظ أن ﺷرطﻲ اﻟﻌﻧف واﻟﺳﺑب اﻟﺧﺎرﺟﻲ أﺻﺑﺣﺎ ﻣﺣل ﻧﻘﺎش ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوﯾﯾن اﻟﻔﻘﻬﻲ واﻟﻘﺿﺎﺋﻲ. وبالرجوع الى مقتضيات قانون رقم 12.18 وضع بموجبه المشرع المغربي معايير جديدة لوصف الحادثة بأنها حادثة شغل وهي معيار التبعية ومعيار الضرر.

أولا: المعايير المعتمدة في ظل قانون رقم 12.18

اقر المشرع المغربي في قانون رقم 12.18 معيارين اساسين لاعتبار الحادثة التي يتعرض لها الأجير بكون حادثة الشغل وهي معيار الضرر (1) و معيار التبعية(2).

1.  معيار الضرر:

لم يكن الفصل 3 من ظهير1963 يشير الى هذا المعيار بصراحة الا ان الفقه والقضاء أجمع على اشتراط توفره إلى جانب الفعل الضار والعلاقة السببية بين الضرر والفعل الضار حتى يتم اعتبار الحادثة بأنها حادثة شغل ،والقانون الجديد لم يكتفي بالاعتماد على هذا المعيار بل أفرد له تعريفا خاصا ” بأنه كل اصابة جسدية او نفسية تسببت فيها حادثة الشغل وأسفرت عن عجز جزئي أو كلي مؤقت أو دائم للمستفيد من أحكامه

فالضرر المقصود هنا لا يشمل فقط الضرر الجسدي، بل يشمل ايضا الضرر النفسي او المعنوي،إلا ان هذا المستجد وعلى مستوى نمط الأضرار التي تضفي على الحادثة بكونها حادثة شغل وان كانت تعتبر في طياته أكثر حماية للأجراء المصابين إلا أن القانون لم يواكب مقابل ذلك على مستوى تقرير التعويضات الأخرى المستحقة بالضرر النفسي ،اللهم اذا كان هذا الضرر سيعوض في إطار التعويض عن العجز المؤقت و التعويض الدائم ،ولاسيما أن التعويض عن الضرر النفسي الذي يصيب الأجير في إطار القواعد العامة تعتبر مسألة مستبعدة بصريح القانون رقم 12.18، الذي اعتبر أن التعويض عن الاضرار يتم طبقا للشروط والمساطر المنصوص عليها في هذا القانون

2 . معيار التبعية:

إن اعتماد معيار التبعية في القانون رقم 12.18 لاعتبار الحادثة التي يتعرض لها الأجير بأنها حادثة شغل جاء للحد من الإطلاق الذي كان يتضمنه الفصل 3 من ظهير1963 ،ذلك أن الفصل كان يضفي صبغة حادثة شغل على الحادثة التي يتعرض لها من جراء الشغل او عند القيام به الأجير أو أي شخص يعمل بأي صفة كانت لحساب مشغل أو عدة مشغلين. وبالاعتماد على معيار التبعية يكون قد وضع حدا للبس الذي كان قائم ،بحيث كان هناك اختلاف على مستوى تأويل القضاء بالنسبة للعقود التي تتشابه مع عقد الشغل كعقد المقاولة الذي يتميز عقد الشغل عنه بعنصر التبعية ،فعقد المقاولة يقوم على بذل نشاط مهني مقابل اجر، لكن دون رقابة او توجيه من لدن المشغل أي باستقلال تام وباستعمال المقاول لوسائل عمله الخاصة ووفقا للطرق التي يراها ملائمة، وباعتماد المشرع المغربي لهذا المعيار يكون قد كرس لما جاء في العديد من قرارات محكمة النقض في هذا الشأن والتي اعتمدت على عنصر التبعية في القول بعدم استحقاق المقاول لاي تعويض عن الحادثة التي يتعرض لها بمناسبة عمله.

ثانيا: شروط تحقق حادثة الشغل

لاعتبار الحادثة ﺣﺎدﺛﺔ ﺷﻐل يجب ان تتوفر ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺷروط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ: 

أن ﺗﺣدث اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺿررا ﺑﺟﺳم اﻷﺟﯾر لكي ﺗﺗﺣﻘق ﺣﺎدﺛﺔ اﻟﺷﻐل اﻟﻣوﺟﺑﺔ ﻟﻠﺗﻌوﯾض ﻻ ﺑد ﻣن وﻗوع ﻓﻌل ﺿﺎر ﻣﺎس ﺑﺟﺳم اﻷﺟﯾر وﯾﺳﺗوي ﻓﻲ ذﻟك أن ﯾﻛون ﻫذا اﻟﻔﻌل ﻣﺎدﯾﺎ ﻣﻌﻠوﻣﺎ ﻛﺎﻟﺟروح اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺞ ﻋﻧﻬﺎ اﻟوﻓﺎة أو اﻟﻛﺳر أو ﻣﻌﻧوﯾﺎ ﻛﺈﺻﺎﺑﺔ اﻷﺟﯾر ﺑﺎﻧﻬﯾﺎر ﻋﺻﺑﻲ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺳﻣﺎﻋﻪ ﻟﻛﻼم ﻧﺎﺑﻲ أو ﻣﺷﺎﻫدﺗﻪ ﻟﻣﺷﻬد ﻣﺷﯾن ﻟم ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺗﺣﻣﻠﻪ.

وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك ﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر ﺑﺟﺳم اﻷﺟﯾر اﻟﻣوﺟب ﻟﻠﺗﻌوﯾض وﻓق ﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﺣوادث اﻟﺷﻐل اﻹﻋﺗداء اﻟﻣﺎس ﺑﺎﻟﻛراﻣﺔ أو اﻟﺷرف أو اﻹﻋﺗﺑﺎر اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻛﺎﻟﺳب واﻟﺷﺗم واﻟﻘذف، وﻛدا اﻟﻔﻌل اﻟﻣؤدي إﻟﻰ إﺗﻼف ﻣﻣﺗﻠﻛﺎت اﻷﺟﯾر وﻟوازﻣﻪ ﺣﺗﻰ وﻟو وﻗﻊ داﺧل أﻣﺎﻛن اﻟﺷﻐل وﺑﺳﺑﺑﻪ.

أن ﺗﻘﻊ اﻟﺣﺎدﺛﺔ ﺑﺷﻛل ﻣﻔﺎﺟﺊ:

ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ اﻹﺻﺎﺑﺔ ﻟﻛﻲ ﺗﻛﯾف أﻧﻬﺎ ﺣﺎدﺛﺔ ﺷﻐل أن ﺗﻘﻊ ﺑﻛﯾﻔﯾﺔ ﻣﺑﺎﻏﺛﺔ وﻣﻔﺎﺟﺋﺔ وﯾﺗﻌﻠق ﻫذا اﻟﺷرط ﺑﺎﻟﻔﻌل ذاﺗﻪ ﻻ ﺑﺄﺛرﻩ ﺣﯾث ﯾﺷﺗرط ﻓﯾﻪ أن ﯾﻛون ﻣﺑﺎﻏﺛﺎ، ﺑﻣﻌﻧﻰ أن ﯾﺑدأ وﯾﻧﺗﻬﻲ ﻓﻲ ﻓﺗرة وﺟﯾزة ﻣن اﻟزﻣن وذﻟك ﻛﺎﻹﻧﻔﺟﺎر أو اﻟﺳﻘوط أو اﻟﺣرﯾق أو اﻟﺗﺻﺎدم أﻣﺎ إذا اﺳﺗﻐرق اﻟﻔﻌل اﻟﻣﺳﺑب ﻟﻺﺻﺎﺑﺔ زﻣﻧﺎ ﺑﺣﯾث ﻓﺻل ﺑﯾن ﺑداﯾﺗﻪ وﻧﻬﺎﯾﺗﻪ وﻗت أو ﻟم ﯾﻛن ﻣن اﻟﻣﻣﻛن ﺗﺣدﯾث ﻣﺗﻰ ﺑدأ وﻗوﻋﻪ وﻣﺗﻰ اﻧﺗﻬﻰ وﻟو ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺗﻘرﯾب ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﺣﺎدﺛﺔ ﺷﻐل و ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣﺗﻰ ﻛﺎﻧت اﻹﺻﺎﺑﺔ ﻣﻔﺎﺟﺋﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻌﺗﺑر ﺣﺎدﺛﺔ ﺷﻐل وﻟو ﻛﺎن أﺛرﻫﺎ اﻟﺿﺎر ﻟم ﯾظﻬر إﻻ ﺑﻌد ﻓﺗرة ﻣن اﻟزﻣن.

أن ﯾﻘﻊ اﻟﺣﺎدث أﺛﻧﺎء اﻟﺷﻐل أو ﺑﺳﺑﺑﻪ:

ﻻ ﯾﻣﻛن إﺿﻔﺎء ﺻﻔﺔ ﺣﺎدﺛﺔ اﻟﺷﻐل ﻟﻣﺟرد إﺻﺎﺑﺔ اﻷﺟير ﻓﻲ ﺟﺳﻣﻪ ﻓﺟﺄة، وإنما ﯾﺗﻌﯾن أن ﯾﻛون ذﻟك اﻟﺣﺎدث ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﻌﻣل أو ﺑﺳﺑﺑﻪ وذﻟك ﺣﺳب ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣﺎدة 3 ﻣن اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 12.18.

وﻣﻘﺗﺿﻰ ﻫذا اﻟﻧص أﻧﻪ ﻟﻛﻲ ﺗﻌﺗﺑر اﻟﺣﺎدﺛﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﺣﻘت ﺑﺎﻷﺟﯾر ﺣﺎدﺛﺔ ﺷﻐل ﻻ ﯾﻛﻔﻲ أن ﯾﻛون اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر اﻟﻣﺎس ﺑﺟﺳم اﻷﺟﯾر ﻣﻔﺎﺟﺋﺎ ﺑل ﻻ ﺑد أن ﯾﻛون ﻛذﻟك ﻧﺎﺗﺟﺎ ﻋن أداء اﻟﺷﻐل أو ﺑﺳﺑﺑﻪ وﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻣﻐرﺑﻲ وذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن اﻟﻘﺎﻧون 12.18ﻧﻼﺣظ أن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺣدد اﻟﻣﻘﺻود ﻣن ﻋﺑﺎرة ﻋﻧد اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻪ وإنما ﺗرك ذﻟك ﻹاجتهاد اﻟﻘﺿﺎء وﺗﺄوﯾﻼت اﻟﻔﻘﻪ وﺑﺎﺳﺗﻘراء أﻫم اﻷﺣﻛﺎم واﻟﻘرارات اﻟﺻﺎدرة ﻋن ﻣﺣﺎﻛم اﻟﻣوﺿوع وﻛذا اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺣﺎول ﺟﺎﻫدا اﻟﺗوﺳﻊ ﻓﻲ ﻣﻔﻬوم ﻋﻧد اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﺷﻐل ﺣﯾث اﻋﺗﺑر ﺑﺄن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣوادث اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌرض ﻟﻬﺎ اﻷﺟﯾر ﻓﻲ ﻣﻛﺎن وزﻣﺎن اﻧﺟﺎز اﻟﺷﻐل ﺗﻌﺗﺑر ﺣﺎدﺛﺔ اﻟﺷﻐل ﺣﺗﻰ وﻟو وﻗﻌت ﺧﻼل ﻓﺗرة الاﺳﺗراﺣﺔ أو ﻛﺎن ﺳﺑﺑﻬﺎ ﺧﺎرﺟﺎ ﻋن ﻧطﺎق اﻟﺷﻐل ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻷﺟﯾر اﻟذي ﯾﺗرك ﺷﻐﻠﻪ وﯾدﺧل ﻓﻲ ﻣزاح ﻣﻊ أﺣد أﺻدﻗﺎﺋﻪ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن اﻟﻌﻣل،ولكن رﻏم أﻫﻣﯾﺔ ﻫذا اﻟﺗوﺳﻊ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣﻔﻬوم ﻣﻛﺎن اﻟﺷﻐل وزﻣﺎﻧﻪ واﺳﺗﻐراﻗﻪ ﻟﻛل اﻟﺣوادث اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ان ﺗﺣﺻل ﻟﻸﺟﯾر داﺧل أﻣﺎﻛن اﻟﺷﻐل وزﻣﺎﻧﻪ إﻻ أﻧﻪ ﯾﺑﻘﻰ ﺗوﺳﻌﺎ ﻣﺣدودا وﻏﯾر ﺷﺎﻣل ﻟﻛل اﻟﺣوادث اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻘﻊ ﻟﻸﺟراء ﺧﺎرج أﻣﺎﻛن اﻧﺟﺎز اﻟﺷﻐل وأزﻣﻧﺗﻪ وﻟﺗﺟﺎوز ﻫذا اﻟﻘﺻور اﺗﺟﻪ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣﻐرﺑﻲ واﻟﻣﻘﺎرن ﻣؤﯾدا ﺑﺎﻟﻔﻘﻪ إﻟﻰ ﺗﺑﻧﻲ ﻣﻌﯾﺎر وﺟود ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺑﻌﯾﺔ أو اﻧﺗﻔﺎﺋﻬﺎ ﻟﺗﺣدﯾد ﻧطﺎق زﻣﺎن اﻟﺷﻐل وﻣﻛﺎﻧﻪ[3].

وﻫﻛذا اﻋﺗﺑر اﻟﻘﺿﺎء واﻟﻔﻘﻪ ﺑﺄن ﻛل ﻣﻛﺎن ﯾﺗواﺟد ﻓﯾﻪ اﻷﺟﯾر ﺗﺣت إﺷراف ورﻗﺎﺑﺔ وﺗوﺟﯾﻪ رب اﻟﻌﻣل –ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺑﻌﯾﺔ – ﯾﻌﺗﺑر ﻣﻛﺎﻧﺎ ﻟﻠﺷﻐل ﯾﺧول ﻟﻸﺟﯾر اﻟﻣﺻﺎب داﺧﻠﻪ ﺑﺣﺎدﺛﺔ ﺷﻐل اﻟﺗﻌوﯾض وﯾدﺧل ﻓﻲ ﻧطﺎق ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﯾﻧﺟز ﻓﯾﻪ اﻟﺷﻐل ﻋﺎدة وﻣراﻓﻘﻪ وﻣﻠﺣﻘﺎﺗﻪ ﻛﻘﺎﻋﺎت ارﺗداء اﻟﻣﻼﺑس وﺗﻧﺎول اﻟطﻌﺎم أو أداء اﻟﺻﻼة أو ﻏﯾرﻫﺎ.  ﻛﻣﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻣﻛﺎﻧﺎ ﻟﻠﺷﻐل ﻛذﻟك ﻛل ﻣﻛﺎن ﯾﻧﺗﻘل إﻟﯾﻪ اﻷﺟﯾر ﺑﺄﻣر ﻣن ﻣﺷﻐﻠﻪ ﻹﻧﺟﺎز ﻣﻬﻣﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺷﻐل ﺣﺗﻰ وﻟو ﻛﺎن ﻫذا اﻟﻣﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﻠك ﺷﺧص آﺧر ﻏﯾر اﻟﻣؤاﺟر طﺎﻟﻣﺎ أن ﺗواﺟد اﻷﺟﯾر ﺑﻪ ﺟﺎء ﺗﻧﻔﯾذا ﻟﺗﻌﻠﯾﻣﺎت وأواﻣر ﻣﺷﻐﻠﻪ اﻟﻣﺗﺻل ﺑﺎﻟﺷﻐل

ﻛﻣﺎ اﻋﺗﺑر اﻟﻘﺿﺎء واﻟﻔﻘﻪ أن زﻣﺎن أداء اﻟﺷﻐل ﯾﻛون ﺷﺎﻣﻼ ﻟﺳﺎﻋﺎت اﻟﺷﻐل اﻟﻌﺎدﯾﺔ واﻹﺿﺎﻓﯾﺔ وﻟﻠﻔﺗرات اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﺑدأ اﻟﺷﻐل واﻟﻼﺣﻘﺔ ﻹﻧﺗﻬﺎﺋﻪ وﻛذا ﻟﻔﺗرات اﻟراﺣﺔ ،بحيث ان اﻟﻘﺿﺎء اﻷﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻋﺗﺑر ﺑﺄن اﻟﺣﺎدﺛﺔ اﻟواﻗﻌﺔ ﻟﻸﺟﯾر اﺛﻧﺎء ﻓﺗرة اﺳﺗراﺣﺗﻪ واﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن ﻏرﻗﻪ ﻓﻲ ﺧزان ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻠﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺷﺗﻐل ﺑﻬﺎ ﺗﻌﺗﺑر ﺣﺎدﺛﺔ ﺷﻐل، أﻣﺎ اﻟﺣوادث اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻟﻸﺟراء أﺛﻧﺎء ﺧوﺿﻬم ﻹﺿراب ﻋن اﻟﻌﻣل ﻗد ﺷﻬدت اﺧﺗﻼﻓﺎ ﺑﯾن اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء اﻧﺑرى ﻋﻧﻪ وﺟود اﺗﺟﺎﻫﯾن أﺳﺎﺳﯾن، اﻷول ﯾﻌﺗﺑر أﻧﻬﺎ ﺣوادث ﺷﻐل واﻟﺛﺎﻧﻲ ﯾﻧﻔﻲ ﻋﻧﻬﺎ ﺻﻔﺔ ﺣﺎدﺛﺔ ﺷﻐل

الفقرة الثانية: حادثة الطريق

لم يأتي القانون رقم 12.18 بتغييرات مهمة بالنسبة لمفهوم وشروط تحقق حادثة الطريق، فعلى غرار ظهير 1963 لم يعرف المشرع المغربي في القانون الجديد حادثة الطريق، مكتفيا بتحديد مجالها المكاني بصيغة اكثر دقة، وهكذا فطبقا لمقتضيات المادة 4 من قانون رقم 12.18 يمكن القول أن المشرع حدد 4 نقط انطلاق ووصول خلال مسافة الذهاب والإياب والتي تعتبر خلالها الحادثة التي يتعرض لها المستفيد من أحكامه بمثابة حادثة شغل، وتأسيسا على ذلك تعتبر حادثة طريق الحادثة الواقعة خلال مسافة الذهاب والإياب 

  • بين محل الشغل ومحل الاقامة الرئيسي للمستفيد من أحكام هذا القانون؛
  • بين محل الشغل ومحل اقامة ثانوية للأجير المصاب شريطة أن يكتسي هذا الاخير صبغة ثابتة  إذ لولا هذه الصفة لأصبح هذا المحل كأي مكان يتوجه إليه الإنسان بصفة عرضية، وإثبات الصبغة الثابتة يقع على عاتق العامل المصاب؛
  • بين محل الشغل واي محل اخر يتوجه اليه المصاب بصفة اعتيادية ، وهنا يظهر المستجد الذي جاء به القانون رقم 12.18 ذلك أنه حذف عبارة ” لأسباب عائلية ”، بمعنى أنه لا يشترط في المكان الذي توجه اليه الأجير المصاب بصفة اعتيادية ان يكون لأسباب عائلية، بل إن المهم هو عنصر الاعتياد؛
  • بين محل الشغل والمحل الذي يتناول فيه العامل طعامه بصفة اعتيادية وبين هذا الاخير ومحل اقامته، والمستجد هنا هو حذف ما كان يتضمنه الفصل 6 من ظهير 1963 من حيث تعداد وجبات الطعام والتمثيل لاماكن تناول الطعام بمنزل احد الاقارب او احد الافراد،فالصيغة الجديدة جاءت مركزة تركيزا محكما، ذلك ان الاهم هو إثبات عنصر الاعتياد في المحل الذي يتناول فيه العامل طعامه مهما كانت الوجبة التي سيتناولها العامل.

واﻷﺳﺎس اﻟﻣﻌﺗﻣدة  ﻟﺗﻣدﯾد أﺣﻛﺎم ﺣﺎدﺛﺔ اﻟﺷﻐل ﻋﻠﻰ ﺣﺎدﺛﺔ اﻟطرﯾق اﺧﺗﻠف ﻓﯾﻪ اﻟﻔﻘﻪ، ﻓﻬﻧﺎك ﺟﺎﻧب ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺗﺑﻌﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗﺟﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﺷراف واﻟﺗوﺟﯾﻪ واﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ اﺳﺗﻧد ﻋﻠﻰ ﻛﻣﻌﯾﺎر اﻹرادة اﻟﺻرﯾﺣﺔ ﻟﻠﻣﺷرع ﺑﻣﻌﻧﻰ آﺧر أن ﻫذا اﻟﻔﻘﻪ ﯾؤﺳس ﺣﺟﺟﻪ ﻓﻲ ﻛون اﻟﻘﺎﻧون اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ذو طﺎﺑﻊ اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﺣﻣﻲ اﻟﻌﻣﺎل وﻣﺻﺎﻟﺣﻬم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ

الفقرة الثالثة: الأمراض المهنية

ﻟم ﯾﻌﻣل اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ إﻟﻰ ﺗﻌرﯾف اﻟﻣرض اﻟﻣﻬﻧﻲ ﻓﻲ إطﺎر ظﻬﯾر 31 ﻣﺎي 1943 ﺑﺷﺄن اﻷﻣراض اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ، وإنما اﻛﺗﻔﻰ ﻓﻲ ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟظﻬﯾر اﻟﻣذﻛور أﻋﻼﻩ، ﻟﻠﺗﻌداد وﻏﯾر ﺣﺻري ﻟﺑﻌض ﺣﺎﻻت اﻟﻣرض اﻟﻣﻬﻧﻲ ﺑﻧﺻﻪ  ﻋﻠﻰ اﻧﻪ ﺗﻌﺗﺑر ﻛﺄﻣراض ﻣﻬﻧﯾﺔ ﺣﺳب ﻣﻌﻧﻰ ﻧص ظﻬﯾرﻧﺎ اﻟﺷرﯾف ﻫذا ﻛل اﻟﻌﻠل اﻟﻣؤﻟﻣﺔ واﻷﻣراض اﻟﻣﺗﺳﺑﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺟراﺛﯾم اﻟﺗﻌﻔﻧﯾﺔ وﻛذﻟك اﻷﻣراض اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻗرار وزﯾر اﻟﺗﺷﻐﯾل واﻟﺷؤون اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﻣﺗﺧذ ﺑﻌد اﺳﺗﺷﺎرة وزارة اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ واﻟﻌﺎﺋﻠﯾﺔ وﯾﺷﻣل  ﻫذا اﻟﻘرار ﺟداول ﻓﯾﻬﺎ ﺑدﻗﺔ ووﺿوح ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:

ﻣظﺎﻫر اﻟﺗﺳﻣم اﻟﺣﺎدة أو اﻟﻣزﻣﻧﺔ:

  • اﻷﻣراض اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن اﻟوﺳط اﻟذي ﯾوﺟد ﻓﯾﻪ اﻟﻌﺎﻣل؛
  • اﻷﻣراض اﻟﻣﺗﺳﺑﺑﺔ ﻋن اﻟﺟراﺛﯾم اﻟﺗﻌﻔﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗداﻫم ﻣن ﯾﺷﺗﻐل ﻋﺎدة ﺑﺎﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟداول اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬﺎ أﻋﻼﻩ.

وﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗﻔﯾد اﻟﻌﺎﻣل اﻟﻣﺻﺎب ﺑﺎﻟﻣرض اﻟﻣﻬﻧﻲ ﻣن اﻟﺗﻌوﯾﺿﺎت اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون المتعلق بحوادث الشغل والأمراض المهنية ﻻﺑد ﻣن ﺗﺣﻘق ﺛﻼث ﺷروط رﺋﯾﺳﯾﺔ وﻫﻲ ﻛﺎﻟﺗﺎﻟﻲ: 

أن ﯾﺻﺎب اﻷﺟﯾر ﺑﻣرض اﻋﺗﺑرﻩ اﻟﻣﺷرع ﻣﻬﻧﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﺿوء ظﻬﯾر 31 ﻣﺎي 1943:

ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻣل ﻟﻛﻲ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻣرض اﻟذي أﺻﯾب ﺑﻪ ﻣرﺿﺎ ﻣﻬﻧﯾﺎ ﯾﻌوض ﻋﻧﻪ ﻓﻲ إطﺎر اﻷﻣراض اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ إﺣدى اﻟﻘواﺋم اﻟﻣﻠﺣﻘﺔ ﺑظﻬﯾر 31 ﻣﺎي 1943واﻟﺗﻲ ﯾﺣددﻫﺎ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟراﻫن ﻗرار 20 ﻣﺎي 1967 واﻟﻣﺗﻣم ﺑﻘرار 19 ﺷﺗﻧﺑر1972 ﺛم ﺑﻘرار 23 دﺟﻧﺑر 1999 وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا ﺛﺎر ﻧزاع ﺑﯾن اﻟﻌﺎﻣل اﻟﻣﺻﺎب وﺑﯾن ﺻﺎﺣب ﻋﻣﻠﻪ أو ﻣؤﻣن ﻫذا اﻷﺧﯾر وﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﺻل 11 ﻣن ﻗرار 20 ﻣﺎي 1967 ﻓﯾﺟب أن ﯾﻌرض اﻟﻌﺎﻣل ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أطﺑﺎء ﻣن ذوي اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻟﻠﺗﻘرﯾر ﺑﺷﺄن طﺑﯾﻌﺔ ﻣرﺿﻪ وﻫل ﻫو ﻣرض ﻣﻬﻧﻲ ﯾﻌوض ﻋﻧﻪ ﻓﻲ إطﺎر ظﻬﯾر 31ﻣﺎي 1943 أم ﻟﯾس ﺑﻣرض ﻣﻬﻧﻲ ﯾﺧﺿﻊ اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻧﻪ ﻟﻧظﺎم اﻟﺿﻣﺎن اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ.

أن ﯾﻛون ﻗد ﻋﻣل ﺑﺎﻧﺗظﺎم ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل  اﻟﻣﺳﺑب ﻟﻬذا اﻟﻣرض:

وﻫذا اﻟﺷرط ﻣﻧطﻘﻲ وﺿروري ﻟﻘﯾﺎم ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺷﻐل اﻟذي ﯾﻣﺎرﺳﻪ اﻷﺟﯾر وﺑﯾن اﻟﻣرض اﻟذي ﻟﺣق ﺑﻪ وﺗﻘدﯾر ﻣدى اﺳﺗﻣرارﯾﺔ ﻫذا اﻹﺷﺗﻐﺎل واﻧﺗظﺎﻣﻪ واﻋﺗﺑﺎر ذﻟك ﻛﺎﻓﯾﺎ ﻟﻧﺷوء اﻟﻣرض اﻟﻣﻬﻧﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ واﻗﻊ ﯾﺗرك أﻣر ﺗﻘدﯾرﻫﺎ إﻟﻰ ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع دون رﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﯾﻬم ﻓﻲ ذﻟك ﻣن طرف ﻗﺿﺎة ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض.

أن ﺗﺗﺣﻘق اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻧﻪ:

ﻻﯾﻛﻔﻲ اﻷﺟﯾر اﻟﻣﺻﺎب ﺑﻣرض أن ﯾﺗﺑث أن ﻫذا اﻟﻣرض ﻣرض ﻣﻬﻧﻲ ﺑﻧص اﻟﻘﺎﻧون وأﻧﻪ اﺷﺗﻐل طﯾﻠﺔ اﻟﻔﺗرة اﻟﻼزﻣﺔ ﺑﻣﺣﯾط ﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧﻪ اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﻣﺛل ﻫذا اﻟﻣرض ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺗﻌوﯾض ﺑل ﻻ ﺑد ﻟﻪ ﻹﻗﺎﻣﺔ دﻋوى ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟمشغل أو ﻣؤﻣﻧﻪ ﺧﻼل اﻵﺟﺎل اﻟﺗﻲ ﯾﺑﻘﻰ ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣشغل ﻣﺳؤوﻻ ﻋن ﺗﻠك اﻷﻣراض وﻧﺷﯾر إﻟﻰ أن ﻣدة اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺎﻟﺧﺗﻼف اﻷﻣراض اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ ﺑﺣﯾث إن اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﺟﻌل ﻟﻛل ﻣرض ﻣﻬﻧﻲ ﻣدة ﻣﻌﯾﻧﺔ ﯾﺑﻘﻰ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻣﺷﻐل ﻣﺳؤوﻻ ﻋن ﺗﻌوﯾﺿﻪ.

وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻹﺗﺑﺎث ﺗﺧﺗﻠف ﻣﺎ ﺑﯾن اﻷﻣراض اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ وﺣوادث اﻟﺷﻐل، ﻓﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻬذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻓﺈن اﻷﺟﯾر اﻟﻣﺻﺎب ﺑﻬﺎ ﯾﺳﺗﻔﯾد ﻣن ﻗرﯾﻧﺔ إﺳﻧﺎد اﻹﺻﺎﺑﺔ  إﻟﻰ اﻟﻌﻣل ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﻛﻠف ﺑﺈﺛﺑﺎت ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻹﺻﺎﺑﺔ وﺑﯾن اﻟﺷﻐل، أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻸﻣراض اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﺟﯾر أن ﯾﺗﺑث أن اﻟﻣرض اﻟﻣﻬﻧﻲ اﻟﻣﺻﺎب ﺑﻪ ﯾﻘﻊ ﺿﻣن اﻟﺗﻌداد اﻟذي أوردﻩ اﻟﻣﺷرع ﻟﻸﻣراض اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ،  ﻛﻣﺎ ﻋﻠﻰ  اﻷﺟﯾر اﻟﻣﺻﺎب أن ﯾﺛﺑت أﯾﺿﺎ ﻣزاوﻟﺗﻪ ﻟﻠﻌﻣل  أو اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗؤدي إﻟﻰ اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﺎﻷﻣراض وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻣﺣدد ﺗﺷرﯾﻌﺎ ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﺳﻣم اﻟﺣﺎد أو اﻟﻣزﻣن واﻟذي أوردﻫم اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل، ﻓﺈذا ﻧﺟﺢ اﻷﺟﯾر ﻓﻲ إﺗﺑﺎث ﻫذﻩ اﻷﻣور ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﻛﻠف ﺑﺈﺗﺑﺎث ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻣرض واﻟﻌﻣل اﻟذي ﯾزاوﻟﻪ وﻫذا ﻣﺎ ﻟم ﯾﺛﺑت إﺗﺑﺎث اﻧﺻرام اﻷﺟل اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻣﺣدد ﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺷﻐل[4]

ﻗواﻋد إﺳﻧﺎد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋن اﻷﻣراض اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ:

إذا ﻛﺎن ظﻬﯾر 31 ﻣﺎي 1943 ﯾﻧص ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺷﻐل ﻋن اﻷﻣراض اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗد ﯾﺻﺎب ﺑﻬﺎ أﺟراءﻩ ﺑﺷرط أن ﺗﻛون واردة ﺿﻣن اﻟﺗﻌداد اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺎﻧوﻧﺎ وأن ﯾﻛوﻧوا ﻫؤﻻء اﻷﺟراء ﻗد اﺷﺗﻐﻠو ﺑﻛﯾﻔﯾﺔ ﻣﻧﺗظﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل أو اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﺳﺑﺑﺔ ﻟﻠﻣرض اﻟﻣﻬﻧﻲ إذا ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎل واردة ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر وأن ﯾرﻓﻌو دﻋواﻫم داﺧل أﺟل أو ﻣدة اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﺈن اﻟﻣﻼﺣظ أن ﻗواﻋد إﺳﻧﺎد ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺣﺳب ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻷﺟﯾر اﺷﺗﻐل ﻋﻧد ﻣﺷﻐل واﺣد أم أﻧﻪ اﺷﺗﻐل ﻋﻧد أﻛﺛر ﻣن ﻣﺷﻐل ﻛﻣﺎ أن ﻗواﻋد إﺳﻧﺎد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷﺧﯾرة ﺗﺧﺗﻠف ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻷﺟﯾر ﻗد ﻗﺎم ﻋﻧد ﻛل واﺣد ﻣن اﻟﻣﺷﻐﻠﯾن ﺑﺎﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺳﺑب ﻟﻪ اﻟﻣرض اﻟﻣﻬﻧﻲ أم ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﻋﻧد اﻟﺑﻌض دون اﻟﺑﻌض اﻵﺧر، ﻓﻔﻲ ﺣﺎﻟﺔ إذا ﻛﺎن اﻷﺟﯾر ﻟم ﯾﺷﺗﻐل إﻻ ﻋﻧد ﻣﺷﻐل واﺣد ﻓﺈن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻫو اﻟذي ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻ ﻋن ﺗﻌوﯾض اﻟﺿرر اﻟﻧﺎﺟم ﻋن اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻣرض اﻟﻣﻬﻧﻲ، أﻣﺎ إذا اﺷﺗﻐل اﻷﺟﯾر ﻋﻧد ﻣﺷﻐﻠﯾن ﻣﺗﻌددﯾن ﻓﻲ ﻣؤﺳﺳﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﺈن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث ﻣﻛرر ﻣرﺗﯾن ﻣن ظﻬﯾر 31 ﻣﺎي 1943 واﻟﻣﺿﺎﻓﺔ ﺑﻣوﺟب ظﻬﯾر 18 ﻣﺎي 1957 ﺗﻧﺎوﻟت اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن ﻫذا اﻹﺷﻛﺎل ﺣﯾﻧﻣﺎ ﺗﺿﻣﻧت ﻧظﺎﻣﺎ ﻟﺗوزﯾﻊ ﻋﺑﺊ اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﻣرض اﻟﻣﻬﻧﻲ ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﺷﻐﻠﯾن اﻟذﯾن ﯾﻛون اﻷﺟﯾر اﻟﻣﺻﺎب اﺷﺗﻐل ﻋﻧدﻫم وذﻟك ﻣﻊ اﻷﺧذ ﺑﻌﯾن اﻹﻋﺗﺑﺎر ﻣدة ﺗﻌرﺿﻪ ﻟﻠﻣرض ﻋﻧد ﻛل واﺣد ﻣﻧﻬم وإذا ﻛﺎن اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﯾﺣﻣل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋن اﻟﻣرض اﻟﻣﻬﻧﻲ ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺷﻐﻠﯾن اﻟذﯾن ﯾﻛون اﻷﺟﯾر اﻟﻣﺻﺎب اﺷﺗﻐل ﻋﻧدﻫم ﻓﻲ اﻟﻌﻣل أو اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺑب ذﻟك اﻟﻣرض اﻟﻣﻬﻧﻲ ﻓﺈﻧﻪ وا ٕ ﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﺣﻣﺎﺋﻲ ﻟﻘﺎﻧون  اﻟﺷﻐل وﻣراﻋﺎة ﻟوﺿﻊ اﻷﺟﯾر أو ﻟذوي ﺣﻘوﻗﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟوﻓﺎة ﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻟﻸﺟﯾر اﻟﻣﺻﺎب ﺑﻣرض ﻣﻬﻧﻲ ﻋﻧد ﺗﻌدد ﻣﺷﻐﻠﯾﻪ واﻧﻌﻘﺎد ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻣﯾﻊ أن ﯾرﻓﻊ دﻋوى اﻟﺗﻌوﯾض ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ آﺧر ﻣﺷﻐل اﺷﺗﻐل ﻋﻧدﻩ أو ﻻ زال ﯾﺷﺗﻐل ﻋﻧدﻩ ﻣﻊ ﺣق ﻫذا اﻟﻣﺷﻐل اﻷﺧﯾر ﻓﻲ اﻟرﺟوع ﻋﻠﻰ ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻣﺷﻐﻠﯾن اﻵﺧرﯾن ﻛل ﺑﻘدر ﻧﺻﯾﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ واﻟذي ﯾﺣدد ﺑﺣﺳب اﻟﻣدة اﻟﺗﻲ ﯾﻛون اﺷﺗﻐل ﻓﯾﻬﺎ اﻷﺟﯾر اﻟﻣﺻﺎب ﻋﻧدﻫم وا ٕ ذا ﻛﺎن آﺧر ﻣﺷﻐل ﻣﻌﺳرا أو ﻏﯾر ﻣؤﻣن ﻓﻠﻸﺟﯾر اﻟﻣﺻﺎب اﻟﻣﺻﺎب ﺑﻣرض ﻣﻬﻧﻲ أو ﻟذوي ﺣﻘوﻗﻪ اﻟﺧﯾﺎر ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ظﻬﯾر 31 ﻣﺎي 1943 ﻓﻲ أن ﯾطﺎﻟﺑو ﻣﺑﺎﺷرة ﻛل ﻣﺷﻐل ﻋﻠﻰ ﺣدة ﺑﻘﺳط اﻟﺗﻌوﯾﺿﺎت أو اﻟصواﺋر اﻟﻣﺗﺣﺗم ﻋﻠﯾﻪ دﻓﻌﻬﺎ وﻻ ﯾﻛون ﺑﯾن اﻟﻣﺷﻐﻠﯾن أي ﺗﺿﺎﻣن ﻓﻲ ﻫذا اﻟدﻓﻊ، واذا ظﻬر ﻋﺳر أي ﻣﺷﻐل ﻓﻲ دﻓﻊ  ﻣﺟﻣوع  اﻟﺗﻌوﯾﺿﺎت أو اﻟصواﺋر أو ﻓﻲ دﻓﻊ ﺟزء ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻘط ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗدﻓﻊ ﻟﻸﺟﯾر  اﻟﻣﺻﺎب أو ﻟذوي ﺣﻘوﻗﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﻓﺎﺗﻪ ﻣن اﻷﻣوال اﻟﻣﺧﺻﺻﺔ ﻟﻠﺿﻣﺎن.

<><>

المطلب الثاني: التغطية الاجتماعية للأجراء عن حوادث الشغل والأمراض المهنية و التعويضات المقررة قانونا

لقد جاء القانون 12.18 بعدة مستجدات على مستوى مسطرة الاستفادة من التعويضات التي أقرها بحيث انها مسطرة مختلفة تماما للمسطرة التي كان ينص عليها ظهير 1963 خاصة بالنسبة لمسطرة الاستفادة من التعويضات (الفرع الأول) أما بالنسبة للتعويضات المقررة فقد تميزت بتغيرات طفيفة (الفرع الثاني).

الفرع الأول :  مسطرة الاستفادة من التعويضات:

بموجب القانون رقم 12.18 لم يعد هناك وجود مسطرة ادارية بالمفهوم الذي كان ينظمه ظهير 1963 من تصريح المشغل أو في حالة امتناعه من طرف الأجير أو ذوي حقوقه بالحادثة لدى السلطة المحلية أو الشرطة أو الدرك ، بل أن الجهات الثلاث الاخيرة لم يعد لها دور يذكر في مسطرة الاستفادة من التعويضات التي أقرها القانون المذكور سلفا وتتميز هذه المرحلة بعدة إجراءات كالاخبار بالحادثة والتصريح بها الفقرة الأولى وايداع الشواهد الطبية واجراء الصلح ، الفقرة الثانية وهذه الاجراءات لا يمكن الحديث عنها إلا في حالة إبرام المشغل للأجراء تأمينات ضد حوادث الشغل، اما في حالة عدم إبرام عقد التأمين فلا يمكن تصور إجراء الصلح.

الفقرة الأولى: الإخبار و التصريح[5] 

اولا: الإخبار بالحادثة والمرض المهني:

على غرار ظهير 1963 أوجب القانون رقم 12.18 على المصاب أو ذوي حقوقه أو من يمثلهم اخبار المشغل أو أحد ماموريه بوقوع الحادثة أو الإصابة في اليوم الذي طرات فيه او في ظرف 48 ساعة، ماعدا في حالة القوة القاهرة أو لسبب مشروع، و يتعين على المشغل فور إخباره أن يسلم من اخبره بالحادثة شهادة تتضمن اسم المشغل والضحية وعنوانهم ونوع الحادثة وتاريخها واسم المؤمنة ورقم عقدة التأمين ورقم تسجيل الأجير المصاب بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. والمستجد في هذا القانون السالف الذكر هو تمديد اجل اخبار المصاب مشغله بالحادثة ليصير 48 بعدما كان 24 ساعة في ظل الظهير المذكور.

بقي ان نشير ان مسألة الاخبار يمكن ان يكون باي وسيلة كانت سواء شفهيا أو كتابة أو عن طريق الهاتف او البريد الالكتروني، فتبعا لذلك يكون الإخبار بهذه الوسائل اخبار صحيح منتج لآثاره القانونية

تانيا: اخبار المدير الإقليمي بالحادثة والمرض المهني:

وضعت المادة 17 من القانون رقم 12.18 التزاما على عاتق المشغل بضرورة اخباره للمدير الإقليمي للتشغيل بكل حادثة داخل أجل خمسة أيام من تاريخ وقوعها مقابل وصل بالإيداع وبنسخة من التصريح بالحادثة ،والطريقة التي يمكن بها الإخبار شانها شان الكيفية التي سبق ذكرها فيجوز اخبار المدير الإقليمي بشتى الوسائل الاتصال المعدة لهذا الغرض.

ثالثا: التصريح بالحادثة والمرض المهني:

التصريح هو التزام يقع على عاتق المشغل إزاء مؤمنه ويكون إما بتصريح بحادثة شغل أو مرض مهني.

أ. التصريح بالحادث:

التصريح هو إعلام المؤمن بتعرض احد عمال المؤمن له لحادثة شغل ويجب أن يكون داخل أجل خمسة ايام ماعدا في حالة القوة القاهرة أو لأسباب مشروعة

ويتم التصريح بتعبئة نموذج بحادثة شغل من طرف المشغل وارفاقه بالشهادة الطبية الأولية بمحضر الضابطة القضائية أو وصل معاينة الحادثة وإيداعه بعد ذلك مقابل وصل لدى المقاولة المؤمنة أو ارساله عبر البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل.

كما يمكن للأجير في حالة امتناع مشغله التصريح لدى شركة التامين أن يقوم ذلك بنفسه أو ذوي حقوقه. بحيث ليس هناك ما يمنع المصاب من ذلك، كما يمكن للأجير أن يثير المسؤولية المدنية لمشغله الذي خرق إجراء التصريح به امام شركة التأمين ،وذلك متى وجدت شروط تلك المسؤولية

ب: التصريح بالمرض المهني:

 أوجب المشرع المغربي على المشغل أو الاجير المصاب التصريح بهذا المرض خلال مدة 15 يوما الموالية لتاريخ توقفه عن الشغل ويجب أن يكون التصريح مدعما ومثبتا بشهادة طبية تبين نوع المرض القانوني، وفي هذا الاطار نذكر أن الأمراض المهنية موضوع ظهير 31 ماي 1943 وقرار 20 ماي 1967 ليست مذكورة على سبيل الحصر بل على سبيل الاسترشاد كما ألزم الظهير المذكور تصريح الطبيب بالمرض المهني ضمانا لحقوق المصابين الذين عاينهم وتعين عليه أن يحدد في تصريحه بدقة نوع المرض واسبابه وطبيعة المواد المحدثة له، كما وجب تحديد هل هذا المرض مهنيا بنص القانون ام لا ومدة عجز الاجير والمدة المحتملة لغيابه.

الفقرة الثانية: إيداع الشواهد الطبية وإجراء الصلح 

أولا: إيداع الشواهد الطبية [6]

يرفق التصريح بحادثة الشغل بالشهادة الطبية الاولية بحيث يقتضي على الاجير المصاب أو ذوي حقوقه الحصول من الطبيب المعالج على هذه الشهادة في اربع نظائر يحتفظ المصاب بإحداها ويسلم للمشغل ثلاثة نظائر منها، ليعمل هذا الأخير على إيداع نظير منها لد مقاولة التأمين داخل أجل ثمانية وأربعين ساعة من تاريخ التوصل بها.

اما بالنسبة لشهادة الشفاء فهي تتضمن النتائج النهائية للحادثة وتاريخ الشفاء المتوقع، وبعد إيداع التصريح والشواهد الطبية وشهادة الشفاء ،بعد هذا كله يكون الملف لدى شركة التأمين مستجمعا لكافة مكوناته وبالتالي تكون المرحلة الموالية هي إجراء الصلح.

ثانيا: إجراء الصلح[7]

حاول المشرع من خلال  القانون 18/12 تجسيد التوجهات الحديثة للسياسة القضائية ببلادنا وذلك بتفعيل الطرق البديلة لحل النزاعات خاصة التحكيم والصلح لتخفيف الضغط على المحاكم، وبذلك خصص  للصلح حيزا مهما متمثلا في  الباب الأول من القسم الخامس والمعنون بمسطرة الصلح.

وللإشارة فإن ظهير 06/02/1963 كان بدوره ينص على الصلح بل  ميز  حتى بين مسطرة الصلح ، وجلسة الصلح وقاضي الصلح  ومسطرة الحكم وجلسة الحكم إلا أن الملاحظ أن المحاكم لم تكن تفعل هذه المقتضيات لغموضها من جهة وقلة الموارد البشرية القضائية الكافية من جهة أخرى . كما أن الصلح يكون دائما قضائيا بمصادقة المحكمة عليه بأمر بالتصالح يكون نهائيا ولا يقبل أي طعن.

والملاحظ أن القانون 18/12 اصبح يميز بين نوعين من الصلح الأول غير قضائي ويتم بين الضحية وشركة التأمين  والثاني قضائي يتم بين الضحية والمشغل غير المؤمن ما يهمنا في هذا الصدد الصلح غير القضائي وهو الذي أقره القانون الجديد أصبح اجراءا شكليا الزاميا يجب على الضحية سلوكه قبل سلوك المساطر القضائية، وقد عرفته المادة 133 من القانون 18/12 بكون اتفاق بين الضحية وشركة التامين من أجل تمكينه من الحصول على التعويضات المستحقة له عن حادثة الشغل التي تعرض لها يحرر في محضر  يحدد نموذجه من طرف السلطة الحكومية  المكلفة بالشغل، وقد حدد  المشرع نوعية الشكلية المحددة للصلح بكونها شكلية اثبات  فقط وليست شكلية انعقاد اذ استهلت  الفقرة الاخير من هذه المادة بعبارة ” يتم اثبات الاتفاق المبرم اليه…”.

بخصوص الاجراءات المسطرية للصلح فهي تتم بمبادرة من شركة التامين التي عليها تقديم عروض للضحية بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل داخل أجل أقصاه ثلاثين يوما من تاريخ  إيداع شهادة الشفاء او الوفاة او التوصل بهما، وعى الضحية الاجابة على العروض داخل أجل  ثلاثين يوما من تاريخ توصله بها وفي حالة موافقته عليها وتوقيع الطرفين محضر الصلح يتعين على شركة التأمين منح الضحية التعويضات المتفق عليها داخل أجل الثلاثين يوما الموالية لتاريخ توقيع محضر الصلح ، وفي حالة رفض الضحية للعروض يمكنه سلوك المسطرة القضائية ولضمان تفعيل الصلح وتفادي جعله مسطرة بيروقراطية دون فائدة،  فقد حاول   قانون 18/12 إحاطته  بمجموعة من الضمانات التي  تلزم الأطراف  على اخذه على محمل الجد وهذا فقد ألزم شركة التأمين بتقديم عروض للضحية داخل الأجل القانوني تحت طائلة ادائها غرامة مالية بين 20.000،00 درهم و.50000 درهم كما ألزم الضحية بضرورة تبرير رفضه المصادقة على العروض المقدمة اليه من طرف شركة التأمين عند رفعه الدعوى للمحكمة كما أن من بين أهم الضمانات التي نص عليها قانون 18/12 التي يروم منها المشرع  تشجيع الأطراف على حل النزاعات المتعلقة بالتعويض عن حوادث الشغل هي التي  نصت عليها المادة 22  التي تنص على أن الطبيب المعالج يحدد نسبة العجز التي بقيت عالقة بالضحية باتفاق مع الطبيب الخبير المنتدب من طرف شركة التأمين وفي حالة عدم اتفاقها على نسبة العجز  فيمكن لشركة التأمين انتداب خبير يقترحه  الطبيب المعالج الذي عليه إيداع تقريره النهائي داخل أجل شهر من تاريخ انتدابه

إن تحديد نسبة العجز باتفاق بين الطبيب المعالج وخبير شركة التأمين هو أساس اتفاق الأطراف على التصالح إذ أنه  على أساس نسبة العجز المتواصل إليها تقوم شركة التأمين بتقديم عروض للضحية وهو بالتالي ما سيفعل الصلح ويخفف العبء على المحاكم  أو على الأقل هذا ما يرجوه  قانون 18/12.

كما أكد  القانون الجديد على نهائية الصلح المبرم بين  الطرفين وعدم امكانية الطعن فيه إلا إذا تضمن تعويضات تقل عن التعويضات التي يضمنها القانون.

<><>

الفرع الثاني: التعويضات المستحقة لضحايا حوادث الشغل والأمراض المهنية

نميز بالنسبة للتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية  بين حالتين هما اصابة المصاب بجروح و حالة وفاة المصاب  الفقرة الأولى و الى جانب هاتين الحالتين ينظم قانون 12-18 التعويض في إطار دعوى الإيراد التكميلي الفقرة الثانية.

الفقرة الأولى: التعويض عن حوادث الشغل في حالة الجروح و حالة العجز الدائم:

أولا: التعويض في حالة الجروح 

خول القانون 12-18 للمصاب في حادثة شغل الحق في الاستفادة من تعويض عن مصاريف النقل و العلاج و الأجهزة و كذا التعويضات اليومية . فبخصوص التعويض عن مصاريف النقل و العلاج و الأجهزة عالجها المشرع في المواد من 37 الى 41 من القانون رقم 12-18 وباستقراء المواد اعلاه نجد ان المصاريف التي ألزم بها المشرع المشغل أو مؤمنه تنقسم الى 3 أقسام و هي مصاريف التشخيص و العلاجات الطبية والجراحية والصيدلية  و مصاريف الاستشفاء و مصاريف التحليلات و مصاريف الفحوصات و المصاريف الواجب اداؤها للأطباء والمساعدين الطبيين  ثم مصاريف نقل المصاب الى محل اقامته الاعتيادي  الى مؤسسة عمومية أو خصوصية للاستشفاء و العلاج الأقرب من مكان وقوع الحادث و تحدد المصاريف أعلاه بقرار مشترك ما بين وزارة التشغيل و الصحة أضف الى ذلك يوجد نوع ثالث  من المصاريف و هي تلك التي تفرضها الحادثة و المتعلقة بتقويم الأعضاء أو إصلاحها أو تجهيزها و يحدد بمرسوم يتخذ باقتراح من وزارة التشغيل والصحة نوع الأجهزة و قيمتها و شروط تخصيصها و إصلاحها و تجديدها. 

ثانيا: التعويض عن العجز الدائم[8]

يقصد بالعجز الدائم النقص الطارئ على قدرة الاجير المهنية الناتج عن حادثة شغل أو مرض مهني و هذا العجز الدائم إما أن يكون كليا كفقدان الأجير البصر  أو جزئيا يترتب عنه نقص في قدرة العامل عن العمل فالقانون 12-18 اعتبر العجز الدائم بمثابة انخفاض في القدرة المهنية وفضلا عن هذا التعريف فالقانون المذكور حدد المعايير التي تؤخذ بعين الاعتبار لتحديد نسبه وهي نوع عاهة المصاب وحالته الصحية  وسنه وقدرته البدنية والعقلية والنفسية وعليه فإن الايراد يحدد بناء على عنصرين هما نسبة العجز والأجرة السنوية

الأجر السنوي: تبنى القانون 12-18 نفس الأحكام التي كان يتضمنها ظهير 1963 بخصوص الأجرة السنوية المعتمدة لاحتساب الإيراد مع تبني صياغة مركزة للمواد ذات الصلة أي من المادة 105 الى المادة 109 و مستجد يتعلق بالأجرة المتوسطة و بعناصر الاجرة السنوية و ما يلاحظ ان هذا القانون جاء بتقعيد لمتوسط الاجرة . و عليه و بموجب هذا المقتضى الجديد فالأجير اذا كان يعمل في شغل غير متواصل أو عدد أيام الشغل يقل عن 300 يوما خلال 12 شهرا السابقة لتاريخ وقوع الحادثة فتحسب الاجرة السنوية المعتمدة لاحتساب الايراد على أساس متوسط ما تقاضاه و ما كان سيتقاضاه المصاب لإتمام فترة 300 يوم 

نسبة العجز: حافظ القانون 12-18 على نفس الأحكام التي كان يتبناها ظهير 1963 المعدل بقانون 03-06 بخصوص نسبة العجز و كيفية تخفيضها و هكذا فالإيراد الممنوح للمصاب يساوي الأجرة السنوية للمصاب بعد تصحيحها مضروبة في نسبة العجز.

أما فيما يخص التعويض عن حوادث الشغل بالنسبة للوفاة فالأجرة السنوية المعتبرة في احتساب الإيراد في حالة الوفاة هي نفسها المعتمدة في حالة العجز الدائم أما المستجدات التي جاء بها 12-18 بخصوص إيرادات دوي الحقوق فيمكن عرضها كالتالي:

  • ايراد الزوج؛
  • ايراد الفروع؛
  • ايراد الأصول.

الفقرة الثانية: التعويضات اليومية والتعويض في إطار دعوى الإيراد التكميلي

أولا: التعويضات اليومية[9]

اذا حالت حادثة شغل دون مواصلة الأجير لعمله فإن المشغل يؤدي له تعويضا عن اجره و يحدد التعويض اليومي بناءا على المادة 65 من القانون 12-18 في الأجرة اليومية و المبلغ اليومي للمنافع العينية أو النقدية و تعويضات التنقل . و في إطار تحقيق نوع من التوازن مع مقتضيات مدونة الشغل نص القانون الجديد على أن الأجرة اليومية تعادل الأجرة الاسبوعية مقسومة على ستة أو الاجرة الشهرية مقسومة على ستة و عشرين و إذا كان المصاب يتقاضى أجره على أساس القطعة فإن الاجرة اليومية تساوي سدس الأجرة الإجمالية المقبوضة عن الستة أيام الأخيرة من الشغل الفعلي السابق لتاريخ الحادثة . فالقانون 12-18 فيما يخص أحكام التعويضات اليومية جاءت بمقتضيات حماءيه  للأجراء من جلال تعزيز المقتضيات الكفيلة بضمان أداء التعويضات اليومية بكاملها وهكذا نصت المادة 78 على أن كل تأخير في أداء التعويض اليومي ابتداءا من اليوم الثامن الموالي لحلول اجله يخول المصاب الحق في المطالبة بغرامة اجبارية تساوي ثلاثة في المائة من مجموع المبالغ غير المؤداة

ثانيا: التعويض في اطار دعوى الايراد التكميلي

الإيراد التكميلي[10] هو مبلغ إضافي يمثل الفرق بين مبلغ التعويض الكلي الواجب منحه للمصاب في إطار القواعد العام للمسؤولية المدنية، ومبلغ الإيراد الجزئي الواجب منحه في إطار التعويض عن حوادث الشغل.

هذا وقد يكون المتسبب في الحادثة المشغل أ احد تابعيه أو احد من الأغيار، فاذا كان المتسبب فيه هو المشغل أو أحد مأموريه فإن المصاب يستحق تعويضا في اطار قانون حوادث الشغل ولكن يمكن للأجير ضحية حادثة شغل ان تحصل على تعويض وفق القواعد العامة للمسؤولية وذلك في حالتين:

  • إذا وقعت الحادثة نتيجة خطأ متعمد ارتكبه المشغل أو أحد د مأمورية؛
  • إذا وقعت الحادثة أثناء مسافة الذهاب و الاياب و لم يكن المصاب في حالة التبعية للمشغل.
<><>

المبحث الثاني: أحكام التعويضات عن حوادث الشغل و الأمراض المهنية في ضوء العمل القضائي 

تكتسي دراسة أحكام التعويضات المستحقة للمصاب بحوادث الشغل والأمراض المهنية أهميتين، أهمية نظرية وأخرى عملية، فالأولى تتجلي في الوقوف بالدراسة والتحليل على مختلف النصوص القانونية والتشريعية الصادرة في إطار معالجة هذه المادة، والثانية تتجلى في المساعدة على تجاوز الإشكالات التي تعترض القاضي أثناء النظر في مثل هذه القضايا الاجتماعية.

ولهذه الغاية سنعتمد مقاربتين، قانونية وتطبيقية معضدة بالنصوص القانونية وبأحدث ما استقر عليه العمل القضائي. وعليه سنعمل في هذا المبحث لتطرق في (المطلب الأول) للمسطرة القضائية في حوادث الشغل و الأمراض المهنية، على أن نخصص (المطلب الثاني)، لأحكام التعويضات عن حوادث الشغل والأمراض المهنية في بعض الاجتهادات القضائية.

المطلب الأول: المسطرة القضائية

تعد المسطرة القضائية مرحلة ثانية بعد استكمال إجراءات المسطرة الإدارية التي تستهل بتقديم التصريح الذي يكون الهدف منه هو التعجيل بإحالة ملف الحادثة أو المرض المهني على المحكمة المختصة ، وعليه سنعمل في هذا المطلب على تناول البحث والصلح والحكم المتعلق بالأمراض والحوادث المهنية، وقبل ذلك وعلى اعتبار أننا نتناول المرحلة القضائية، ارتأينا إظهار الجانب المتعلق بالاختصاص والمساعدة القضائية  في المادة الاجتماعية  ومرحلة البحث (الفرع الاول)، ثم تناول الصلح و جلسة الحكم في (الفرع الثاني).

الفرع الأول: الاختصاص القضائي المساعدة القضائية في حوادث الشغل و لأمراض المهنية و مرحلة البحث

سنتناول في هذا الفرع  للتطرق في (الفقرة الاولى) للاختصاص القضائي في حوادث الشغل والأمراض المهنية، ثم (الفقرة الثانية) خصصناها لمرحلة البحث.

الفقرة الأولى الاختصاص القضائي و المساعدة القضائية

سنعمل للتطرق (أولا) للاختصاص النوعي والاختصاص المكاني(ثانيا)، ثم (ثالثا) للمساعدة القضائية.

أولا: الاختصاص النوعي:

فبالرجوع إلى مقتضيات المسطرة المدنية في الفصول من 18 إلى 21 من قانون المسطرة المدنية. فإن المحكمة الابتدائية هي المرجع المختص بالنظر في دعوى التعويض في حوادث الشغل والأمراض المهنية.

فالفقرة الثانية من الفصل 20 من قانون المسطرة المدنية نجدها تنص على أنه تختص المحاكم الابتدائية في القضايا الاجتماعية بالنظر في:

  • التعويض عن الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية طبقا للتشريع الجاري به العمل.
  • تبث المحاكم الابتدائية في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية ابتدائيا فقط، مع حفظ الحق في الاستئناف، كيفما كانت قيمة المبلغ المتنازع بشأنه، خلافا للقواعد الإجرائية العامة.

ورغم ما ثار من خلاف حول مدى اختصاص محاكم الجماعات والمقاطعات وحاليا أقسام قضاء القرب، بشأن اختصاصها في البث في القضايا الاجتماعية، فالمادة 18 من ق. م. م نصت على أن المحاكم الابتدائية تختص بالنظر في القضايا الاجتماعية ابتدائيا مع حفظ حقها في الاستئناف، والذي زكته المادة 20 السالفة الذكر أعلاه بغض النظر عن قيمة الدعوى[11].

غير انه متى تعلق النزاع بغرامات تهديدية مقررة بواسطة التشريع الخاص بالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية، فإن الأحكام الصادرة بشأنها تكون دائما نهائية، ولو كان الطلب غير محدد القيمة .

وتطبيقا لهذه المبادئ كلها، جاء في قرار المحكمة النقض في قرار اجتماعي صادر في 17 يناير 1986 "إنه بمقتضى الفصل 21 ق. م. م فإنه يبث ابتدائيا في قضايا حوادث الشغل بين النزاعات الناشئة عن تطبيق الغرامات،  الاحكام تصدر بصفة نهائية، وفي حالة ما إذا كان الطلب مزدوجا يشمل الإيراد والغرامة، فإنه لا مجال لتطبيق نص الفصل الذي يحدد الاختصاص باعتبار الطلب الأصلي دون الغرامة، بل يطبق الفصل 21 الذي هو خاص بالقضايا الاجتماعية…"

ثانيا: الاختصاص المكاني:

من حيث الاختصاص المحلي، فالمحكمة المختصة هي المحكمة الابتدائية التي وقعت حادثة الشغل أو حادثة الطريق في دائرة نفوذها الترابي، طبقا للفصل 28 من ق. م. م.

ورفعا لكل حرج فإذا وقعت الحادثة في دائرة نفوذ محكمة ليست هي محل إقامة العامل المصاب في تلك الحادثة، صح لهذا الأخير أو لذوي حقوقه من بعده، في حالة وفاته، رفع الدعوى أمام محكمة محل إقامتهم، بناءا على الفصل 23 من ق. م. م.

وإذا تعلق النزاع بمرض مهني، فإن دعوى التعويض عنه تقام أمام محل إقامة العامل او محل ذوي حقوقه من بعده (الفصل 28 ق. م. م ).

وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن الفصل 30 من ق. م. م نظمت المقتضيات المتعلقة بالاختصاص المحل الخاص بحوادث الشغل والأمراض المهنية الطارئة خارج تراب المملكة المغربية، وقد جاء فيها ما يلي:

"في دعاوى حوادث الشغل، محكمة إقامة الضحية أو ذوي حقوقه عند الاقتضاء إذا وقعت الحادثة خارج المغرب.

في دعاوى الأمراض المهنية، أمام محكمة المحل الذي وقع إيداع التصريح بالمرض فيه عند الاقتضاء إذا كان موطن العامل أو ذوي حقوقه بالخارج.[12].

ثالثا : المساعدة القضائية 

في إطار حوادث الشغل والأمراض المهنية يتمتع الأجير وذوي حقوقه باعتبار الطرف ذي المركز الاقتصادي الضعيف الشيء الذي يجعلهم في أمس الحاجة إلى المساعدة في الوقت الذي يلتجئون فيه إلى القضاء من أجل الحصول على حقوقهم، أو الدفاع عنها ، لذلك منح لهم المشرع المساعدة القضائية بقوة القانون سواء كانوا مدعين أو مدعى عليهم وسواء تعلق الأمر أو موضوع الدعوى بالنزاعات المتعلقة بعقود الشغل، أو بتلك الخاصة بتطبيق المقتضيات التشريعية والتنظيمية الخاصة بالضمان الاجتماعي أوبالقضايا المتعلقة بحوادث الشغل والأمراض المهنية.

وللاستفادة من المساعدة القضائية يجب توجيه نسخة من التصريح بالحادثة ( الفصل 16) إلى النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية التي وقعت في دائرة نفوذها الحادثة وذلك لتمكينها من وضع تأشيرتها على التصريح ومن تسجيل مبلغ المساعدة في السجل الخاص بذلك.

وفي حالة ما إذا رفعت الدعوى مباشرة إلى المحكمة فإنه يجب على كتابة الضبط أن تحيل الطلب فورا إلى وكيل الملك لتحقيق نفس الغاية المذكورة وعلى وكيل الملك أن يشعر قاضي التسجيل بذلك وأن يطلب من نقيب المحامين تعيين محام لفائدة الضحية. يحال ملف القضية إلى كتابة الضبط التابعة للرئاسة التي يجب عليها أن تبين في الاستدعاء الموجه إلى الأجير أو لذوي حقوقه اسم وعنوان المحامي لمؤازرتهم.

وباعتبار أن المشرع المغربي بموجب الفصل 251 من ظهير 6 فبراير 1963 وكذلك الفصل 372 من ق م م ينص على استفادة الأجير أو ذوي حقوقه من المساعدة القضائية بحكم القانون، فإن أثرها يقتصر على المرحلتين الابتدائية والاستئنافية دون مرحلة النقض رغم أهميتها حيث جاء في الفصل 357 من ق م م على أنه ” يتعين على طالب النقض أمام المجلس الأعلى أن يؤدي الوجيبة القضائية في نفس الوقت الذي يقدم فيه مقاله، تحت طائلة عدم القبول في حالة إذا لم يطلب المعني بالأمر المساعدة القضائية في إطار الفصل 358 ق م م .

مع الإشارة أن الدعاوى التي يرفعها الأجير أو ذوي حقوقه في حالة وفاته على الغير المتسبب في الحادثة وذلك في إطار القواعد العامة تطبيقا للفصل 171 من ظهير 6/2/1963 تخضع هي الأخرى للمساعدة القضائية .[13]

<><>

الفقرة الثانية: مرحلة البحث

ستطرق في هذا المطلب الى اجراء حالات البحث (أولا) ثم الى اهدافه (ثانيا) و حضورية البحث الذي يجريه القاضي (ثالثا) من اجل اجراء الخبرة الطبية (رابعا) ثم بانتهاء البحث(خامسا).

أولا: حالات البحث

يقصد بالبحث في هذه الحالة، البحث الذي يجريه القاضي في إطار ما يقتضي به الفصل 19 من ظهير 6 فبراير 1963 والذي ينص على ما يلي:

 يتعين على قاضي الصلح إجراء بحث في الحالتين الآتيتين:

  • إذا توفي المصاب بالحادثة؛
  • إذا ظهر ان الجروح قد تؤدي إلى الوفاة أو إلى عجز دائم عن الشغل كليا كان أو جزئيا بعد الإطلاع إما على الشهادة الطبية المدلى بها فيما بعد إلى محكمة الصلح من طرف المصاب بالحادثة أو ذوي حقوقه».

فمن خلال الفصل أعلاه، يتبين ان القاضي الذي يوضع الملف بين يديه يتعين عليه إجراء البحث في الحالة التاليتين:

  1. حالة وفاة العامل المصاب؛
  2. الحالة التي تكون الجروح التي أصيب بها العامل من الخطورة بما يمكن ان يؤدي إلى وفاته أو إلى عجز دائم كلي أو جزئي.

على أنه إذا كان على القاضي ان يجري البحث، وبصفة إلزامية في الحالتين الخطيرتين أعلاه، فيبقى أن من سلطته التقديرية ان يجري البحث في غيرهما من الحالات الأخرى متى اتضح له ان هذا البحث يستفيد في القضية التي كلف بها.

 ثانيا: الاهمية  

يجري البحث المقرر في إطار الفصل 29 من الظهير في ظرف الخمسة أيام الموالية لتاريخ استلام الملف (8 أيام بالنسبة للاستغلالات الفلاحية) وقد قصد المشرع من هذا الأجل القصير أن يجري البحث ومعالم الحادثة لم تضمحل أو تدخل إلى طي النسيان كلية، حماية لحقوق العامل المصاب في حادثة الشغل أو في حادثة الطريق، أو لحقوق ذو حقوقه.

ويرمي البحث إلى تسليط الضوء على العناصر التي يحتاجها القاضي، أثناء النظر في القضية، وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 30 من ظهير 6 فبراير 1963.

وهذه العناصر هي كالآتي:

  1. معرفة سبب المرض المهني ونوعه والجدول المتعلق به، والظروف التي تعرض فيها المصاب لهذا المرض، ومدى مطابقة الأشغال التي يقوم بها، مع ما هو وارد في جدول المرض، الذي أصيب به، كما ان على القاضي الابتدائي التأكد من ظروف عمل المصاب، ومدى تقيد المؤسسة المشغلة بقواعد الحفاظ على الصحة والسلامة ومدى تقيد الأجير بالتدابير التي يلزمه بها المشغل والتأكد من تاريخ الإصابة المرضية بالشهادة الطبية[14].
  2. يقوم قاضي المكلف بالبحث بتجميع المعطيات التي تهم بين المصاب واسمه، وأسماء ذوي الحقوق، إذا كانت الإصابة قد أدت إلى الوفاة، ومحل سكنى المصاب، وكل البيانات المتعلقة بهويته.
  3. التأكد من ان الأجرة التي كان المصاب يحصل عليها في السنة السابقة للإصابة المرضية.
  4. التأكد من هو المصاب أو ذي الحقوق في حالة الوفاة، وذاك يتضمن الأسماء الشخصية والعائلية للمصاب أو ذوي حقوقه، وعنوانهم وتاريخ ازديادهم، وغي حالة ما إذا كان الأمر يتعلق بقاصر، التأكد من الولي القانوني للمصاب .

ونشير أخيرا إلى أن العناصر التي أشار إليها الفصل 30 من ظهير 6 فبراير 63 قد وردت على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر. وعليه، فلا ضير على القاضي مثلا إن هو أضاف عناصر أخرى متى اتضحت له أهميتها بالنسبة إلى سير الدعوى، أو بالنسبة لصيانة حقوق الأجير المصاب في الحادثة أو ذوي حقوق المتوفى. وإذا كان المشرع المغربي قد وضع مددا لإحالة المسطرة على المحكمة والجل الذي ينبغي لن يبدأ فيه البحث، فغنه لم يترك بالمقابل صلاحية إنهائه للقاضي ليقوم بذلك في الوقت الذي يريد، بل اوجب عليه ان ينهي البحث في أجل أقصاه 20 يوما الموالية لتلقيه التصريح بالمرض المهني، بالنسبة لتلك التي تقع في المؤسسات الصناعية، و25 يوما ب النسبة للأمراض الناتجة عن الاستغلالات الغابوية والفلاحية.[15]

ثالثا: حضورية البحث الذي يجريه القاضي

يكون البحث حضوريا بمقتضى أحكام قانون المسطرة المدنية وظهير 6 فبراير 1963.

ففي ظل هذا الظهير يجري البحث بحضور الأطراف الذين تم استدعاؤهم بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو بتبليغ يوجه إليهم طبقا للشروط المضمنة بالفصول 36 و37 و38 من ق. م. م.

كما للعامل المصاب بالحادثة الحق في الاستعانة بعامل أو مستخدم من نفس المهنة، أو بأبيه أو أمه أو زوجته أو مفوض من المنظمة النقابية التي ينتمي إليها، أو من جمعية مصابي أو ذوي عاهات الشغل .

ويخول ذات الحق لذوي حقوق العامل المصاب إذا ما ترتب على الحادثة وفاة هذا الأخير.

وأخيرا على القاضي المكلف بالبحث في القضية ان ينتقل حيث يقيم هذا الأخير قصد الاتصال به متى منعته ظروف الحادثة من الحضور إلى المحكمة.

رابعا: الخبرة الطبية

في إطار استكماله لعناصر البحث، يحق للقاضي ا تبين له ان الشهادة الطبية التي أنجزت سابقا غير كافية، تعيين طبيب آخر لفحص العامل المصاب، وتجدر الإشارة إلى أن أحكام الخبرة الطبية عموما تنظمها الفصول من 59 إلى 66 من قانون م. م. والمقتضيات الخاصة المضمنة في ظهير 6 فبراير 1963 كما يمكن للقاضي الاستعانة بخبرة تقنية لمعرفة ظروف العمل ومكانه.

وبذلك سنتناول في هذه الفقرة الخبرة التقنية والطبية ثم تشريح الجثة.[16]

أ : الخبرة التقنية

غالبا ما تطرح أمام القاضي الذي يقوم بالبحث بعض الدفوعات التي تخرج في بعض الأحيان عن اختصاصه القانوني، لكونها تهم جانبا تقنيا، يضطر معها إلى الاستعانة برأي الخبير التقني، وذلك على المواصفات القانونية، من حيث شكل البناء، وتهويته وتوفره على المواصفات الخاصة بأمان العاملين، وكذا توفره ايضا على التجهيزات التي تتطلبها طبيعة العمل الذي يقوم به العمال.

كما قد يقتضي الأمر التأكد من طبيعة بعض المواد، وما قد ينتج عن التعامل معها من تسممات، والآليات.

 ب: الخبرة الطبية

يقوم المصاب بمرض مهني بتقديم شهادة طبية مع تصريحه تصف هذه الشهادة الأعراض المرضية الحالية والمحتملة وطبيعتها، كما يضيف بعد ذلك شواهد طبية تحدد مدة العجز. إذا كان هناك ما سيتوجب ذلك، وأخيرا قد تستقر جروحه في نسبة عجز مستمر وقد تنتهي الإصابة المرضية بالشفاء يدون عجز مستمر

وهذه الشواهد قد تمنح له من طرف طبيبه المعالج أو طبيب المشغل وقد لا يقتنع القاضي بنسبة العجز الممنوحة للمصاب، أو ترى في بعض الأحيان أن بها غموضا أو أنها متناقضة، أو قد ينازع المشغل أو مؤمنه في نسبة العجز الممنوحة للمصاب، أو قد تتفاقم الحالة الصحية للمصاب في الفترة الممتدة بين تاريخ التصريح وتاريخ البحث، الأمر الذي تكون معه المحكمة ملزمة بالأمر بإجراء خبرة طبية قضائية، تعهد بها لأحد الخبراء الأطباء المعنيين بالجدول الذي تقوم بنشره وزارة العدل في كل سنة.

وهنا يتعين الاستجابة لطلب إجراء الخبرة الذي يتقدم به المصاب أو شركة التأمين أو المشغل لأن الأمر هنا يتعلق بمسألة طبية تقنية وهو التوجه الذي سارت عليه محكمة النقض في قرار عدد 213 بتاريخ 25 فبراير 1985 في الملف الاجتماعي عدد 6223 والذي جاء فيه: “أن الخبرة لابد منها متى تعلق الأمر بمسألة تقنية محضة، ومت كان النزاع المعروض بين الطرفين يتعلق بنسبة العجز الدائم الناتج عن مرض مهني فإن المحكمة ملزمة بتطبيق الفصل 11 من قرار 20 ماي 1967 والأمر بإجراء خبرة”.

يأمر القاضي بعرض المصاب على خبرة طبية ثلاثية، يحدد فيها اسم الأطباء الخبراء على أساس أن لا يكون من بينهم الطبيب المعالج أو طبيب الشركة المشغلة، كما يحدد في القرار القضائي نوع المأمورية التي ينبغي للأطباء الخبراء القيام بها، والمدة الزمنية التي يلزم أن ينجز فيها، مع تحديد الأجرة التي تؤدي وفقا للصوائر الجنائية.

وبمجرد ما يصدر المقرر المذكور، يحيل كاتب الضبط المأمورية على الخبراء الذين عليهم ان يتأكدوا بمجرد توصلهم بها من الشواهد الطبية وهل وجهت بكاملها أم نسيان بعضها بملف القضية.

وهنا لابد من التذكر بان بعض التقارير التي يرفعها الخبراء تعاد لهم، بسبب كونهم لو يطلعوا على الملف والمتضمن لوثائق طبية أغفلت كتابة الضبط توجيهها لهم.

يقوم الخبراء الثلاثة باستدعاء الأطراف بالمضمون مع إشعار بالتوصل للحضور إلى الخبرة قبل قيامهم بها.[17]

وعليهم ان يتأكدوا من توصل الأطراف المعنية، قبل قيامهم بالمهمة المنوطة بهم، كما أن عليهم أن يرفقوا تقريرهم بالإشعار بالاستلام، ليتأتى للمحكمة يسط مراقبتها.

ويذكرنا الأستاذ أمحمد برادة أغزيول ببعض الثغرات التي لاحظها أثناء توصله ببعض الخبرات.

ذلك أن بعض الخبراء يكتفون باستدعاء الأطراف بالمضمون العادي، ويقومون بمهامهم في غيبة احد الأطراف دون التأكد من توصلهم، فيثار هذا الدفع أمام المحكمة على اعتبار ان الخبرة لم تكن قانونية وحضورية.

لكونها خرقت مقتضيات الفصل 63 من ق. م. م الشيء الذي تضطر معه المحكمة لإرجاع المأمورية إلى الخبراء، لإعادتها من جديد بعض احترام مقتضيات الفصل المذكور.

كما ان هناك من الخبراء من يكتفون بالإشارة في تقريرهم إلى أن الطبيب الفلاني مثل الشركة، دون الإشارة في تقريرهم إلى طريقة استدعائه وتوصله.

قرار عدد 26 الصادر بتاريخ 9 مارس 1977 في الملف الاجتماعي عدد 54258 المنشور بمجلة القضاء والقانون عدد 128.

قرار عدد 878 الصادر بتاريخ 4 ماي 1983 بمجلة رابطة القضاة عدد 12 و13 ص 14.

يلزمان الخبير بضرورة التقيد بما يقضيه الفصل 63 من ق. م م وان تقريره يكون موجبا للنقض لأنه يكون ماسا بحقوق الدفاع.

وفيما يخص المضمون فإن هناك بعض الخبراء يعتمدون في تحديد نسبة العجز الجزئي المستمر على جدول 1984. المتعلق بحوادث السير مشيرين في تقاريرهم إلى الألم والتشويه، مع ان الجدول المعتمد بالنسبة لحوادث الشغل والأمراض المهنية هو المحدد بمقتضى القرار المقيمين لسنة 1943..

وللتذكير فإن المحكمة غير مقيدة برأي الخبراء، وان هؤلاء ليسوا أحرار في تصرفاتهم بل أنهم يسألون عن  كل خطأ أو تقصير وقع منهم أثناء أدائهم مهامهم، فبالإضافة إلى التشطيب على سامهم من لائحة الخبراء المحلفين فإنهم يسألون أيضا جنائيا، وفي هذا السياق نص الفصل 248 في فقرته الثانية على:

الحكم بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين وخمسين ألف درهم، على كل ما طلب أو قبل عرضا، أو وعدا أو تسلم هدية أو أية فائدة أخرى، من اجل إصدار قرار أو إبداء رأي أو لمصلحة شخص أو ضده، وذلك بصفته حكما أو خبيرا عينة السلطة الإدارية أو القضائية، أو اختاره الأطراف. كما نصت الفقرة الرابعة من نفس الفصل على الحكم على من أعطى شهادة كاذبة، بوجود أو عدم وجود مرض، أو عاهة أو حالة حمل، أو تقديم بيانات كاذبة عن أصل المرض، أو عاهة أو عن سبب وفاة وذلك بصفته طبيبا أو جراحا أو طبيب أسنان أو مولدة.

وينبغي ان يكون التقرير منظما بشكل يسهل قراءته بحيث يتضمن التقرير كونه عبارة عن خبرة طبية ويشار إلى المراجع:

  • نص الحكم ناو القرار؛
  • المحكمة المصدر له؛
  • رقم الملف واسم الأطراف؛
  • موضوع الخبرة؛
  • الإشارة إلى أن الأطراف تم استدعاؤهم بالمضمون؛
  • إرفاق التقرير بالإشعار بالاستلام؛
  • اليوم الذي أنجز فيه الخبرة؛
  • استعراض الشواهد الطبية، وما تتضمنه من أعراض مرضية ووصف وتصريحات المصاب؛
  • ما استنتجه الخبير؛
  • تحديد العجز المؤقت؛
  • نسبة العجز المستمر؛

لمقترحات التي يراها فيما يخص الاستعانة بشخص آخر أو تغيير العمل والكف عنه، دون ان يشير إلى الآلام والتشويه، كما هو الشأن بالنسبة لحوادث السير.

يتعين الإشارة إلى أن إشكالية تطرح بسبب تعارض الفصل 3 من ق. م.م مع مقتضيات النظام العام لظهير 6 فبراير 1963 لأن المصاب غير ملزم بتقديم أية طلبات، وأن المحكمة تكون ملزمة بالحكم له بمستحقاته ومن غير طلب من طرفه، ومن غير أن تتقيد بما قد يكون قد طلبه طبقا لما تنص عليه مقتضيات الفصل 279 من ق.م.م إلا أن الإشكال حسم من خلال قرار محكمة النقض عدد 1234 تاريخ 13 ماي 1991 الذي اعتبر ان قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية تخضع للقواعد المدنية العادية وانه إذا كانت قواعد ظهير 6 فبراير 1963 آمرة فإنه لا يجوز للمحكمة خرق قاعدة ليضار أحد باستئنافه ونقض قرار استئنافيا قضى برفع إيراد المصاب المستأنف عليه.[18]

ج: تشريح الجثة:

طبقا لمقتضيات الفصل 35 من الظهير يجب على القاضي المكلف بالبحث ان يأمر بتشريح جثة المصاب في الحالتين الآتيتين:

  • إذا طلب ذوو حقوق العامل المتوفى في الحادثة ذلك؛
  • إذا ظهر للأطراف الآخرين كصاحب العمل أو مؤمنه أو القاضي نفسه، بعد الاتفاق مع ذوي الحقوق، ان تشريح الجثة يفيد في إظهار الحقيقة.[19]

وفي هذه الحالة الأخيرة يجوز لذوي الحقوق ان يعينوا طبيبا يختارونه لحضور عملية التشريح.

غير انه إذا لم يوافق ذوو الحقوق على إجراء عملية التشريح وجب عليهم ان يثبتوا الرابطة السببية بين الحادثة والوفاة، متى ثار النزاع حول ذلك، أي في سبب الوفاة حسب ما قررته محكمة الاستئناف بالرباط الصادر في 18 أبريل 1958  … لا يمكن تطبيق أحكام التشريع المغربي الخاصة بالتعويض عن حوادث الشغل إذا لم تتمكن أرملة العامل المتوفى في حادثة الشغل بعد أشهر عديدة من برء جرحه ان تقيم الحجة على وجود علاقة نسبية بين الحادثة والوفاة…

خامسا: انتهاء البحث

يجب على القاضي إنهاء البحث، ماعدا في حالة عدم الإمكانية المادية المثبتة قانونيا في المحضر. في أقرب إجراء وعلى أبعد تقدير في ظرف العشرين يوما الموالية لتلقي التصريح والمستندات المضافة إليه شرط ان يدلي المصاب بالحادثة أو ذوو حقوقه بجميع المستندات المثبتة لحالتهم المدنية وبالأوراق المثبتة للصفة فيما يخص ذوي الحقوق .

وإذا لم يدل المعنيون بالأمر، أي العامل المصاب أو ذوو حقوقه، بالوثائق المطلوبة منهم، صح للقاضي أن يطلبها مباشرة من السلطة المؤهلة لتحريرها، وإذا لم يقدم إليه في ظرف الستين يوما الموالية لطلبه جاز له إنهاء عملية البحث .

وأخيرا يخبر القاضي جميع الأطراف المعنية بانتهاء البحث وبوضع النسخة الأصلية بكتابة الضبط، حيث يمكنهم الاطلاع على مضمونها في ظرف خمسة أيام وطلب تسليمهم نسخة منها معفاة من رسوم التنبر والتسجيل .

وعمليا فإن هذا الإخبار يتم بالكيفية التي حددها الفصل 36 وما يليه من ق م م وهو ما أكده الفصل 39 من الظهير[20]. 

<><>

الفرع الثاني: الصلح و جلسة الحكم 

سنعمل للتطرق في هذا الفرع في(الفقرة الأولى)، للصلح على أن نخصص (الفقرة الثانية) لجلسة الحكم.

الفقرة الأولى: الصلح

 بعد انتهاء مرحلة البحث، وإشعار الأطراف بذلك وفق المقتضيات القانونية تبدأ مرحلة أخرى لا تقل أهمية عن سابقاتها ألا وهي مرحلة محاولة صلح ذات البين بين الطرفين المتنازعين والتي يجريها القاضي في بداية الجلسة الأولى، وهي مرحلة توفيقية تتم بناءا على ما تضمنه ملف القضية.

ويرجع السند القانوني لهذه المرحلة لعدة نصوص متفرقة بالإضافة إلى ظهير 6 فبراير 1963 نجد الفصل 276 من ق م م تعتبر أن عدم القيام بمحاولة الصلح يترتب عليه البطلان سواء تعلق الأمر بحوادث الشغل أو بأمراض مهنية لأن من بين ما يتضمنه الحكم إجراء محاولة الصلح.

وفي حالة حصول اتفاق بين الطرفين فإنه يتم بواسطة أمر يتضمن تاريخ وقوع الحادثة وتاريخ الشروع في الانتفاع بالتعويض أو الإيراد وجميع العناصر المستعملة طبق النصوص القانونية وفي حالة مراجعة الإيراد يجب أن يبين ما اشتدت الخطورة العامة أو نقصانها .

ويثبت الصلح الذي يضع حدا للنزاع بمحضر ويجب على هذا احترام المقتضيات القانونية الواردة في ق م م ( الفصل 276 ) والفصل 218 من ظهير 6/2/1963 ليكتسب الحجية التي تكون للحكم القاضي وفي حالة مخالفته لذلك فإنه يكون باطلا ولا تقبل هذه المحاضر أو الأوامر أي طعن في بعض الأحكام .

كما إن عدم نجاح محاولة الصلح لاختلاف الأطراف أو لعدم حضور أحدهم أو ممثله فإن المحكمة لا ثبت تلقائيا في دعوى التعويض إلا بتقديم المقال من الأجير المصاب أو ذوي حقوقه في ظرف شهر واحد وهذا ما أكده المجلس الأعلى من خلال قراره الصادر في 25 يونيو 1990.

بقي إن نشير أن أجراء محاولة الصلح ليست إلزامية بالنسبة للمحكمة إلا في المرحلة الابتدائية للدعوى.

 الفقرة الثانية: جلسة الحكم

إذا لم تثمر مرحلة الصلح بين الطرفين المتنازعين، فيجب الانتقال إلى مرحلة الحكم في الدعوى، وفي هذا الصدد نص الفصل 279 ق م م على أنه:

"إذا تعذر تحقيق التصالح لاختلاف الأطراف أو لعدم حضور احدهم أو ممثل عنه في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية، فإن القاضي المكلف يحرر محضرا بعدم المصالحة ويحيل القضية على الهيئة المختصة …"

ومن البديهي ان دعوى التعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية تخضع مبدئيا للمسطرة المنصوص عليها في ظهير 6 فبراير 1963، واحتياطيا للمسطرة في المادة الاجتماعية، المقررة من خلال الفصل 269 وما يليه من قانون المسطرة المدنية، وعند انعدام النص الواجب التطبيق في المسطرتين السابقتين، يتم اعتماد القواعد العامة المضمنة في الفصل 42 وما يليه من ق م م.

ولعل ما أهم المقتضيات الخاصة بالمسطرة بهذه القضايا:

  1. منح العامل أو ذوي حقوقه مدعيا، أو مدعى عليه، المساعدة القضائية بقوة القانون وفي كل المراحل الدعوى ما عدا أمام محكمة النقض.
  2. إمكانية الإذن من المحكمة للقاصرين، الذين لم تتأت مؤازرتهم من طرف أبيهم أو حاجرهم بإبراء الصلح وإقامة دعوى.
  3. حتمية حضور الأطراف شخصيا في مرحلة التصالح أمام القاضي، غير انه يجوز للمشغل أو المؤمن الذي يقوم مقامه، في قضايا حوادث الشغل، والأمراض المهنية، والمدير العام للصندوق والوطني للضمان الاجتماعي في قضايا الضمان تعيين من ينوب عنهما.
  4. لإذن للمصاب في حالة عدم إبرام الصلح، أو عدم حضور المدعى عليه، بعد ان تسلم الاستدعاء شخصيا، برفع القضية إلى المحكمة وفي مرحلة الحكم يتسنى للأطراف في قانون المسطرة المدنية، على ان يتوفر الوكلاء باستثناء المحامين على وكالة محررة في ورق عاد.
  5. حصر طرق التبليغ في استدعاء الأطراف برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل قبل تاريخ إجراء المصالحة أو انعقاد جلسة الحكم بخمسة عشر يوما على الأقل.

وفي جلسة الحكم يعدم المقال الذي يجب ان يكون مرفوضا بمجموعة من الوثائق تختلف باختلاف ما إذا تعلق الأمر بحادثة شغل نتجت عنها جروح أو نتجت عنها وفاة[21].

وقبل البث في القضية، يحال الملف على النيابة العامة للإدلاء بملتمساتها الكتابية.

ويتضمن الحكم الصادر في دعوى التعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية، وبالإضافة إلى الهوية الكاملة للأطراف المتنازعة.

تاريخ الحادثة وتاريخ الشروع في الانتفاع بالتعويض او الإيراد وجميع العناصر المستعملة لتقدير التعويض (ف 283 ق م م )[22]

والأحكام والقرارات الصادرة في مادة حوادث الشغل والأمراض المهنية هي مشمولة بالنفاد المعجل بقوة القانون طبقا لمقتضيات الفصل 285 ق. م م الذي بنص على أنه:

"يكون الحكم مشمولا بالتنفيذ المعجل بحكم القانون في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية".

<><>

المطلب الثاني : أحكام التعويضات عن حوادث الشغل و الأمراض المهنية في ضوء العمل القضائي

 تعليق على قرار المجلس الأعلى محكمة النقض حاليا المؤرخ في 2011|02|22تحت عدد 751 في ملف مدني عدد 2802|1|5|2010، حيث يستفاد من وقائع الملف أن الطاعنة ش ل تعرضت لحادثة سير وهي في طريقها الى العمل، وقد تسبب في هذا الحادث المسمى ”ح ف” الذي كان يسوق شاحنة في ملكية المسمى “ل ب” الذي تؤمن مسؤوليته المدنية تعاضدية التأمينات لأرباب النقل المتحدين ، وبعد عرض الملف على المحكمة الإبتدائية قضت بعد الخبرة وتمام المناقشة بتحميل سائق الشاحنة كامل المسؤولية وأداء الحارس القانوني للمدعية التعويض المحكوم به وإحلال مؤمنته في الأداء ، وبعد أن رفع الملف الى محكمة الاستئناف قضت هي الأخرى بتأييد الحكم الصادر عن المحكمة الإبتدائية.

وتجدر الإشارة في هذا المضمار أنه حسب ما يستشف من وسيلة الطاعنة أنها قد أدلت برسالة تعرض الصادرة من مؤمنة المشغل شركة التأمين الوفا بتاريخ 2008/10/06 تخبرها بأن الحادثة تكتسي صبغة حادثة وتطالب بعدم إجراء صلح مع الضحية الى حين انتهاء مسطرة الشغل أو تقادمها -، إلا أن محكمة الاستئناف استبعدت دفع العارضة وقضت بما سبق ذكره، لتقوم الطاعنة بإحالة  الملف على المجلس الأعلى -محكمة النقض حاليا- ، وقد قضى هذا الأخير بنقض القرار المطعون فيه وإحالة القضية على نفس المحكمة و تحميل المطلوبة الصائر ، وقد أصدر المجلس الأعلى قراره هذا تحت قاعدة ” أن دعوى المسؤولية تتوقف الى حين انتهاء مسطرة الشغل أو تقادمها ، وفي هذا الإطار لا يشترط لإيقاف البت وجود حادثة شغل أمام المحكمة مادامت لم تمض مدة التقادم -المادة 174 من ظ 1963 التي تعد آمرة – واعتبار حادثة السير الواقعة في طريق الأجير لعمله بمثابة حادثة شغل مع مراجعة ظروف الواقعة لاستجلاء الغموض”  و عليه سنحاول التطرق في هذا المطلب لحادثة الواقعة للأجير أثناء ذهابه لعمله (الفرع الأول)، و (الفرع الثاني) تأثير مسطرة الشغل في دعوى الرجوع على الغير.

الفرع  الأول: الحادثة الواقعة للأجير أثناء ذهابه لعمله

سنتناول في هذا المطلب من خلال (فقرة الأولى) للتكييف القانوني للحادثة، و(الفقرة الثاني) تمييز حادثة سير عن حادثة الطريق

الفقرة الأولى: التكييف القانوني للحادثة الواقعة للأجير أثناء ذهابه لعمله

يترتب عن التنقل في الذهاب و الإياب الذي يفرضه الشغل عدة مخاطر ، هذه الأخيرة التي قد يتعرض لها الأجير وهو في طريقه الى محل شغله أو محل سكناه ، وفي إطار الحديث عن هذه المخاطر حق علينا أن نقوم بتكييف هذه الأخيرة تكييفا قانونيا، وفق مقتضيات ظهير 1963 وعلى ضوء بعض الاجتهادات القضائية، ولكن وبما أننا في سياق التعليق عن القرار أعلاه سنكتفي في هذا المطلب بتكييف الحادثة الواقعة للأجير أثناء ذهابه لعمله.

حيت نجد أن الفصل 6 من ظهير 1963 [23] ينص عل الأماكن المشمولة بحماية الظهير على سبيل الحصر ، ومن بينها الحوادث التي يتعرض لها وهو في طريقه من محل الشغل الى محل سكناه ذهابا وإيابا، ونلاحظ أن المشرع استوجب أن يكون محل الإقامة أصلية أو محل إقامة ثانوية يكتسي الصبغة الثابتة، أما بالنسبة لمحل الشغل فقد يكون ثابتا أو متنقلا ، وذلك نظرا لطبيعة عمل بعض الأجراء الذي قد لا ينجز في مكان واحد -كإصلاح الطرق والأرصفة في المدن [24].

ويجب كذلك مراعاة الغاية من التنقل بين هذه المواقع أعلاه ، بحيت لابد أن يكون العامل ينتقل قصد الالتحاق بعمله أو راجعا منه مباشرة بعد انتهائه ، وعليه فكل مرور للأجير لا يكون بسبب العمل ، فهو يستثنى من حماية الظهير ، وهذا الشرط يعد معقولا حتى لا يتحمل المؤاجر كل تعويضات الحوادث الطارئة في طريق العامل ، وعليه كذلك أن يختار أقرب طريق و أقلها خطورة في ذهابه و إيابه لعمله ، علاوة على هذا يجب أن لا تكون الحادثة  قد طرأت وقت انحراف الأجير أو انقطاعه عن الطريق الرابطة بين محل عمله و محل سكناه ،وأن لا يكون الانحراف فرضته مصلحة العامل الشخصية [25] وفي هذا الإطار نستحضر القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط في5 أبريل 1958 والذي يقول “أن الأجير الذي ينحرف عن طريق.

الذهاب عند صديقه قصد أن يعيره دراجته ويصاب بعد ذلك في الطريق ،لا يستحق أي تعويض برسم ظهير 25 يونيو 1925 بسبب هذا الانحراف الذي لا موجب له  [26].

كما يجب كذلك مراعاة وقت التنقل بحيث يجب أن تطرأ الإصابة أثناء الوقت العادي للتنقل ، أي أثناء الفترة الزمنية الكافية للتنقل من محل العمل الى محل السكنى أو العكس ، والملاحظ أن التشريع المغربي لم يحدد الزمن وترك للسلطة التقديرية للقاضي هذه المهمة حسب ظروف الحالة أو النازلة ، ويستوجب كذللك أن لا تكون هذه الحادثة في عطلة الأجير وهذا ما أكدته المحكمة في حكمها الصادر بتاريخ 20 نوفمبر 1954 "أنها لا تعد حادثة طريق الحادثة التي تصيب الأجير في يوم عطلته الأسبوعية وهو متجه الى المعمل من أجل شراء الفحم الذي يباع للعمال بثمن أرخص من ثمن السوق"  [27].

وبالرجوع الى القرار موضوع التعليق نجد أن الضحية قد صرحت في محضر الضابطة القضائية بأنها تعرضت للحادثة وهي متجهة لعملها، وهو ما أغفلته كل من المحكة الابتدائية و لم تتحقق منه محكمة الاستئناف، فجاء قرارها غير مبني على أساس قانوني سليم ، وبعد عرض القرار عل المجلس الأعلى تبت قانونية قاعدتها التي تقول ” أن حادثة السير الواقعة للأجير بمثابة حادثة شغل إذا حصلت أثناء مزاولته لعمله أو حين توجهه إليه أو رجوعه منه، ويتوجب على المحكمة مناقشة ظروف الواقعة و إجراء تحقيق لاستجلاء الغموض“، فجاء قرارها مبني على أساس قانوني سليم بخصوص هذه النقطة.

مع تحفظ بشأن عبارة حادثة السير كما سيتم بيانه في الفقرة الثانية-.

الفقرة الثانية: تمييز حادثة سير عن حادثة الطريق 

لتمييز حادثة السير عن حادثة الطريق فائدة كبيرة في معرفة حقوق المصاب، حسب ما إذا كان الضرر يوصف بحادثة طريق خاضعة لظهير 1963 أم حادثة سير عادية، وحقوق المصاب في الحالة الأولى أفضل من حقوقه في الحالة الثانية.

فالمصاب في حادثة الطريق يعد كمن أصيب في حادثة شغل ويستحق التعويض المنصوص عليه في ظهير 1963 سواء كان العجز مؤقت أو دائم أو وفاة [28].

وفي هذا الإطار يكون المجلس الأعلى قد أخطأ في الصياغة حين جاء في قاعدته بهذه العبارة ” حادثة السير الواقعة للأجير، أثناء مزاولته عمله أو توجهه إليه”، حيث عبر عن الحادثة بحادثة سير وكان من الأجدر به أن يستعمل عبارة “حادثة طريق” نظرا للفرق الكبير بين حادثة سير وحادثة طريق -كما سيتبع بيانه-.

فحادثة الطريق يستحق فيها المصاب مختلف التعويضات المنصوص عليها في ظهير 1963 حتى ولو تسبب بخطاه في وقوع الحادثة أو كانت نتيجة قوة قاهرة ، أما إذا وجد المسؤول عن الحادث فإن للمصاب أن يرجع عليه وفق القواعد العامة للمسؤولية -كما هو بارز في القرار موضوع التعليق – ، أما إذا وصف الضرر أنه ناتج عن حادثة سير عادية فإن المصاب لا يستحق تعويض ظهير 1963 ولا تعد حادثة طريق وبالتالي غير حادثة شغل ، وهنا ينظر إذا كان الأجير يستفيد من مقتضيات نظام الضمان الاجتماعي أم لا [29]، أما إذا كانت في هذا الإطار الحادثة بسبب خطأ المضرور فإنه يستفيد من تعويضات الضمان الاجتماعي في حالة ما إذا كان مستفيد من هذا النظام.

وبالرجوع الى القرار موضوع التعليق نجد أن المجلس الأعلى في قاعدته  قد استعمل عبارة حادثة سير وقد كان من الأجدر به أن يستعمل عبارة حادثة طريق ، وهنا نجد أن المجلس الأعلى أخطأ في صياغة قاعدة القرار موضوع التعليق ، لأن وقائع النازلة تحيل على حادثة الطريق -كما سبق بيانه- ، كما أن صياغة القاعدة “اعتبار حادثة السير الواقعة للأجير بمثابة حادثة شغل..” تنم على أن المقصود هنا حادثة طريق لا حادثة سير.

الفرع الثاني: تأثير مسطرة الشغل في دعوى الرجوع على الغير  

 إن الدعوى التي يقيمها المصاب على الغير المتسبب في الضرر، لا ترمي الى نيل المتضرر للتعويض الذي يعترف له به ظهير 6/2/1963 ، ولكن لإكمال التعويضات الجزافية بجعلها شاملة لكل الضرر ، لذلك كان من المعقول أن لا يكتفي المصاب أو ذوو حقوقه بالإيراد المقدم من طرف المؤاجر و المطالبة بالتعويض التكميلي، وبهذا نجد أنفسنا أمام دعويين، وفي هذا الإطار سنتناول إمكانية الجمع بين الدعويين في (الفقرة الأولى) تم ننتقل الى دعوى الرجوع على الغير و الدعوى على المؤاجر علاقة تأثر وتأثير (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: إمكانية الجمع بين الدعويين 

 إن المصاب بحادثة شغل تعزى الى الغير غير ملزم بسلوك طريق واحد بصدد دعوى التعويض ، أي أنه غير ملزم بأن يختار بين الدعويين ، بل يستطيع أن يجمع بينهما نظرا للطابع الجزافي لمسؤولية مؤاجره ، وهذا الجواز هو ما يشير له الفصل 171 من ظهير 1963  [30]، والمسؤولية في هذا الإطار ليست واحدة بحيث نجد مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل هي بدون خطأ، بينما مسؤولية الغير في إطار الفصل 77من ق.ل.ع ، بذلك يمكن للأجير أن يرفع الدعويين في نفس الوقت أو يرفعهما بالتتابع، مع احتراما لاختصاص[31].

وفي إطار القرار موضوع التعليق نجد محكمة النقض قد جاء قرارها سليما بخصوص هذه النقطة ، حيت أشارت في قاعدة القرار “أن دعوى المسؤولية تتوقف لحين انتهاء مسطرة الشغل أو تقادمها …”، وهو ما يبين إمكانية الجمع بين الدعويين -بشرط كما سيتم بيانه في الفقرة الثانية.

الفقرة الثانية: دعويين الرجوع على الغير و الرجوع على المؤاجر علاقة تأثر وتأثير

بوجود دعويين و إمكانية الجمع بينهما ، تجدر الإشارة في هذا المضمار الى أنه إذا رفعت الدعوى على الغير قبل الدعوى على المؤاجر أو في نفس الوقت معها ، فإن المحكمة التي تنظر في الطلب الموجه ضد الغير أن تؤخر البت فيه حتى تنتهي الدعوى المقامة على المؤاجر مالم تكن قد تقادمت ، ويعد هذا المقتضى المنصوص عليه في الفصل 174 من ظهير 1963 من النظام العام ، وكل حكم يكون قد قضى بالتعويض التكميلي قبل انتهاء الدعوى الخاصة بحوادث الشغل أو تقادمها يكون عرضة للنقض[32].

وبهذا تأثر دعوى حوادث الشغل في دعوى الرجوع على الغير من حيث وقت البت ، إذ يجب أن تكون بعد انتهاء المسطرة أو تقادمها ، بحيث نجد في هذا الإطار أن ظهير 1963 يتضمن أحكام مضبوطة تطبق على الطلب المرفوع من لدن المصاب أو دو حقوقه من جهة ، أو مؤاجر أو مؤمنه ضد الغير المسؤول عن الحادثة طبقا للفصلين 171 و 173 من الظهير أعلاه ، ومن هذه الأحكام ما هو مسطري يحدد كشرط لقبول الطلب أجالا لإقامتها متمثل في 5 سنوات، ووجوب إيقاف البت فيها الى أن تنتهي مسطرة حادثة الشغل أو تقادمها  [33].

وبالرجوع الى القرار موضوع التعليق نجد أن المجلس الأعلى اتجه اتجاه قانوني سليم عندما اعتبر أن “دعوى المسؤولية تتوقف الى حين انتهاء مسطرة الشغل أو تقادمها و أنه لا يشترط لإيقاف البت في هذا الإطار وجود حادثة شغل بالفعل أمام المحكمة مادامت لم تمض بعد مدة التقادم” ، وهذه الأخير قد حددها القانون في 5 سنوات ، فجاءت القاعدة القائلة ب ”أنه لا يشترط لإيقاف البث في دعوى المسؤولية وجود حادثة شغل أمام المحكمة مادامت لم تمض مدة التقادم ” ، المتمثلة في 5سنوات وبهذا يكون المجلس الأعلى بنى قاعدته على أساس قانوني سليم مطابق لمقتضيات الفصل 174 من ظهير 1963 ، التي تقول بأن هذه المدة هي مدة تقادم في فحوى الفصل السالف.

إلا أننا نلاحظ أن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا ) قد تراجع عن موقفه باعتبار هذه الآجال هي آجال تقادم ، حيت اعتبرها في القرار عدد1271 المؤرخ في 2003 /12/16 ملف اجتماعي عدد 694/5/1/2003 أنها آجال سقوط لا تقادم لدعوى الإيراد التكميلي [34]، وبهذا القرار يكون المجلس الأعلى قد تباين مع القرار موضوع التعليق بخصوص هذه النقطة واعتبرها آجال سقوط لا تقادم .

وختاما لما سبق فإن المجلس الأعلى -محكمة النقض حاليا- أتى قراره هذا موضوع التعليق سليما وقانونيا ،سواء فيما يخص اعتبار الحادثة الواقعة للأجير أثناء ذهابه لعمله بمثابة حادثة شغل ، وبالنسبة لاعتبار أجل الخمس سنوات الوارد في المادة 174 من الظهير أجل تقادم -هذا نظرا لعبارة التقادم الواردة بشكل صريح في نص الماد174 من الظهير-، ولكن ما عاب قرار المجلس الأعلى هو أنه نعت حادثة الطريق بحادثة السير ، والفرق كبير بين هذين الأخيرين كما هو مبين أعلاه ، وبها صحت قانونية القرار مع تحفظ حول الخطأ في صياغته -حادثة السير-.

خاتمة:

عندما يتأكد القاضي أن الإصابة موضوع النزاع هي ذات طابع مهني وسواء تعلق الأمر بحادثة شغل أو بحادثة طريق أو بمرض مهني ، وجب عليه أن يرتب مختلف الآثار القانونية التي ستتبع ذلك التكيف وهي أثار تحكمها قواعد قانونية جد متميزة هذه القواعد تتمثل في مختلف الصوائر والتعويضات أو الإبراءات كقاعدة عامة ، و هنا يمكن القول أنه قد آن الأوان بالنسبة للمشرع لكي يتبنى موقفا جديا وحازما من خلال رفعه للتعويضات المستحقة المصاب أو لذويه في حالة الوفاة، خاصة في الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها هذه الشريحة من الناس بعد فقد معيلها فعليا بسبب الوفاة، أو صوريا عندما يلحق به ضرر كلي أو جسمي، وبالتالي عدم قدرته على الإنتاج، دون نسيان أن هذه المقتضيات قد وضعت في الأصل لزمن مضى عليه نصف قرن رغم ما لحقه من تعديلات مؤخرا شمل الزيادة في مبلغ بعض الإيرادات.

بقلم: هاجر بوغابة

لائحة المراجع :

الكتب:

  • مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل لدكتور آمال جلال ، الطبعة الأولى سنة 1977 نشر كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية الرباط.
  • هاشم العلوي: القضاء الاجتماعي بالمغرب “دار النشر المغربية الرباط، طلبة 1986.
مقالات:

  • احكام التعويضات حوادث الشغل والأمراض مهنية في ضوء العمل القضائي

القوانين:

  • القانون رقم 12.18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهني؛
  •  ظهير شريف بمثابة قانون رقم 04124221 )0312 شتنبر 42) 0932 رمضان 00 بتاريخ بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية؛
  • قانون المسطرة الجنائية.

مواقع الكترونية:

  • https://anibrass.blogspot.com/2019/05/blog-post_74.html?m=1
  • https://www.google.com/
  • https://revuealmanara.com/احكام-التعويضات-حوادث-الشغل-والأمراض/
  • موقع مدونة القانون المغربي ، مقالات و قرارات و إجتهادا
الهوامش:

[1]https://anibrass.blogspot.com/2019/05/blogpost_74.html?m=1 تاريخ الاطلاع 20/12/2021
[2] المواد من 5 إلى المادة 10 من القانون رقم 12.18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية.
[3] https://www.google.com/ اطلع عليه بتاريخ 20/12/2021.
[4]  مرجع سابق.
[5]  المواد 14/15/16 من القانون 12-18 المتعلق بحوادث الشغل والأمراض المهنية.
[6]  المادة 19 من القانون رقم 12.18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية.
[7] المادة 132 من نفس القانون.
[8]  المادة 60 من نفس القانون.
[9] من المادة 61 الى المادة 64 من قانون رقم 12.18.
[10] المادة 80 من نفس القانون.
[11] ظهير شريف بمثابة قانون رقم 04124221 )0312 شتنبر 42( 0932 رمضان 00 بتاريخ بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، الفصول 18,20,21.
[12] الفصل  23و28و30 من قانون المسطرة الجنائية ،م س.
[13] هاشم العلوي: القضاء الاجتماعي بالمغرب “دار النشر المغربية الرباط، طلبة 1986.
[14] "احكام التعويضات حوادث الشغل والأمراض مهنية في ضوء العمل القضائي"، مقال موجود على الموقع الالكتروني https://revuealmanara.com/احكام-التعويضات-حوادث-الشغل-والأمراض/ بتاريخ 21 مايو 2021 ، تاريخ التصفح 19/12/2021 الساعة 17:37 
[15]  نفس المرجع السابق.
[16] احكام التعويضات حوادث الشغل والأمراض مهنية في ضوء العمل القضائي، مرجع سابق.
[17]  احكام التعويضات حوادث الشغل والأمراض مهنية في ضوء العمل القضائي، مرجع سابق 
[18]  هاشم العلوي: القضاء الاجتماعي بالمغرب مرجع سابق 
[19]  الفصل 35 من ظهير شريف رقم 1.02.179 صادر في 12 من جمادى الأولى 1423 (23 يوليو 2002) بتنفيذ القانون رقم 18.01 بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 1.60.223 الصادر في 12 من رمضان 1382 (6 فبراير 1963) يغير بمقتضاه من حيث الشكل الظهير الشريف الصادر في 25 من ذي الحجة 1345 (25 يونيو 1927) بالتعويض عن حوادث الشغل  منشور بالجريدة الرسمية الجريدة الرسمية عدد 5031 بتاريخ 19/08/2002 الصفحة 2366.
[20]  الفصل 36 من ظهير 1963 مرجع سابق:
[21]  الفصل 262 و ما يليه و الفصل 42 و ما يليه من قانون المسطرة المدنية 
[22]  الفصل 282 من قانون المسطرة المدنية ينص على " إذا كان العامل مضطرا لمغادرة محل إقامته قصد التوجه عند الخبير المعين في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية، أو الضمان الاجتماعي، فإن مصاريف الانتقال المحددة من طرف القاضي تسلم مسبقا من طرف كتابة الضبط وتعتبر جزءا من صوائر الدعوى".
[23] ينص الفصل 6 من ظهير سنة 1963 على: أنه تعتبر بمتابة حادثة شغل الحادثة الواقعة لأحد الأجراء في مسافة الذهاب و الإياب:
بين محل الشغل و محل إقامة الأجير الأصلية أو إقامة ثانوية تكتسي صبغة تابتة أو أي محل آخر يتوجه إليه الأجير بصفة اعتيادية لأسباب عائلية..".
[24]  مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل لدكتور آمال جلال ، الطبعة الأولى سنة 1977 نشر كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية الرباط الصفحة 242.
[25] مصلحة العامل الشخصية في الفقرة الأخيرة من الفصل 6 من ظهير 1963 إعتبرها هي “الأجنبية عن الحاجات الجوهرية للحياة العادية أو الخارجة عن العمل”.
[26] مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل و الأمراض المهنية في التشريع المغربي ،م.س ص 251 وما بعدها.
[27] قرار وارد في م.س مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل و الأمراض المهنية في التشريع المغربي ص 153.
[28] مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل و الأمراض المهنية وفق التشريع المغربي ،م.س، الصفحة 238.
[29] مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل و الأمراض المهنية في التشريع المغربي ، م.س.ص 239
[30] ينص الفصل 171 من ظهير 1963 عل أنه ” بصرف النظر عن الدعوى المترتبة عن هذا الظهير ، يحتفظ المصاب أو دوو حقوقه بالحق في مطالبة مرتكبي الحادث بالتعويض طبقا للقواعد العامة للمسؤولية ”
[31]  مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل و الأمراض المهنية في التشريع المغربي ،م.س ص 550 و 551.
[32]  مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل و الأمراض المهنية في التشريع المغربي ،م.س ص 555.
[33]  في إطار كلمة الأستاذ عبد العزيز بناني محام بهيئة الدار البيضاء ، حول إنعكاسات ظهير 1984 عل التشريع المتعلق بحوادث الشغل ، في إطار ندوة بالمعهد العالي للدراسات القضائية يومي 17 و 18 مايو 1985.
[34] موقع مدونة القانون المغربي ، مقالات و قرارات و إجتهادات قضائية ، ساعة الإطلاع 11و30 دقيقة ،18/01/2019.

إرسال تعليق

شاركنا رأيك في الموضوع

أحدث أقدم